جوَاب فَاطِمَة الزهْرَاء (عليها السلام).. مُطَابَقَة كلِمِات الرسُول مَعَ القرآن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • لبيك داعي الله
    • Oct 2010
    • 741

    جوَاب فَاطِمَة الزهْرَاء (عليها السلام).. مُطَابَقَة كلِمِات الرسُول مَعَ القرآن

    قالت (عليها السلام):
    سبحان الله
    ما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن كتاب الله صادفاً
    ولا لأحكامه مخالفاً
    بل كان يتَّبع أثره
    ويقفو سُوَره
    أفتجمعون إلى الغدر اعتلالاً عليه بالزور
    وهذا بعد وفاته شبيهٌ بما بُغي له من الغوائل في حياته
    هذا كتاب الله حَكَماً عدلاً
    وناطقاً فصلاً
    يقول:
    (يرثني ويرث من آل يعقوب)
    (وورث سليمان داود)
    فبيَّن (عز وجل) فيما وزَّع عليه من الأقساط
    وشرع من الفرائض والميراث
    وأباح من حظ الذكران والإناث
    ما أزاح علَّة المبطلين
    وأزال التظني والشبهات في الغابرين
    كلاَّ، (بل سوَّلت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون).
    شرح جوابها (عليها السلام) لأبي بكر
    قالت: (سبحان الله) في مقام التعجّب، استعظاماً لهذا الافتراء على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الصادق المصدق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
    (ما كان رسول لله (صلى الله عليه وآله) عن كتاب الله صادفاً) ما كان الرسول معرضاً عن كتاب الله المجيد (ولا لأحكامه مخالفاً) بأن يقول شيئاً يخالف القرآن، وحديث: (نحن معاشر الأنبياء لا نورِّث..) مخالف للآيات التي تصرّح بوراثة الأنبياء، وإنهم يرثون ويورثون.
    حاشا نبي الله أن يخالف كلام الله (بل كان يتبع أثره) يسير مع القرآن وعلى ضوء القرآن وتحت ظلاله.
    (ويقفو سوره) أي سور القرآن، ويتبعها سورة بعد سورة فكيف يقول شيئاً يخالف كلام الله، ويناقض أحكام الله؟
    (أفتجمعون إلى الغدر اعتلالاً عليه بالزور) تقول السيدة فاطمة (عليها السلام) قد جمعتم بين جريمتين: جريمة الغدر وهي غصب فدك، وجريمة الكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أي هل تضيفون إلى الغدر اعتذاركم على العذر بالكذب، وهذا كمن يقتل إنساناً ظلماً ثم يعتذر من عمله بأن المقتول كان سارقاً، فهو قد جمع بين جريمة القتل وجريمة الكذب والافتراء.
    (وهذا بعد وفاته شبيه بما بُغي له من الغوائل في حياته) تقول (عليها السلام) ليس هذا بشيء جديد، فإن القيام ضد آل الرسول بعد وفاته يشبه المؤامرات والنشاطات المسعورة التي كانت ضده في حياته، فلقد أراد المنافقون أن يقتلوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلة العقبة، ويُنفروا ناقته على شفير الوادي لتسقط ناقة النبي في الوادي فيهلك رسول الله والتفصيل مذكور في محله، راجع تفسير قوله تعالى: (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا..) سورة التوبة؛ الآية: 74.
    (هذا كتاب الله حكماً عدلاً وناطقاً فصلاً) هذا القرآن حال كونه حاكماً عادلاً، ناطقاً قاطعاً للخصومات، نجعله مرجعاً نتحاكم إليه. هذا القرآن يقول: (.. يرثني ويرث من آل يعقوب) في قصة زكريا وقد مر الكلام حول الآية، (وورث سليمان داود) قد ذكرنا ما تيسر أيضاً حول وراثة سليمان من داود (عليهما السلام).
    وأنتم تقولون: إن رسول الله قال: (نحن معاشر الأنبياء لا نورِّث) كيف يخالف رسول الله القرآن؟ وكيف يعرض عن حُكم وراثة الأنبياء.
    (فبيَّن عز وجل فيما وزّع عليه من الأقساط) لقد بين الله تعالى فيما قسّم من نصيب كل من الورثة، (وشرع من الفرائض والميراث) الفرائض: هي الحصص المفروضة المقدّرة للورثة كالنصف والثُلث والرُبع والسُدس والثُمن كما هو مذكور في الكتب الفقهية.
    (وأباح من حظ الذكران والإناث) في شتى مراتب الورثة من الزوج والزوجة والأب والأم والأولاد والبنات والمراتب المتأخرة عنهم (ما أزاح علَة المبطلين) لقد بيَّن الله في القرآن وشرع وأباح ما فيه الكفاية لإزالة أمراض أهل الباطل، وكل من جاء بالباطل.
    (وأزال التظني والشبهات في الغابرين) لم يبق مجال للشك والشبهة لأحدٍ من الأجيال الموجودة أو الآتية.
    (كلاَّ) ليس الأمر كما تقولون، أو كما تدَّعون، وليس الأمر ملتبساً عليكم، (بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً) بل زيّنت لكم أنفسكم حُبُّ الرئاسة وكرسي الحكم، ومنصة القدرة، فنسبتم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا الحديث حتى يتحقق هدفكم، وتنالوا غايتكم.
    (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون) نصبر ونستعين بالله تعالى على تحمّل هذه المآسي والمصائب.
    والآن استمع إلى دفاع أبي بكر عن نفسه، وانتبه إلى تبدّل الكلام، وتذبذب المنطق، وتغيّر الأسلوب، وعدم الاهتمام بالتناقض في الكلام.

