هل دعاء الندبة يتشابه مع عقائد الكيسانية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نور البتول الطاهرة
    • Aug 2010
    • 3064

    هل دعاء الندبة يتشابه مع عقائد الكيسانية


    أظل باسمك أردد يا بدر ليلي
    بحبر دمعي الك أكتب مراسيلي
    موعودٌ من الأصلاب نهواك
    موعودٌ متى نحيى بلقياك
    موعودٌ وعين الله ترعاك
    يا مهدي آه يا مهدي




    ورد هذا السؤال في موقع مدرسة الامام امير المؤمنين
    السؤال:
    قرأنا أخيراً في أحد الكتب أن هنالك عبارة في دعاء الندبة تتنافى مع عقائد الشيعة الاثني عشرية , وتشبه الى حد ما عقائد " الكيسانية " , وهذه العبارة هي :
    "ليت شعري أين استقرت بك النوى ؟ بل أي أرض تقلك أو ثرى؟ أبرضوى أم غيرها أم ذي طوى ؟ "

    اليوم يقرأ هذا الدعاء في أغلب الأوساط الدينية , وشاع في السنوات الأخيرة بكثرة , وشُكلت فرق خاصة بهدف نشره ؛ لكن لا أدري لماذا يُندب الامام المهدي (عج) في ذي طوى وجبل رضوى , وهو مكان محمد بن الحنفية ( إمام زمان الفرقة الكيسانية ) , إذ يعتقد أولئك أنه توارى عن الأنظار في هذالجبل , وسوف يظهر من هناك , وطالما تضرع أتباعه من أمام هذا الجبل , أو توجهوا من بعيد نحوه وتوسلوا الى الله في خروجه .
    وبغض النظر عن ذلك , فان سيرة الامام المهدي (عليه السلام) , سواء في حياته أو غيبته الصغرى أو الكبرى أو بعد ظهوره لا تمت بصلة لهذا الجبل ؛ فضلاً عن ذلك فانه لم يلجأ في غيبته الى موضع خاص , بل هو حاضر في كل عصر ومصر , ونحن الذين لا نميزه عن بقية البشر ؛ بناء على هذا , إن السؤال عن محل اختفاء الامام في الدعاء لا ينسجم – ظاهراً – مع نوع غيبة الامام الموعود وفقاً لعقيدة الشيعة الاثني عشرية .
    إن المطالعة الدقيقة لنص دعاء الندبة الذي لا يذكر أسماء أئمتنا بصراحة وبترتيب , فبعدما يتطرق الى أمير المؤمنين (عليه السلام) ويتحدث عن مناقبه وفضائله بتفصيل , يخاطب - فجأة- الامام الغائب , إن مطالعة هذا الدعاء بدقة يجعل هذا السؤال يتبادر الى الأذهان أكثر فأكثر ؛ وعلى أية حال نطرح هذا السؤال بشكل سؤال علمي فقط , ولا نتوخى منه حكماً قطعياً.

