الحِلْـمُ الحُسَــيـنِـيّ‏

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عشقي محمد واله
    • Sep 2009
    • 5605

    الحِلْـمُ الحُسَــيـنِـيّ‏

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم الشريف
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الحِلْـمُ الحُسَــيـنِـيّ‏
    والحلم هو طمأنينةُ النفس , بحيث لا يُحرِّكها الغضب بسهولة , ولا يزعجُها المكروهُ بسرعة ؛ فهو الضدُّ الحقيقيُّ للغضب ؛ لأنَّه المانعُ من حدوثِه وبعدَ هيجانه .
    والحلم أشرفُ الكمالاتِ النفسيّة بعد العلم , بل لا ينفع العلمُ بدونه أصلاً ؛ ولذا كلّما يُمدح العلمُ أو يُسأل عنه يُقارَنُ به .
    قال رسول ‏الله (صلّى ‏الله عليه وآله) : (( اللَّهمَّ أغنني بالعلْم , وزيِّنِّي بالحلْم )) .
    وقال (صلّى‏ الله عليه وآله) : (( إنَّ الله يُحِبُّ الحيّيَ الحليم )) .
    وقال (صلّى‏ الله عليه وآله) : (( ما أعزَّ الله بجهلٍ قطّ , ولا أذلَّ بحلمٍ قطّ )) .
    وقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : (( ليس ‏الخيرُ أن يكثر مالُك ووُلْدُك , ولكنَّ الخيرَ أن يكثُرَ علمُك ويَعظُمَ حِلْمُك )) .
    وقال عليُّ بنُ الحسين (عليهما السّلام) : (( إنَّه لَيُعجبُني الرجلُ أن يُدركَه حِلْمُه عند غضبه )) .
    وقال الرضا (عليه السّلام) : (( لا يكون الرجلُ عابداً حتّى‏ يكون حليماً )) .


    والحلم ـ كما يرى‏ علماءُ الأخلاق ـ من آثارِ قوّةِ النفسِ وشجاعتِها ,ولا يُعرف إلاّ في الموقف الصعب أو حالةِ الهيجان . قال الإمام الصادق (عليه السّلام) : (( ثلاثة لا تُعرف إلاّ في ثلاثة مواطن ؛ لا يُعرف الحليم إلاّ عند الغضب , ولا الشجاع إلاّ عند الحرب , ولا أخٌ إلاّ عند الحاجة )) .
    والحاجات تختلف ؛ فمنها معنويّةٌ أخلاقيّة ؛ إذ قد يحتاج الأخُ من أخيه أن يعفوَ عنه ويصفح , وأن يحلمَ عليه ولا يغضب . والشجاعة لا تقتصر على‏ قوّةِ البدن واندفاعه في ساحةِ القتال ؛ إذ منها إمساكُ النفس عن الغضب كما هو منها إمساكُ النفس عن الخوف والجُبن والوهن .
    سألَ النبيُّ (صلّى‏ الله عليه وآله) يوماً أصحابَه : (( ما الصرعةُ فيكم ؟ )) .
    قالوا : الشديدُ القويُّ الذي لا يُوضَعُ جنبُه .
    فقال : (( بل الصرعةُ حقّ الصرعة رجلٌ وكزَ الشيطانَ في قلبه , واشتدّ غضبُه وظهر دمُه , ثمَّ ذكرَ الله فصرعَ بحِلْمِه غضبَه )) .
    وفي رواية أنَّه (صلّى ‏الله عليه وآله) خرج وقومٌ يُدحرجون حجر , فقال : (( أشدُّكم مَنْ ملكَ نفسَه عند الغضب , وأحلمُكم مَنْ عفا بعدَ المقدرة )) .
    وقال (صلّى‏ الله عليه وآله) : (( ليس الشديد بالصرعة , إنَّما الشديدُ الذي يملكُ نفسَه عند الغضب )) .
    وجاء عن مولانا الإمام عليّ (عليه السّلام) أنّه قال : (( أقوى‏ الناس مَن قوِيَ على‏ غضبهِ بحِلْمِه )) .
    ورُوي عن مولانا الإمام الباقر (عليه السّلام) قولُه : (( لا قُوَّةَ كَرَدِّ الغَضَبِ )) .

    وصورة من صور الحلم الحسينيّ الشريف ما رواه للتاريخ عصام ‏بن المصطلق , حيث قال : دخلتُ المدينةَ فرأيتُ الحسينَ بنَ عليّ (عليه السّلام) فأعجبني سمْتُه ورواؤُه , وأثارَ مِن الحسدِ ما كانَ يُخفيهِ صدري لأبيهِ من البُغض , فقلتُ له : أنتَ ابنُ أبي تراب ؟
    فقال : (( نعم )) .
    قال عصام : فبالغتُ في شتمِه وشتمِ أبيه (نعوذ بالله) , فنظر إلَيَّ نظرةَ عاطفٍ رؤوف , ثمّ قال : (( أعوذُ بالله مِن الشيطان الرجيم , بسم الله الرحمنِ الرحيم , (خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ * وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ) )) .
    قال عصام : ثمّ قال لي : (( خفّضْ عليك , أستغفر الله لي ولك , إنَّكَ لوِ استعنتَنا لأعنّاك , ولوِ استرفدتنا لرفدناك , ولوِ استرشدتنا لرشدناك )) .
    قال عصام : فتوسّم منّي الندمُ على‏ ما فرط منّي , فقال : (( لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ . أمِن أهل الشامِ أنت ؟ )) .
    قلتُ : نعم .
    فقال : (( شنشنةٌ أعرفُها مِن أخزمِ . حيّانا الله وإيّاك , انبسطْ إلينا في‏ حوائجك وما يعرضُ لك تجدني عند أفضلِ ظنِّكَ إنْ شاء الله تعالى‏ )) .
    قال عصام : فضاقتْ عَلَيَّ الأرضُ بما رحُبتْ , ووددتُ لو ساختْ بي , ثمَّ سللْتُ منه لواذاً وما على‏ الأرضِ أحَبُّ إلَيَّ منه ومِن أبيه .

