المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مناقشة الادلة الروائية على وجوب التقليد(ج2)


يوسف بيامبر
25-05-2010, 06:17 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
مناقشة أدلة وجوب التقليد الروائية :
1) رواية إسحاق بن يعقوب فأنقلها لكم كما هي من كتاب الغيبة للشيخ الطوسي ثم نضع بعض الملاحظات حول هذه الرواية :
الغيبة - الشيخ الطوسي - ص 290 - 293
وأخبرني جماعة ، عن جعفر بن محمد بن قولويه وأبي غالب الزراري ( وغيرهما ) عن محمد بن يعقوب الكليني ، عن إسحاق بن يعقوب قال : سألت محمد بن عثمان العمري رحمه الله أن يوصل لي كتابا قد سئلت فيه عن مسائل أشكلت علي ، فورد التوقيع بخط مولينا صاحب الدار عليه السلام . أما ما سألت عنه أرشد الله وثبتك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمنا ، فاعلم أنه ليس بين الله عز وجل وبين أحد قرابة ، ومن أنكرني فليس مني ، وسبيله سبيل ابن نوح عليه السلام. وأما سبيل عمي جعفر وولده ، فسبيل إخوة يوسف على نبينا وآله وعليه السلام. وأما الفقاع فشربه حرام ولا بأس بالشلماب. وأما أموالكم فما نقبلها إلا لتطهروا فمن شاء فليصل ، ومن شاء فليقطع ، فما آتانا الله خير مما آتاكم . وأما ظهور الفرج فإنه إلى الله عز وجل ، كذب الوقاتون. وأما قول من زعم أن الحسين عليه السلام لم يقتل ، فكفر وتكذيب وضلال. وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله ( عليكم ). وأما محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه وعن أبيه من قبل ، فإنه ثقتي وكتابه كتابي. وأما محمد بن علي بن مهزيار الأهوازي فسيصلح الله قلبه ، ويزيل عنه شكه . وأما ما وصلتنا به فلا قبول عندنا إلا لما طاب وطهر ، وثمن المغنية حرام. وأما محمد بن شاذان بن نعيم فإنه رجل من شعيتنا أهل البيت . وأما أبو الخطاب محمد بن ( أبي ) زينب الأجدع [ فإنه ] ملعون وأصحابه ملعونون ، فلا تجالس أهل مقالتهم وإني منهم برئ وآبائي عليهم السلام منهم براء. وأما المتلبسون بأموالنا فمن استحل منها شيئا فأكله فإنما يأكل النيران . وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا وجعلوا منه في حل إلى وقت ظهور أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث. وأما ندامة قوم قد شكوا في دين الله على ما وصلونا به ، فقد أقلنا من استقال ولا حاجة لنا في صلة الشاكين . وأما علة ما وقع من الغيبة فإن الله عز وجل يقول : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) إنه لم يكن أحد من آبائي إلا وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، وإني أخرج حين أخرج ولا بيعة لاحد من الطواغيت في عنقي. وأما وجه الانتفاع في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيبتها عن الأبصار السحاب ، وإني لأمان أهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء ، فاغلقوا [ أبواب ] السؤال عما لا يعنيكم ، ولا تتكلفوا على ما قد كفيتم ، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم ، والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب وعلى من اتبع الهدى .
