انطوان بارا، الكاتب والصحافي السوري المسيحي، اكتسب شهرة واسعةفي الخليج مبكرا مع كتابه "الحسين في الفكر المسيحي". ابتدأ أول عهده بالتأليف معالامام الحسين، ويريد أن يختمه مع اخته زينب، وما بين هذين المعلمين البارزين ألففي مختلف المجالات، من أدب الرحلات، والأدب الغيبي والواقعي وأدب الاعترافاتوالرواية البوليسية وأدب الاحتلال. والأغرب من ذلك تناوله أدب الخيال العلمي. بعضكتبه ترجم إلى عدد من اللغات، إلا ان المغامرة الكبرى في عالم الكتابة هي تناولهقضية الحسين "ع"، وكتابه ترجم إلى 17 لغة، ومقرر دراسات عليا في خمس جامعات. هذهالمغامرة تستدعي الوقوف على ما وراءها استكناها للمجهول. فلنسمع المؤلف وهو يسردسيرته الذاتية.
أنا الفقير إلى الله انطوان بارا من مواليد العام ،1943 أبييوسف وأمي مريم، لي أربعة إخوة و3 أخوات، ولي أربعة أبناء: طلال ومريم وفيصل يوسف،وعائلتي تحدرت من أصول نجدية هاجرت الى بلاد الشام منذ أزمان بعيدة وأسرتي من طبقةالحرفيين المتوسطة فاجدادي ووالدي كانوا يعملون في مهنة النجارة اليدوية للادواتالتي يستخدمها الفلاحون في محيط زراعي واسع، وكعادة الحرفيين. فانهم كانو أيضاملاكا لأراض زراعية صغيرة كانت تدر عليهم غلالهم واسباب معيشتهم.. فكانت حياتهممزاوجة بين الحرفة والزراعة البسيطة.
>في هذا الجو نشأت في وقت كانت فيهبلدتنا "بيرود" في محافظة دمشق من البلدات الاوليات في الريف السوري التي كانت تضماكبر نسبة من المتعلمين في بداية القرن العشرين وقبل أن ينتشر التعليم الالزامي، اذلم يكن فيها امي واحد.. وفي محيط أسرتي والدتي رحمها الله مدرسة لغة عربية وكذلكأخوالي كانوا مدرسين للعربية والفرنسية... وكان التعليم يتم في مكانين. المدارسالخاصة التي تملكها الطائفة المسيحية والتعليم فيها بأجر والمدارس الحكوميةوالتعليم فيها مجاني، وكانت مدرستنا المسماة بـ "الاسقفية" تضم في صفوفها طلبةمسلمين مقتدرين ماديا ليتحملوا كلفة التعليم الخاص.
درس في التسامح في الصفالسادس انتقلت مع شقيقي حبيب الى المدرسة الحكومية وكنا أول طلاب مسيحيين يلتحقونفي هذه المدرسة التي لا يقبل عليها الا أبناء المسلمين، وفي أول درس تعليم اسلاميأخرجنا المدرس الى غرفة مجاورة ريثما ينتهي الدرس اذ لم يكن ضروريا الحضور ولاسيماان علامة الدين كانت توضع لغير المسلم على حسب نسبة علامته في اللغة العربية. ولماانتهي الدرس وعدنا الى البيت وأخبرنا والدنا بالأمر طلب من ادارة المدرسة السماحلنا بحضور درس الدين الاسلامي. وهكذا تعلمنا من والدنا درسا في التسامح ساعدنا فيالتعرف على الدين الاسلامي وفعلا استمررنا ندرس لسنتين وحينما كان مفتشو التعليمالديني يزورون مدرستنا قادمين من دمشق كان الاستاذ يطلبني لألقي امامهم ما يطلبهمني مثل آية الكرسي والفاتحة وسورة مريم وغيرها. وحينما كان المفتشون يبدون اعجابهمبالقائي كان المدرس يخبرهم بأني مسيحي وآخذ العلامات الأولى في دروس الديانةالاسلامية... فتزداد دهشتهم ويكرمونني.
