المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بهلول اعقل المجانين


قلب الأسد
16-03-2011, 04:47 PM
بهلول : بهلول بضم الباء وجمعه بهاليل. معناه الكريم المحيي أو النبيل

والسيد الجامع لكل خير
.
وبهلول من عقلاء المجانين. هو ابو وهيب، بهلول بن عمرو بن المغيرة الصيرفي. ولد في الكوفة وتوفي في بغداد نحو سنة 190هـ. له أخبار ونوادر وشعر. وكان جامعاً للخصال الحميدة. كان جميل الخلقة فكهاً، التقى به الرشيد في الكوفة سنة 188هـ- 802م فأعجب به وجعله من بعض خاصته ليسمع نوادره. ويقال: إن أباه عمرو كان عم الرشيد كما في "تاريخ المستوفي"
وكان بهلول يرفض منح الرشيد وجوائزه. ويرى بعض العامة أنه يمت بصلة القرابة إلى هرون الرشيد وأنه ابن عمه أو أن بهلول عمه وإن الرشيد اغتصب الخلافة منه. فتظاهر بهلول بالجنون لئلا يقتله الرشيد. واطلقوا على بهلول الرشيد لقب سلطان المجاذيب. وصار اسمه في ما بعد صفة لكل مخبول أو شبه مجنون أو البلاهة.

