المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الـــــــــــــــــــــــــــــبكاء


تراب البقيع
26-11-2008, 10:56 AM
الـــــــــــــــــــــــــــــبكاء





إعلم أنّ البكاء بمجرّده غير مناف للصبر ولا للرضا بالقضاء، وإنّما هو طبيعة بشرية، وجبلة إنسانية، ورحمة رحمية أو حبيبية فلا حرج في إبرازها ولا ضرر في إخراجها، ما لم تشتمل على أحوال تؤذن بالسخط وتنبىء عن الجزع وتذهب بالأجر، من شقّ الثوب ولطم الوجه وضرب الفخذ وغيرها.
وقد ورد البكاء في المصائب عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، ومن قبله من لدن آدم عليه السلام، وبعده من آله وأصحابه مع رضاهم وصبرهم وثباتهم.
فأوّل من بكى آدم عليه السلام على ولده هابيل، ورثاه بأبيات مشهورة، وحزن عليه حزناً كثيراً، وإن خفي شيء فلا يخفى حال يعقوب عليه السلام، حيث بكى حتى ابيضّت عيناه من الحزنعلى يوسف عليه السلام.
ومن مشاهير الأخبار ما روي عن الصادق عليه السلام، أنّه قال: « إنّ زين العابدين عليه السلام بكى على أبيه أربعين سنة صائماً نهاره، قائماً ليله، فإذا حضر الإفطار جاء غلامه بطعامه وشرابه، فيضعه بين يديه، ويقول: كل يا مولاي، فيقول: قتل ابن رسول الله جائعاً، قتل ابن رسول الله عطشاناً، فلا يزال يكرر ذلك، ويبكي حتى يبل طعامه من دموعه، فلم يزل كذلك حتى لحق بالله عزّ وجلّ>>.
وروي عن بعض مواليه أنّه قال: برز يوماً إلى الصحراء فتبعته، فوجدته قد سجد على حجارة خشنة، فوقفت وأنا أسمع شهيقه وبكائه، فأحصيت عليه ألف مرة، وهو يقول: « لاإله إلا الله حقّاً حقاً، لاإله إلاّ الله تعبّداً ورقاً، لا إله إلاّ الله إيماناً وصدقاً» ثمّ رفع رأسه من سجوده وإنّ لحيته ووجهه قد غمر بالماء من دموع عينيه، فقلت: يا سيدي، ما آن لحزنك أن ينقضي، ولبكائك أن يقل؟ فقال لي: ويحك، إنّ يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام كان نبياً ابن نبي ابن نبي، له إثنا عشرابناً، فغيّب الله واحداً منهم، فشاب رأسه من الحزن، واحدودب ظهره من الغمّ، وذهب بصره من البكاء، وابنه حيّ في دارالدنيا، وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي صرعى مقتولين فكيف ينقضي حزني، ويقل


بكائي؟!».
ــ (file:///C:/********s%20and%20Settings/UserTK/Desktop/%D9%84%D9%81%D9%82%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%8 7%D9%84%D9%8A/book5004/data/index.html) وعن أنس بن مالك قال: دخلت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله على أبي سيف القين، وكان ظئراً لإبراهيم عليه السلام، فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقبله، ويشمّه ثمّ دخل عليه بعد ذلك وإبراهيم عليه السلام يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلّى الله عليه وآله تذرفان، فقال له عبدالرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله ؟ فقال: «ياابن عوف، إنّها رحمة ـ ثمّ أتبعها بأخرى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ: العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنّا لفراقك ـ يا إبراهيم ـ لمحزونون».
وعن أسماء ابنة زيد قالت: لمّا توفي ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ إبراهيم عليه السلام ـ بكى رسول الله صلّى الله عليه وآله. فقال له المعزي: أنت أحقّ من عظّم الله عزّ وجلّ حقّه، فقال رسول الله صلّىالله عليه وآله: «تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب، لولا أنّه وعد حق وموعود جامع وأنّ الآخر تابع للأوّل، لوجدنا عليك ـ يا إبراهيم ـ أفضل ممّا وجدناه، وإنّا بك لمحزونون».
وعن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله بيد عبدالرحمن بن عوف فأتى إبراهيم وهو يجود بنفسه، فوضعه في حجره، فقال له: «يا بني، إنّي لا أملك لك من الله تعالى شيئاً» وذرفت عيناه، فقال له عبدالرحمن: يا رسول الله تبكي، أولم تنه عن البكاء؟ فقال صلّى الله عليه وآله: «إنّما نهيت عن النوح، عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لعب ولهو ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة، خمش وجوه وشق جيوب ورنّة شيطان، إنّما هذه رحمة، ومن لا يرحم لايرحم، ولولا أنّه أمر حق ووعد صدق وسبيل نأتيه وأنّ آخرنا سيلحق أوّلنا، لحزنّا عليك حزناً أشدّ من هذا، وإنّا بك لمحزونون، تبكي العين ويحزن القلب، ولانقول






