المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجوانب الغيبية في حياة الزهراء ( ع ) :


تراب البقيع
01-06-2010, 05:21 AM
الجوانب الغيبية في حياة الزهراء ( ع ) :
هناك من يقول : إنه لا حاجة لنا فيما يفيض فيه التاريخ في مسألة زواج الزهراء عليها السلام ، والجوانب الغيبية في ذلك الزواج ، فيما احتفلت به السماء ، وغير ذلك مما يتعلق بهذا الأمر ، كما أنه يتحفظ على الحديث الذي يقول بوجود عناصر غيبية أو خصوصيات غير عادية في شخصية الزهراء عليها السلام ، وماذا ينفع أو يضر - على حد تعبيره - أن نعرف أو نجهل : أن الزهراء ( ع ) نور أو ليست بنور ؟ فإن هذا علم لا ينفع من علمه ولا يضر من جهله .
ويضيف على هذا قوله : ولا نجد إن هناك خصوصية غير الظروف التي كفلت لها النمو الروحي والعقلي ، والالتزام العملي ، بالمستوى الذي تتوازن فيه عناصر الشخصية بشكل طبيعي في مسألة النمو الذاتي ، ولا نستطيع إطلاق الحديث المسؤول القائل بوجود عناصر غيبية مميزة تخرجها عن مستوى المرأة العادي ، لأن ذلك لا يخضع لأي إثبات قطعي .

ونقول : إننا بالنسبة لضرورة الثقافة الغيبية نسجل ما يلي :
أولا : إن إثارة الأمور بهذه الطريقة ، التي يخشى أن تسبب بإثارة صراع داخلي ، من حيث أنها ترمي إلى التشكيك بضرورة الثقافة الدينية الغيبية وذلك غير مقبول ولا معقول ، لأن ذلك من بديهيات الدين والعقيدة ، ولا شك أن إبعاد جانب مهم جدا من قضايا الدين والإيمان عن دائرة الاهتمام ، بطريقة التسويف أو التسخيف ، أو التقليل من أهميته ، يعتبر تقويضا لركن مهم من أركان الدين ، وهو إرباك حقيقي للفكر الإسلامي الرائد ، وهو يستبطن وضع علامات استفهام على الكثير من مفردات المعارف الدينية الأخرى ، الأمر الذي سينتهي إلى أن يضعف إيمان الناس ، وأن تنحسر معرفتهم بالله سبحانه وتعالى وبرسله وأصفيائه ، ويتزعزع واقع اعتقادهم بحقائق الإسلام والإيمان ، ويثير تساؤلات كثيرة حول أمور كان الأجدر أن لا يثار حولها جدل غير منهجي ولا علمي ، حيث لا ينتج عن ذلك إلا إرباك الحالة العامة ، وصرف إهتمامات الناس إلى اتجاهات بعيدة عن الواقعية ، وعن التفكير الجدي في أمور مصيرية ، تهدد مستقبلهم ووجودهم ، وتبعدهم عن التخطيط والعمل لمواجهة الأخطار الجسام التي تنتظرهم في حلبة الصراع مع قوى الحقد والاستكبار ، التي لا بد من تشابك الأيدي ، وتضافر الجهود في مواجهتها . عصمنا الله من الخطل والزلل في الفكر والقول والعمل إنه ولي قدير ، وبالإجابة حري وجدير .
ثانيا : لا شك في أن النصوص التي تثبت عناية إلهية ، ورعاية

غيبية للزهراء ، بل كرامات ومعجزات ( 1 ) ، وميزات لها ، هي بدرجة من الكثرة تفقد الإقدام على إنكارها مبررة من الناحيتين العلمية والوجدانية . وإذا كان هذا الحجم من النصوص لا يثبت ميزة وكرامة ورعاية غيبية ، فلا مجال بعد لإثبات أية حقيقية إسلامية أخرى . وقد سبقه المعتزلة إلى إنكار كرامات الأولياء ، بحجة اشتباهها بمعجزات الأنبياء ، فلا يعرف النبي من غير النبي ( 2 ) .
ولم يلتفتوا إلى أن ظهور الكرامة إنما هو للولي الذي يلتزم خط الإيمان بصورة يمتنع معها من ادعائه النبوة ، وإلا فإنه ليس بولي ولا يستحق كرامة الله ، ولن يظهر الله له هذه الكرامة يوما .
