المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تربية الطفل على الاعتماد على نفسه


عاشقة النور
03-04-2011, 04:08 PM
تربية الطفل على الاعتماد على نفسهقال الله تعالى في كتابه الحكيم: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾(الطور:21).

يتضمن الإفراط في الحب من قبل الوالدين تجاه الطفل عوارض وخيمة له، فإنه يؤدي الى شقائه وتعاسته طيلة أيام عمره. من هذه العوارض الوخيمة أن الطفل ينشأ معجباً بنفسه ومدللاً.

ومن عوارض الإفراط في المحبة تجاه الطفل أيضاً أنه ينشأ طفيلياً وعالة على غيره، ولا يشعر بالاعتماد على النفس، ولا ينزع الى الاستقلال. إن خطر هذه الصفة على الأطفال إن لم يكن أكبر من خطر الإعجاب بالنفس، فليس أقل منه.

الشعور بالمسؤولية
إن الشعور بالمسؤولية والإعتماد على النفس أحد الأركان المهمة لسعادة الفرد والمجتمع. إن الإنتصارات العظيمة التي أحرزها الرجال الأفذاذ في العالم، والترقيات العلمية والإجتماعية والاقتصادية التي حصلوا عليها، مدينة الى وعي المسؤولية الفردية من قبلهم وما يستتبع ذلك من نشاط دائب وجهد متواصل.

إن الإنتصارات العلمية إنما تنال الأشخاص الذين يطمئنون الى أنفسهم بالمواصلة والسهر والجد والجهد. والطالب الذي لم يدرس جيداً، ولم يجهد نفسه بالمقدار الكافي، ثم يدخل قاعة الإمتحان معتمداً على الآخرين، ومستنداً على مساعدة المصحّح، وتسامح المراقب لا ينال المدارج العلمية الراقية.

وهكذا فالتقدم الإقتصادي يكون من حصة أولئك الذين يعتمدون على جهودهم فقط، ولا يتوقعون المساعدة من أحد. إن من يفقد الإعتماد على النفس ويكون عالة على غيره، ويرتزق من حصيلة غيره لا يستطيع أن ينال التقدم الإقتصادي مطلقاً.

"الاعتماد على النفس أساس كل تقدم وترقٍ. فإن اتصف اكثر أفراد الشعب بهذه الفضيلة كان ذلك الشعب قوياً وعظيماً، وكان السرّ في إرتقائه وتقدمه وقدرته هو تلك الخصلة فقط. لأنّه في هذه الصورة يكون عزم الإنسان قوياً، وفي صورة الإعتماد على الآخرين ضعيفاً. إن المساعدات التي تصل الفرد من الخارج تضعف فيه روح المثابرة والعمل غالباً، لأن الإنسان في هذه الحالة لا يرى داعياً للجد والعمل خصوصاً عندما تتجاوز المساعدات الخارجية عن الحد الضروري... حينئذٍ تفقد الاعصاب قوتها، وتموت روح العزيمة والمثابرة في نفسه. إن أحسن الشرائع والقوانين، هي تلك التي تجعل الانسان مختاراً في حياته، وتمنحه الحرية في الاعتماد على نفسه وإدارة حياته"1.

الإعتماد على النفس
إن المراد من الإعتماد على النفس، الذي شاع في الآونة الآخيرة بين الناس، ويلوح للعين في الكتب النفسية والتربوية دائماً، هو أن يعتمد كل فرد في ضمان سعادته المادية والمعنوية على نفسه، ويستند الى إرادته وعمله، فيقطع الأمل عن الجار والصديق وجميع الناس، ولا يلتجىء الى أحد في ذلك.

الإعتماد على النفس عبارة عن أن يرى كل فرد نفسه مسؤولاً عن أعماله، فيقوم بواجباته خير قيام، ويعلم أن مثابرته وجهده، ومواصلته واستمراريته... كل ذلك أساس نجاحه وتقدمه، وعلى العكس فإن تسامحه وكسله، ويأسه وتهاونه أساس شقائه وتعاسته.

ليس هذا الأمر بالجديد تماماً، حتى يتصور البعض أن عالم الغرب هو الذي توصل إليه وأكد عليه أمام سكان العالم... بل إن الشريعة الإسلامية الغراء علّمت معتنقيها هذه الحقيقة الناصعة التي هي أساس سعادة الفرد والمجتمع بكل صراحة، وذلك قبل أربعة عشر قرناً... وإن الإنتصارات الباهرة التي أحرزها المسلمون في ذلك العصر المظلم مدينة الى هذه الثروة العظيمة وهي الإعتماد على النفس والشعور بالمسؤولية الفردية.

المسؤولية الفردية
إن التعليم والتربية في الإسلام يرتكزان على المسؤولية الفردية، وأداء الواجب، والاعتماد على النفس. لكل مسلم تكاليف معينة في شؤونه الدينية والدنيوية، ويجب عليه لضمان سعادته أن يعتمد على نفسه، وعلى نيته، ويقتصر على عمله في مراعاة تطبيق تلك الوظائف.

ترتبط سعادة كل فرد في الإسلام بعقائده وأعماله، وإن المآسي التي يلاقيها الانسان تستند الى نواياه الفاسدة وأعماله المنحرفة... كذلك المكافآت والعقوبات الدنيوية والأخروية التي يحصل عليها الأفراد تعود إلى الأعمال الصالحة أو الفاسدة التي ارتكبوها. هذا الموضوع من أوضح المسائل الدينية وأشدها بداهة، وقد وردت في ذلك آيات وأحاديث كثيرة، نذكر بعضها على سبيل الشاهد.

1- قال تعالى: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾(البقرة:286).

2- وقال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾(المدثر:38).

3- وقال تعالى: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى﴾(النجم:39-40).

من هذه الآيات الثلاث ندرك بوضوح المسؤولية الشخصية، وقيمة أفعال كل شخص بالنسبة إليه. إن الله تعالى يصرح في هذه الآيات بأن تبعة الأفعال الصالحة أو الطالحة لكل فرد إنما تعود عليه نفسه، وأن سعادة كل فرد رهينة بعمله، وهو المعنى الكامل والجامع للإعتماد على النفس، والشعور بالمسؤولية الفردية.

4- يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: "قَدرُ الرجل على قد همته"2.

أي أن قيمة شخصية كل فرد يجب أن يُبحث عنها في مستوى اعتماده على نفسه، ودرجة علو همته، وكلما كانت حصة الإنسان من هذه الفضيلة الخلقية اكبر كانت قيمته اكثر. وبهذا الصدد يقول الشاعر:

كن كالشمس في استنادك إلى نفسك فإن نور الشمس يشع من نفسه

يعتبر الإسلام كل فرد مسؤولاً عن سعادته وشقائه... فهو الذي يستطيع أن يقوم بواجباته خير قيام في ظل جده وسعيه فيقود نفسه الى شاطىء السعادة والنجاح، وهو الذي يستطيع أن يحطم شخصيته بالأعمال السيئة والنوايا الفاسدة وينتهي بنفسه الى الشقاء واستحقاق العذاب الإلهي.