ما يسخط الرب عزّ وجلّ».
وعن أبي امامة قال: جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وآله حين توفي ابنه وعيناه تدمعان، فقال: يا نبي الله، تبكي على هذا السخل؟ والذي بعثك بالحق لقد دفنت اثني عشر ولداً في الجاهلية كلّهم أشب منه، أدسّه في التراب، فقال النبي صلّى الله عليه وآله: «فماذا، إن كانت الرحمة ذهبت منك، يحزن القلب وتدمع العين ولا نقول ما يسخط الرب وإنّا على إبراهيم لمحزونون».
وعن محمود بن لبيد قال: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله حين سمع ذلك فحمدالله، وأثنى عليه، ثمّ قال: «أمّا بعد ـ أيّها الناس ـ أنّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله عزّ وجلّ، لا ينكسفان لموت أ حد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى المساجد» ودمعت عيناه، فقالوا: يا رسول الله تبكي، وأنت رسول الله؟ فقال: « إنّما أنا بشر، تدمع العين ويفجع القلب ولا نقول مايسخط الرب، والله ـ يا إبراهيم ـ إنّا بك لمحزونون».
وعن خالد بن معدان. قال لمّا مات إبراهيم بن النبي صلّى الله عليه وآله بكى، فقيل: أتبكي يا رسول الله؟ فقال: «ريحانة وهبها الله لي، وكنت أشمّها».
وقال صلّى الله عليه وآله يوم مات إبراهيم: «ما كان من حزن في القلب أو في العين فإنّما هو رحمة، وما كان من حزن باللّسان وباليد فهو من الشيطان».
وروى الزبير بن بكار: أنّ النبي صلّى الله عليه وآله لمّا خرج بإبراهيم خرج يمشي، ثمّ جلس على قبره، ثم دلّي، فلمّا رآه رسول الله صلّى الله عليه وآله قد وضع في القبر دمعت عيناه، فلمّا رأى الصحابة ذلك بكوا حتى ارتفعت أصواتهم،فأقبل عليه أبوبكر فقال: يا رسول الله، تبكي وأنت تنهى عن البكاء؟ فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: «تدمع العين ويوجع القلب ولا نقول ما يسخط الربّ عزّ وجلّ».



