مناظرة محمد بن ابي بكر مع معاوية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • تراب البقيع
    • Nov 2008
    • 4632

    مناظرة محمد بن ابي بكر مع معاوية

    لما صرف عليّ ـ عليه السلام ـ قَيْسَ بن سعد بن عبادة عنمصر، وجَّه مكانه محمد بن أبي بكر ، فلما وصل إليها كتب إلى معاوية كتابا فيه :
    من محمد بن أبي بكر ، إلى الغاوي معاوية بن صخر ، أمابعد ، فإناللهبعظمته وسلطانه خلق خلقه بلا عبث منه ،ولا ضعف في قوته ، ولا حاجة به إلى خلقهم ، ولكنه خلقهم عبيدا ، وجعل منهم غويّاورشيدا ، وشقيّا وسعيداً ، ثم اختار على علم واصطفى وانتـخب مـنهم محمدا ـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ، فانتخبه بعلمه ، واصطفاهبرسالته ، وائتمنه على وحيه ، وبعثه رسولاً ومبشراً ونذيراً ووكيلاً فكان أول منأجاب وأناب وآمن وصدّق وأسلم وسلّم أخوه وابن عمه علـي بـن أبي طـالب ـ عليه السلامـ‍ صدّقه بالغيب المكتوم ، وآثره على كل حميم ، ووقاه بنفسه كل هول ، وحارب حربه ،وسالم سلمه ، فلم يبرح مبتذلاً لنفسه في ساعات الليل والنهار والخوف والجوع والخضوع، حتى برز سابقا لا نظير له فيمن اتبعه ، ولا مقارب له في فعله ، وقد رأيتك تُساميهوأنت أنت ، وهو هو ، أصدق الناس نيّةً ، وأفضل الناس ذرية ، وخير الناس زوجة ،وأفضل الناس ابن عم ، أخوه الشاري بنفسه يوم مؤتة ، وعمه سيّد الشهداء يوم اُحد ،وأبوه(2)الذابُّ عن رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ وعن حوزته ، وأنت اللعين ابن اللعين ،لم تزل أنت وأبوك تبغيان لرسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ الغوائل ، وتجهدان في إطفاء نورالله، تجمعان على ذلك الجموع ، وتبذلان فيه المال ، وتؤلبانعليه القبائل ، وعلى ذلك مات أبوك ، وعليه خلفته ، والشهيد عليك من تدني ويلجأ إليكمن بقية الاحزاب ورؤساء النفاق ، والشاهد لعليّ ـ مع فضله المبين القديم ـ أنصارُهُالذين معه وهم الذين ذكرهماللهبفضلهم ، وأثنى عليهممن المهاجرين والانصار ، وهم معه كتائب وعصائب ، يرون الحق في اتّباعه ، والشقاء فيخلافه ، فكيف يالك الويل ! تعدلُ نفسك بعليّ وهو وارث رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّمـ ووصيّه وأبو ولده، أول الناس له اتباعا ، وأقربهم به عهدا ، يخبره بسره ، ويطلعهعلى أمره ، وأنت عدوه وابن عدوه ، فتمتَّع في دنياك ما استطعت بباطلك ، وليمددك ابنالعاص في غوايتك ، فكأن أجلك قد انقضى ، وكيدك قد وهى ، ثم يتبين لك لمن تكونالعاقبة العليا ، واعلم أنك إنما تكايد ربك الذي أمِنت كيده ، ويئست من روحه ؛ فهولك بالمرصاد ، وأنت منه في غرور ، والسلام على من اتبع الهدى .
    فكتب إليه معاوية : من معاوية بن صخر ، إلى الزاري على أبيه محمدابن أبي بكر ، أما بعد : فقد أتاني كتابُك تذكر فيه مااللهأهلُه في عظمته وقدرته وسلطانه ، وما اصطفى به رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّمـ، مع كلام كثير لك فيه تضعيف ، ولابيك فيه تعنيف ، ذكرت فيه فضل ابن أبي طالب ،وقديم سوابقه ، وقرابته إلى رسولاللهـ صلّىاللهعليه وآله وسلّم ـ، ومُواساته إيّاه في كل هول وخوف ،فكان احتجاجك عليَّ وعيبك لي بفضل غيرك لا بفضلك ، فأحمد ربّا صرف هذا الفضل عنك ،وجعله لغيرك ، فقد كنا وأبوك فينا نعرف فضل ابن أبي طالب وحَقه لازما لنا مبروراعلينا ، فلما اختاراللهلنبيه ـ عليه الصلاة والسلام ـما عنده ، وأتم له ما وعده ، وأظهر دعوته ، وأبلج حُجَّته ، وقبضهاللهإليه ـ صلواتاللهعليه ـ،فكان أبوك وفاروقه أول من ابتزه حقَّه ، وخالفه على أمره ، على ذلك اتفّقا واتَّسقا .