النهي عن الإعتماد على الناس
لم يكتف الإسلام في سبيل إيجاد الإعتماد على النفس، ببيان المسؤولية الفردية وضرورة إحياء كل فرد شخصيته، بل نهي كثيراً عن النقطة المقابلة لذلك وهي عبارة عن الإعتماد على الناس، وحذر الجميع عن هذه الصفة الذميمة. وبهذا الصدد يقول الإمام علي بن الحسين عليه السلام: "رأيت الخير كلّه قد اجتمع في قطع الطمع عما في ايدي الناس"3.

إن الاعتماد على النفس، والإستناد الى الجهد الشخصي، والسعي وراء تحقيق السعادة المادية والمعنوية اسس استقلال الشخصية، والمحبوبية عند الله والناس. وعلى العكس فإن الإعتماد على الناس، والطفيلية، وانتظار العون والمساعدة من الآخرين أساس الحرمان المادي والمعنوي للشخص، ويسبب الذل والهوان عند الله، وفي أنظار الناس.

عن أبي عبدالله عليه السلام: "اليأس ممّا في أيدي الناس عز للمؤمن"4.

القدرة على المقاومة
إن الأفراد الحقراء والمتقاعسين لا يملكون القدرة على المقاومة في خضم الحياة وصراعها... إنهم يندحرون بسرعة، وينسحبون من المعركة بأتم الخذلان والفشل. أما ذوو الهمم العالية، الذين يعتمدون على أنفسهم فإنهم يقاومون صاعب الحياة ومشاكلها ببسالة وبطولة، يتحملون الآلام بكل جلد، وينجحون في نهاية الجولة.

1- عن علي عليه السلام: "الحلمُ والاناةُ توأمان، ينتجهما عُلّو الهمّة"5. أي أنه إذا كانت همة الإنسان عالية ظهرت عنده خصلتان الحلم والأناة.

2- وعن الإمام الصادق عليه السلام: "ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثماني خصال: وقورا عند الهزاهز، صبوراً عند البلاء..."6.

3- قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "المؤمن الذي يُخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظمُ أجراً من المؤمن الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم"7.

الفرار من المسؤولية
إن الأفراد الذين يتميزون بضعف النفس، والفاقدين للإعتماد على النفس، المصابين بالحقارة يتهربون من المسؤولية بالإنزواء وبالتطرف ويعيشون حياة ملؤها الحرمان. أما الأفراد ذوو الشخصية، والمعتمدون على أنفسهم المتميزون بالبسالة والبطولة فإنهم بتحملهم المسؤولية وإلتزامهم الصبر والأناة في مواجهة مصائب الحياة، ينالون النجاح الباهر في ما يبغون من الأمور الدنيوية من جانب، ويستحقون الأجر والثواب الكبير عند الله تعالى على حد تعبير الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله.

إن ركائز الاستقلال والاعتماد على النفس تصب منذ أولى أدوار الطفولة في روح الطفل... وكذلك الطفيلية والإعتماد على الناس فإنهما ينبعان من التربية الخاطئة التي تعود إلى أيام الطفولة. على الآباء والأمهات الذين يرغبون في تحقيق السعادة الحقيقية لأولادهم أن يكونوا واعين في جميع تصرفاتهم، ويحذروا من القيام بما من شأنه تعويدهم على الطفيلية وانعدام الشخصية.

الأولاد الصالحون
لقد ورد التعبير في القرآن الكريم والأحاديث الإسلامية عن الطفل الذي أحسنت تربيته بـ (الولد الصالح). على الآباء والأمهات أن يربوا أولاداً صالحين. ومعنى الصلاح أن يكون واجداً لجميع الصفات الخيرة الجسمية والروحية.

إن الآباء والأمهات الذين يكونون صالحين من الناحية النظرية والعملية يستطيعون تربية أطفال صالحين، لأن مجموعة اقوالهم وأفعالهم هي التي تعتبر قدوة للطفل بحيث تبني صفاته وعاداته وسلوكه. فإن كانت صالحة وطيبة نشأ صالحاً، وإن كانت فاسدة وبذيئة نشأ بموجبها فاسداً.
عن أبي جعفر عليه السلام: "يُحفَظ الأطفال بصلاح آبائهم"8.

وفي حديث آخر عن إسحاق بن عمار قال: "سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله ليُفلحُ بفلاح الرجل المؤمن وُلَده وولُده"9.

من صفات الأولاد الصالحين إحساسهم بالمسؤولية واعتمادهم على أنفسهم. إن الآباء والأمهات الذين يتميزون بشخصية رصينة يستطيعون أن يلقنوا اولادهم هذا الدرس التربوي القيم، ويجعلوهم ينشأون على الإعتماد على النفس. نسأل الله عز اسمه أن تكونوا جميعاً واجدين لهذه السجية الخلقية الحميدة، وأن توفقوا في ظل تعاليم الإسلام القيمة الى تربية أبنائكم تربية صحيحة.

ضعف الطفل
إن الطفل في رحم أمه، موجود طفيلي وقائم بوجود أمه، ولا يملك استقلالاً وإرادة من نفسه. إن حياته ترتبط بحياة أمه، يتغذى من الغذاء الذي تتناوله، ويتبعها في القوة والضعف. أما بعد الولادة فإنه وان انفصل عن أمه وحصل على استقلال عضوي، لكنه لا يزال ضعيفاً، ولضعفه فهو مضطر إلى أن يعيش طفيلياً على أمه لمدة، لا يدرك فيها الخير أو الشر، ولا يستطيع دفع الضرر عن نفسه أو جلب النفع اليها.. إنه يحتاج الى أمه في غذائه، ونظافته، وطرد العدو عنه، وبصورة موجزة في جميع الحاجات الحياتية، في حين يوجد في باطن الطفل استعداد للتكامل ونيل الاستقلال، وبالتدريج يحصل على استقلاله.

هناك تضاد لا مفر منه في وجود الطفل، فمن جهة يفقد الإطمئنان الى نفسه لما يشعر به من الضعف والذلة، ولذلك فهو يحتاج دائماً الى من يملك القدرة على تحقيق ما يريد، ويحب أن يكون في حمايته وكنفه، وهذا الأمر يضطره الى التسليم لأوامر صاحب القدرة دائماً.. ومن جهة اخرى فإنه يميل بفطرته الى التفوّق والحصول على القدرة، يحب أن يصبح مستقلاً، وأن يعتمد على نفسه، ويتخلص من الذلة والحقارة، وهذا لا يتحقق إلا في ظل القوة والقدرة.

