المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الزهراء أم أبيها - العصمة جبرية في اجتناب المعاصي


تراب البقيع
01-06-2010, 05:15 AM
الزهراء أم أبيها
ومن أغرب ما سمعناه مقولة أطلقها البعض مفادها : إن الزهراء عليها السلام قد عوضت النبي ( ص ) عن عطف الأم ، حيث إن أمه ماتت ، وهو لا يزال طفلا ، فلأجل ذلك أطلق عليها لقب : أم أبيها . إنه يقول بالحرف الواحد : " . . بدأ النبي حياته وهو يشكو فقد

حنان الأم ، لأن حنان الأم ليس شيئا يمكن أن تتكفله مرضعة أو مربية . . . إلى أن قال : ولذلك أعطته أمومتها باحتضانها له . وقالها رسول الله ، وهو يشعر : أن ذلك الفراغ الذي فقده بفقدان أمه استطاع أن يملأه من خلال ابنته ( 1 ) " .
ونقول : إن هذا الكلام لا يمكن قبوله إذ لا يمكننا قبول مقولة : أن النبي ( ص ) كان يعاني من عقدة نقص ، نشأت عن فقده أمه ، فاحتاج إلى من يعوضه ما فقده . . بل معنى هذه الكلمة : أن الزهراء كانت تهتم بأبيها ، كما تهتم الأم بولدها ، وهذا لا يعني : أن ذلك سيعوض النبي عن عاطفة فقدها ، أو سيكمل نقصا يعاني منه .
وبعد ، فهل يمكن أن يقبل هذا البعض أن غير الزهراء عليها الصلاة والسلام كان بإمكانها أن تملأ هذا الفراغ . لو حدبت على رسول الله ( ص ) ، ومنحته قسطا من العاطفة التي هو بحاجة إليها ؟ !
إن الكلمة المذكورة : " أم أبيها " تريد أن تبين لنا حقيقة وأبعاد تعامل السيدة الزهراء ، مع أبيها ، ولا تريد أن تتحدث عن ملء فراغات أو حل عقد نقص في الشخصية النبوية المقدسة ، والعياذ بالله .
العصمة جبرية في اجتناب المعاصي ؟ ! !
1 - يتحدث البعض : عن أن العصمة التي تجلت في الزهراء

( 1 ) كتاب الندوة : ص 58 . ( * )

عليها السلام قد أنتجتها البيئة والمحيط الايماني الذي عاشت وترعرعت فيه ، لأنها كانت بيئة الإيمان والطهر والفضيلة والصلاح .
ومن الواضح : إن هذه المقولة فيما تستبطنه تستدعي سؤالا حساسا وجريئا ، وهو : ماذا لو عاشت الزهراء في غير هذه البيئة ، وفي محيط ملوث بالرذيلة والموبقات ؟ !
وماذا لو عاش غير الزهراء في هذه البيئة بالذات ؟
هل سوف تكون النتيجة هي ذاتها ؟ !
وقد عاش البعض فعلا في هذه البيئة بالذات ، فلماذا لم يكن الأمر كذلك ؟
2 - ومع كل ذلك نرى هذا البعض نفسه يتحدث عن تكوينية العصمة ، الأمر الذي يستبطن مقولة " الجبر " الإلهي ، التي ثبت بطلانها ، ونفاها أهل البيت ( ع ) ، بقولهم : لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين .
ونقول : إن ذلك يثير أكثر من سؤال جرئ وحساس أيضا . وهو أنه لو كانت البيئة هي المؤثرة ، فما معنى كون العصمة تكوينية ؟ !
وممنوحة بالفيض الإلهي المباشر ، وبلا وساطة شئ ، من محيط أو غيره ؟ !
ثم هناك سؤال آخر عن : السبب في تخصيص هؤلاء بهذه العصمة الاجبارية التكوينية ؟
ولماذا لم ينلها غيرهم معهم من سائر بني الإنسان ؟ ! !
ولماذا نحن نتعب ونشقى ، ونحصل على القليل ، وتكون لهم هم الدرجات العالية ، مع أنهم لم يتعبوا ولم يجاهدوا أنفسهم مثلنا ؟ !
وسؤال آخر ، وهو : ألا يكون الشخص الذي يقوم بالامتناع - من تلقاء نفسه - عن سيئة واحدة ، أو المبادرة إلى عمل حسنة واحدة في حياته ، يجاهد بها نفسه وغرائزه، أفضل من جميع النبيين والأوصياء المعصومين بالتكوين والاجبار ؟
يضاف إلى ذلك سؤال آخر وهو : ألا يعني ذلك أن لا يستحق المعصوم مدحا ولا أجرا على عباداته ، ولا على أي شئ من طاعاته للأوامر والزواجر الإلهية ؟ ! ( 1 ) .
إلى غير ذلك من علامات استفهام لا يمكن استيفاؤها عرضا وردا في هذا البحث المقتضب .
3 - ولعله من أجل دفع غائلة هذا السؤال الأخير ، عاد هذا البعض ليقول : إن العصمة التكوينية إنما هي في الاجتناب عن المعاصي ، حيث لا يقدر المعصوم على اقترافها .
أما الطاعات فالاختيار فيها باق له على حاله ، وليس ثمة جبر إلهي عليها . . وهذه نفس مقولة الأشاعرة الذين فسروا العصمة بأنها " القدرة على الطاعة ، وعدم القدرة على المعصية " ( 2 ) .
ونقول : إننا لا نريد أن نناقش هذا التفصيل ( بين الطاعات وبين
( 1 ) هذا السؤال قد سأله علماؤنا رضوان الله تعالى عليهم لأولئك القائلين بعدم قدرة المعصوم على المعصية . راجع اللوامع الإلهية : ص 169 .

