الفراغ القلبي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عاشقة النور
    • Jan 2009
    • 8942

    الفراغ القلبي

    إن مشكلة الجميع هذه الأيام هي الفراغ القلبي.. فالإنسان الذي لا يرى جهة يركن إليها، ولا يرى جهة يحبها، وعندما لا يجد محبوباً حقيقياً؛ فإنه يلتجئ إلى محبوب مجازي رغم علمه بأن هذه العلاقة مؤقتة.. في هذه الأيام في بلاد الغرب نلاحظ بأن الشاب يرتبط بفتاة، رغم علمه بأن هذه العلاقة علاقة مؤقتة، كما كانت منقطعة إلى من قبله.. هذه الأيام نلاحظ بأن هذه العلاقات علاقات قائمة على الغرائز والشهوات، فعندما يقضي الفتى أو الشاب وطره، تنفصم هذه العلاقة.. فبرغم علمه بأن هذه العلاقة علاقة مؤقتة، وأمرها إلى الزوال، مع ذلك فإنه يحاول في حياته أن يرتبط بمن يحب.. وهذا يعكس هذه الحقيقة: إن القلب لا يمكن أن يكون فارغاً.. ولهذا -كمثال- لو حاول الإنسان أن يفرغ ذهنه من كل خاطرة لمدة خمس دقائق؛ فإنه لا يمكنه ذلك.. فالذهن لا يمكن أن يكون فارغاً من فكرة أو من خاطرة أو من رؤية.. فإذا كان الفكر كذلك، فالقلب أيضاً لا يمكن أن يكون فارغاً.. القلب لابد أن يحب شيئاً.. هذا القلب إذا لم تربطه بالمبدأ الأعلى، فمن الطبيعي أن يرتبط بما دون ذلك، وإن كان تافهاً.. كالجاهليين قبل الإسلام، نلاحظ بأنهم -كما نعلم- كانوا يصنعون إلهاً من تمر في أول النهار، ثم هذا الإله يُؤكل في آخر النهار!.. فهو عندما فقد الارتباط بالإله الحق -بالله الواحد القهار-، فإنه يؤول أمره إلى محبة ما يؤكل لاحقاً في آخر النهار!.. وكذلك الإنسان -هذه الأيام- إذا لم يملأ الفؤاد بحب من هو مصدر كل خير في هذا الوجود، من الطبيعي أن يرتبط القلب بالأمور التي لا بقاء لها.

    ومن المعلوم أن الإنسان المؤمن يبحث عن ربه بدرجة من درجات البحث، وهذه الدرجة محدودة، هناك مستوى من البحث، ولكن ليُعلم بأن الله عزوجل أشد إصراراً منك في هذا المجال!.. هو أيضاً يبحث عنك، ولكن فرق بين بحث الله عن عبده -بحث الفاطر والخالق-، وبين بحث العبد عن ربه.. في بعض النصوص سأل رجلٌ النبي (ص) فقال: ما لنا نجد بأولادنا ما لا يجدون بنا؟.. قال: (لأنهم منكم، ولستم منهم).. وكذلك هذه الخصوصية أيضاً موجودة عند رب العالمين، فهو الخالق الفاطر، والعبد هو المخلوق.. ومن الطبيعي أن تكون حركة الحب للعلة -للفاطر للخالق-، أشد وأقوى من حركة المعلول والمحبوب.

    وعليه، فإن الذي يريد أن يصل وأن يرتبط بمبدأ الأنس في الوجود؛ عليه أن يسعى في هذا المجال.. وشتان بين من يبحث عن أنس بنفسه، فيصبح مثله: {كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}، بيت ينفخ فيه فيتلاشي ويزول.. وبين من يبحث عن أنس بمبدأ الوجود، فيصبح مثل بيت لحشرة أخرى، وهو النحل، فرب العالمين أمرها باتخاذ منزل: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ}، وإذا بهذا البيت يصبح مصدر كل خير؛ وأما العنكبوت فإن بيتها يضرب به المثل في الزوال والفناء



    "عاشقة النور"
يعمل...
X