تويت
النجومية اصطلاح غزا محافلنا و مجتمعاتنا في التمثيل , و الموسيقى , و الغناء , و الرياضة , و الغريب في الأمر إن لا احد يعطي وسام النجومية إلى عباقرة العصر و عمالقتهم و هم أولى بها من غيرهم , لما قدموه من عطاء ثر , و قيمة معرفية تبقى متاعاً و زاداًً للأجيال عبر العصور , و يؤسفنا جداً إن جائزة نوبل تعطى لرجل في السياسية و العلم و الأدب حسب معايير خاصة تتدخل بها السياسة لاعتبارات شتى عبر اللوبي الضاغط لمنحها لشخص و حجبها عن آخر .
و إذا كان عباقرة زماننا لا يكرّمون بمثل هذا التكريم من هؤلاء فلم لا نحتفي بتكريمهم في حياتهم بإقامة المؤتمرات و المسابقات باسمهم و تقييم تراثهم و إعطاء الجوائز التقديرية لهم , سواء كانت من دول أو مؤسسات أو شخصيات لما أنجزوه لخدمة الإنسانية , فعلينا تكريم الإحياء في حياتهم و إن لا ننساهم في مماتهم . و الشيخ احمد الوائلي و احد من هؤلاء الأفذاذ الذي سيبقى اسمه خفاقاً وعالياً مع علم العراق , مات وهو شامخ كالنخلة العراقية تموت وهي واقفة , هكذا أنت يا عميد المنبر الحسيني , و قد ملكت ناصية الخطابة بعد إن أخلصت لقضيتك , و عرفت السرِّ لنجوميتك , الآ وهو تمسكك بالكتاب و العترة معاً , كما أوصى رسول الله (ص) بذلك في حديث الثقلين المتواتر , فقد ناصرت القرآن بعد ما هجره سراه الدرب , و تمسكت بالأئمة خطاً و منهجاً و قادة لأنهم قرآن ناطق , من هنا نصرك الله ,لأنك نصرت كتابه المهجور , و سددك الله لأنك تمسكت بسيرة العترة بعد النبي قولاً , و فعلاً , و تقريراً .
و نقف مع ذكرى رحيلك يا عميد المنبر , و خطيب الخطباء , لا لكونك شاعراً و أديبا , و لا لكونك طالباً للعلم , و لا لكونك أستاذا أكاديميا في النحو و البلاغة , و لا لغيرها من الأمور , بل لأنك صاحب مدرسة في الخطابة كنت أنت المؤسس لها , و قد تربى خطباء و أجيال نهلوا من فيض مدرستك و لا زالو , حتى و إن نبغ احد قال الآخرون عنه انه شبيه الوائلي , لأنك أصبحت معياراً تقاس بك الأمور في فنك و ميدانك , فمدرستك هي مدرسة القرآن و الأئمة عليهم السلام و قد تغلبت على مدارس الطرح الأخلاقي و ألحديثي , و القصصي و العاطفي الذي يرمو لإثارة الحزن و الأسى في النفوس . فمدرستك مدرسة الإسلام الجامعة لثقلي الكتاب و العترة , و أذا كنت قد قلت يوماً :
((ويموت الرسول جسماً و لكن في الرسالات لن يموت الرسول)).
لأن منهج الرسول باقٍ , و فكره و مدرسته باقية , كذلك أنت يا محبوب الجماهير , يا نجماً لم تغب عن سماء العلم و المعرفة و يا صوتاً مجلجلاً هزعروش الطغاة و الظالمين , ما أحوجنا إلى كلماتك و قد هجرتنا و نحن حيارى في طريق الفتنة , هجرتنا و تركت تراثاً لم يصنف بعد, و مدرسة تحتاج إلى ديمومتها و استمرارها , مدرسة نسمها "مدرسة الوائلي الخطابية " و التي تحتاج إلى جيل جديد ينهلوا من نبعها و يستفيدوا من نهجها لأنه لأنجح , لا كما نرى و نسمع عبر فضائيات طائفية و مذهبية و هي تنقل الغث من الكلام , و الكثير من الأوهام , و معتمدة منهج الأحلام , و مكثرة من الغلو في الإفهام , لتسطيح عقول العوام , لهذا نريد لمنهك أن يبقى و لمدرستك أن تستمر .
رحل الوائلي و لكنّ نهجه لم يرحل , نحيي ذكراك , يا عائداً إلى الوطن , إذا أبت نفسك أن تكون بعيداً عنه , و لأن جسدك يرفض الأرض رغم سعتها , جئت رغم المرض المعضوض لتلثم تراب علي(ع) و تعانقه , لأنه المحبب إلى روحك و بدنك
رحِمك الله ياشيخنا الجليل
((الفاتحه))
تعليق