    الجواب:
    إن دعاء الندبة أحد الأدعية الجذابة والزاخرة بالمعاني حقاً ؛ فمن ناحية الفصاحة هو فصيح وسلس ومدروس ورصين للغاية , ومن ناحية المغزى والمضمون يجب القول أنه دعاء علمي وثوري وعقائدي وسياسي , وفي الوقت ذاته مرهف وعاطفي ؛ واذا ما أدركت مفاهيمه بصورة صحيحة فبامكانه أن يكون مصدراً ملهماً في طريق النضال الاجتماعي ضد الظلم ( طبعاً بشرط الوقوف على مضامينه لا اتخاذه مخدراً ) .
    بداية يشير الدعاء الى فلسفة بعثة الأنبياء , ثم يشير باختصار الى تاريخ كل منهم ومقاماته المتفاوتة , ثم يبحث بسهاب عن قيام نبي الاسلام (صلى الله عليه وآله) ومقاماته , ثم يبحث بصورة مفصلة عن الخلافة المباشرة بعد النبي لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) بأدلة وشواهد حية وجزمية من الآيات والروايات التي تحظى بقبول جميع الفرق الاسلامية , ثم تناول الدعاء بعد ذلك أسباب مواجهة جمع من الأمة لأهل بيت النبوة ومهبط الوحي , وعلل شهادتهم وتقتيلهم ونفيهم , ثم أشير الى دعوة الأئمة واحداً تلو الآخر , كل ذلك تم بشكل تهيأت معه القلوب الى قيام المهدي الموعود (عج) ؛ وفي نهاية المطاف يخاطب إمام العصر والزمان بلهجة ودودة مفعمة بالاثارة النفسية والمشاعر الانسانية العميقة , وهو إذ يبدي الاشتياق الشديد لقيامه يبين برنامجه الاصلاحي والثوري , وبعد عدة فقرات من التوسل المؤثر يُختتم الدعاء .
    هذا ما يتعلق بمحتويات الدعاء , أما كون البعض تصور أن هذا الدعاء مشابه لعقائد الكيسانية فهو مرفوض تماماً , ومن الضروري – سلفاً – أن نذكر بضع جمل في التعريف بمذهب الكيسانية , ثم نستخرج شواهد رفض التصور المذكور آنفاً من الدعاء نفسه :
    " الكيسانية " – كما جاء في كتب العقائد والمذاهب – أحدى الفرق الشيعية , وهي تعتقد بأربعة أئمة فقط هم الامام علي والامام الحسن والامام الحسين (عليهم السلام) ثم الامام " محمد بن الحنفية " , ويقال إن سبب تسميتها بالكيسانية يعود الى وجود شخص باسم " كيسان " بين أشهر أنصار هذا المذهب , وكان يدعي أنه من محبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) , بينما يعتبر آخرون أن " كيسان " من ألقاب " مختار بن أبي عبيدة " , وقالوا إنه من أتباع هذا المذهب .
    بالرغم من أن الكيسانية نفسها تشعبت الى عدة شُعب , إلا أن شعبتها المشهورة تعتقد بحياة " محمد بن الحنفية " الى الآن , وأنه يعيش في جبل " رضوى " في نقطة نائية من أطراف المدينة , وأن الله تعالى يسقيه ماءً وعسلاً , وهو المهدي المنتظر .
    ومما يجدر ذكره أن " كثير " الشاعر العربي المعروف كان كيسانياً , وقد جاءت عنه الأبيات التالية :
    ألا أن الأئمة من قريش *** ولاة الحق أربعة سواء
    علي والثلاثة من بنيه *** هم الأسباط ليس بهم خفاء
    وسبط لا يذوق الموت حتى *** يقود الخيل يقدمها الولاء
    يغيب لا يرى فيهم زماناً *** برضوى عند عسل وماء
    ذكر الشاعر في هذه الأبيات أن عدد الأئمة أربعة لا غير , هم علي وأبناؤه الأربعة (عليهم السلام) , ثم أشار الى غيبة محمد بن الحنفية في جبل رضوى ؛ أما اليوم فنادراً ما نجد أتباعاً لهذه الفرقة , وغالباً ما نقرأ عنهم في كتب تاريخ الأديان فقط ؛ الآن نعود الى أصل الموضوع :
    إن دعاء الندبة يرفض مذهب الكيسانية بصراحة تامة , وهو يطابق عقائد الشيعة الاثني عشرية بكل معنى الكلمة للأسباب التالية :
    1- نقرأ في ثلاث جمل من دعاء الندبة لها صلة بنسب الامام المهدي (عج) هي : " وابن خديجة الغراء " و " ابن فاطمة الكبرى " و " جدته الصديقة الكبرى فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) " , وهذا يعني أنه من أبناء خديجة وفاطمة (عليهما السلام) ؛ وبعد ذلك من المدهش أن يؤمن شخص بمشابهة دعاء الندبة لعقائد الكيسانية , ففرضاً لو أوجدت كلمة " رضوى " شبهة فبامكان هذه الجمل الثلاث الصريحة إزالة أي لون من ألوان الالتباس والغموض .
    2- ورد في هذا الدعاء بعد جملة " أين أبناء الحسين " ما نصه " صالح بعد صالح وصادق بعد صادق , أين السبيل بعد السبيل , أين الخيرة بعد الخيرة , أين الشموس الطالعة , أين الأقمار المنيرة , أين الأنجم الزاهرة , أين أعلام الدين وقواعد العلم , أين بقية الله " .
    هذه الجمل المتكررة تفيد وجود أكثر من إمام بعد الامام الحسين (عليه السلام) , قاموا واحداً تلو الآخر في سبيل إصلاح الأمة والدعوة الى الله وبسط العلم , الى أن تصل الى المدخر الالهي فتذكره بصورة مفردة " أين بقية الله " .
    أيمكن مع ذلك أن يشبه دعاء الندبة عقائد الكيسانية التي تنكر إمامة أبناء الامام الحسين (عليه السلام) , ولا تعترف بسوى محمد بن الحنفية ؟
    أليس من الغريب أن يقال إن الموضوع بُتر بعد ذكر ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) , وتم تجاهل بقية الأئمة , ولم يُذكر منهم أحد سوى المهدي , وهذا ينسجم مع عقائد الكيسانية ؟
    ألا يبدو أن هذه الجمل العشر المتوالية كافية في المقام حتى مع عدم التصريح بأسماء بقية الأئمة ؟ وهل تقصر عشر جمل عن نفي عقائد الكيسانية ؟!
    3- نخاطب في هذا الدعاء إمام العصر والزمان (عج) فنقول : " بنفسي أنت من مغيّب لم يخل منا , بنفسي أنت من نازح ما نزح عنا " .
    نذكر في هاتين الجملتين أن الامام المهدي (عج) موجود بيننا وقريب منا , وهذا – بحد ذاته – يدل على أن غيبته لا تعني أنه كائن استتر عن الأعين في مكان خاص , بل يتردد على المجتمعات ويختلف اليها متنكراً , وليس ثمة محل ثابت لوجوده .
    4- يتضح مما قلنا آنفاً أن فقرات هذا الدعاء ترفض العقيدة الخرافية للفرقة الكيسانية رفضاً قاطعاً , وتتسق مع عقيدة الشيعة الاثني عشرية اتساقاً كاملاً .
    والشيء الوحيد المتبقي هو وجود كلمة " رضوى " في إحدى جمل هذا الدعاء , لكن دواعي ذلك تتجلى بمراجعة الوثائق والمصادر الاسلامية .