    جَوَابُ أبي بَكْر

    لما زيّفت السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) الحديث الذي اختلقه أبو بكر ونسبه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبطلت ذلك الادّعاء بالأدلة القاطعة والحجج الساطعة، عجز أبو بكر عن تفنيد الحجج والبراهين التي استدلت بها السيدة فاطمة. ولهذا دخل من باب آخر، كي لا يتحمل المسؤولية هو وحده، بل تكون المسؤولية على المسلمين الذين وافقوا على تصرفاته، فقال:
    صدق الله وصدق رسوله
    وصدقت ابنته
    أنتِ معدن الحكمة
    وموطن الهدى والرحمة
    وركن الدين
    وعين الحجة
    لا أُبعدُ صوابكِ
    ولا أنكر خطابكِ
    هؤلاء المسلمون بيني وبينك
    قلَّدوني ما تقلّدت
    وباتفاق منهم أخذتُ ما أخذت
    غير مكابر ولا مستبد
    ولا مستأثر
    وهم بذلك شهود
    شرح هذا الجواب
    قال أبو بكر: (صدق الله وصدق رسوله وصدقت ابنته) تصديق لآيات المواريث بين الأنبياء، وتصديق للرسول الذي لا يخالف القرآن وكأنه ينسحب عن الحديث الذي نسبه إلى النبي (نحن معاشر الأنبياء لا نورث) وتصديق لكلام بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله).
    (أنت معدن الحكمة، وموطن الهدى والرحمة، وركن الدين وعين الحجة) اعترافات عجيبة تدل على التنازل والانسحاب (لا أُبعدُ صوابك ولا أُنكر خطابكِ) إقرار بصواب قولها، واعتراف بصدق خطابها وكلامها، ولكن كله صوريّ أي باللسان لا بالعمل فالزهراء صادقة القول في ادّعائها فدك، لا يشك أحد في ذلك ولكن السلطة المعترفة بصدق كلامها لا تردّ إليها حقوقها، لماذا؟ وكيف؟
    (هؤلاء المسلمون الحاضرون بيني وبينك هم قلدوني الخلافة) وهذا اعتراف صريح منه أنه لم يصل إلى الخلافة بالنص والتعيين من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإن رسول الله لم يستخلفه، بل المسلمون قلّدوه الخلافة.
    (وباتفاق منهم أخذت ما أخذت) أنظر إلى تبدّل المنطق فقد قال أولاً: إنه استولى على فدك عملاً بقول الرسول (صلى الله عليه وآله): (نحن معاشر الأنبياء.. الخ)، وبعد أن أبطلت السيدة فاطمة هذا الكلام تشبث بوسيلة أخرى، وهي اتفاق المسلمين على غصب فدك.
    مَن هم المسلمون الذين اتفقوا على أخذ أبي بكر فدك؟
    بنو هاشم، أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، رؤساء الصحابة أمثال: سلمان والمقداد وعمار وأبي ذر ونظرائهم؟
    إن كلمة: (وباتفاق منهم أخذت ما أخذت) هي عبارة عن كلمته السابقة: (وذلك بإجماع المسلمين) وقد ذكرنا قيمة ذلك الإجماع وقس عليها قيمة هذا الاتفاق منهم على أخذ فدك فاطمة.
    (غير مكابر ولا مستبد ولا مستأثر وهم بذلك شهود) حينما استشهد أبو بكر بالمسلمين كان لزاماً على السيدة فاطمة أن توجّه عتاباً لاذعاً إليه:


  • لبيك داعي الله
    • Oct 2010
    • 741

    #2
    فاطِمَةُ الزهْرَاء تُوجّهُ الخِطَابَ إلى الحَاضِرين
    في عِتَابِهَا مَعَ المُتَخَاذِلين
    وجهت السيدة فاطمة عتابها الأخير إلى تلك الجماهير المتجمهرة التي كانت تستمع إلى ذلك الحوار الحادّ فقالت:
    معاشر الناس
    المُسرعة إلى قيل الباطل
    المُغضية على الفعل القبيح الخاسر
    أفلا تتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟
    كلا، بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم
    فأخذ بسمعكم وأبصاركم
    ولبئس ما تأوّلتم
    وساء ما به أشرتم
    وشر منه اعتضتُّم
    لتجدنَّ - والله - محمله ثقيلاً
    وغبَّه وبيلاً
    إذا كشف لكم الغطاء وبان ما وراءه الضرّاء
    وبدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون، وخسر هنالك المبطلون.
    شرح الخطاب
    (معاشر الناس المسرعة إلى قيل الباطل) أي القول الباطل، أي أسرعتم إلى قول باطل إذ أنكم قلّدتم هذا الرجل ما قلّدتم، واتفقتم معه - حسب ادعائه - على غصب حقوقي.
    (المغضية على الفعل القبيح الخاسر) الإغضاء هو إدناءِ الجفون على العين، كالذي ينظر إلى الأرض أو ينظر في حِجره، كناية عن السكوت والرضا بالفعل القبيح الخاسر الذي هو سبب خسران صاحبه.
    (أفلا تتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟) هل نسيتم الآيات النازلة فينا؟ أو لم تفهموا الآيات التي تلوتها في وراثة الأنبياء؟ أم قلوبكم مقفلة مغلقة فلا تنفتح لكلام الله وأحكامه في القرآن؟
    (كلاَّ) ليس السبب عدم التدبر في القرآن (بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم) أي غلب على قلوبكم وغطّاها سوء أعمالكم كالحجاب الكثيف، كما تغطّي الخمرة عقل شاربها فلا يفهم ولا يشعر، وتختل عنده الأمور.
    (فأخذ بسمعكم وأبصاركم) كالغفلة المستولية على القلب، المؤثّرة على السمع والبصر، فلا يسمع الغافل الصوت ولا يبصر الشيء بسبب انشغال قلبه وغفلته.
    (ولبئس ما تأوَّلتم) في آيات القرآن وأحكام الإسلام وتغييرها عن مجراها الحقيقي (وساء ما به أشرتم) تقصد التعاون والاتفاق على غصب حقوق آل محمد (عليهم السلام).
    (وشرّ ما منه اعتضتم) أي ساء ما أخذتم به عوضاً عما تركتم أي بئس الباطل الذي أخذتموه عوضاً عن الحق، وكلها كنايات وإشارات يفهمها الأذكياء.
    (لتجدَّن - والله - محمله ثقيلاً وغبّه وبيلاً) إشارة إلى المسؤولية الكبرى يوم القيامة، والحمل الثقيل والأمر الشديد الذي يعاقبون عليه أشد العقاب، ويعذّبون عليه أشد العذاب.
    (إذا كشف لكم الغطاء) إذ متّم وانتقلتم إلى عالم الجزاء.
    (وبان ما وراءه الضرّاء) وظهر لكم الشيء الذي وراءه الشدّة.
    (وبدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون، وخسر هنالك المبطلون) وهكذا أدمجت السيدة فاطمة حديثها وخطابها مع الآيات المناسبة للمقام.
    لقد أتمت السيدة فاطمة الحجة على الجميع، وأدّت ما عليها من الواجبات، وسجلت آلامها في سجل التاريخ والآن:
    ثم عطفت على قبر أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقالت:
    قد كــــان بعــدك أنـــــــباء وهنبثة لو كنــــت شاهدها لم تكثر الخطبُ
    إنا فقدناك فــــقدَ الأرض وابلــــــها واختل قومك فاشهدهم وقد نكبوا
    وكل أهل لــــــــه قُـــــربى ومنــــــزلة عند الإلـــــه علـــــــــى الأدنين مقتربُ