الملاحظة الأولى : كما ترى إن إسحاق بن يعقوب الذي قدم أسئلته إلى محمد بن عثمان العمري ، ومحمد بن عثمان هو ثاني السفراء الأربعة للإمام(ع) في غيبته الصغرى وقد توفى سنة( 305 هـ ) ، والغيبة الكبرى للإمام(ع) حدثت بوفاة السفير الرابع السمري سنة (329هـ ) ولو تأملت جيدا إن بين هذا الكتاب وبين غيبة الإمام الكبرى تقريبا أكثر 25 سنة ، فالسؤال الذي يرد هنا ، هل إن الإمام المهدي(ع) وجه شيعته إلى العلماء وهو يعلم إن غيبته الكبرى لم تبدأ بعد وستبدأ بعد أكثر من 25 سنة ؟؟؟ ثم لو إن الإمام (ع) وجه الشيعة إلى مراجعة العلماء في هذا الكتاب وهو في زمن السفير الثاني فما حاجة تنصيب السفيرين الثالث والرابع ؟؟؟ فإذا كان الإمام وجه إسحاق بن يعقوب إلى رواة الحديث بدون تعيين نصي كيف جاوب على جميع الكتب والمراسلات التي وردته من سفيريه الثالث (الحسين بن روح) والرابع (السمري) ؟؟؟
الملاحظة الثانية : ترى إن في هذه المراسلة تفسيق وتوثيق لعدد من العلماء الذين كانوا في زمن إسحاق ابن يعقوب كمحمد بن عثمان العمري ومحمد بن علي بن مهزيار الأهوازي ومحمد بن شاذان وأبو الخطاب الأجدع ، وهذا يدلل على إن التعيين النصي ضروري من قبل الإمام (ع) ولم يجعل الشيعة يختارون بأنفسهم بدون دال يدل على اختيارهم . وحال الإمام كحال القرآن الكريم في تعيين المصاديق لأنهم عدله الثاني ، ولأن تعيين المصاديق يحتاج إلى رؤية الملكوت للإطلاع على حقائق الأشياء ورؤية الملكوت منحصرة بأهل العصمة( عليهم السلام) وأضرب لكم مثالا قرآنيا واحدا على هذه الحقيقة ، قال تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة:119) فلو جاء شخص ما وقال أنا من الصادقين وعليكم إطاعتي واحتج بهذه الآية الشريفة لكن القرآن الكريم وضع مصداقا للصادقين بقوله تعالى (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً) (النساء:69) فأنظر إلى قوله من يطع الله والرسول فأولئك مع (ومع) تفيد المعية وليس (من) التي تفيد التبعيض فالآية تقرر ان هناك دائرتان دائرة (من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين) وهم واجبوا العصمة وما خلا هؤلاء هم يدخلون في دائرة المعية وهم جائزي الخطأ ، وحتى عنوان الصديقين والصالحيين يحتاجون إلى قرينة نصية لتعيينهم في الواقع الخارجي وإلا لو كان الأمر كذلك لما احتاج رسول الله(ص) من تعيين أمير المؤمنين(ع) خليفة بعده ولجعل الأمة هي التي تختار ، ولكن الله سبحانه _ وحسب قاعدة اللطف الإلهي _ يعلم إن الأمة غير قادرة بل عاجزة على تعيين الأصلح لحمل الأمر الإلهي فتدخلت السماء في تعيينه خارجا .
الملاحظة الثالثة : كما ترى في هذه الرواية توجد هذه العبارة ((وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا وجعلوا منه في حل إلى وقت ظهور أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث )) ، فماذا تقولون هل إن الإمام أسقط الخمس عن شيعته في زمن الغيبة أم لا ؟؟؟ فإذا قلتم لا يجوز إسقاط الخمس بدليل هذه الرواية فهي ساقطة عندنا أما سندا أو متنا ، أقول : كيف تستدلون بصدر الرواية وتسقطون ذيلها أما الرواية صحيحة عندكم سندا ومتنا من أولها إلى آخرها وإنها صادرة من الإمام فأنتم ممن يسقط الخمس في زمن الغيبة ولا يجوز التبعيض في النص ، وإذا آمنتم بالتبعيض _ أي تؤمنون بصدر الرواية ولا تؤمنون بذيلها _ فأنتم مصداقا لقوله تعالى ((أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ))(البقرة: من الآية85) ، وإذا آمنتم بإسقاط الرواية جميعها بدليل علمي معتبر أما سندا أو جعلتموها من المراسيل فينتج إن هذه الرواية لا تصلح كدليل من أدلة إثبات التقليد وهو المطلوب ؟؟؟
2) هناك روايات كثيرة وهي في مضمون واحد أحتج بها الأخوة على وجوب التقليد من هذه الروايات ((ما ولت أمة أمرها رجلاً قط وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالاً حتى يرجعوا إلى ما تركوا)) ورواية ((من أمَّ قوماً وفيهم أعلم منه أو أفقه منه لم يزل أمرهم في سفال إلى يوم القيامة)) والرواية الأخرى هي ((من دعا الناس إلى نفسه وفيهم من هو أعلم منه فهو مبتدع ضال ))