ثالثا : قال الله سبحانه وتعالى : * ( الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) * ( 3 ) .
ومما لا شك فيه أن للأمور الغيبية تأثيرا قويا على الحالة الإيمانية للإنسان المسلم ، وأن الغيب هو من الأمور الأساسية في موضوع الإيمان ، الذي يريده الله سبحانه من عباده .
( 1 ) فقد ذكر أبو الصلاح الحلبي في الكافي : ص 102 و 103 أن المعجزات تظهر لغير الأنبياء أيضا ، ولا يقتصر الأمر فيها على التحدي للأنبياء في نبوتهم - كما يحاول البعض أن يدعيه - وقد مثل لذلك أبو الصلاح بقصة آصف بن برخيا ومجيئه بعرش بلقيس قبل ارتداد الطرف . وما ظهر لمريم من معجزات كحصولها على الرزق ومعجزات تلاميذ عيسى ، وغير ذلك .
( 2 ) شرح عقائد النسفي للتفتازاني : ص 177 .
( 3 ) سورة البقرة : 1 و 3 . ( * )
كما أن مما لا شك فيه أيضا : أنه لا يكفي في الإيمان بالغيب أن يكون مجرد إحساس مبهم وغامض بوجود غوامض ومبهمات في بعض جوانب الحياة ، ثم شعور بالعجز عن نيل تلك الغوامض ، ومن ثم شعور بالخوف والخشية منها .
ولا يكفي أيضا في تحقق الإيمان ، بحد ذاته ، وبكل حالاته ومفرداته ، غيبية كانت أو غيرها مجرد الحصول على قناعات فكرية جافة ، ومعادلات رياضية ، تستقر في عقل ووعي الإنسان ليرسم على أساس ذلك خريطة سلوكية ، أو حياتية منفصلة عن الغيب ، أو غير منسجمة أو متناغمة معه ، لا يكفي هذا ولا ذاك ، فإن الإيمان فعل اختياري ، يتجدد ، ويستمر حيث إن الله سبحانه قال : * ( يُؤْمِنُونَ ) * ولم يقل آمنوا ، ليفيد بالفعل المضارع التجدد ، والاستمرار أي أنهم يختارون هذا الإيمان ، ويحدثونه ، ويوجدونه ، ويجسدونه باستمرار .
وإذا كان من الواضح أيضا : أن الخشية من المجهول ، والإحساس المبهم بالأمور الغائبة عن حواسنا ليس إيمانا ، بل هو ينافي الإيمان الذي هو عقد القلب على أمر ، واحتضانه له بعطف وحنان ، ومحبة وتفهم ، ثم سكون هذا القلب إلى ما يحتضنه ، واطمئنانه إليه ، ومعه ، ورضاه به ، * ( أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) * و * ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ) * .
إذا كان الأمر كذلك : وحيث لا يمكن احتضان الفراغ ولا السكون إليه ، أو الرضا به فلا بد من توفر الدلالة القريبة على ذلك الغامض ، والتجسيد له في وعي الإنسان ، لكي يخرج عن حالته الغيبية في الواقع الإيماني والشعوري ، ويصبح شهودا إيمانيا ، وإن كان في واقعه وكينونته لايلتقي مع الحس ، ولا يظهر عليه ، بل يبقى منفصلا وغائبا عنه .
ومن هنا : تبرز ضرورة ربط هذا الغيب بالواقع الموضوعي ، ليصبح بذلك أشد تأثيرا في الوعي ، وأكثر رسوخا وتجذرا في الإيمان ، حيث تخرجه تلك المفردات المعبرة عنه والمشيرة إليه ، عن أن يكون مجرد حالة غائمة وهائمة ، ليصبح أكثر تركيزا وتحديدا إلى درجة التجسيد الحقيقي للمعنى الغيبي ، الذي يهيئ للإنسان أن يعقد قلبه عليه ، ليكون ذلك المسلم المؤمن بالغيب ، وفق ما يريده الله سبحانه ، وعلى أساس الخطة الإلهية لتحقيق ذلك ، وبذلك نستطيع أن نفهم بعمق مغزى قول علي عليه الصلاة والسلام : " لو كشف لي الغطاء ، ما ازددت يقينا " ( 1 ) .