    يتبع .....

    --------------------------------------------------------------------------------

    نور الهدى
    12-10-2008, 11:43 am
    تفصيل الكلام هو أن يقال : كتب " ياقوت الحموي " المؤرخ المشهور في كتابه ( معجم البلدان ) حول جبل
    " رضوى " ما يلي :
    " رضوى هو جبل بالمدينة , والنسبة إليه رضوي ( بالفتح والتحريك ) , وقال النبي (صلى الله عليه وآله) : رضوى رضي الله عنه ..." , وبعد ذكر عدد من الجباال المقدسة الأخرى قال : " وقال عرام بن الأصبغ السلمي : رضوى جبل , وهو من ينبع على مسيرة يوم , ومن المدينة على سبع مراحل ... وأخبرني من طاف في شعابه أن به مياهاً كثيرة وأشجاراً , وهو الجبل الذي يزعم الكيسانية أن محمد بن الحنفية به مقيم حي يرزق " .
    وأما " ذي طوى " الذي ورد ذكره بعد جبل " رضوى " , فهو أحد الجبال المحيطة بمكة والواقعة في طريق " التنعيم " , وهو على مسافة فرسخ واحد عن مكة حيث تُرى أبنية مكة من هناك .
    جاء في رواية عن الامام الباقر (عليه السلام) أن القائم يرد أرض مكة عن طريق ذي طوى , ويحضر الكعبة مع أصحاب له بقدر مجاهدي بدر ( أول صدام أساسي بين الاسلام والكفر ) , ويرفع راية الثورة والنصر من هناك .

    نستنتج مما ذكر آنفاً أن رضوى جبل من الجبال المقدسة وورد ذكره في روايات النبي (صلى الله عليه وآله) [ إن تقديس أرض أو جبل كتقديس الحجر الأسود يعود الى سوابقه التاريخية , والحوادث المهمة التي مرت به طيلة التاريخ البشري , ويرتبط بمواقف تضحية الصالحين لديه ] .