أقول : نأتي إلى مناقشة الرواية الأولى بدقة الألفاظ وكما تعلمون إن أهل البيت (عليهم السلام) هم أمراء البلاغة والفصاحة ولا يعلوا أمرهم إلا كتاب الله ، وأيضا هم (عليهم السلام) القرآن الناطق فينطقون بألفاظه فتأمل في قول الإمام ((ما ولت أمة أمرها)) أولا يجب أن نعرف أن لفظ ((أمة)) يعني بها الإمام الأمة الإسلامية وإلا هو لا يتكلم عن الأمم الخارجة عن ملة الإسلام على اعتبار انه يخاطب بلغة القرآن ، أما ثانيا فأن لفظ((أمرها)) في الرواية هل يقصد الإمام أمرهم الدنيوي أم أمرهم الديني ؟؟؟ وبقرينة الألفاظ الأخرى الواردة في الرواية يدل على إن الأمر الذي يقصده الإمام هو الأمر الديني ، إذا كان كذلك فهل إن الأمر الديني لأمرة الأمة للناس أم لله ، فإذا قلتم للناس يختارون من هو الأعلم والأصلح أصبحتم كمدرسة الخلفاء الذين يؤمنون إن أمر الخلافة للناس شورى بينهم واحتجوا بقوله تعالى((وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ))(الشورى: من الآية38) ونسوا قوله تعالى ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً)) (الأحزاب:36) ، وان قلتم ان الأمر لله أقول : إن الله اختار لأمركم إمامكم الحجة بن الحسن(ع) هو أعلم الأمة وأفقهها ليتولى أمر الأمة الإسلامية ، فان قلتم إن الإمام تحجبه عنا ظلامات الغيبة وهو غير موجود ، أجيبكم بمستويين : الأول قولكم هذا فرع العدم أي إنكم لا تؤمنون بوجوده بين أظهركم ، علما إن الإمام موجود ونحن الغائبون لا انه هو الغائب بل ان الغيبة من طرفنا لا من طرفه (عليه السلام) فعلة عدم رؤية الإمام حجب الظلام التي في قلوبنا ، فهو الحقيقة المحظة ونحن الوهم ولكننا توهمنا العكس من ذلك لكثرة بقع الظلام في قلوبنا ، المستوى الثاني : إن للإمام (ع) دوره التكويني في عالم الوجود _ فضلا عن ولايته التكوينية _ ودوره التشريعي بلا إشكال في ذلك ، فالماء الذي يروي عطشنا لا يمكن له أن يكون رافعا للعطش إلا بأذن ألهي المتجلي في عالم الإمكان بأذن الإمام (ع) وكذلك في جميع علل عالم الإمكان ، فهو محولة الفيض الإلهي في الأرض ، فلا يمكن أن يصدر معلول في عالمنا ما لم تكتمل علته التامة ومن أجزاء العلة التامة إذن الإمام في ذلك المعلول ، وهذا الأمر سواء كان تكوينا أو تشريعا ، فكيف هو غائب عنا ؟؟؟؟
أما الروايات الأخرى فيجاب عنها بنفس الجواب كرواية ((من أم قوما وفيهم أعلم منه أو أفقه منه لم يزل ...)) أليس الامام داخل ضمن هذه الرواية أليس هو الأعلم والأفقه ؟؟ أم تخرجون الإمام من دائرة هذه الرواية؟؟ وإذا أخرجتموه فذلك هو ((فرع العدم)) ، ويورد نفس الإشكال على الرواية الأخرى (( من دعا الناس إلى نفسه وفيهم من هو الأعلم...))
3) أورد هنا بعض الروايات التي أحتج بها بعض الأخوة على إثبات حجية التقليد ونضعها تحت المناقشة : الأولى : ((عن الإمام الرضا عليه السلام قال : قلت لا أصل إليك أسألك عن كل ما أحتاج إليه من معالم ديني أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما أحتاج إليه من معالم ديني فقال عليه السلام ؟ نعم )) أقول إن الرواية تؤكد قولنا السابق وهو التعيين النصي للإمام(ع) فالسائل يسأل الإمام هل آخذ ديني عن يونس بن عبد الرحمن ، فأجابه الإمام بنعم ، وهذه الرواية تثبت حجية يونس وليس غيره حيث إن الإمام أجاز أشخاص وليس صفات كما هو واضح لأن علم ما في الصدور مختص بهم لأنهم تجليات صفات الحق سبحانه وأسمائه ، فهي غير صالحة لاثبات وجوب التقليد .
الثانية :رواية أحمد بن إسحاق عن الإمام الهادي عليه السلام قال : سألته وقلت من أعامل وعمن أخذ معالم ديني وقول من أقبل ؟
فقال عليه السلام { العمري ثقتي فما أد ى إليك فعني يؤدي وما قال لك فعني يقول فاستمع له وأطع فانه الثقة المأمون قال الراوي : فسألت أبا محمد الحسن بن علي عليه السلام عن مثل ذلك فقال عليه السلام : العمري وابنه ثقتان فما أديا إليك فعني يؤديان وما قالا لك فعني يقولان فاسمع لهما وأطعهما فأنهما الثقتان المأمونان ((.انظر إلى هذه الرواية فان الإمام قد وثق العمري وأبنه وجعلهم سفرائه على الشيعة وكما هو واضح فهذا هو التوثيق العيني والنصي والذي لا يقبل العموم ، مثله مثل التفسيق الذي صدر من الإمام لا يمكن تعميمه كذلك التوثيق لا يمكن تعميمه بل الوقوف عند النص