التكامل التدريجي
إن التكامل الطبيعي للطفل ورشده يمنحانه القوة بصورة تدريجية. ذلك أن الميل نحو الإستقلال يدفع الطفل إلى استغلال القوى المكتسبة، وبالتدريج يصبح الميل الفطري نحو الإستقلال والتفوق فعلياً فيخلص الطفل من كونه عالة على غيره وطفيلياً، وينجو بهذه الصورة من الشعور بالحقارة وكلما إزدادت قوة الطفل كان قد خطا خطوة في طريق الاستقلال، وفتّت قيداً من قيود الاعتماد على الغير.

لا توجد للطفل لذة أعلى من لذة الإحساس بالقوة والحصول على الإستقلال، فكلما حصل على قوة ووجد أنه استطاع القيام بعمل ما لوحده كان ذلك مبعث سرور وارتياح في نفسه. عندما تتفتح أصابعه ويستطيع أن يمسك شيئاً بيده يفرح كثيراً... وعندما يحرك بيده الصغيرتين اللعبة فينبعث الصوت منها يضحك من دون اختيار، وتظهر أمارات الفرح والسرور على عينيه ووجهه:

يقول برتراند رسل: "عندما يستطيع الطفل أن يثبّت عينيه نحو الأشياء فإنه يلتذ كثيراً من مشاهدة الأشياء المتحركة، والذرات المتقلبة عند هبوب الرياح. في هذه المرحلة بالذات يفرح الطفل للأصوات الرتيبة والجديدة".

"تعتبر حركة الأصابع في بداية الأمر من الأفعال الإنعكاسية فقط. لكن الطفل يكتشف فيما بعد أنه يستطيع أن يحركها متى شاء. انها تبعث الفرح والسرور في نفس الطفل بقدر ما يبعث استيلاء امبراطور مستعمر على دولة من الدول الإرتياح في نفسه. في هذه الحالة تخرج الأصابع عن حالتها المغتربة وتصبح جزء من الوجود. لقد لاحظت هذه الحالة في ولدي بصورة قطعية في السن الخامسة لأول مرة، وذلك عندما استطاع بعد محاولات عديدة أن يرفع الجرس الذي كان ثقيلاً نوعاً ما من فوق المنضدة ويضعه على نحو ينبعث منه الصوت... وإذ توصل الى هذه النتيجة السارة أخذ ينظر الى من حوله بابتسامة ذات مغزى"10.

يعتبر كل من خروج الأسنان، والقدرة على مضغ الطعام، والتكلم والمشي، والشروع في الجري، واللعب نجاحاً مستقلاً سيحصل عليه الطفل بالتدريج، ويبعث فيه السرور واللذة كلّ على حدة.

يجب على الآباء والأمهات الذين يرغبون في تنشئة أطفالهم على الاستقلال بالإعتماد بالنفس أن يستفيدوا من هذا القانون الفطري المودع في الطفل بالأمر الإلهي، وأن يؤسسوا منهجهم التربوي على أساس الميل الفطري له ومن الضرروي أن يربياه على الاستقلال التربوي جنباً الى جنب مع الإستقلال الطبيعي ليقف ذلك أمام أي اضطراب أو فوضى.

إحياء فطريات الطفل
على الوالدين أن يمنحا الطفل شيئاً من الحرية مراعيين في ذلك درجة وعيه وتكامله،ينبغي أن يسمحا له بإحياء حس الإبتكار والميل نحو الإستقلال الفطري في أثناء اللعب والجري... وفي نفس الوقت ينبغي أن يراقباه مراقبة جدية، بحيث لا تخرج الحرية عن الحد المسموح به، ولا يسيء التصرف في ذلك.

إن الآباء والأمهات الواعين يتركون الطفل حراً في مثل هذه المناسبات حتى تخرج استعداداته الكامنة الى حيز الفعلية، وتتفتح أكمام الشعور بالإبتكار في باطنه، وينشأ إنساناً مستقلاً ومعتمداً على نفسه. أما الآباء والأمهات الجاهلون فإنهم بتشددهم أو إهمالهم يتسببون في شقاء الطفل وتعاسته... إنهم يفسحون المجال له كثيراً أحياناً، ويضيقون عليه كثيراً أحياناً أخرى، وبذلك يوردون نقصاً كبيراً على استقلاله واعتماده على نفسه.

الإفراط في فسح المجال
هناك بعض الآباء يفرطون في فسح المجال لأطفالهم فراراً من عبء المسؤولية أو رغبة في التظاهر بالحب الفارغ، فيتركونهم وشأنهم في جميع أفعالهم وأقوالهم... ولكن لا يمضي زمن طويل حتى يترعرع الطفل وهو جاهل لأبسط واجبات الحياة. عند ذاك يقوم الوالدان بتنبيهه على واجباته واحدة بعد الأخرى، ومن دون أن يؤدي ذلك الى نتيجة مرضية، لأن أوان التربية قد فات.

"هناك أطفال يجب تكرار كل موضوع عدة مرات معهم: قم، انظر، لا تقتل نفسك، نظف أظفارك وأذنيك، إعتن بنظافة أنفك، سر مستقيماً، لا تمزق كتبك، لا توسخ دفاترك، كن مؤدباً في حديثك، لا تتكلم كثيراً.. وغير ذلك. هؤلاء وحتى أولياؤهم يتعبوننا، إننا لا نعلم من هو الذي يستحق اللوم. لكنه لا ريب في ضرورة توجيه اللوم للوالدين لأنهما لم يبدءا في تربية طفلهما في الوقت المناسب، ولم يعيرا أهمية تذكر لأفعاله. وبهذه الصورة فإن الأطفال الذين كان بالإمكان أن يصبحوا أعضاء نافعين في المجتمع، يصبحون عالة على الغير، ومما يؤسف له أنهم ليسوا قابلين للإصلاح"11.

هؤلاء الأطفال لا يملكون اعتماداً على أنفسهم، ويفقدون الشعور بالإستقلال، بل هم يعيشون عالة على غيرهم في حياتهم دائماً على أثر سوء التربية التي اتخذها الوالدان بحقهم... إنهم مصابون بعقدة الحقارة، ويظلون يئنون من ويلات ذلك مدى العمر.

الوالدان المتزمتان
في النقطة المقابلة للآباء الذين ذكرنا فسحهم المجال للطفل، يوجد آباء وأمهات متزمتون لا يسمحون للطفل بالحرية بالمقدار الكافي، ويسدّون طرق الإبتكار والنشاط الفردي عليه... يتدخلون في جميع شؤون الطفل صغيرها وكبيرها فيقتلون بذلك الشعور بالإستقلال والإعتماد على النفس عنده... وهذا بدوره يؤدي الى أن يقف الطفل في مستوى محدود من التكامل، وهو بلا شك عداء في لباس الحب. هؤلاء الآباء والأمهات يقودون أطفالهم نحو الحضيض بتزمتهم وسلوكهم ذاك.