    فبالحلم أعزّ الإمامُ الحسين (عليه السّلام) نفسَه وأكرمَها , وأنقذ هذا المسكين الذي أثّرتْ عليه دعاياتُ وافتراءاتُ بني اُميّة ضدَّ أهلِ بيت العصمة والطهارة (صلوات اللَّه عليهم) , حتّى‏ إذا التقى‏ بأحدهم ـ وهو الحسين (سلام اللَّه عليه) ـ وجدَ خلُقاً رفيعاً , وحلْماً عظيماً , وصدْراً رحباً واسعاً يتحمّل إساءاتِ الآخرين حتّى‏ السبَّ منه .

    وقد قال (عليه السّلام) وهو الصادق , كما روى‏ الزرنديُّ الحنفيّ في كتابه (نظم درر السمطين) : (( لو شتمني رجلٌ في‏ هذه الأذُن ـ وأومى‏ (عليه السّلام) إلى اليُمنى‏ ـ واعتذر لي في الاُخرى‏ لقبِلْتُ ذلك منه ؛ وذلك أنَّ أميرَ المؤمنين عليَّ بنَ أبي طالب (رض) حدّثني أنه سمع جَدّي رسولَ‏ اللَّه (صلّى الله عليه وآله) يقول : لا يرِد الحوضَ مَنْ لم يقبلِ العُذرَ من مُحقٍّ أو مُبطل )) .
    لقد كان صدرُ الإمام الحسين (عليه السّلام) صدراً حليماً بحقّ , تحمّلَ وصبر وحلم على شتم الشاتمين , ولكن كيف يحقُّ لمسلمٍ أن يسبَّ مَن قال فيه رسول ‏اللَّه (صلّى‏ الله عليه وآله) : (( حسين منّي وأنا مِن حسين )) كما روى‏ الترمذي في صحيحه , وابنُ ماجة في الفضائل , والهندي في‏ كنز العمال, وأحمد بنُ حنبل في مسنده , وغيرُهم كثير ؟!
    ألا بعد هذا أنَّ شتمَ الإمام الحسين (عليه السّلام) , وهو مِن رسول ‏اللَّه ورسولُ ‏اللَّه منه , أنّه شتمٌ لرسولِ ‏اللَّه (صلّى الله عليه وآله) ؟!
    وهذا ما بدا من جيش يزيد بن معاوية بقيادة عبيد اللَّه بن زياد , وتنفيذ عمر بن سعد , وعلى ألسنةِ المرتزقة الذين لم يكفهم أنْ رماه أبو الحتوف الجعفيّ بسهم في جبهة الحسين (عليه السّلام) , ورماه رجلٌ بحجر في جبهته المقدسةِ أيضاً , ورماه آخَرُ بسهمٍ محدّدٍ له ثلاثُ شعب وقع في قلبه المقدِّس للَّه (عز ّوجلّ) , فأعياه نزفُ الدم , فجلس على الأرض ينوء برأسه , لم يكفهم هذا حتّى‏ انتهى‏ إليه في تلك الحال مالكُ بنُ النسر فشتمه , ثم ضربه بالسيف على رأسه , وكان عليه برنسٌ فامتلأَ البرنسُ دماً .


    فيالَحلم الحسين ! ويالحلم اللَّه ! وللَّه درُّ الحسين (سلام اللَّه عليه) وهو على تلك الحالة يُخرج السهمَ مِن قفاه , فينبعث الدمُ كالميزاب , ويضع يدَه تحت الجراح , فإذا امتلأتْ رمى‏ به نحو السماء وقال : (( هوّنَ عَليَّ ما نزل بي أنّه بعين اللَّه )) . فلم يسقط مِن ذلك الدم قطرةٌ إلى الأرض .
    ***

    الأخلاق الحُسَينية

  • عاشقة ام الحسنين
    كبار الشخصيات

    • Oct 2010
    • 16012

    #2
    اللهم صل على محمد وآل محمد

    أحسنتي على الموضوع الرائع ومميز

    بارك الله فيك

    دمتي موفقة

    تعليق

    • عشقي محمد واله
      • Sep 2009
      • 5605

      #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم الشريف
      حياكِ غاليتي
      عاشقة ام الحسنين
      على الرد المشرف
      وفقكِ البارئ
      ورزقكِ زيارة مولانا ابا عبدالله الحسين
      وشفاعته بالاخره

      تعليق

      يعمل...
      X