وقد كان بهلول من العلماء المطيعين لله سبحانه وتعالى والمخلصين لآل بيت رسول الله عليهم السلام والداعين إليهم ولا سيما الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) وكان معاصراً له. وقيل إن الرشيد أراد إجبار بهلول على التوقيع على وثيقة إصدر فيها أمره بقتل الإمام الكاظم فذهب البهلول إلى الإمام وأخبره بذلك، فأمره الإمام أن يتظاهر بالجنون ليكون في أمان من سطوة الرشيد. ولعل ذلك سبباً لقولهم أنه من عقلاء المجانين.
وكان جنون بهلول ينتابه من حين إلى حين، فهو إذن عاقل في معظم أوقاته. وكانت لغته سليمة وهو راوية للقصص التي تدل على سرعة الخاطر.
ويقول الذهبي محمد بن أحمد (ت 748هـ) أن بهلولاً كان يروي الأحاديث عن عمرو بن دينار وعاصم بن بهدلة وأيمن بن نائل، وأن أحاديثه لا مقبولة ولا مرفوضة. ولم يدون أحد من تلاميذه شيئاً من اقواله.
وصارت نوادره يتناقلها الناس ويكتبها المؤلفون، واضيف إليها ما أضيف من نوادر غيره. ولم يعد بهلول ذلك المجنون الورع وصارت تنسب إليه نوادر لا تنسجم ونوادره الأولى في صفة الذكاء، وتتسم نوادره أحياناً بالهجاء والفحش.
تعريف النادرة
النادرة خبر قصير يشبه الحكاية المضحكة وهو نوع من أنواع الفكاهة، ومن الفكاهة السخرية والمزاح والهزء والتهكم والهزل والنكتة والهجاء وحسن الجواب والدعابة وغير ذلك.
والنادرة في التراث العربي قديمة جداً، وهي في العموم ترد مكتوبة وتشيع في بيئة تتسم بالرخاء والترف والاستقرار والقوة. وقد يحصل انقلاب في المفاهيم والحقوق. فلابد من توفر الذكاء في قائلها وسامعها وقد تكون عميقة وقد تكون سطحية. وتقدير ذلك يدل على رقي أهلها الاجتماعي والسياسي والنفسي.
وقد أفرد للنوادر في التراث العربي كتب كثيرة جداً، منها ما ينسب إلى فئات
من الناس ومنها ما ينسب إلى أشخاص بعينهم.
أين ذكر البهلول ومن ذكره؟
وردت ترجمة بهلول وذكر أخباره ونوادره في فوات الوفيات والبيان والتبين، ونزهة الجليس والأعلام والقاموس الإسلامي، والعقد الفريد، ذكره ابن الجوزي، وابن تغرى بردى والشعراوي واليافعي والنقراوي وغيرهم. وذكرناه مع بعض نوادره في مجلة التراث الشعبي العدد 10 سنة 1972 في موضوع الحكاية الشعبية العراقية، ثم في كتابنا الحكاية الشعبية العراقية 1979.
بعض نوادر البهلول
من مجمل نوادره التي توردها المصادر في باب عقلاء المجانين أن يكون القارئ صورة لبهلول وشخصيته وأحواله الفكرية ومن نوادره التي تعد من الأجوبة المسكتة أن رجلاً وقف على بهلول فقال له: تعرفني؟ فقال بهلول: أي والله، وأنسبك نسبة الكمأة، لا أصل ثابت ولا فرع نابت.
وكان بهلول بذكائه يفوت الفرصة على من ينوي السخرية منه ويحولها إلى خصمه، فقد دعا الرشيد بهلولاً ليضحك منه، فلما دخل دعا له بمائدة فقدم عليها خبز وحده، فولى بهلول هارباً، فقال له إلى أين؟ قال: أجيئكم يوم الأضحى، فعسى أن يكون عندكم لحم.
ومن حسن تخلص بهلول أنه رمى رجلاً فشجه، فقدم إلى اوالي فقال له: لم رميت هذا؟ قال ما رميته ولكنه دخل تحت رميتي.
ومما يدل على ذكاء بهلول وحسن تفكيره بالنتيجة التي يرمي إليها أنه قال يوماً: أنا والله اشتهي فالوذج (حلوى) وسرقين (روث البقر). فقالوا والله لنبصرنه كيف يأكل. فاشتروا له الفالوذج وأحضروا السرقين. فأقبل على الفالوذج واكتسحه، وترك السرقين. فقالوا له: لم تركت هذا؟ قال: أقول لكم أنا - والله يقع لي أنه مسموم، من شاء أن يأكل ربع رطل حتى آكل أنا الباقي.
وكان من ذكائه وحسن تخلصه أن بعضهم قال: مررت يوماً ببهلول وهو يأكل قرينة حواري (خبز فرن) مع دجاجة، فقلت له: يا بهلول: أطعمني مما تأكل، فقال: ليس هذا لي - وحياتك - هذا دفعته إلي أم جعفر آكله لها.
وإنه كان يقول الحق في أي مقام كان. فقد حج موسى بن عيسى (الهاشمي وهو امير عباسي) ببهلول معه. فأقبل موسى يدعو عند البيت ويتضرع وبهلول يقول: لا لبيك ولا سعديك! فقال له العباس بن موسى: ويلك تقول هذا القول للأمير في مثل هذا الموقف؟ قال بهلول: أقول له ما أعلم أن الله يقول له.
واراد الرشيد يوماً أن يختبره فقال له: من أحب الناس إليك؟ فقال من أشبع بطني. فقال الرشيد: أنا أشبعك فهل تحبني؟ قال: الحب بالنسيئة لا يكون.
ومما يدخل في باب الفقه وتوزيع التركة أن المرء يتوقع غير ما سيسمع. فقد قيل لبهلول. ما تقول في رجل مات وخلف أماً وزوجة وبنتاً ولم يترك شيئاً؟ فقال: للأم الثكل وللأبنة اليتم وللزوجة خراب البيت وما بقي للعصبة.
