المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحقيق موجز حول الفتك - لدفع الاشكال حول ابو لؤلؤة رضوان الله عليه


وسام البابلي
03-10-2010, 07:36 PM
تحقيق موجز حول الفتك - لدفع الاشكال حول ابو لؤلؤة رضوان الله عليه



النواصب والانهزاميين يحاولون النيل من البطل المؤمن ابو لؤلؤة باي طريقة ... احد المحاولات هي الاشكال عليه انه فتك بعمر لعنه الله ...

أنقل لكم تحقيق موجز ينسف محاولة النيل من المؤمن البطل ابو لؤلؤة :

تله على النحو المشهور من أنه كمن له فطعنه وبقر بطنه ثم فرّ، هذه هي الكيفية، وأما الإشكال فمدفوع أولا بأن ”الإيمان قيد الفتك“ عام يقبل التخصيص الاستثنائي، فإذا أمر المعصوم أو لمّح أو أذن جاز الفتك والاغتيال، ولهذا شواهد منها إهدار رسول الله (صلى الله عليه وآله) دم المغيرة بن أبي العاص حيث قُتل فتكا، وكذا إهداره دم جماعة يوم الفتح منهم عبد العزى بن خطل وقد قُتل فتكا وهو متعلق بأستار الكعبة، ومقيس بن صبابة وقد قُتل كذلك بين الصفا والمروة، والحويرث بن نقيد بن قصي وقد قتله أمير المؤمنين عليه السلام، ومن الشواهد إهدار الإمام الهادي (عليه السلام) دم فارس بن حاتم القزويني الذي كان من كبار الغلاة، فقتله الجنيد (رضوان الله تعالى عليه) بأمره (عليه السلام) فتكا أيضا وذلك بعد خروجه من المسجد. وعليه فالفتك يجوز بعناوين ثانوية منها أمر المعصوم أو إذنه، والذي يُستشعر من الروايات أن أبا لؤلؤة فيروز (رضوان الله تعالى عليه) كان مأمورا أو مأذونا، بدلالة أنه مُبشَّر بالجنة لخصوص قتله عمر بن الخطاب (عليه اللعنة) فلو كان قتله إياه محل إشكال شرعاً لما كان له أن يُبشَّر بالجنة لأجله، بل لوجب بيان الإشكال، وإذ لا نجده بل نجد المدح التام له والبشارة بالجنة فيثبت أنه إما كان مأمورا أو مأذونا من إمام زمانه. وعلى التنزل عن إثبات المأمورية أو المأذونية فإن الفتك بالناصب المعادي بعمله خارج تخصيصا عن عمومية حرمة الفتك، وذلك لما ورد في خبر داود بن فرقد قال: ”قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في قتل الناصب؟ فقال: حلال الدم، ولكن أتقي عليك، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطا أو تغرقه في ماء لكي لا يُشهد به عليك؛ فافعل“. (الوسائل ج28 ص217) وقلب الحائط والإغراق بالماء مصاديق للفتك. ومعلوم أن عمر (عليه لعائن الله) أكبر وأخبث ناصبي، فجواز الفتك به مما لا كلام فيه.

ويندفع الإشكال بوجه ثانٍ بما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: ”الغدر بأهل الغدر وفاء عند الله“ (نهج البلاغة، قصار الحكم، الحكمة 259) وبمقتضاه يرتفع حكم حرمة الفتك والغدر وينقلب إلى الجواز إذا كان مقابلةً بالمثل، ويؤيده قوله تعالى: ”فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم“ (البقرة: 195) وإذ قد همّ عمر بالفتك والغدر برسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم العقبة، وفتك به فعلا بالتواطؤ مع صاحبه أبي بكر وابنتيهما عائشة وحفصة حين سمّوه (صلى الله عليه وآله) فمضى شهيدا، ثم همّه وصاحبه بالفتك بأمير المؤمنين (عليه السلام) بأمر خالد بن الوليد بقتله بعد الصلاة، إلى غير ذلك من الموارد؛ فإن الفتك به غدرا يكون مطلوبا شرعا وهو نوع وفاء عند الله تعالى، لأنه إنما وقع على الفاتك الغادر نفسه، فيكون نوع قصاص، وقد قال الصادق عليه السلام: ”من اقتُصَّ منه فهو قتيل القرآن“ (الكافي ج7 ص377) أي أن المقتص قد طبق حكم القرآن فليس عليه سبيل.

ويندفع الإشكال بوجه ثالث أن حقيقة الفتك هو وقوعه بعد الأمان، أما مع عدمه فلا يعدّ فتكا، وقد سبق وأن أوعِد عمر وهُدِّد مرّتيْن بالقتل على يد أبي لؤلؤة، أما الأولى فعلى لسان أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قال له: ”أراك في الدنيا قتيلا بجراحة ابن عبد أم معمّر، تحكم عليه جورا فيقتلك توفيقا يدخل والله الجنان على رغم منك. فقال عمر: يا أبا الحسن أما تستحي لنفسك من هذا التكهن؟! فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: ما قلت لك إلا ما سمعت، وما نطقت إلا ما علمت“ (الهداية الكبرى للحسين بن حمدان الخصيبي ص162).