وحين سئل عليه السلام عن أنه كيف يعبد ربا لم يره ، أجاب : ما كنت لأعبد ربا لم أره ، لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ، وإنما رأته القلوب بحقائق الإيمان ( 2 ) .
ولأجل ذلك : أيضا تطمئن القلوب بذكر الله سبحانه * (أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) * فإن القلب لا ينال حقيقة الذات الإلهية نفسها ، بل ينال آثارها وأفعالها ويطمئن بذكر الله سبحانه ، وقد قال الله سبحانه : * ( وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) * ( 3 ) ، و * ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) * ( 4 ) ، و * ( بسم الله الرحمن الرحيم ) * .
( 1 ) البحار : ج 40 ص 153 و ج 46 ص 135 .
( 2 ) البحار : ج 4 ص 27 و 32 و 33 و 44 و 52 و 54 و 304 و ج 10 ص 118 و ج 36 ص 406 .
( 3 ) سورة الأعراف : 180 .
( 4 ) سورة العلق : 1 . ( * )
فيتضح من جميع ما تقدم : أن الإسلام حين ألزم بالإيمان بالغيب ، فإنه لم يرده غيبا هائما ، وخاويا ومبهما ، بل أراده الغيب الهادف والواعي ، الذي يتجسد على صفحة القلب والنفس ، ويزيد وضوحا وتجذرا ورسوخا ، من خلال الوسائل التي أراد الله سبحانه أن ينقل بواسطتها العنصر الغيبي إلى وعينا ليستقر فيه مقترنا بها ، ومعتمدا عليها ، ومستندا إليها .
فالثقافة الغيبية إذن ، من شأنها أن تبعد الإيمان بالغيب ، عن أن يكون حالة خوف من المجهول ، ليكون الغيب شهودا قلبيا حقيقيا ، يعقد عليه القلب ، ويتقوم به الإيمان ، وتخضع له المشاعر ، وينطلق ليصبح حياة في الوجدان ، ويقظة في الضمير ، وليكون موقفا ، وحركة وسلوكا ، وسجية وبادرة عفوية صريحة وخالصة .
مع أنه في الوقت نفسه لا يزال هذا الغيب منفصلا على إحساس الحواس ، حيث لا يمكنها أن تناله ، وتبقى عاجزة حياله ، إذ هو متصل بما هو أسمى منها ، ويغنيه عنها ، مستمسك بأسبابه ، ومنطلق في رحابه .
وبنظرة إجمالية على الوسائل والدلائل التي تجسد هذا الغيب في قلب الإنسان ، وتحوله إلى عنصر إيماني مؤثر وفاعل . . . نجد : أن الإسلام في تعاطيه التربوي مع هذه الناحية الحساسة ، قد أراد للغيب أن ينطلق من بوتقة الفكر والوعي ليستقر في القلب ، وليحتضنه هذا القلب بحنان ليجد معه الرضا والسكينة ، وليهوم - من ثم - في رحاب الروح ، في تفاعل مشاعري ، وعاطفي متوهج وعارم .
ثم هو لا يزال يسري في كل كيان الإنسان ، ليصوغ أحاسيسه ، ومشاعره ، وليصبح من ثم سمعه وبصره ، وفكره ، وبسمته ،
ولغته ولفتته العفوية ، وسلوكه ، وموقفه ، بل كل شئ في حياته . ولأجل ذلك كله ، كان لا بد أن يمتزج الفكر بالعاطفة ، لتصبح مأساة الزهراء ، وذكرى الحسين ( ع ) في عاشوراء ، ومأساة طفله الرضيع و . . . جزءا من الحقيقة الإيمانية ، وهكذا يصبح كل ما قاله الرسول ( ص ) والأئمة الطاهرون عليهم السلام يمثل ضرورة ثقافية لاستكمال الإيمان بحقائق الإسلام ، ومنها الإيمان بالغيب .