( 2 ) راجع اللوامع الإلهية : ص 169 . ( * )

المعاصي ) ! ! بإسهاب ، بل نكتفي بالإلماح إلى ما يلي :
أولا : إن ترك الطاعات أيضا معصية ، فهو إذن لا يقدر على هذا الترك تكوينا فكيف يكون مختارا في فعلها ، وما معنى كونه مختارا في خصوص الطاعات ؟ ! .
ثانيا : إن هذا التفصيل لا دليل عليه ، ولا توجيه له بل هو تحكم محض فلماذا لا تكون القضية معكوسة ، فيكون مختارا في ترك المعاصي مكرها على فعل الطاعات . . والملفت للنظر هنا : أنه حين واجهته هذه الأسئلة التجأ تارة إلى مقولة البلخي بأن الثواب على الطاعة إنما هو بالتفضل ، لا باستحقاق العبد .
وتارة أخرى إلى ما يتحدث عنه البعض بزعمه من أن الاستحقاق بالتفضل وهي مقالة كمقالة البلخي لا يلتفت إليها لقيام الدليل على أن الطاعة بالاستحقاق لا بالتفضل .
وهذا الدليل هو : أن الطاعة مشقة ألزم الله العبد بها ، فإن لم يكن لغرض كان ظلما وعبثا ، وهو قبيح لا يصدر من الحكيم .
وإن كان لغرض ، فإن كان عائدا إليه تعالى فهو باطل لغناه وإن كان عائدا إلى المكلف ، فإن كان هذا الغرض هو الإضرار به كان ظلما قبيحا ، وإن كان هو النفع له فإن كان يصح أن يبتدئ الله به العبد ، فيكون التكليف حينئذ عبثا ، وإن كان لا يصح الابتداء به بل يحتاج إلى تكليف ليستحق أن يحصل على ذلك النفع فهو المطلوب . فالنتيجة إذن هي : أن الثواب بالاستحقاق لا بالتفضل .
وأما قول البلخي فهو باطل من الأساس ، لأنه يستند فيما ذهب إليه إلى أن التكاليف إنما وجبت شكرا للنعمة ، فلا يستحق بسببها مثوبة ، فالثواب تفضل منه تعالى . ولا شك في عدم صحة هذا القول ، إذ أن الكلام إنما هو في مرحلة الحسن والقبح ، ويقبح عند العقلاء أن ينعم شخص على غيره ، ثم يكلفه ويوجب عليه شكرها من دون إيصال ثواب على هذا التكليف ، فإنهم يعدون ذلك نقصا ، وينسبونه إلى حب الجاه والرياسة ونحو ذلك من المعاني القبيحة التي لا تصدر من الحكيم ، فوجب القول باستحقاق الثواب .
غاية ما هناك أنه يمكن أن يقال ، وإن كان ذلك لا يلائم كلام البلخي أيضا بل هو أيضا ينقضه ويدفعه : أنه وإن كانت مالكية الله سبحانه لكل شئ تجعله ، متفضلا في تقرير أصل المثوبة لمملوكيه على أفعالهم ، ولكنه بعد أن قرر لهم ذلك بعنوان الجزاء ، وتفضل عليهم في زيادة مقاديره ، حتى لقد جعل الحسنة بعشرة أمثالها ، أو بسبع مئة ضعف ، والله يضاعف لمن يشاء وبعد أن دخل ذلك في دائرة القرار ، وأصبح قانونا إلهيا مجعولا ، فقد دخل في دائرة الاستحقاق بعد أن لم يكن .
ولأجل ذلك لم يجز في حكم العقل أن يعطي الله العاصي ، ويمنع المطيع ، ولو كانت المثوبة من باب التفضل لجاز ذلك ، وهذا نظير ما لو قرر رجل أن يجعل لولده جائزة على نجاحه في الامتحان في مدرسته ، فإذا نجح الولد ، فسيطالب أباه بالجائزة ، ويرى أنه مظلوم ومهان لو لم يعطه إياها ، فضلا عن أن يعطيها لأخيه الراسب .

وفاء للحسين
01-06-2010, 06:56 AM
إن الكلمة المذكورة : " أم أبيها " تريد أن تبين لنا حقيقة وأبعاد تعامل السيدة الزهراء ، مع أبيها ، ولا تريد أن تتحدث عن ملء فراغات أو حل عقد نقص في الشخصية النبوية المقدسة ، والعياذ بالله .
العصمة جبرية في اجتناب المعاصي ؟ ! !
****** ****** *******
الله اكبر ...كلام غاية بالدقة والموضوعية ...نعم فرسول الله:sw: لا يشكو من نقص او فقدان ابدا وعلى كل الاصعدة على الرغم من كونه يتيما ً الا ان الله عز وجل قد تمم له كل شيء وحفظه من كل نقص ....

الا ان العبارة الجميلة التي اقتبستها من موضوعكم هي الاقرب والاكثر موضوعية بل وحتمية ايضا ..حيث تبين حقيقة وأبعاد تعامل السيدة الزهراء ، مع أبيها ...نعم ولا نستكثر ذلك على سيدة نساء العالمين بنت الحبيب المصطفى محمد :sw: وزوج المرتضى علي عليه السلام وام الحسن والحسين :s: سبطا رسول الله :sw:....

اللهم بحق فاطمة الزهراء وابيها وبعلها وبنيها هلا قضيت حاجة المؤمنين والمؤمنات وخاصة من اتانا بهذا النور من عندك يالله انه اخونا العزيز(تراب البقيع) اقضي حوائجه واحشره مع محمد وال بيت محمد :sw: في مقعد ِ صدق ٍ عند مليك ٍ مقتدر .