جاء في العديد من الروايات عن الرسول"ص" والأئمة"ع" أنه عندما طرح عليهم بعض الشيعة هذا السؤال"ماالفائدة من وجود الاماموهو غائب عنا لانراه؟" كانت إجاباتهمواحدة وهي كالتالي:إنه كفائدة الشمس التيحجبتها الغيوم0
ومن تلك الروايات المنقولة عن جابر الجعفي عن جابر بن عبداللهالأنصاري أنه قال:سألت رسول الله"ص":هل أن شيعة آخر الزمان ينتفعون من الوجودالمطهر لصاحب الزمان وهو في غيبته؟
فقال"ع":"أي والله الذي بعثني رسولا فإن شيعته ينتفعون منه فيغيبته،ويستضيئون بنور ولايته كما ينتفع الناس من الشمس التي حجبتهاالغيوم"0
إن هذا التشبيه بالنسبة لغيبة الإمام المنتظر مهم جدا للأسبابالتالية:
1_إن الشمس التي حجبتها الغيوم وإن لم يشاهدها الناس فإن أثرهاالتكويني والبيولوجي يحيط بكل ذرات الأرض،ومنها الموجودات والكائنات الحية التييستفيد من نورها المحجوب لتكاملهاالمادي0
وهكذا،فإن صاحب الزمان الذي له الولاية،قد جعل الله تعالى له التوجيهوالإرادة لتسيير كل ماهو في الوجود-عدا الله تعالى وارادتها-بحيث يكون وسيلة بينالخالق والمخلوق،حيث تستفيد منه كل الكائنات على وجهالأرض0
2_وكما أن الشمس التي تحجبها الغيوم لها نور وشعاع على الأرض ولوقليلا تستفيد منه الكائنات،فإن جسد بقية الله"عج" موجود في إحدى بقاع العالم ولكنهغير معروف لدى العالمين أما روحه المقدسة فإنها تحيط بكل شيء،ويمكننا أن نلقيالتحية عليه،ونسأله الشفاعة والشفاء من الأمراض كما لأن هناك بعض الأولياء الذينيمكنهم الإستفادة من روحه المقدسة عن طريق الإرتباط الروحيالمباشر0
3_إذا احتجبت الشمس في النهار فإن الإنسان يستطيع أن يدبر حياتهويرى الأشياء حتى في الصحراء،ويدفع عن نفسه الأذى تماما،وليس كالليل البهيم المظلموكذلك فإن الله تعالى بسبب وجود الإمام على الأرض يدفع كل البلاء والفساد الذييتسبب بالفناء العام للبشرية أو الجماعية كالتي أنزلها الله تعالى على بعض الأممالسابقة فعن رسول الله صلى الله عليه وآلهقال
«أهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب الأرض»«لا يزالهذا الدين قائماً أو يكون عليكم اثنا عشر وكلهم من قريش فإذا ذهبوا ساخت الأرضبأهلها)
4_كما أن الشمس وحتى لو احتجبت خلف الغيوم،فإن وجودها المادي الطبيعيفي السماء أمر مسلم به،وهي تدور في فلكها وتدور الأرض حولها على نفس المنوال،فتشرقوتغيب،لكن البشر ليس في استطاعته وهو على الأرض والغيوم تحجب أشعتها،أن يرىالشمس،ولايدري أين موقعاها0
وكذلك الإمام الغائب بين الناس،ولا يستطيع أي فرد أن يدرك مكانهوشخصيته،له وجود مادي مقدس ويدير به الأمور وعلى نفس المنوال وإن لم يره أحد،فهوكباقي البشر يعيش في المدن والدول،لكن الناس لايعرفونهبشخصه
ولايرونه بأعينهم0
5_وربما شبه الرسول الأعظم"ص"غيابه بغياب الشمس خلف السحب،ليذكرنابأن الشمس الغائبة-وخاصة إذا طال أمد غيابها-تجعل الناس يتطلعون إلى السماء دوماوهم يتلهفون لطلوعها0
وكذلك عشاق المهدي الموعود"ع"،ومع أنهم يستفيدون من وجوده الماديالمقدس وغير المنظور،لكنهم أبدا متلهفين لرؤيته ولقياه وينظرون بعين الأمل والرجاءلذلك اليوم الموعود الذي تتراجع فيه جحافل الظلام،ويظهر فيه للعيان بجماله الإلهيالمتكامل،فتقر عيونهم وتستقر أرواحهم0
6_وربما يكون تشبيه غيبة المصلح العالمي باحتجاب الشمس خلف السحب،هوأن الشمس إذا احتجبت في مكان من الأرض،فإنها لا بد مشرقة في مكان آخر وتستفيد منهاالمنظومة الشمسية في الطرف الآخر0
وكذلك فإن بقية الله في أرضه"ع" الذي يحكم الأرضين بإرادة الله ويحميالأرض والناس من البلايا والرزايا فإنه غائب غير مرئي للفئة الضالة من المجتمعالبشري،لكنه واضح ومرئي من قبل ملائكة السماء والأنبياءوالمرسلين0
7_وكذلك فلربما أن الرسول"ص" قد شبه الغيبة بتراكم السحاب واحتجابالشمس لأنه أراد أن يضرب مثلا فيقول:إن الشمس المحتجبة خلف السحاب هي بالنسبةلأولئك الذين يعيشون على بقعة الأرض التي احتجبت الشمس عنها،لكن بقية الناس فيالبقاع الأخرى من الأرض يرون الشمس ويتمتعون بدفئها0وإن احتجاب الشمس كحجب العطفالإلهي عن أولئك العصاة فيحرمهم من نورهاوشعاعها0
وهكذا فإن غيبة صاحب الزمان وكما قيل:"وجوده لطف وغيبته منّا"أي أنوجوده الكريم هو لطف ونعماءٌ من الباري تعالى لكن غيبته بسببنا لتراكم الذنوبوالمعاصي لدينا،وإننا،وبسبب تلك الذنوب،وجهالتنا قد حجبنا نوره المقدس فترة طويلةمن الزمن على هذه الكرة الأرضية،وربما تكون لهذه الغيبة فوائدلاندركها0
للأولياءوالأتقياء،والعوالم السماوية الأخرى-ليس غائبا،وإن ذلك الإحتجاب بسبب تراكم الغيومالبشرية بيننا وبين وجوده المقدس
ولو رجعنا للحقيقة فإن الإمام"ع"-بالنسبة الشريف0
تعليق