    ثم إنهما دعواه إلى بيعتهما فأبطأ عنهما ، وتلكأ عليهما، فهمَّا به الهموم ، وأرادا به العظيم ، ثم إنه بايع لهما وسلّم لهما ، وأقاما لايشركانه في أمرهما ، ولا يُطْلعانه على سرهما ، حتى قبضهماالله.
    ثم قام ثالثهما عثمان فهدىبهديهما وسار بسيرهما ، فعبته أنت وصاحبك حتى طمع فيه الاقاصى من أهل المعاصي ،فطلبتما له الغوائل ، وأظهرتما عداوتكما فيه حتى بلغتما فيه مُناكما ، فخذ حذركيابن أبي بكر ، وقس شبرك بفترك ، يقصر عن أن توازي أو تساوي من يزنُ الجبال بحلمه ،لا يلين عن قسر قناته ، ولا يدرك ذو مقال أناته أبوك مهَّد مهاده ، وبنى لملكهوساده ، فإن يك ما نحن فيه صوابا فأبوك استبدَّ به ونحن شركاؤه ، ولو لا ما فعلأبوك من قبل ما خالفنا ابن أبي طالب ، ولسلمنا إليه ، ولكنا رأينا أباك فعل ذلك بهمن قبلنا فأخذنا بمثله ، فعب أباك بما بدا لك أودَعْ ذلك ، والسلام على منأناب(3).
    ____________
    (1) هو : محمد بن أبي بكر بن أبي قحافة القُرَشيَّ التيميّ ، جليل القدر عظيم المنزلة ، كانشجاعا زاهدا فاضلاً ، صحيح العقل والرأي ، من خواص علي ـ عليه السلام ـ ومن حواريهالمجتهدين في طاعته ، وأمه أسماء بنت عُميس بن النعمان ، كانت تحت جعفر بن أبي طالب، وهاجرت معه إلى الحبشة ، فولدت له هناك عبداللهبنجعفر الجواد ، ثم قُتل عنها يوم مُؤتة ، فخلف عليها أبو بكر ، فأولدها محمدا ، ثممات عنها ، فخلف عليها علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ، وكان محمد ربيبه وخرّيجه ،وجاريا عنده مجرى أولاده ، رضع الولاء والتشيع مذ زمن الصِّبا ، فنشأ عليه ، فلميكن يعرف له أبا غير عليّ ، ولا يعتقد لاحد فضيلة غيره ، حتى قال علي ـ عليه السلامـ : محمد ابني من صلب أبي بكر ، ولد ـ رضياللهعنه ـفي حجة الوداع ، وقتل بمصر في خلافة علي ـ عليه السلام ـ سنة 38 هـ ـ بعد واقعةصفين ـ وكان عامله عليها ، وقال فيه ـ عليه السلام ـ لما استشهد : فعنداللهنحتسبه ولدا ناصحا ، وعاملاً كادحا ، وسيفا قاطعا ،وركنا دافعاً . ( نهج البلاغة ص408 رقم الكتاب : 35 ) ومن ولده : القاسم فقيهالحجاز ، ومن ولد القاسم : عبد الرحمن من فضلاء قريش ومن ولد القاسم ايضا أم فروة ،تزوجها الباقر محمد بن علي ـ عليه السلام‌ ـ ، فأولدها الصادق أبا عبداللهجعفر بن محمد ـ عليه السلام ـ
    .
    راجع ترجمته في : شرح نهج‌ البلاغة لابن أبي‌الحديد : ج6 ص53 و ج10 ص249 ، تهذيبالكمال ج24 ص541 ، تهذيب التهذيب ج9 ص 80 ، تنقيح ‌المقال للمامقاني ج2ص58.
    (2)
    هو : عبد مناف ـ وقيل عمران ـ ، بن عبد المطلببن هاشم بن عبد مناف ، عم رسولاللهـ صلىاللهعليه وآله وسلم ـ وكافله وكاشف كربه ، وابو الائمةالاطهار ـ عليهم السلام ـ ، وكان أبو طالب ـ عليه السلام ـ شيخاً جسيماً وسيماًعليه بهاء الملوك ووقار الحكماء ، وهو الذي كفل الرسول صغيراً وحماه وحاطه كبيراً ،ومنعه من مشركي قريش ، ولقى لاجله عناءاً عظيماً وقاسى بلاً شديداً ، وصبر على نصرهوالقيام بأمره ، وقد جاء في الخبر أنه لما توفي ابو طالب أوحىاللهللنبي ـ صلىاللهعليه وآلهـ وقيل له اخرج منها فقد مات ناصرك .
    فقد كان ـ عليهالسلام ـ بحق نعم الناصر والكافل والمحامي المجاهد بالنفس والولد والاهل ، والى هذا، يشير ابن أبي الحديد المعتزلي في ميميته العصماء :