فلا غرو إذن أن يتجسد هذا المعنى الغيبي معجزة وكرامة إلهية وواقعا حيا ومؤثرا في وعي الإنسان - يتجسد - بالحجر الأسود ، حيث أودعه الله مواثيق الخلائق ، وبالإسراء والمعراج ، وباستقرار يونس في بطن الحوت ، وفي حديث النملة ، حيث تبسم سليمان ضاحكا من قولها ، وبالإتيان له بعرش بلقيس من اليمن قبل ارتداد طرفه إليه ، وبحديث فاطمة مع أمها وهي في بطنها ، وبأعراس السماء بمناسبة زواجها من علي ( ع ) ، وبحديث الملك معها حتى كتب علي ( ع ) عنه " مصحف فاطمة " .
وبأن الملائكة كانت تناديها كما تنادى مريم ابنة عمران ، فتقول : يا فاطمة إن الله اصطفاك وطهرك الخ . . فسميت " محدثة لأجل ذلك " ( 1 ) . ولا غرو أن يتجسد لنا هذا الغيب في أن فاطمة نور ، وبأنها حوراء إنسية قد خلقت من ثمر الجنة ( 2 ) ، الذي يمتاز عن ثمر الدنيا
( 1 ) كشف الغمة : ج 2 ص 94 . ودلائل الإمامة : ص 56 وراجع : علل الشرائع : ج 1 ص 182 و 183 وروضة المتين : ج 5 ص 345 .
( 2 ) راجع : علل الشرائع : ج 1 ص 182 و 184 ومصادر ذلك كثيرة جدا لا مجال لتعدادها . ( * )
بنقائه وصفائه وخلوصه وطهره ، وقد زادته فاطمة صفاء على صفاء ، وطهرا على طهر ، بما بذلته من جهد موفق من خلال معرفتها بالله ، وما نالته من إشراف على أسرار الخلق ونواميس الحياة ، ففازت بالتأييد والتسديد واللطف الإلهي ، فكانت المرأة المعصومة التي يرضى الله لرضاها ، ويغضب لغضبها ، حتى باتت سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، إلى غير ذلك من أمور دلت على أن لها ( ع ) ارتباطا وثيقا بالغيب ، ومقاما وموقعا ، وكرامة إلهية ، لا تنالها عقولنا ، ولا تصل إليها أفهامنا .
فيتضح مما تقدم : أنه إذا تجسد هذا الغيب برموز معينة ، كأنبياء الله ، وأصفيائه ، وأوليائه وأصحاب كراماته ، وبما لهم من مآثر وكرامات ، وبرموز كثيرة أخرى ، فإن قلوبنا ستحتضنها وستحتضن معها الغيب المودع فيها لتكون محور الإيمان ومعقد القلب لتعيش حالة السكينة والرضا أرواحنا ، ولتحنو عليها مشاعرنا ، فتدغدغ أحاسيسنا ، ويكون العلم بذلك كله ينفع من علمه ، والجهل به يضر من جهله بدرجة كبيرة وخطيرة .
وليس بالضرورة أن يستتبع اختلاف مفردات تجسيد الغيب في الأشخاص كالأنبياء والأوصياء والأولياء تفاضلا لهذا على ذاك أو بالعكس ، إذ قد تكون طبيعة المرحلة ، أو ظروف معينة هي التي فرضت هذه الخصوصية الغيبية هنا وتلك هناك .
أما التفاضل فله معاييره الخاصة به ، التي نطق بها القرآن العظيم ، والرسول الكريم ( 1 ) ، وليس هذا منها فكل هذه الغيوب
( 1 ) فإن مقامات الأنبياء والأوصياء درجات ، بحسب درجات معرفتهم التي تستتبع مزيدا من الخلوص والخشية ، والجهد ، والقرب إلى الله ، ونيل درجات ، والرضا والزلفى . ( * )
المرتبطة بالزهراء عليها السلام وبغيرها هي جزء من هذا الدين ، ولها أهميتها البالغة في صياغة الشخصية الإيمانية ، والإنسانية ، والرسالية ، بما لها من خصائص تحقق للإنسان وجوده ، وتخصصه ، وتميزه ، وتجعله على درجة عالية من الصفاء والنقاء والطهر ، كما أنها تحقق درجة من الارتباط الوجداني بأولياء الله وأصفيائه ، والمزيد من الحب لهم وبهم ، والتفاعل الضميري والوجداني مع كل ما يقولون وما يفعلون .