وبالمناسبة يقول (جلبرت روبين): "لا ريب في أن الطفل زينة حياتنا، ولكن يجب أن لا ننظر إليه كنظرتنا الى فاكهة أو وردة على الشجرة، لأنه وإن كان يأخذ عصارته النباتية وغذاءه منا، لكنه ليس جزء من شجرة، بل انه نبتة مستقلة، يجب أن نقطع الجذور والأغصان الصغيرة التى تربطنا به حتى لا نقف أمام نموه، ونمنع بدورنا من وصول العصارة النباتية إليه".

"إن الأم الشابة تقول بكل غرور: (انه من دمي ولحمي) ولكن ما يؤسف له أنه لا يمضي وقت طويل حتى تتحسر بآهة من أعماق قلبها لأن هذا الإرتباط قد قطع. إننا نسمع هذه الجملة غالباً: (إني أحبه كثيراً لأني لا أملك في الدنيا أحداً غيره) في حين أنه يجب إبعاد الطفل عن مثل هذه العواطف. يجب أن لا نكون أنانيين ولكن ينبغي أن نعلم بأن طفلنا يملك حياة مستقلة تماماً... وبصورة موجزة فإنه يجب أن يتربى لنفسه لا للآخرين... هلموا إذن للتخلي عن اعتبار الطفل ملكاً لنا، لمّا لم نكن أكثر من حلقة وصل في هذه الحياة"12.

المساعدة المعقولة
إن المساعدة المعقولة التي يبذلها الوالدان للتلميذ الذي لم يستوعب الدرس من معلمه في المدرسة هي أن يدرساه في البيت مرة ثانية ويحاولا إفهامه الدرس تماماً. أما عندما يعمد الأب أو الأم بقصد مساعدة الطفل الى حلّ التمارين الرياضية التي كلّف بحلها من قبل المعلم، أو كتابة القطعة الإنشائية بدلاً منه وإعطاؤها له لينقلها في دفتره، فإنه يستحيل أن يصبح هذا التلميذ في عداد العلماء فيما بعد... ولا شك أن هذه المساعدة ظلم لا يُتدارك بالنسبة الى الطفل.

إن المساعدات غير المعقولة للوالدين تجاه الطفل تعود على الطفل بالضرر وتمنع من نمو شخصيته. فالحب التافه والمساعدة غير المتزنة يطفئان جذوة الإستقلال والإعتماد على النفس في ضمير الطفل، وبالتالي ينشئان إنساناً طفيلياً وتافهاً.

"إحذروا من أن تحرموا الطفل من الفرص المناسبة التي يستطيع من خلالها أن يتعلم بعض التجارب بنفسه، بمعنى أن لا تساعدوه في أداء كل عمل. هذه المساعدات التي تتجاوز الحد المقرر لها تعوّده على الاعتماد على الآخرين دائماً، ونشوئه عالة على الغير، فيفقد قدرته الشخصية في النهاية، ويعجز عن إنقاذ موقفه المتأزم لوحده"13.

إن أفضل الفرص لاحياء الشعور بالمسؤولية الفردية، وإيجاد الاستقلال والاعتماد على النفس هو دور الطفولة. يجب على الوالدين أن يعلما أن طفلهما إنسان واقعي ومستقل، وعليهما أن يعاملاه معاملة إنسان حقيقي... ويؤسسا قواعد التربية على هذا المنهج المستقيم، حتى ينشأ الطفل مستقلاً وشاعراً بالمسؤولية منذ البداية.

التشجيع والتوبيخ
على الوالدين أن يقوما بنصيحة الطفل في الأعوام الأولى من عمره حسب رشده وإدراكه ويفهماه بأنه هو المسؤول عن أفعاله الصالحة أو الفاسدة... عليهما أن يشجعاه على الأفعال الحسنة بالمقدار الذي يستحقه، ويوبخاه على الأفعال السيئة بالمقدار المناسب... كما عليهما أن يحذرا من الإفراط في المحبة، والإكثار من الشدة. عليهما أن يكررا هذا الأسلوب التربوي بكل صراحة حتى يطمئن الطفل الى استقلاله ويقف على مسؤوليته. إن طفلاً يتلقى تربية كهذه، عندما يبلغ العاشرة من عمره يصبح إنساناً معتمداً على نفسه، ويدرك معنى الشخصية بصورة واضحة.

"إن المربي يعدّ الطفل للحياة، إذن يجب ترجيح الطفل على تصوراته الخاصة. إن المربي سوف يصغي الى اوامر قلبه وعقله، وسيسلك مع الطفل سلوكاً إنسانياً، ذلك أنه يجب ألا نترك الجانب الإنساني مطلقاً... يجب أن نسلك سلوكاً إنسانياً من دون أي إثرة أو أنانية، يجب أن نكون إنسانيين ومحايدين في آن واحد".

"إن الوالدين والمربي العادل هم القادرون على أن يهبوا الطفل نصائح محايدة، وأن يجعلوا منه إنساناً كاملاً لا إتكالياً، إنهم يحبون الأطفال لا حباً أعمى بل حباً معقولاً يقودهم نحو الطريق الصحيح في الحياة".

"إن محبة كهذه لا تغفل عن أسس عملها أبداً، بل تحافظ على الإعتدال دائماً، ذلك أن العدل والإنصاف هما بمنزلة الملجأ للطفل".

"إذا كان الأب عادلاً فإن جدّه وتشدّده لا يخلفان أثراً سيئاً في الحياة. إن طريق الطفل يمكن أن يكون مليئاً بالعقبات والعراقيل، لكن لما كان أساسه التربوي متيناً فإنه لن يتضرر من ذلك"14.

التأدب في الصغر
لقد أكد الأئمة عليهم السلام ضمن بيان المناهج التربوية للأطفال على أهمية احياء المسؤولية الشخصية، والتنشئة على الاستقلال، وأوصوا أتباعهم بجميع التعاليم اللازمة في هذا الصدد.

يقول الإمام الصادق عليه السلام: "قال لقمان: يا بنيّ، إن تأدبت صغيراً انتفعت به كبيراً. ومن عنى بالأدب اهتم به. ومن اهتم به تكلّف علمه. ومن تكلف علمه اشتد له طلبه. ومن اشتدّ له طلبه أدرك به منفعة"15.

ثم يستمر في نصائحه فيقول: «يا بُنّي، ألزم نفسك التوءدة في أمورك. وصبّر على مؤنات الاخوان نفسك. فإن أردت أن تجمع عزّ الدنيا فاقطع طمعك مما في أيد الناس فإنما بلغ الأنبياء والصدّيقون ما بلغوا بقطع طمعهم"16.

وفيما يتعلق بالقيام بالواجبات والحرص على أدائها يقول: "يا بُنيّ، إنما أنت عبد مستأجر قد أمرت بعمل، ووُعدت عليه اجراً. فأوف عملك واستوف أجرك"17.