    ولــولا أبو طالب وابنه‌ * لما مثل الدّين شخصاً فقاما

    فذاك بـمكة آوىوحامى‌ * وهذا بيثرب جسّ الحمـاما

    فللّه ذا فاتـحـاً للهُـدى‌ * وللهذا للمعالي خـتــاما

    والادلة والشواهد على ايمان ابي طالب ـ عليه السلام ـ ظاهرة كظهورالشمس في رابعة النهار لا تخفى على من له ادنى بصيرة ، إلا أن حاسدي ومبغضي اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ‍ يأبوا الا أن يكفّروه حسداً وحقداً .

    ان يحسدوك على علاك فانما * متسافل الدرجات يحسد من علا


    وذلك مع وجود الادلة الواضحة ، والشواهد اللائحة والتي منها : مواقفه المشهورة تجاه النبي ـ صلىاللهعليه وآله ـوالتي تدل على ايمانه العميق بوحدانيةاللهتعالىوبرسالة رسوله الكريم ومن تلك الدلائل الواضحة على ايمانه هو : ان فاطمة بنت أسد ـعليها السلام ـ من السابقات الى الاسلام ، ولم تزل تحت أبي طالب حتى مات ، واناللهتعالى نهى رسوله أن يقرّ مسلمة على نكاح كافر ،وكان امير المؤمنين ـ عليه السلام ـ يأمر أن يُحج عن عبداللهوأبيه وأبيطالب ، ولا يُحج عن كافر .
    وتولى هو ـعليه السلام ـ غسل أبيه ، والمسلم لا يجوز له أن يتولى غسل الكافر .
    ومن الشواهد الدالة على ايمانه ، الاشعار التي تضمنت اقرارهباللهتعالى وبالنبي ـ صلىاللهعليه وآله ـ وحيث انه لا فرق بين ان يكون هذا الاقرار في النثر او الشعر .
    فمنها قوله ـ عليه السلام ـ :

    نصرت الرَّسولَ رسولَ المليك‌ِ * ببيـضٍ تلالا كلمع البروقْ

    أذبُّوأحـمـي رسـولَ الاله‌ِ * حـمــاية حامٍ عليه شفيقْ

    ومنها أيضاً قوله :

    واللهلــن يصـلوا إليك بجمعهم * ‌حتى أوسدبالتراب دفـيـنا

    فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة‌ * وابشر بذاك وقرّ منكعيونـا