    بناء على هذا , قبل أن يكون لرضوى دور وشأن في عقائد الكيسانية ذُكر في أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) , بل ربما اختار الكيسانية هذا الجبل كمعتقد لهم من أجل تلك القدسية كي يطلوا معتقداتهم الباطلة بطلاء القدسية .
    على هذا الأساس , لو ورد ذكر رضوى في دعاء الندبة فينبغي إرجاعه الى جذوره من أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) لا الى العقيدة الكيسانية ذات الطابع الفرعي .

    الشاهد الآخر على هذا الحديث ذكر جبل " ذي طوى " المحاذي لمكة ؛ لأنه لا دخل لهذا الجبل في عقائد الكيسانية ؛ والأهم من كل ذلك كلمة " أم غيرها " , إذ تعتبر دليلاً قاطعاً على أنه ليس للامام المهدي (عج) مكان خاص خلافاً لتصور الكيسانية , وربما تردد على المدن والبلدان والجبال والوديان ومختلف نقاط العالم ؛ فكما كان جده (صلى الله عليه وآله) تارة في جبل النور وأخرى في الكعبة وأخرى بين أهل مكة والمدينة , يحتمل أن الامام يمر على مختلف المناطق , وربما كان بيننا .

    تجدر الاشارة الى صدور كتيب مثير للاستغراب شن على دعاء الندبة – سنداً ومضموناً – حملة شعواء , فقد أورد مؤلفه عدة إيرادات بلهجة مستهجنة , ولا يصمد أي منها أمام النقاش , وبما أنها لا تحتاج الى بحث علمي سوف نتناول اثنين منها على بساط البحث , ومنه يعرف حال بقية الموارد .
    الايراد الأول يتعلق بمضمون الدعاء وهو : لماذا وردت فيه الجملة التالية بحق إبراهيم الخليل (عليه السلام) : " وسألك لسان صدق في الآخرين فأجبته وجعلت ذلك علياً " حيث لا تنسجم جملة " وجعلت ذلك علياً " مع ما سبقها , وكأن المستشكل تصور أن كلمة " علياً " تعني الامام علي (عليه السلام) .
    لكن معنى العبارة يتبين بكافة أبعاده من خلال مراجعة القرآن الكريم ؛ فقد جاء في القرآن على لسان إبراهيم (عليه السلام) : " واجعل لي لسان صدق في الآخرين " ([1]) , وقال في مكان آخر بشأن إبراهيم وإسحق ويعقوب : " وجعلنا لهم لسان صدق علياً " ([2]) , وقد اقتبست العبارة الآنفة من هاتين الآيتين .
    أين الخلل في هذا الاقتباس ؟ وهل يمكن الاشكال عليه من قريب أو بعيد ؟
    أما الاشكال الآخر على مضمون الدعاء فهو جملة : " ثم جعلت أجر محمد صلواتك عليه وآله مودتهم في كتابك فقلت قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى " حيث إنها تتناقض مع الآية الشريفة : " قل لا أسألكم عليه أجراً " ؛ لأنه طلب أجراً في مكان ولم يطلبه في مكان آخر .

    الطريف أن دعاء الندبة نفسه أجاب عن هذا الاشكال في الجملة اللاحقة حينما ذكر الآية الثالثة : " قل ما سألتكم من أجر فهو لكم " ([3]) ؛ لأن مودة أهل البيت (عليهم السلام) وسيلة للاقتباس من علومهم ومعارفهم وهدايتهم , لذا لم يطلب النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) من الناس أجراً إزاء رسالته , وما أراده منهم إنما كان لفائدتهم .
    وبايجاز فان مضمون الدعاء فصيح وخال عن كل إشكال , وهذه الاشكالات إنما تنشأ من عدم فهم عباراته .
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1. سورة الشعراء , الآية 84 .
    2. سورة مريم , الآية 50 .
    3. سورة سبأ , الآية 47 .

    موقع مدرسة الامام امير المؤمنين


  • ** خـادم العبـاس **
    • Mar 2009
    • 17496

    #2
    بارك الله بك اختي
    جزاكِ ربي كل خير

    تعليق

    • الـدمـع حـبـر العـيـون
      • Apr 2011
      • 21803

      #3
      سلمت اناملك
      على المشاركة النورانية
      بارك الله فيك
      ولا يحرمنا من عطاءك المتجدد
      مووفقين

      تعليق

      يعمل...
      X