إكبار النفس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عاشقة النور
    • Jan 2009
    • 8942

    إكبار النفس

    إكبار النفس

    كل صغير يرى نفسه كبيراً ، وذلك دليل صغر النفس ، وضعة الروح ! فالنفس يصيبها ما يصيب العين من قصر النظر ، فيرى القريب ، ولا يرى البعيد ! والإنسان مجبول على تكبير نفسه ، وتزيين عمله ، مهما قل وقبح .

    وكلما قويت هذه النزعة في النفس ، انحطت ، وخف وزنها ، وضعف عملها .. وكلما انعكس الأمر ، فرأى الشخص نفسه صغيراً ، وعمله حقيراً ، ثقلت نفسه ، وازدادت همتها ، وبَعُد نظرها ، فهو ينشد الكمال دائباً ، ويطلب الرقي أبداً ، حتى يصل .. ( إن من جد على الدرب وصل ) .

    ويقال : إن هذا الشعور هو سر تقدم المعاقين كمن به عرج أو عمى أو .. لأنه يرى نفسه ناقصاً أمام الناس ، فيدأب لكي يثقل نفسه علماً وأدباً و .. حتى يعلو نجمه ، ويرتفع قدره .

    وقد حارب الإسلام هذه النزعة أشد المحاربة ، حرصاً منه على ترفيع المجتمع ، وترقية الأفراد ، وقد استغرب القرآن تزكية المرء نفسه ، قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء ) النساء : 49 .

    ونهى المسلمين نهياً صريحاً عن تزكية أنفسهم : فقال : ( ... هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقى ) .

    قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( لا تحقروا شيئاً من الشر وإن صغر في أعينكم ، ولا تستكثروا شيئاً من الخير وإن كثر في أعينكم ) .

    والحكمة في ذلك واضحة ، فإن كل شيء إذا صغر في عين الإنسان أتى بما فوقه ، وكل شيء إذا كبر في نفسه ، لم يأت بما فوقه . فإن إستصغر الشر أتى بشيء آخر ، وإن إستكثر الخير لم يأت بخير أكبر ، وكلاهما مفسدة للدنيا والدين .

    وقد جمع الإمام الصادق ( عليه السلام ) كل ذلك في كلمة رائعة يحكيها عن الشيطان قال : ( قال إبليس ـ لعنه الله ـ لجنوده : إذا استمكنت من إبن آدم في ثلاث ، لم أُبال ما عمل ، فإنه غير مقبول منه !: إذا إستكثر عمله ونسى ذنبه ، ودخله العجب ) ! .

    وليس العجب دائر في فلك العبادة فإن العجب مذموم في كل مجال : مجال العبادة والإبتهال ، مجال العلم والثقافة ، مجال الصنعة والإختراع ، مجال الزعامة والرئاسة .

    ولذا أطلق الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كلمته الرائعة : ( العجب هلاك ، والصبر ملاك ) .

    لكن ليعلم الفرق بين إكبار النفس والعمل ، وبين علو الهمة ، ان الثاني من الفضائل ويصحبه الإعتزاز بالنفس ، لا اعتزاز المعجب الخوار ، بل اعتزاز العامل العملاق ، بخلاف الأول فإنه رذيلة مردية ، طالما تودي بصاحبها ، وتسقطه عن الحيوية والنشاط .

    يقول الإمام السجاد ( عليه السلام ) في دعائه المسمى بـ ( مكارم الأخلاق ) : ( اللهم صلّ على محمدٍ وآل محمد وحلني بحلية الصالحين ، وألبسني زينة المتقين ، في بسط العدل ، وكظم الغيظ .. واستقلال الخير وإن كثر ، من قولي وفعلي ، واستكثار الشر وإن قل ، من قولي وفعلي .. ) .

    إنه طموح وعلو همة ، وتخلية للنفس عن الشوائب الزائفة ، وفرق بينه وبين الإكبار الطائش



    "عاشقة النور"
  • محـب الحسين

    • Nov 2008
    • 46763

    #2
    رائع ماطرحتِ اختي الغاليه
    مبدعه دائما
    جزاكِ الله خيرا

    تعليق

    يعمل...
    X