    وعـرضت ديـناً قد عرفت بأنه‌ * من خير أديان البريةديــنا


    وانما لم يظهر الاسلام ويجاهر به ،لانه لو أظهره لم يتهيأ له من نصرة النبي ـ صلىاللهعليه وآله ـ ما تهيأ له .
    ومن تلك الادلة ايضاًاجماع اهل البيت ، الائمة الطاهرين ـ عليهم السلام ـ الذين هم كسفينة نوح ، منركبها نجى ومن تأخر عنها غرق وهوى ، وهم العترة الذين من تمسك بهم لن يضل ابداً .
    ومما ورد عنهم في ذلك : ما ورد عن عبد العظيم بن عبداللهالعلوي انّه كان مريضاً فكتب الى ابي الحسن الرّضاـ عليه السلام ـ عرّفني يابن رسولاللهعن الخبر المرويانّ ابا طالب في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه فكتب اليه الرّضا ـ عليه السلام ـ : بسماللهالرحمن الرحيم ، اما بعد : فأنّك ان شككت فيايمان أبى طالب كان مصيرك الى النار .
    واما الاخبار التييرويها البعض في كفر ابي طالب فلا اساس لها من الصحة ، واما احاديث الضحضاح فانماتروى عن المغيرة بن شعبة ، وبغضه لبني هاشم وعلى الخصوص امير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ مشهور معلوم وفسقه غير خافٍ .
    وتوفي ابو طالب ـعليه السلام ـ في آخر السنة العاشرة من الهجرة وتوفيت السيدة خديجة ام المؤمنين ـعليها السلام ـ بعده بثلاثة ايام ، فسمى رسولاللهـصلىاللهعليه وآله ـ ذلك العام عام الحزن ، وقال : مازالت قريش قاعدة عني حتى مات ابو طالب .
    وقد رثاه اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ بقوله :

    أبا طالب عصمة المستجير * وغيث المحول ونور الظـلم

    لقد هـدّ فقدك أهلالحفاظ * فصلّى عليك ولي النـعــم

    ولـقــاك ربك رضوانه‌ * فقد كنت للطهر من خيرعم

    فسلامٌ عليه يوم ولد ويوم مات ويم يُبعثحيا.
    ورزقنااللهشفاعته .
    راجع : رسالة ايمان ابي طالب للشيخ المفيد ، اسنىالمطالب في ايمان ابي طالب للعلامة احمد زيني دحلان ، ديوان ابي طالب وذكر إسلامهلابي نعيم علي بن حمزة البصري ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج14 ص 65 ـ 84 ،سفينة البحار للقمي ج2 ص 87 ـ 90 ، ابو طالب مؤمن قريش للعلامة الشيخ عبداللهالخنيزي .
    (3)
    مروج الذهبللمسعودي : ج 3 ص 20 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 3 ص 188 ، الاحتجاجللطبرسي ج 1 ص 183 ، بحار الانوار ج 33 ص 575 ح 723 .
  • :: بحر ::
    • Jan 2009
    • 7359

    #2
    باركَ اللهُ بِكَ اخي تراب البقيع

    تعليق

    • عاشقة الابتسامه
      • Dec 2008
      • 9239

      #3
      يعطيك الف عافية
      رحم الله والديك

      تعليق

      • تراب البقيع
        • Nov 2008
        • 4632

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة مسلمة مشاهدة المشاركة
        باركَ اللهُ بِكَ اخي تراب البقيع

        بسم الله الرحمن الرحيم
        اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
        اَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَوْلادِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَصْحابِ الْحُسَيْنِ،..:
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        اشكرك لمرورك الكريم
        خادم
        موفقين للخير
        اخوك تراب البقيع

        دمتم بحب الزهراء عليها السلام

        تعليق

        • خادم الائيمه
          • May 2009
          • 975

          #5
          يعطيك الف عافية
          رحم الله والديك

          تعليق

          يعمل...
          X