هذه الجمل القصار للإمام عليه السلام تتضمن بيان قيمة التربية في دور الطفولة، والسعي في تلقي التربية، وإسداء الأب النصائح للولد، وإيجاد الشعور بالمسؤولية الشخصية، وإحياء روح الاستقلال عند الطفل، وتنمية الاعتماد على النفس والإنقطاع عن الناس، والجدّ في أداء الواجبات، وأجر القيام بالواجب... وجميع الدقائق التربوية التي تتعلق بالشخصية والإعتماد على النفس.

ظهور الاستعدادات
يعتبر الاستقلال في الإرادة والإعتماد على النفس منشأ لظهور الإستعدادات الداخلية. هذا الخلق الفاضل يحبّب صاحبه الى الناس ويمنحه جمالاً اجتماعياً خاصاً. وعلى العكس من ذلك فان الطفيلية تكبح المواهب والقابليات الباطنية وتسبب الكراهية للفرد من قبل الاخرين. اإن الوالدين الواعيين مسؤولان عن تربية طفلهما على الإستقلال والإرادة بحيث يستطيع العيش بكل فخار وعز... وهذه التربية إنما هي من الحقوق الدينية للأولاد على آبائهم.

قال الإمام السجاد عليه السلام: "... فاعمل في أمره عمل المتزيّن بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا"18 أي عليك أن تسلك مع الطفل سلوكاً يسبب الإفتخار والمباهاة له في المجتمع.النشاط الفردي:

يستند ضمان السعادة الروحية والوصول الى الكمال المعنوي الى المسؤولية الفردية شأنه في ذلك شأن السعادة الدنيوية. فكما أن النجاح المادي لكل انسان يرتبط بنشاطه الفردي ومقدار الجهد الذي يبذله، كذلك نجاحه المعنوي وتكامله الروحي فإنه يرتبط بمستواه من الإيمان والجهد الذي يبذله في ذلك المجال.

والى هذا المعنى يشير القرآن الكريم: ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾(مريم:95).

كما أننا نلاحظ في الدنيا أخوين، يحصل أحدهما على الدرجات العالية بفضل اعتماده على نفسه وبذله الجهود المتواصلة ويعيش في النهاية حياة ملؤها العز والفخار، ويسقط الآخر عن أنظار الناس على أثر تسامحه وكسله فيعيش فقيراً محتقراً... كذلك في الآخرة. فمن الممكن أن يصل أحدهما الى أعلى عليين في ظل الإيمان بالله وأداء الواجب، وينحط الاخر الى أسفل سافلين نتيجة لانحرافه وتلوّثه بالاجرام والذنب.

إن الأب الذي قام بواجباته المادية معتمداً على نفسه ومستنداً الى شخصيته، وحصل على أثر ذلك على سمعة طيبة ودرجة رفيعة، ومنزلة سامية... لو قام بتربية طفله على ما هو عليه من الاستقلال والإعتماد على النفس والجدّ في أداء الواجب، فإن الطفل سيسعد في حياته أيضاً.

إن السعادة المعنوية للأب والابن والقيام وبالواجبات الروحية تتطابق مع السعادة المادية والقيام بالوجبات الدنيوية من حيث المسؤولية الفردية. فلو قام الوالدان المؤمنان بتربية أولادهما على الإيمان بالله والاستقامة في العمل، وقام الأولاد مع النظر الى مسؤوليتهم الشخصية بين يدي الله تعالى بأداء واجباتهم فلا شك في أنهم سيكونون كأبويهم مشمولين لرحمة الله عز وجل، وعنايته التي تفوق كل عناية وهذا ما أكد عليه القرآن الكريم حيث قال:

﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾(الطور:21).

ركيزة السعادة
نستنتج مما تقدم أنه حسب المقاييس الدينية والعلمية فإن الشعور بالمسؤولية الشخصية، والإعتماد على النفس، والجد في أداء الواجب... تشكل ركائز السعادة المادية والمعنوية للإنسان. إن كل فرد يحصل على نتيجة عمله، وكل شخص رهين بأعماله، إن خيراً فخير، وإن شراً فشرّ. إن الوالدين اللذين يدركان هذا الأمر بنفسهما ويربّيان الطفل على الشعور بالمسؤولية الشخصية منذ الطفولة يكونان قد أدّيا خدمة جبارة له، وأخذا بيده نحو طريق السعادة والتكامل والفلاح.

التفاخر بالآباء
لقد كان الناس في الجاهلية19 يتفاخرون بآبائهم وأجدادهم، بدلاً من التفاخر بالعلم والفضل، وكانوا يستندون إلى أمجاد أسلافهم والانتصارات التي أحرزوها بدلاً من التفاخر بالجهود والنشاطات الخاصة بكل منهم. وعندما جاء نبي الإسلام العظيم بتعاليمه القيمة كافح هذه الفكرة الخاطئة التي كانت العامل الأكبر لانحطاط المجتمع حينذاك، وبذل الجهود المضنية في سبيل تحويل الأفكار العامة عن الاعتماد على الغير والتفاخر بالآباء الى الاعتماد على النفس. لقد أكد الإسلام للجميع بأن الكمال الإنساني والتفاخر بالشرف إنما يستند الى ما يبذله كل فرد من جهد في طريق التكامل والتعالي.

قال علي عليه السلام: "الشرف بالهمم العالية لا بالرمم البالية"20.

الإتكال على الأمل
من المناسب أن ننبّه القراء الكرام، والشباب منهم بالخصوص إلى مسألة ضرورية، وهي أن المراد من الاعتماد على النفس أن يستند كل فرد في طريق الوصول الى سعادته على علمه وأخلاقه الفاضلة وجهوده، لا على آماله الفارغة، وأمنياته غير الناضجة. وبعبارة أوضح فإن آمال كل شخص ناشئة من حالاته النفسية الخاصة به، ولكن ليس المراد من الإعتماد على النفس، الإتكال على هذه الآمال النفسية الواهية. إن الذين يعمرون قلوبهم بالآمال فقط، ويتعهدون ضمائرهم بالأماني الطوال بدلاً من أن يعمروها بالعلم والفضائل، ويتعهدوها بالجد والعمل... يستحيل عليهم أن يحصلوا على السعادة والكمال.

عن علي عليه السلام: "إيّاك والإتكال على المنى، فإنّها بضائع النوكى"21.

وعنه عليه السلام أيضاً: "العاقل يعتمد على عمله، والجاهل يعتمد على أمله"22.