وأراد رجل أن يسخر من بهلول فوقف عليه وقال: قد وقعت أنت يا بهلول هاهنا والأمير يعطي المجانين كل واحد درهمين. فقال بهلول: فاعرض علي درهميك.
مثله أن رجلاً صفعه وكان قد أرضعت ذلك الرجل امرأة يقال لها مجيبة وكانت رعناء. فقال بهلول: كيف لا تكون أرعن وقد أرضعتك مجيبة؟ فوالله لقد كانت تزق لي الفرخ فأرى الرعونة في طيرانه.
وفي نوادره ما فيه المقومات الفنية للقصة القصيرة جداً وتوظيف للحوار والمفاجأة.
ومن النوادر التي توضع في باب الشعر عند بهلول أنه كان يوماً جالساً والصبيان يؤذونه وهو يقول: “لا حول ولا قوة إلا بالله” يعيده مراراً. فلما طال أذاهم له أخذ عصاه وقال: “حمي الوطيس وطابت الحرب وأنا على بينة من ربي” ثم حمل عليهم وهو يقول:
أشد على الكتيبة لا أبالي
أفيها حتفي أم سواها
(والبيت لعباس بن مرداس). فتساقط الصبيان بعضهم على بعض. وتهاربوا، فقال: هزم القوم وولوا الدبر. أمرنا أمير المؤمنين - رضي الله عنه - ألا نتبع مولياً ولا ندفف (نجهز) على جريح. ثم رجع وجلس وطرح عصاه وقال:
فالقت عصاها واستقر بها النوى
كما قر عيناً بالإياب المسافر
ومما يروى من النوادر بهلول وهي لغيره كما حدث في نوادر جحا وأبي نواس وغيرهم لكي يتوسل الناس على لسانه من أجل انتقاد الأوضاع السياسية والاجتماعية، أنه قيل لبهلول عد لنا مجانين البصرة، قال: هذا يكثر ويبعد جداً ولكن إذا أردتم عددت لكم عقلاءهم.
فلو قيل له عد لنا مجانين الكوفة أو بغداد لكان ذلك أقرب إلى المنطق بشأن بهلول الذي لم يكن بصرياً. وقد رويت هذه النادرة بشكل آخر أنه قيل لمجنون كان بالبصرة: عد لنا مجانين البصرة، قال: كلفتموني شططاً، أنا على عد عقلائهم أقدر.
فمن الحكايات المتداولة بين الناس اليوم أن هرون الرشيد كان ذات يوم على سفر في سفينة وكان معه بهلول. وقد ذهبت بهلول واحتضن الدقل (السارية) وصار يكلمه. فجاءه الرشيد وسأله: أراك تكلم نفسك، ماذا كنت تقول؟ فقال بهلول: والله ما كنت أكلم نفسي بل كنت اكلم الدقل. فسأله الرشيد: وما قلت له؟ فقال بهلول: قلت له: أنت وحدك العدل في هذا المكان.
ومن نوادره في انتقاد السلطة أنه قيل أن بهلولاً كان يركب قصبة وقد اتخذها حصاناً كما يفعل الأطفال. ودخل على فرسه هذا ديوان الرشيد وجلس على عرشه فهجم عليه الوزراء والحجاب وجميع الحاضرين وضربوه بالأحذية وبكل ما وصلت أيديهم إليه حتى أزاحوه عن العرش. فصار بهلول يبكي حتى جاء الرشيد وسأله: ما لبهلول يبكي؟ هل من حاجة نقضيها له؟ فأجابه الحاضرون ضربناه لأنه جلس على عرشك. فعاتبهم الرشيد وطيب خاطره ورجاه ألا يبكي. فقال له بهلول: أنا لا أبكي من الضرب ولكني أبكي عليك. فقال الرشيد: ولماذا؟ قال له: جلست على عرشك برهة وجيزة فأكلت هذا الضرب فكيف بك وقد جلست هذه المدة الطويلة؟
ومن النوادر التي تتعلق بالعدل واغتصاب الحقوق، أن بعض التجار نوى حج بيت الله الحرام في مكة المكرمة فاستأمن القاضي بعض المال. ولما عاد التاجر من الحج أدعى القاضي أن الأمانة أكلتها الفئران. فأخذ التاجر يبكي ومر به بهلول فعرف أمره فقال له لاتبك سوف أعيدها لك غداً. ذهب بهلول إلى هارون الرشيد وصار يبكي ويقول له: لقد وليت فلاناً الإمارة الفلانية وفلاناً الإمارة الفلانية. فسأله الرشيد: وأنت، ماذا تريد؟ فقال: أريد إمارة الفئران فقال الرشيد أعطوه إمارة الفئران، قال بهلول: بل أريد أن تصدر مرسوماً بذلك وتعطيني حصاناً وحرساً وجوقة موسيقية. فأمر له بما أراد. وخرج بهلول على فرسه والجوقة تعزف وراءه وأمامه وتبعه الصبيان وضحك الناس لما عرفوا أمر هذه الإمارة. ووصل بهلول بيت القاضي وأمر عماله أن يحفروا تحت جدار البيت. فخرج القاضي وسأله ماذا تعمل يا بهلول؟ فقال بهلول: الست أنا أمير الفئران. أن فأراً أكل مني ليرة ذهب ودخل تحت جدار بيتك. وإني أريد أن القي القبض عليه. فسأله القاضي: يا بهلول، كيف يأكل الفأر الذهب؟ فأجابه: كما أكلت فئرانكم ذهب التاجر. فأما أن تعيدها إليه وإما إن أهدم دارك. فأعادها إلى صاحبها

عاشقة السيدة زينب ع
16-03-2011, 05:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
مشكور أخي الكريم
على هذا الموضوع الرائع
تحياتي لك

محب الرسول
03-08-2011, 05:26 PM
شكرا جزيلا اخي العزيز
بارك الله بك

محب الصدر
03-08-2011, 09:50 PM
احسنت اخي الكريم
وفقك الباري

مهاجرة الى ربي
03-08-2011, 10:25 PM
شكرا جزيلا على الموضوع القيم
تحياتي

قلب الأسد
07-08-2011, 11:44 AM
جزيل الشكر لجميع الأخوة والأخوات
على المرور العطر
تحياتي للجميع