بسم الله الرحمن الرحيم*
اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل الفرج لوليّك القائم*
الحمد لله الذي أمرنا لنكون مع الصادقين ،*
والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمّد الصادق الأمين ،*
وعلى آله الأئمة الصادقين الهداة المهديّين ،*
لا سيّما بقيّة الله في الأرضين ،
عجّل الله فرجه الشريف.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
،*
* السيطرة على الأفكار المتشتّتة..!
من الآمال التي يحلم بها الإنسان هو أن يتمكّن في أثناء أدائه للطقوس العبادية من السيطرة على قواه العقلية وتركيزها في مركز واحد، وهو الالتفات للّه تعالى وطرد ما سواه عن دائرة الفكر والذهن. إنّ الذين يفتقدون الحضور القلبي في أثناء العبادة وتسرح أفكارهم يميناً وشمالاً هؤلاء وبلا ريب تنقصهم الولاية والسيطرة على أفكارهم المتشتّتة والناتجة عن القوّة الخيالية، ولذلك تجدهم يقومون بأداء الصلاة وأفكارهم سارحة في حقول أُخرى وأرواحهم طائرة إلى أماكن بعيدة ومحاور أُخرى غير المحور الذي ينبغي التوجّه إليه، ولذلك تتحوّل أبدانهم أثناء الصلاة إلى مجرد هياكل مادية تتحرك حركات رياضية لا غير. وأمّا السائرون على طريق العبودية والباحثون عن الحقيقة، فإنّهم مهيمنون على كلّ أفكارهم وأحاسيسهم ومشاعرهم من خلال القدرة التكاملية التي حصلوا عليها في ظل العبودية للّه، كذلك هم مسلّطون على قواهم التخيّلية التي لا تستقر في مكان واحد وكأنّها كالطير الذي ينتقل من غصن إلى غصن ومن شجرة إلى شجرة. وانّ زمام تلك القوى بأيديهم وتحت إرادتهم ولذلك تجدهم في أثناء العبادة يتحلّون بدرجة من التمركز الفكري والحضور القلبي إلى درجة لا يغفلون عن اللّه سبحانه طرفة عين ويغرقون في الجمال والكمال الإلهي، حتّى يصلون إلى درجة من الفناء في الذات الإلهية بحيث يُسلّ النصل من بدنهم، أو يسقط ابن عزيز لهم من شاهق ولم يشعروا بألم النصل أو بصراخ النساء والأطفال واستغاثتهم لسقوط الطفل إلاّ بعد الفراغ من الصلاة.
يقول الشيخ الرئيس ابن سينا: والعبادة عند العارف رياضة ما لهممه وقوى نفسه المتوهّمة والمتخيّلة ليجرّها بالتعويد عن جناب الغرور إلى جناب الحق، فتصير مسالمة للسرّ الباطن حينما يستجلى الحق لا ينازعه، فيخلص السرّ إلى الشروق الساطع، ويصير ذلك ملكة مستقرة، كلّما شاء السر أطلع إلى نور الحقّ غير مزاحم من الهمم، بل مع تشييع منها له فيكون بكلّيّته منخرطاً في تلك القدس.
تعليق