مسيحي الديانة مسلم الهوية هذه البدايةالطفولية ساهمت بعد ذلك في تكويني الثقافي وتفتحي على الدين الاسلامي ودفعيللاستزادة فيه تاريخيا وعقائديا خصوصا ان الاسلام ليس غريبا على المسيحي العربيالذي يستمد تراثه الفكري من التراث العربي الاسلامي ويتعرض لذات التيارات الفكريةوالروحية التي يتعرض لها، ويحيا في بوتقته الحضاري ويشكل جزءا من اطروحته الثقافية.ويدخل خيطا فاعلا في نسيجه ويتطبع بهويته العربية الاسلامية، ويعي كل حادثة نتيجةتشربه لها في المدرسة او زيارته لاماكنها، أو لاتصال ظواهرها به.
>بهذهالمقومات تشكلت هويتي الفكرية... فإذن أنا مسيحي الديانة... مسلم المواطنة والهويةعربي اللسان... شيعي الهوى.
أما بالنسبة الى حياتي المهنية فقد احترفت الصحافةفي سن مبكرة وأنا مازلت أدرس المرحلة الثانوية وقد بدأت عملي محررا رياضيا في صحيفة "أخبار الكويت" اليومية التي تحولت فيما بعد الى "الانباء" ثم محرر تحقيقات وثقافةفي مجلة "اليقظة" و"الهدف" الأسبوعيتين وانتقلت بعد ذلك الى مجلة "صوت الخليج"الاسبوعية، ثم التحقت بالانباء اليومية منذ صدورها محررا للمحليات والنقد الثقافيوبعد 5 سنوات انتقلت الى "القبس" رئيسا لقسم التحقيقات... حتى انتهيت الى العملمديرا لتحرير "شبكة الحوادث" نصف الشهرية ومازلت اعمل بها حتى الآن وخلال هذهالاعمال الصحافية تعاونت مع اذاعة الكويت ودمشق والبي بي سي كاتبا للقصص القصيرة أومقدما لبرامج أو كاتبا لموضوعات مختلفة.
أجمل المشوار وطبعا رافق هذه النشاطالاعلامي تأليف عدة كتب كان أولها وأجملها كتاب "الحسين في الفكر المسيحي" ثم أعقبهكتب وروايات في مختلف الالوان الادبية منها ما نشر مسلسلا في الصحف أو صدر في كتابومنها "عشرة أيام ساخنة" من أدب الرحلات "الاحلام تموت أولا" من الادب الواقعي، "اعترافات الآنسة دلال" من أدب الاعتراف "الاسياد" رواية من الخيال العلمي، "جريمةفي سوق الحميدية" من الادب البوليسي، ومشروع كتاب بدأته وتوقف لظروف قاهرة واعدتالآن العمل وهو كتاب زينب. "صرخة أكملت مسيرة" واتمنى من الله ان يقويني على إنجازهببركة العقيلة الهاشمية، كما أعانني على انجاز كتاب الحسين ببركة ابي عبدالله "ع".
وما هي قصة تأليفك لكتابك الأشهر "الحسين في الفكر المسيحي"؟
كنت فيزيارة للمرجع الديني محمد الشيرازي في بنيد القار بالكويت بداية السبعينات، بمعيةأحد الإخوان، فاستقبلنا بكل تواضع وأجلسنا إلى يمينه ولاحظت تبحره في الأديانالأخرى. وتوالت لقاءاتنا، فسألني يوما: "هل تعرف شيئا عن ملحمة كربلاء؟" فأجبته انمعرفتي من خلال ما قرأته في المدرسة والتاريخ ولكن ليس بطريقة متعمقة، فأهداني بعضالكتب عنها، فأخذتها وقراتها وقمت بوضع هوامش وملاحظات عليها، وكنت كلما زرته سألنيعما سجلته من ملاحظات، ولما انتهيت منها قال: "لماذا لا تكتب عن كربلاء؟" وكان رحمهالله دائم التشجيع لي يحثني ويصوب ملاحظاتي وقال: "متى بدأت ستجد كل شيء ميسرا بإذنالله تعالى وببركة سيدنا الحسين "ع"".