وعن السائب بن يزيد، أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله لمّا مات ابنه الطاهر ذرفت عيناه، فقيل: يا رسول الله، بكيت؟ فقال صلّى الله عليه وآله: «إنّ العين تذرف وإنّ الدمع يغلب، وإنّ القلب يحزن ولا نعصي الله عزّوجلّ».
وروى مسلم في صحيحه: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله زار قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله.
وروي: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله لمّا مات عثمان بن مظعون كشف الثوب عن وجهه، ثمّ قبّل ما بين عينيه، ثمّ بكى طويلأ، فلمّا رفع السرير قال: «طوباك ـ يا عثمان ـ لم تلبسك الدنيا، ولم تلبسها».
واشتكى سعد بن عبادة شكوى، فأتاه رسول الله صلّى الله عليه وآله يعوده، فلمّا دخل عليه وجده في غشيته، فقال: «أو قد مات؟» فقالوا: لا يا رسول الله، فبكى رسول الله صلّى الله عليه وآله، فلمّا رأى القوم بكاءه بكوا، فقال: «ألا تسمعون؟ إنّ الله لا يعذّب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذّب بهذا ـ وأشار إلى لسانه ـ أو يرحم».
وروي: أنّ ابنة لرسول الله صلّى الله عليه وآله بعثت إليه: إنّ ابنتي مغلوبة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إنّ لله ما أخذ، ولله ما أعطى» وجاءها في ناس من أصحابه، فأخرجت إليه الصبيّة، ونفسها يتقعقعفي صدرها، فرقّ عليها، وذرفت عيناه، فنظر إليه أصحابه، فقال: « ما لكم تنظرون إليّ؟




رحمة يضعها الله حيث يشاء، إنّما يرحم الله من عباده الرحماء».
وعن اسامة بن زيد قال: اتي النبي صلّى الله عليه وآله بامامة بنت زينب، ونفسها يتقعقع في صدرها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «لله ما أخذ، ولله ما اعطى، وكلّ إلى أجل مسمّى» وبكى، فقال له سعد بن عبادة: تبكي، وقد نهيت عن






البكاء! فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إنّما هي رحمة يجعلها الله في قلوب عباده، وإنّما يرحم الله من عباده الرحماء».
ولما اصيب جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أتى رسول الله صلّى الله عليه وآله أسماء رضي الله عنها، فقال لها: «أخرجي إليّ ولد جعفر، فخرجوا إليه: فضمّهم إليه وشمّهم ودمعت عيناه، فقالت: يا رسول الله، اصيب جعفر؟ قال: نعم، اُصيب اليوم».
قال عبدالله بن جعفر: أحفظ حين دخل رسول الله على اُمي، فنعى إليها أبي، ونظرت إليه وهو يمسح على رأسي ورأس أخي، وعيناه تهراقانالدموع حتى تقطر لحيته، ثم قال: «اللّهم إنّ جعفراً قد قدم إلى أحسن الثواب، فأخلفه في ذريته بأحسن ماخلفت أحداً من عبادك في ذريته» ثمّ إنّه عليه السلام قال: «يا أسماء، ألا اُبشرك؟» قالت: بلى بأبي أنت وأمي، فقال: «إنّ الله عزّ وجلّ جعل لجعفر جناحين، يطيربهما في الجنة».
وعن أبي عبدالله عليه السلام، عن أبيه، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، أنّه لمّا جاءته وفاة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وزيد بن حارثة كان اذا دخل بيته بكى عليهما جدّاً، وقال: «كانا يحدّثاني ويؤنساني، فجاء الموت فذهب بهما».
وعن خالد بن سلمة قال: لمّا جاء نعي زيد بن حارثة إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله أتى النبيّ صلّى الله عليه وآله منزل زيد، فخرجت إليه بنية لزيد، فلمّا رأت رسول الله صلّى الله عليه وآله خمشت في وجهها، فبكى رسول الله صلّى الله عليه وآله وقال :هاه هاه، فقيل: يا رسول الله، ما هذا؟ قال: «شوق الحبيب إلى حبيبه».
ولمّا مات سعد بن معاذ رضي الله عنه بكى عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله



كثيراً.
وقال صلى الله عليه وآله لاُمّ سعد بن معاذ يوماً: «ألا يرقأ دمعك ويذهب حزنك فإن ابنك اهتز له العرش».
قيل: وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله تذرف عيناه، ويمسح وجهه، ولا يسمع صوته.
وعن البراء بن عازب قال: بينما نحن مع رسول الله صلّى الله عليه وآله إذ بصر بجماعة، فقال: «على ما اجتمع هؤلاء؟» فقيل: على قبر يحفرونه، قال: فبدر رسول الله صلّى الله عليه وآله بين يدي أصحابه مسرعاً حتى انتهى إلى القبر فجثا عليه، قال:فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع، فبكى حتى بلّ الثرى من دموعه، ثمّ أقبل علينا فقال: «إخواني، لمثل هذا فأعدّوا».
وعنه صلّى الله عليه وآله: « العبرة لا يملكها أحد، صبابة المرء على أخيه».
ولما انصرف النبي صلّى الله عليه وآله من أٌحد راجعاً إلى المدينة لقيته حمنة بنت جحش، فنعى لها الناس أخاها عبدالله بن جحش، فاسترجعت واستغفرت له، ثمّ نعي لها خالها حمزة، فاسترجعت واستغفرت له، ثمّ نعي لها زوجها مصعب بن عمير، فصاحت وولولت، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إنّ لزوج المرأة منها لمكان» لما رأى صبرها عن أخيها وخالها، وصياحها على زوجها.
ثمّ مرّ رسول الله صلّى الله عليه وآله على دار من دور الأنصار من بني عبدالأشهل فسمع البكاء والنوائح على قتلاهم فذرفت عيناه وبكى، ثم قال: «لكن حمزة لا بواكي له» فلمّا رجع سعد بن معاذ وأٌسيد بن حضيرإلى دار بني عبدالأشهل، أمرانساءهم أن يذهبن فيبكين على عمّ رسول الله صلّىالله عليه وآله، فلمّا سمع
رسول الله صلّى الله عليه وآله بكاءهن على حمزة خرج إليهن وهنّ على باب مسجده يبكين، فقال لهن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «ارجعن ـ يرحمكن الله ـ قد واسيتنّ بأنفسكن».
وروى الشيخ في(التهذيب) بإسناده إلى الصادق عليه السلام: «إنّ إبراهيم خليل الرحمن سأل ربه أن يرزقه ابنة تبكيه بعد موته



تراب البقيع


موفقين للخير




-------------------


دمتم بحب الزهراء عليها السلام
.

محـب الحسين
26-11-2008, 11:04 AM
احسنت اخي الكريم
موضوع قيّم

تراب البقيع
26-11-2008, 11:43 AM
احسنت اخي الكريم
موضوع قيّم
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
ولعنة الابديه على اعدائهم الى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكرك اخي محب الحسين (ع) لمرورك الكريم
رحم الله ولديك ان شاء الله
موفقين للخير
اخوك تراب البقيع
http://www.al3lwih.net/up//uploads/images/al3lwih.com-55d81067e3.gif (http://www.al3lwih.net/up//uploads/images/al3lwih.com-55d81067e3.gif)
دمتم بحب الزهراء عليه السلام

ابوجعفرالديواني
26-11-2008, 05:51 PM
بارك الله بك اخي الكريم على هذا
البحث المفيد

تراب البقيع
26-11-2008, 06:03 PM
بارك الله بك اخي الكريم على هذا
البحث المفيد
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
ولعنة الابديه على اعدائهم الى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكرك اخي ابو جعفر على مرورك الكريم
رحم الله ولديك ان شاء الله
موفقين للخير
اخوك تراب البقيع
http://www.al3lwih.net/up//uploads/images/al3lwih.com-55d81067e3.gif (http://www.al3lwih.net/up//uploads/images/al3lwih.com-55d81067e3.gif)
دمتم بحب الزهراء عليهاالسلام

خادم الائيمه
11-06-2009, 11:29 AM
بارك الله بك اخي الكريم على هذا
البحث المفيد

خادم الائيمه
11-06-2009, 11:30 AM
السلام علي الحسن

ام البنين
13-06-2009, 08:35 PM
يعطيك العافية موضوعك مميز

*llعاشقة الزهـراءll*
13-06-2009, 10:43 PM
جزااااك الله خير واوفرالجزااء اخي الكريم
طرح قيم وموفق

راحيل
14-06-2009, 05:35 AM
رحم الله والديك على الموضوع اللمميز
موفقين لكل خير
تحياتي