وقد أخبر الأئمة ( ع ) بعض الخلص من أصحابهم ببعض الغيوب ، من أمثال ميثم التمار ، وزرارة ، ومحمد بن مسلم ، وغيرهم ، فما أنفع الغيوب لمن علمها وتعلمها ، وما أروع هذه الكرامات ، وما أجلها وأشد تأثيرها ، وما أعظم الحاجة إليها ، وما أروع القرآن العظيم ، وهو يركز على كثير من المفردات التي تدخل في هذا السياق ، معلنا بذلك أهميتها البالغة ، في بناء الشخصية الإنسانية والإيمانية والرسالية .
الارتباط الفكري لا يكفي : فلا يصح إذن ما يردده البعض من أن المطلوب هو مجرد الارتباط الفكري بهم ( ع ) من خلال معرفتنا بسياساتهم ، وأنماط سلوكهم الشخصي ، وبأنشطتهم الاجتماعية ليكونوا لنا أسوة وقدوة على طريقة التقليد والمحاكاة ، وليثير ذلك فينا حالة من الزهو والإعجاب بهم كأشخاص ، كإعجابنا بغيرهم من العباقرة والمفكرين ، مثل أديسون أو ابن سينا .
إذ أن المطلوب هو الارتباط الفكري ، والضميري ، والوجداني الذي تشارك فيه المشاعر ، وتستجيب له الأحاسيس بعفوية وانقياد ، ويهتز له كل كيان الإنسان وعمق وجوده بطواعية واستسلام . المطلوب هو أن يدخل هؤلاء الأصفياء إلى قلوبنا ليكونوا حياة لها ، وإلى أرواحنا لتكون أكثر توهجا وتألقا ، وإلى نفوسنا لتصبح أكثر صفاء ونقاء وخلوصا .
المطلوب هو أن يكون لهم الحظ الأوفر في صياغة شخصيتنا الإيمانية وأن يسهموا في صنع مشاعرنا وتكوين أحاسيسنا . ولنستبعد نهائيا إذن مقولة : هذا علم لا ينفع من علمه ، ولا يضر من جهله ، فإنها مقولة مضرة بالتأكيد لا تجلب لنا إلا الخسران ، والبوار والخيبة . ولو غضضنا النظر عن ذلك كله ، فإن ميزان النفع والضرر الذي يتحدثون عنه غير واضح المعالم ، فهو يختلف في حالاته وموارده ، فقد يكون الحديث عن الطب غير نافع للنجار في مهنته ، والحديث عن الفلك غير نافع للحداد ، أو الحائك في حرفته ، أو للإداري في دائرة عمله . . لكن الأمر بالنسبة لقضايا الإيمان والسلوك ليس بالضرورة من هذا القبيل وإن كانت درجات المعرفة ومقتضياتها تختلف من شخص لآخر على قاعدة : أمرنا أن نحدث الناس على قدر عقولهم .

وفاء للحسين
01-06-2010, 06:44 AM
ميزان النفع والضرر الذي يتحدثون عنه غير واضح المعالم ، فهو يختلف في حالاته وموارده ، فقد يكون الحديث عن الطب غير نافع للنجار في مهنته ، والحديث عن الفلك غير نافع للحداد ، أو الحائك في حرفته ، أو للإداري في دائرة عمله . . لكن الأمر بالنسبة لقضايا الإيمان والسلوك ليس بالضرورة من هذا القبيل وإن كانت درجات المعرفة ومقتضياتها تختلف من شخص لآخر على قاعدة : أمرنا أن نحدث الناس على قدر عقولهم .

</B></I>
****** ***** ******
هذا الكلام الجميل.....
نعم اخي العزيز .... حتى الائمة المعصومين وكلُّ في وقته وزمانه.. عندما كان يُُسال عن شيء من قبل احد من الناس فان الامام اولا يعرف مدى تحمل وقابيلية هذا السائل على فهم الجواب والتفاعل معه بحيث يكون رد الامام عليه ضمن حدود فهم السائل وعقلانيته للامور ....
( سلام الله التام والكامل على فاطمة وابيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها ورحمة الله وبركاته )...

شكرا ً لمعروفكم فقد زدتونا نورا وعلما بفضل ما حملتوه لنا من نور الله ورسوله :sw:...
لا حرمنا الله هذا العطاء المهيب......