بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن سلوك الإمام الحسين منذ خروجه من المدينة وحتى يوم استشهاده في كربلاء كان منطوياً على المعنويات والعزة والشموخ وفي نفس الوقت مغموراً بالعبودية والتسليم المطلق لأمر الله، وهكذا كان دائماً وفي كل المراحل. ففي ذلك اليوم الذي جاءته مئات وربما آلاف الرسائل تحمل نداء القائلين بأنهم شيعته وأنصاره وأنهم في الكوفة والعراق بانتظار وصوله، فإنه لم يصب بالغرور. وعندما قال «خطَّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة» فإنه كان يتحدث عن الموت ولم يهدد الأعداء وينذرهم بالويل والثبور، كما أنه لم يقم بترغيب أصحابه ولم يقم بتقسيم مناصب الكوفة بينهم. لقد كانت حركته حركة إسلامية مفعمة بالعلم والمعرفة والعبودية والتواضع في ذلك اليوم الذي مد فيه الجميع إليه أيديهم وأظهروا له الود والإخلاص. وحتى في كربلاء عندما حاصره ثلاثون ألفاً من الأراذل والأوباش مع أصحابه الذين لم يبلغوا المائة وهددوه هو ومن معه من أعزائه بالموت كما هددوا نساءه وحرمه بالأسر، فإن هذا الرجل الإلهي والعبد الرباني العزيز في الإسلام لم تبدُ عليه ذرة من الاضطراب.
يقول ذلك الراوي الذي ينقل أحداث يوم عاشوراء التي تناقلتها الألسن والكتب «فو الله ما رأيت مكسوراً أربط جأشاً من الحسين». فالإنسان يلتقي الكثيرين في ميادين الحرب المختلفة وفي الساحات الاجتماعية والعرصات السياسية وسواها من المجالات الأخرى التي تضم ذوي الابتلاءات المختلفة؛ ولكن الراوي يحكي عن عدم مشاهدته لأحد مثل الحسين بن علي في موقفه هذا، حيث نـزلت عليه شتى المصائب غير أنه واجهها بوجه مستبشر قاطع، مما يدل على قوة العزيمة ورسوخ الإرادة والتوكل على الله. فهذه هي العزة الإلهية، وهذا هو الموقف الذي خطّه الإمام الحسين في سجل التاريخ..
م/رابطة الحوار الديني
تعليق