    أبدَتْ رجـال لـــــنا نجوى صدورهم لما مضيتَ وحـــــــالت دونـــــك التُّربُ
    تجهّمـتنا رجـــــــال واستُـــــــــخفّ بنا لما فُقــــدتَ، وكل الإرث مغتصَبُ
    وكنتَ بــــــــدراً ونـــــوراً يُستضاء به عليك تنـــــــزل مـــــن ذي العزّة الكتبُ
    وكان جــــــــبريل بالآيات يــــــــؤنسنا فقد فُقدتَ، فكـــــــلّ الخـــــــير مُحتجبُ
    فليتَ قبلكَ كــــــــان المــــــوت صادَفَنا لمّا مضــــيت وحالت دونك الكُثُبُ
    إنا رُزينا بما لـــــــــم يُرزَ ذو شَجَن مِن البريــــــــة لا عجـــــــــم ولا عربُ
    وفي ناسخ التواريخ زيادة هذه الأبيات:
    سيعــــــلم المتـــــــولي ظلم حامتنا يوم القيامة أنّــــــى ســـــوف ينقلبُ
    وسوف نبكـــيك ما عشنا وما بقيت له العـــــــيون بتهـــــــمال له سكبُ
    وقد رزُينا بـــــه محــــــضاً خليقته صافي الضـرائب والأعراق والنسبُ
    فأنت خـــــــــير عبـــــــاد الله كلهم وأصدق الناس حين الصدق والكذبُ
    وكان جــــبريل روح القدس زائرنا فغاب عـــــــنا فــــكل الخير محتجبُ
    ضاقت علــــيَّ بلادٌ بعـــــدما رحبتْ وسيــم سبطاك خسفاً فيه لي نَصَبُ
    وفي كشف الغمة وغيره: ثم عطفت على قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فتمثّلت بقول هند بنت أثاثة: قد كان بعدك.. الخ.
    وقيل هذه الأبيات لهند بنت أبان بن عبد المطلب تمثلت بها السيدة فاطمة، وعلى كلٍ فقد ألقت السيدة فاطمة نفسها على قبر أبيها وهي تنشد هذه الأبيات.
    وفي كشف الغمة: فما رأينا أكثر باك ولا باكية من ذلك اليوم.
    1 - المغضية: الساكتة الراضية.
    2 - اعتضتّم: من الاعتياض وهو أخذ العوض.
    3 - الغبّ - بكسر الغين -: العاقبة. الوبيل: الشديد الثقيل.
    4 - الهنبثة: الأمر الشديد المختلف.
    5 - الخطب - بضم الخاء والطاء - جمع خطب - بفتح الخاء - وهي المصائب الشديدة.
    6 - الوابل: المطر الغزير الكثير.
    7 - نكبوا: عدلوا عن الطريق.
    8 - نجوى - هنا -: الأحقاد.
    9 - مغتصب: مغصوب.
    10 - الكثب - بضم الكاف والثاء - جمع كثيب وهو الرمل.
    11 - رزينا: من الرزية وهي المصيبة. والشجن: الحزن.


    تعليق

    • محـب الحسين

      • Nov 2008
      • 46763

      #3
      أحسنت اخي العزيز
      جزاك الله خير جزاء المحسنين

      تعليق

      • ابن الزهراء (ع)
        • Feb 2011
        • 198

        #4
        بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة والسلام على اشرف الانبياء و المرسلين ابي القاسم محمد

        اللهم صلي على محمد و آل محمد

        مشكوور يالغالي على هذا الطرح الجميل و المفيد

        جعله الله في ميزان حسناتك و رزقك الله زيارة أئمتنا الأطهار (ع)

        تحياتي لــك

        ولد الزهرااء (ع)

        تعليق

        • نور المستوحشين
          • Nov 2009
          • 5189

          #5
          جزاك الله الف خير ع الطرح

          تعليق

          • لبيك داعي الله
            • Oct 2010
            • 741

            #6
            الف شكر لكم احبتي على المرور

            اشرق الموضوع بنور تواجدكم

            لكم خالص دعائي

            تعليق

            يعمل...
            X