وأما الثانية فعلى لسان أبي لؤلؤة (رحمه الله) نفسه إذ قال لعمر: ”لأصنعنّ لك رحىً يتحدث الناس بها. فلما ولّى العبد أقبل عمر على الرهط الذين معه فقال لهم: أوعدني العبد آنفا“ (كنز العمال ج12 ص682 وغيره كثير) ومع هذا الوعيد والتهديد لا يكون ما أقدم عليه أبو لؤلؤة فتكا، فيسقط الإشكال من رأس.

أما الموارد المذكورة كقضية مسلم (عليه السلام) ومقتل الزبير ومقتل عثمان، فمنصرفة عما نحن بصدده، إذ هي قضايا خارجية لكل واحدة منها ظرفها الخاص، فالأولى لأن مسلما سفير، والسفير لا يفتك إلا بإذن، والثانية أن القاتل سيكون من الخوارج ومن هذا الوجه ذُمَّ، والثالثة عدم الرضى فيها ناظر إلى الآثار حيث اختلال النظام لا إلى حرمة الفتك، وإلا لكان أمثال محمد بن أبي بكر وكميل بن زياد مستحقين للذم لأنهما كانا من جملة المشاركين في قتل عثمان عليه لعائن الله، والحال أن مقامهما العظيم أظهر من الشمس.
قامت الأدلة عندنا على أنه (رضوان الله تعالى عليه) قد نجا من ملاحقة العمريّين ووصل إلى كاشان بكرامة من أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) حيث عاش هناك إلى أن مات فدُفن فيها، ومزاره هناك معروف مشهور عند الشيعة خلفهم عن سلفهم، وهذه الشهرة هي بحد ذاتها دليل حي.

أما الأدلة التأريخية فمنها ما رواه المرندي في المجمع في مجريات قتل أبي لؤلؤة لعمر لعنه الله: ”ثم إن أمير المؤمنين عليه السلام أعطاه كتاباً وقال له: خذ هذا واخرج خارج المدينة واقرأ فاتحة الكتاب سبع مرات تذهب إلى حيث تشاء وتصل إليه، ففعل أبو لؤلؤة ما أمره أمير المؤمنين عليه السلام ووصل إلى بلد يُقال له كاشان“. (مجمع النورين للمرندي ص222).

ومنها ما رواه عماد الدين الطبري في الكامل: ”وفرّ وذهب إلى بيت علي عليه السلام وكان عليه السلام جالسا على دكة بيته، فقام وجلس إلى دكة أخرى، فجاء القوم يستخبرون منه فحلف أنه ما مرّ بي أحد مذ كنت هنا. ثم إنه أركب أبا لؤلؤة فرسه وقال له: انزل في البلد الذي توصلك إليه هذه الفرس“. (كامل البهائي لعماد الدين الطبري ص383).

وهاتان الروايتان وأشباهما مؤيّدة ببعض روايات قدماء المؤرخين من أن أبا لؤلؤة (رضوان الله تعالى عليه) قد استطاع الهرب فور قتله لعمر لعنه الله، كالتي رواها ابن أعثم الكوفي في الفتوح: ”إن أبا لؤلؤة جرح عمر ثلاث جراحات، جراحتيْن في سرّته وجراحة فوق سرّته، ثم شق الصفوف وخرج هاربا“. (الفتوح لابن أعثم الكوفي ج2 ص88).

كما أنها مؤيّدة بسكوت روايات المخالفين عما جرى على أبي لؤلؤة بعد روايتهم المكذوبة بأنه انتحر أو أنهم قتلوه، إذ لم يذكروا ماذا حلّ به بعد ذلك، وكيف جُهِّز وأين دُفن، وهو ما يقوي ما رواه أصحابنا، مضافا إلى أن اضطرابهم في كيفية موت أبي لؤلؤة في المدينة كافٍ لطرح ما رووه وتثبيت ما رويناه، فإن بعض رواياتهم تنص على أنه انتحر، وبعضها الآخر على أن عبيد الله بن عمر قد قتله، وفي ثالثة أن عبد الله بن عوف قتله، وفي رابعة أن رجلا من بني تميم قتله، إلى غير ذلك من أقوالهم التي تبعث على الشكّ والريبة في صدقيتها.

والحاصل أن وصول أبي لؤلؤة النهاوندي (رضوان الله تعالى عليه) إلى بلاد فارس ومدفنه في كاشان مما لا يمكن إلا الاطمئنان إليه.

فرحمة الله على أبي لؤلؤة المؤمن قاتل المنافق اللعين عمر بن الخطاب