عندما نتصفح التاريخ الإسلامي نجد أن الأسر التي طبقت تعاليم الإسلام في أسلوب تربية الطفل، والتزمت بأفضل النصائح الواردة من الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله في هذا الصدد، توصلت الى نتائج لا معة حيث أثبت الأولاد جدارتهم. وعلى سبيل المثال نستعرض قضيتين تاريخيتين لطيفتين:

1- الطفلة الجريئة

غضب عبد الملك بن مروان على عباد بن أسلم البكري يوماً، فكتب إلى واليه على العراق الحجاج بن يوسف الثقفي بأن يقتله ويبعث برأسه الى الشام. فأرسل الحجاج الى عباد يطلب حضوره لتنفيذ أمر عبد الملك بشأنه. لقد تألم عبّاد من معرفة الخبر. واضطرب كثيراً وأقسم على الحجاج في أن يتخلى عن قتله لأنه يعيل أربعاً وعشرين امرأة وطفلاً، وبقتله سوف تختل شؤونهم وتضطرب حياتهم. فرقّ الحجاج لكلامه وأمر باحضار عائلته الى دار الامارة. وعندما حضر أولئك الى دار الامارة واطلعوا على ما صمم عليه الحجاج، وشاهدوا الحالة المزرية التي كان عليها وليهم، بدأوا بالبكاء والعويل... وفجأة قامت طفلة صغيرة من بينهم، كانت في غاية الجمال وأرادت أن تتكلم، فقال لها الحجاج: ما هي صلتك بعبّاد!؟

قالت: أنا أبنته.

ثم قالت له بكل صراحة: يا أمير، اسمع ما أقول... وأنشأت تقول:

أحجـاج، إما أن تمن بتركه علينا وإمّا أن تقتلنــا معــا
أحجاج، لا تفجع به إن قتلته ثماناً وعشراً واثنتين وأربعــا
أحجاج، لا تترك عليه بناته وخالاته يندبنه الدهر أجمعــا

هذه الكلمات الصريحة والقوية من هذه الطفلة الجريئة أبكت حجاجاً القاسي، وجعلته ينصرف عن قتل عبّاد، ويكاتب عبد الملك بشأنه حتى حصل على عفو الخليفة عنه23.

2- الصبي الخطيب

لما آلت الخلافة الى عمر بن عبد العزيز، أخذت الوفود تتقاطر عليه من أنحاء الدولة لتهنئته... وكان من تلك الوفود وفد الحجاز. كان في ذلك الوفد صبي صغير، قام في مجلس الخليفة ليتكلم، فقال الخليفة: ليتكلم من هو اكبر منك سناً. فقال الطفل: أيها الخليفة، إن كان المقياس للكفاءة كبر السن ففي مجلسك من هو أحق بالخلافة منك. فتعجب عمر بن عبد العزيز من هذا الكلام وأيده على ذلك، ثم أذن له في التكلم. فقال:

لقد قصدناك من بلد بعيد. وليس مجيئاً لطمع فيك أو خوف منك... لا نطمع فيك لأننا متنعمون بعدلك ومستقرون في بيوتنا بكل أمن واطمئنان... ولا نخاف منك لأننا نجد أنفسنا في أمن من ظلمك، وإن مجيئنا الى هنا إنما هو لغرض التقدير والشكر.

فقال له عمر بن عبد العزيز: عظني.

قال الصبي: لقد أصيب بعض بالغرور لحلم الله عليهم، واصيب آخرون بذلك لمدح الناس إياهم، فاحذر من أن يبعث هذان الأمران الغرور فيك، فتنحرف في تدبير شؤون الدولة.

لقد سُرّ عمر بن عبد العزيز لهذا الكلام كثيراً، وسأل عن عمر الصبي فقيل له: هو ابن اثنتي عشر سنة24.

الشعور بالاستقلال
إن التربية العائلية الصحيحة هي التي تستطيع أن تربي الطفل على الاستقلال والإعتماد على النفس، وتقوده نحو التكامل المادي والمعنوي.

إن الأطفال الذين نشأوا طفيليين على أثر الأسلواب الفاسد للتربية المتخذ بحقهم، والذين لا يشعرون بالإستقلال والاعتماد على النفس، يرزحون تحت كابوس الحقارة والذلة مدى العمر... إنهم لا يطمئنون الى أنفسهم، ولذلك فهم ينتظرون العون والمساعدة من هذا وذاك دائماً، وهذا يكشف لنا عن إصابتهم بعقدة الحقارة وتجرعهم نتائجها الوخيمة.

"إن المأساة العظمى هي أنه من بين جميع الأحياء فإن وليد الإنسان يتميز بطول فترة الطفولة. فوليد الحيوانات الأخرى يصل الى مرحلة البلوغ في خلال بضعة أسابيع أو اشهر، أي أنه يستطيع أن يستغني عن مساعدة الأخرين فيعيش لوحده. فمثلاً على ذلك نجد صغار الكلب أو القط ما إن تمر بضعة أشهر على تولدها تبلغ، ولا تعود محتاجة الى أبويها والآخرين في إعداد الطعام والمأوى والدفاع عن أنفسها، وفي حين أن هذه المرحلة عند صغار الإنسان تستغرق عدة سنين، وقد يبقى البعض منهم طفيلياً على غيره حتى آخر يوم من حياته".

"يعتقد كثير من المفكرين أن كثيرا من الأمراض العصرية يعود إلى أن البشر لم يبلغ حد الرشد، ولا يملك القدرة على الاستقلال في العمل، أي أنه لا يزال يشعر بالحاجة الى القيّم. إن السبب المباشر لوجود الديكتاتوريات في بعض نقاط العالم هو هذا الأمر. إن نتائج الرشد الناقص تظهر في أن صاحبه ينظر الى الحياة ومسائلها نظرة طفولية، وينكر أية مسؤولية اجتماعية. هذا الاسلوب من التفكير الطفولي يمكن قراءته بوضوح من بين أسطر الجرائد وأخبارها. إن عبادة نجوم السينما والممثلين، والحب الجنوني تجاه أبطال الرياضة، وحوادث الطلاق المستمرة... وما شاكل ذلك، أمارات تدل على هذا التسيب الخلقي"25.

التكامل الفردي والاجتماعي
لقد توصلنا في بحثنا هذا الى أن من الشروط الأساسية للتكامل الفردي الاجتماعي، الشعور بالمسؤولية الشخصية والاعتماد على النفس. على كل فرد أن يستند الى علمه وأخلاقه، وجدّه وجهده، ويسعى في طريق ضمان سعادته نظريا وتطبيقياً، وأن يحذر من الاعتماد على الآخرين وكونه عالة على غيره. إن الوالدين مسؤولان عن تنمية هذه السجية الخلقية في أطفالهما منذ الصغر.

وكما سبق، فإن هذا الموضوع من أهم المسائل الأساسية في الإسلام حسب ما تؤكد عليه الآيات والأحاديث من جانب، ومن جانب آخر فإنه من المواضيع العلمية المهمة في نظر علماء النفس المعاصرين، واساتذة التعليم والتربية.

إن قادة الإسلام العظماء علّموا المسلمين قبل أربعة عشر قرناً بأن كل فرد مسؤول عن أعماله، وأنه مرهون بعمله، وهو الذي يتحمل تبعة ما صدر منه من خير أو شر، وأن الجزاء الذي يناله أو يصيبه إنما هو النتيجة الطبيعية لما أكتسبت يداه.