وبعد سنتين من التأليف عدت إليهبالمخطوطة فظلت عنده شهرين كاملين ظننت أنه لم يقرأها ولكن تبين أنه كان يقرأهابتمعن شديد ويضع عليها الملاحظات الكثيرة، وهكذا انتهيت من تأليف الكتاب
أنا الفقير إلى الله انطوان بارا من مواليد العام ،1943 أبييوسف وأمي مريم، لي أربعة إخوة و3 أخوات، ولي أربعة أبناء: طلال ومريم وفيصل يوسف،وعائلتي تحدرت من أصول نجدية هاجرت الى بلاد الشام منذ أزمان بعيدة وأسرتي من طبقةالحرفيين المتوسطة فاجدادي ووالدي كانوا يعملون في مهنة النجارة اليدوية للادواتالتي يستخدمها الفلاحون في محيط زراعي واسع، وكعادة الحرفيين. فانهم كانو أيضاملاكا لأراض زراعية صغيرة كانت تدر عليهم غلالهم واسباب معيشتهم.. فكانت حياتهممزاوجة بين الحرفة والزراعة البسيطة.
>في هذا الجو نشأت في وقت كانت فيهبلدتنا "بيرود" في محافظة دمشق من البلدات الاوليات في الريف السوري التي كانت تضماكبر نسبة من المتعلمين في بداية القرن العشرين وقبل أن ينتشر التعليم الالزامي، اذلم يكن فيها امي واحد.. وفي محيط أسرتي والدتي رحمها الله مدرسة لغة عربية وكذلكأخوالي كانوا مدرسين للعربية والفرنسية... وكان التعليم يتم في مكانين. المدارسالخاصة التي تملكها الطائفة المسيحية والتعليم فيها بأجر والمدارس الحكوميةوالتعليم فيها مجاني، وكانت مدرستنا المسماة بـ "الاسقفية" تضم في صفوفها طلبةمسلمين مقتدرين ماديا ليتحملوا كلفة التعليم الخاص.
درس في التسامح في الصفالسادس انتقلت مع شقيقي حبيب الى المدرسة الحكومية وكنا أول طلاب مسيحيين يلتحقونفي هذه المدرسة التي لا يقبل عليها الا أبناء المسلمين، وفي أول درس تعليم اسلاميأخرجنا المدرس الى غرفة مجاورة ريثما ينتهي الدرس اذ لم يكن ضروريا الحضور ولاسيماان علامة الدين كانت توضع لغير المسلم على حسب نسبة علامته في اللغة العربية. ولماانتهي الدرس وعدنا الى البيت وأخبرنا والدنا بالأمر طلب من ادارة المدرسة السماحلنا بحضور درس الدين الاسلامي. وهكذا تعلمنا من والدنا درسا في التسامح ساعدنا فيالتعرف على الدين الاسلامي وفعلا استمررنا ندرس لسنتين وحينما كان مفتشو التعليمالديني يزورون مدرستنا قادمين من دمشق كان الاستاذ يطلبني لألقي امامهم ما يطلبهمني مثل آية الكرسي والفاتحة وسورة مريم وغيرها. وحينما كان المفتشون يبدون اعجابهمبالقائي كان المدرس يخبرهم بأني مسيحي وآخذ العلامات الأولى في دروس الديانةالاسلامية... فتزداد دهشتهم ويكرمونني.
مسيحي الديانة مسلم الهوية هذه البدايةالطفولية ساهمت بعد ذلك في تكويني الثقافي وتفتحي على الدين الاسلامي ودفعيللاستزادة فيه تاريخيا وعقائديا خصوصا ان الاسلام ليس غريبا على المسيحي العربيالذي يستمد تراثه الفكري من التراث العربي الاسلامي ويتعرض لذات التيارات الفكريةوالروحية التي يتعرض لها، ويحيا في بوتقته الحضاري ويشكل جزءا من اطروحته الثقافية.ويدخل خيطا فاعلا في نسيجه ويتطبع بهويته العربية الاسلامية، ويعي كل حادثة نتيجةتشربه لها في المدرسة او زيارته لاماكنها، أو لاتصال ظواهرها به.
