السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم يا كريم
تفاوت المؤمنين في محبة الله)
اعلم ان المؤمنين جميعا مشتركون في اصل محبة الله لاشتراكهم في اصل الايمان، و لكنهم متفاوتون في قدرها، و سبب تفاوتهم امران:
احدهما-اختلافهم في المعرفة و حب الدنيا، فان اكثر الناس ليس لهم من معرفة الله الا ما قرع اسماعهم من كونه متصفا بصفات كذا و كذا، من دون وصول الى حقيقة معناها، و الى اعتقادهم بان الموجودات المشاهدة صادرة عنه، من غير تدبر في عجائب القدرة و غرائب الحكمة المودعة فيها و اما العارفون، فلهم الخوض في بحر التفكر و التدبر في انواع المخلوقات.
و استخراج ما فيها من الحكم الخفية، و المصالح العجيبة، التي كل واحد منها كمشعلة في ازالة ظلمة الجهل، و الهداية الى كمال عظمة الله، و نهاية جلاله و كبريائه، فمثل الاكثرين كمثل عامي احب عالما بمجرد استماعه انه حسن التصنيف، من دون علم و دراية بما في تصانيفه، فتكون له معرفة مجملة، و يكون له بحسنه ميل مجمل، و مثل العارفين كمثل عالم فتش عن تصانيفه، و اطلع على ما فيها من دقائق المعاني و بلاغة العبارات، و لا ريب في ان العالم بجملته صنع الله و تصنيفه، فمن عرف ذلك مجملا تكون له بحسبه محبة مجملة، و من وقف على ما فيه من عجائب القدرة و دقائق الحكمة تكون له غاية الحب، و كلما ازدادت معرفته بوجوه الحكم و المصالح المودعة في كل مخلوق ازداد حبه، فمن اعتقد ان ما تبنيه النحل من البيوت المسدسة انما هو بالهام الله-تعالى- اياها، من غير استعداد لفهم الحكمة في اختيار الشكل المسدس على سائر الاشكال، لا يكون في معرفة الله و ادراك عظمته و حكمته كمن يفهم ذلك و يتيقنه. ثم كما ان دقائق الحكم و عجائب القدرة غير متناهية، و لا يمكن لاحد ان يحيط بها، و انما ينتهي كل الى ما يستعد له، فينبغي ان تكون مراتب الحب ايضا غير متناهية، و كل عبد ينتهي الى مرتبة تقتضيها معرفته.
و ثانيهما-اختلافهم في الاسباب المذكورة للحب، فان من يحب الله لكونه منعما عليه و محسنا اليه، ضعفت محبته لتغيرها بتغير الانعام و الاحسان و لا يكون حبه في حالة البلاء كحبه في حالة الرجاء و النعماء. و اما من يحبه لذاته، او بسبب كماله و جماله و مجده و عظمته، فانه لا يتفاوت حبه بتفاوت الاحسان اليه.
اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم يا كريم
تفاوت المؤمنين في محبة الله)
اعلم ان المؤمنين جميعا مشتركون في اصل محبة الله لاشتراكهم في اصل الايمان، و لكنهم متفاوتون في قدرها، و سبب تفاوتهم امران:
احدهما-اختلافهم في المعرفة و حب الدنيا، فان اكثر الناس ليس لهم من معرفة الله الا ما قرع اسماعهم من كونه متصفا بصفات كذا و كذا، من دون وصول الى حقيقة معناها، و الى اعتقادهم بان الموجودات المشاهدة صادرة عنه، من غير تدبر في عجائب القدرة و غرائب الحكمة المودعة فيها و اما العارفون، فلهم الخوض في بحر التفكر و التدبر في انواع المخلوقات.
و استخراج ما فيها من الحكم الخفية، و المصالح العجيبة، التي كل واحد منها كمشعلة في ازالة ظلمة الجهل، و الهداية الى كمال عظمة الله، و نهاية جلاله و كبريائه، فمثل الاكثرين كمثل عامي احب عالما بمجرد استماعه انه حسن التصنيف، من دون علم و دراية بما في تصانيفه، فتكون له معرفة مجملة، و يكون له بحسنه ميل مجمل، و مثل العارفين كمثل عالم فتش عن تصانيفه، و اطلع على ما فيها من دقائق المعاني و بلاغة العبارات، و لا ريب في ان العالم بجملته صنع الله و تصنيفه، فمن عرف ذلك مجملا تكون له بحسبه محبة مجملة، و من وقف على ما فيه من عجائب القدرة و دقائق الحكمة تكون له غاية الحب، و كلما ازدادت معرفته بوجوه الحكم و المصالح المودعة في كل مخلوق ازداد حبه، فمن اعتقد ان ما تبنيه النحل من البيوت المسدسة انما هو بالهام الله-تعالى- اياها، من غير استعداد لفهم الحكمة في اختيار الشكل المسدس على سائر الاشكال، لا يكون في معرفة الله و ادراك عظمته و حكمته كمن يفهم ذلك و يتيقنه. ثم كما ان دقائق الحكم و عجائب القدرة غير متناهية، و لا يمكن لاحد ان يحيط بها، و انما ينتهي كل الى ما يستعد له، فينبغي ان تكون مراتب الحب ايضا غير متناهية، و كل عبد ينتهي الى مرتبة تقتضيها معرفته.
و ثانيهما-اختلافهم في الاسباب المذكورة للحب، فان من يحب الله لكونه منعما عليه و محسنا اليه، ضعفت محبته لتغيرها بتغير الانعام و الاحسان و لا يكون حبه في حالة البلاء كحبه في حالة الرجاء و النعماء. و اما من يحبه لذاته، او بسبب كماله و جماله و مجده و عظمته، فانه لا يتفاوت حبه بتفاوت الاحسان اليه.
تعليق