كذلك العلماء المعاصرون فإنهم يعتقدون بأن النجاح الفردي والإجتماعي مستند الى الاعتماد على النفس، والى الجهود التي يبذلها الأفراد بهذا الصدد. وكلما كان الاستقلال الروحي والنشاط المبذول اكثر، كانت دائرة النجاح والتقدم أوسع.

الإتكال على الله
تمتاز المدرسة الإسلامية بميزة فريدة في هذا الصدد، لا توجد في سائر المدارس الفلسفية والنفسية... وتلك هي مسأله الإتكال على الله. لقد اكد القرآن الكريم والأحاديث المستفيضة على موضوع الإتكال على الله والاستمداد من قدرته اللامتناهية. إن الشجاعة الفائقة وصلابة النفس التي امتاز بها الأنبياء، وكذلك الانتصارات المذهلة التي أحرزوها مدينة الى طاقة الإيمان العظيمة، وقوة الإتكال على الله.

وهنا أجد من المناسب أن نتطرق في ختام البحث، الى الإتكال على الله وأثر ذلك في السعادة المادية والمعنوية للبشر. عسى أن تتضح للقراء الكرام أهمية المدرسة الإسلامية في التربية ورجحانها على سائر المدارس العالمية.

الإتكال على الناس، والإتكال على النفس، والإتكال على الله... ثلاث مراحل مستقلة ومتتابعة في مضمار التقدم البشري، ولكل منها نتائج وآثار نفسية وعملية خاصة.

الإتكال على الناس عبارة عن أن يستند الفرد الى الآخرين في سبيل تحقيق سعادته، ويتخلى عن الواجبات المفروضة عليه اعتماداً على هذا وذاك. هذه الحالة النفسية تعتبر من الصفات المذمومة من وجهة نظر الدين والعلم، وان الأفراد الإتكاليين هم أناس فاشلون.

إن ضرورات الحياة توجب على كل فرد أن يحتك بالآخرين ويعاشرهم، لكن الإحتكاك بالناس يختلف عن الاتكال عليهم. إن الإنسان العاقل يتصف بالأدب واللين في العلاقات الإجتماعية التي ينشئها مع الآخرين، فهو يحترم شخصية الآخرين، ويقابلهم بالبشر والحنان، ويراعي حقوقه وحدوده تجاه غيره... لكنه لا يرضى بالذلة، ولا يستسلم للهوان، ولا ينتظر من الآخرين أن يقوموا بالعمل الذي يجب عليه القيام به...

"وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: ليجتمع في قلبك الافتقار الى الناس والاستغناء عنهم. فيكون افتقارُك إليهم في لين كلامك وحُسن بشرك. ويكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك وبقاء عزّك"26.

الإتكال على النفس
أما الإتكال على النفس فهو عبارة عن أن يستند كل فرد الى نفسه، ويعتمد على عقله وعلمه، وسلوكه وأخلاقه، وعزمه وتصميمه، وجدّه وجهده، وأن يقف على قدميه في الحياة فيعلم أنه مسؤول بنفسه عن أفعاله الصالحة أو الفاسدة. لقد اعتبر هذا الموضوع في القرآن الكريم والاحاديث الاسلامية من أشد المسائل الدينية بداهة. وكذلك العلماء المعاصرون فإنهم يرون في الإعتماد على النفس أساساً لجميع النجاحات الفردية والإجتماعية، ويؤكدون على أن سعادة كل فرد تبتني على استقلال شخصيته واعتماده على نفسه. إن الأفراد الذين يعتمدون على أنفسهم يشعرون بالإستقرار والهدوء، الأفراد الذين يعتمدون على أنفسهم رجال نشاط وعمل، الأفراد الذين يعتمدون على أنفسهم يملكون شخصية رصينة واستقلالاً في الإرادة وطموحاً كبيراً يجعلهم يغضون النظر عما في أيدي الآخرين، ولا يستسلمون للذل والهوان أبداً.

هناك توافق وانسجام في هاتين المرحلتين بين المناهج الإسلامية القيمة والأساليب العلمية المعاصرة. أي أن علماء التربية والنفس المعاصرين يؤكدون في كتبهم العلمية ما علّمه الإسلام قبل أربعة عشر قرناً لأتباعه في مناهجه التربوية، والتي تتمثل في القرآن الكريم والأخبار المستفيضة.

لقد اعتبر قادة الإسلام الإعتماد على الناس أمراً مذموماً، ورأوا الخير والسعادة في قطع الطمع عما في أيدي الآخرين. وكذلك العلماء المعاصرين فإنهم يذمّون الاعتماد على الناس، والطفيلية بشدة.

كما عمل قادة الإسلام على إحياء المسؤولية الشخصية، والشعور بالإستقلال والإعتماد على النفس في الأفراد، وأكدوا على أن كل فرد مسؤول عن أفعاله، ورهين بما كسبت يداه. وكذلك فعل العلماء المعاصرون فإنهم اعتبروا الاعتماد على النفس من أهم أركان السعادة الفردية والإجتماعية.

الإتكال على الله
الإتكال على الله عبارة عن أن يستند كل فرد مؤمن، بالإضافة الى استغلال جميع طاقاته النفسية والجسمية والطبيعية، الى القدرة اللامتناهية لله تعالى، وان يستمد العون منه عز وجل في جميع المناسبات والظروف وبعبارة اوضح فإن الرجال المؤمنين يستغلون في سبيل الوصول الى السعادة المادية والمعنوية، جميع طاقات العقل. والعلم، والذكاء والأخلاق، والقوى الجسمية، والطاقات الطبيعية ويستخدمون جميع الوسائل التي خلقها الله تعالى لذلك... ولكنهم لا يقصرون آمالهم على هذه الطاقات والقوى أبداً، ولا يحصرون أرواحهم في سجنها الضيق، بل يعتقدون بأن وراء جميع العلل والعوامل الإعتيادية وفوق كل الطاقات الجسمية والروحية، قدرة لا تتناهى، وطاقة لاتقبل التحديد هي قدرة الله تعالى، المسيطرة على الكون كله... إنهم يعتقدون بأن جميع العلل إنما اتصفت بالعلية بإرادته ومشيئته، فهو علة العلل... وإن جميع الأسباب إنما اتصفت بالسببية بقدرته وأمره، فهو مسبّب الأسباب. إن أصحاب هذه العقيدة لا يخسرون المعركة أمام مشاكل الحياة أبداً، ولا يعرف اليأس طريقاً الى ارواحهم. هؤلاء يملكون بالاستناد الى القدرة الإلهية العظيمة أرواحاً مطمئنة، وعزماً ثابتاً، وإرادة حديدية.

طاقة الإنسان المحدودة
يهدف علماء النفس المعاصرون الى أن ينشئوا أفراداً مستقلين ومعتمدين على أنفسهم، ويمنعوا من نشوئهم طفيليين. لا شك في أن تربية كهذه قيّمة جداً، وتستحق الاكبار والتقدير، كما تظهر آثارها النيرة طيلة أيام الحياة بصورة تدريجية، ولكن يجب أن لا ننسى أن الطاقة الجسدية والروحية للإنسان محدودة، ولذلك فإن درجة اطمئنانه ونشاطه ستكون محدودة أيضاً.