>بهذهالمقومات تشكلت هويتي الفكرية... فإذن أنا مسيحي الديانة... مسلم المواطنة والهويةعربي اللسان... شيعي الهوى.
أما بالنسبة الى حياتي المهنية فقد احترفت الصحافةفي سن مبكرة وأنا مازلت أدرس المرحلة الثانوية وقد بدأت عملي محررا رياضيا في صحيفة "أخبار الكويت" اليومية التي تحولت فيما بعد الى "الانباء" ثم محرر تحقيقات وثقافةفي مجلة "اليقظة" و"الهدف" الأسبوعيتين وانتقلت بعد ذلك الى مجلة "صوت الخليج"الاسبوعية، ثم التحقت بالانباء اليومية منذ صدورها محررا للمحليات والنقد الثقافيوبعد 5 سنوات انتقلت الى "القبس" رئيسا لقسم التحقيقات... حتى انتهيت الى العملمديرا لتحرير "شبكة الحوادث" نصف الشهرية ومازلت اعمل بها حتى الآن وخلال هذهالاعمال الصحافية تعاونت مع اذاعة الكويت ودمشق والبي بي سي كاتبا للقصص القصيرة أومقدما لبرامج أو كاتبا لموضوعات مختلفة.
أجمل المشوار وطبعا رافق هذه النشاطالاعلامي تأليف عدة كتب كان أولها وأجملها كتاب "الحسين في الفكر المسيحي" ثم أعقبهكتب وروايات في مختلف الالوان الادبية منها ما نشر مسلسلا في الصحف أو صدر في كتابومنها "عشرة أيام ساخنة" من أدب الرحلات "الاحلام تموت أولا" من الادب الواقعي، "اعترافات الآنسة دلال" من أدب الاعتراف "الاسياد" رواية من الخيال العلمي، "جريمةفي سوق الحميدية" من الادب البوليسي، ومشروع كتاب بدأته وتوقف لظروف قاهرة واعدتالآن العمل وهو كتاب زينب. "صرخة أكملت مسيرة" واتمنى من الله ان يقويني على إنجازهببركة العقيلة الهاشمية، كما أعانني على انجاز كتاب الحسين ببركة ابي عبدالله "ع".
وما هي قصة تأليفك لكتابك الأشهر "الحسين في الفكر المسيحي"؟
كنت فيزيارة للمرجع الديني محمد الشيرازي في بنيد القار بالكويت بداية السبعينات، بمعيةأحد الإخوان، فاستقبلنا بكل تواضع وأجلسنا إلى يمينه ولاحظت تبحره في الأديانالأخرى. وتوالت لقاءاتنا، فسألني يوما: "هل تعرف شيئا عن ملحمة كربلاء؟" فأجبته انمعرفتي من خلال ما قرأته في المدرسة والتاريخ ولكن ليس بطريقة متعمقة، فأهداني بعضالكتب عنها، فأخذتها وقراتها وقمت بوضع هوامش وملاحظات عليها، وكنت كلما زرته سألنيعما سجلته من ملاحظات، ولما انتهيت منها قال: "لماذا لا تكتب عن كربلاء؟" وكان رحمهالله دائم التشجيع لي يحثني ويصوب ملاحظاتي وقال: "متى بدأت ستجد كل شيء ميسرا بإذنالله تعالى وببركة سيدنا الحسين "ع"".
وبعد سنتين من التأليف عدت إليهبالمخطوطة فظلت عنده شهرين كاملين ظننت أنه لم يقرأها ولكن تبين أنه كان يقرأهابتمعن شديد ويضع عليها الملاحظات الكثيرة، وهكذا انتهيت من تأليف الكتاب
تعليق