إن من كان محروماً من الإيمان بالله، وكانت تربيته مطابقة للأساليب العلمية المحضة، فنشأ معتمداً على نفسه... فهو رجل العمل والنشاط ما لم يصل في حياته الى مأزق حرج... أما عندما يصطدم بمشاكل تستعصي على الحل، وتغلق جميع الأبواب والطرق الطبيعية بوجهه، يشعر باليأس والفشل، ويشلّ نشاطه، عندئذ يعجز الاعتماد على النفس من تهدئة خاطره والتخفيف من اضطرابه، وبعث الأمل في نفسه.

أما المؤمنون بخالق الكون، والذين يستندون الى قدرة الله العظيمة بالإضافة الى الاستقلال الروحي الذي يملكونه، والإعتماد على النفس الذي يتميزون به، فإنهم لا يصابون باليأس والقنوط أبداً... إنهم يذكرون الله تعالى في الأحوال الاعتيادية، ويستغلون جميع الوسائل والعوامل التي أوجدها خالق الكون في هذا العالم لتحقيق غاياتهم النبيلة وأهدافهم السامية. إنهم لا يتركون أبسط الفرص المؤدية الى السعادة تذهب عبثاً، وعندما يقعون في مأزق حرج لا يفقدون الأمل والطمأنينة، لأنهم لم يحصروا أرواحهم في دائرة العلل الطبيعية فقط، ولم يغفلوا عن القدرة الإلهية العظيمة التي هي فوق جميع القوى والطاقات لحظة واحدة. إنهم يستمدون العون من عناية الله في أشد الظروف وأحرج المواقف، ولا يطفأ لهب الأمل في أرواحهم أبداً... إن أعظم عامل لاستقرار النفس وقوة الإرادة هو الإتكال على الله...﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾(الرعد:28).

.... وهذه سمة فريدة يمتاز بها المنهج التربوي لرسل السماء. إن المناهج العلمية والتطبيقية تستطيع أن تربي الناس على الإعتماد على النفس... أما المنهج التربوي في الإسلام فإنه بالإضافة الى تأكيده على قيمة الاعتماد على النفس، يربي الأفراد على الإيمان بالله والإتكال عليه، وهذا من ميزات المدرسة الإسلامية في التربية.

التشاور والعزم والتوكل
لا شك في أن الأنبياء كانوا رجالا ذوي إرادة قوية، ومعتمدين على أنفسهم، ولكن أساس الطاقات المذهلة التي كانوا يملكونها هو الإتكال على الله. لقد كان يستحيل على موسى بن عمران أن يقارع فرعون بفضل اعتماده على نفسه فقط، وأن يقوم وحده بهدم تلك الحكومة الظالمة القوية لكن إتكاله على قدرة الله وعظمته هو الذي منحه القدرة على ذلك كله.

وكذلك نبينا محمد صلّى الله عليه وآله فإنه كان ذا شخصية روحية صلبة، واستقلال في الإرادة... ولكن الطاقة التي منحته القوة في ذلك الظرف الأهوج، والدور العصيب، وأعطته الأستقرار والهدوء في أشدّ المواقف، ومكنته من خوض المعارك العقيدية والسياسية والإجتماعية بكل نجاح... إنما هي الإيمان بالله والإستناد الى عظمته.

لقد ذكر القرآن الكريم منهج الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله، الذي كان سرّ نجاحه وتقدمه في عبارة موجزة حيث قال: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ﴾(آل عمران:159).

لقد ذكرت هذه الآية الكريمة واجب النبي تجاه الناس، وواجبه تجاه نفسه، وواجبه تجاه الله تعالى:

أما واجبه تجاه الناس فقد كان عبارة عن استشارتهم في الأمور الإجتماعية، ورسم الخطط العسكرية، وغير ذلك من الأمور التي لم يرد بشأنها نصّ... وعن طريق التشاور وتبادل الآراء يعين للمسلمين طرق انتصارهم وتقدمهم. إن الإعتماد على الناس، والفرار من عبء المسؤولية استناداً الى جهود الآخرين مذموم في الإسلام. أما احترام شخصية الأفراد ومعاشرتهم بالجميل، واستشارة العقلاء وذوي الرأي منهم فهو محبذ ومرغوب فيه.

وأما واجبه تجاه نفسه فهو عبارة عن عزمه وتصميمه في الأمور وقيامه بأدائها بنفسه. يجب عليه أن يكون صلباً أمام الحوادث، لا تزعزعه المشاكل المختلفة، بل يقابلها بإرادة حديدية وثبات لا يغلب عليه.

وأما واجبه تجاه الله فهو أن يتوكل عليه بعد استشارته المسلمين، والوقوف على رأي قاطع... يجب عليه أن يستمد العون منه عز وجل، ويعزّز مكانته بالإستناد إلى قدرته اللامتناهية.

إن تبادل الآراء والتشاور مع الناس لتنظيم شؤون العمل، وكذلك الإعتماد على النفس، والعزم والتصميم في تنفيذ خطة العمل عاملان كبيران لنجاح البشرية وتقدمها، وقد تكفل صدر الآية الكريمة ببيان ذلك وان العلم الحديث يهتم بهذين الأمرين اهتماماً بالغاً ايضاً. لكن الطاقة التي لا تقبل الاندحار، والشعلة التي لا تنطفىء، والثروة التي تنبع منها جميع الطاقات الروحية ويستند إليها الاستقرار والطمأنينة إنما هي النقطة التي تكفل ختام الآية ببيانها، وهو الإتكال على الله... إن الإتكال على الله اعظم من الاعتماد على النفس بكثير.

إن أعظم المراتب في المدارس التربوية العالمية هي تمنية الإعتماد على النفس وحسب. أما المدرسة الإسلامية في التربية فإنها ترقى إلى ما هو أهم من ذلك، حيث تغذي النفوس من نمير الإيمان بالله والاعتماد عليه، وهذه هي سمة فريدة يمتاز بها المنهج القرآني، دون غيره.



"عاشقة النور"

محـب الحسين
03-04-2011, 04:55 PM
أحسنتِ اختي الكريمه
ربي يعطيكِ العافيه

عشقي محمد واله
04-04-2011, 11:14 AM
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ والعَنْ عَدُوّهُمْ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يعطيكِ العافيه عزيزتي
عاشقة النور على ما طرحتِ
دمتِ ودام عطائكِ النير
وفقكِ الله لكل خير وسرور

عاشقة السيدة زينب ع
07-04-2011, 04:22 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
مشكورة أختي العزيزة عاشقة النور
على هذا الموضوع الرائع والقيم
تقبلي مروري

عاشقة النور
09-04-2011, 01:02 AM
كل الشكر لمروركم الطيب

لاخلا ولاعدم منكم


"عاشقة االنور"