بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
*(البسملة)*
من إعداد الشيخ عبدالنبي النشابة...
من مسجد فدك الزهراء - الدوار 2
----------------
المفردات
بسم: أي نبتدأ بهذا الإسم المبارك.
الرحمن: ذو الرحمةالشاملة.
الرحيم: ذو الرحمة الدائمة.
المدخل
هذه الآيةالكريمة هي شعار القرآن حيث تبتدأ سور القرآن كلها بهذه الآية - باستثناء سوةالتوبة، حيث أنها بدأت بإعلان الحرب على الكفار فلا يناسب ذلك افتتاحهابالرحمة.
وحيث أن القرآن الكريم يحتوي على 114 سورة، وحيث أن البسملة تكررتفي سورة النمل مرتين - مرة في مفتتحها ومرة في قوله تعالى حكايةً عن بلقيس ملكة سبأحين ألقي عليها كتاب كريم: ((إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)) - لذا فالبسملة تكررت في القرآن الكريم 114 مرة بعدد سورهتماماً. ولعل هذا التطابق يرمز إلى أن النظام التشريعي - الذي احتوى عليه القرآنالكريم - يبدأ من الله وتلفه الرحمة من أوله إلى آخره (كما أن النظام الكوني الذييستوعب الكون كله – كذلك).
كما إن هذه الآية الكريمة هي شعار المسلم في كلعمل يقوم به حيث ورد في الحديث الشريف: "كل أمر ذي بال لم يذكر فيه بسم الله فهوأبتر."1
وفي حديث آخر عن الإمام الباقر (عليه السلام): "سرقوا أكرم آية في كتابالله ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))، وينبغي الإتيان به عند كل أمر عظيمأو صغير ليبارك فيه"2
لماذا البدء بالبسملة؟
من الضروري أن يكونهنالك تطابق تام بين "الواقع الشعوري" و"الحقيقية الخارجية" لكي تكون مسيرة الفردسليمة في الحياة، أما إذا حدث الانفصام بين الواقع الشعوري والحقيقة الخارجية فإنذلك يؤدي إلى اختلال المسيرة وارتباك الأمور، ويتضح ذلك إذا لاحظنا الحقيقتينالتاليتين:
الحقيقة الأولى: أن المحرك للإنسان هو الشيء بـ"وجوده العلمي" لا بـ"وجوده العيني"، فلكل شيء وجودان حقيقيان: "عيني" يتمثل في الوجود الخارجيللشيء كوجود الشمس الخارجية في كبد السماء، "علمي" يتمثل في الوجود الذهني للشيءكوجود الشمس في لوحة ذهنك حينما تتصورها - وإن كنت في الظلام البهيم. (هذا مضافاًإلى وجودين آخرين اعتباريين هما "الوجود اللفظي" و"الوجود الكتبي".)
والذييحرك الإنسان هو الوجود العلمي للشيء لا الوجود العيني. فإذا تصور الإنسان وجود خطرداهم يهدد حياته - كحيوان مفترس يحاول أن يلتهمه - فإنه سوف يفر بنفسه وإن لم يكنهذا التصور يملك أي رصيد من الواقع، وبالعكس، إذا كان هنالك خطر حقيقي يهدد حياتهلكنه لم يشعر بذلك الخطر فإنه سوف يظل في مكانه دون أن يفكر في النجاة بنفسه.
فالمحرك للإنسان - بل لكل كائن واع - هو الشيء بوجوده العلمي لا بوجودهالعيني (حسبما تبين ببرهان الدوران الترديد الذي مر آنفاً).
الحقيقةالثانية: إن للحقائق الخارجية آثاراً وضعية لا تناط بالعلم بها، بل تترتب عليها. فالنظام الكوني نظام صارم، لا يتحمل أية معارضة، فكل خروج على هذا النظام يستتبععواقب وخيمة دون فرق بين أن يكون الخارج على النظام عالماً بعواقب خروجه أو جاهلاًبذلك.
إن الجهل بالقانون أو بالآثار المترتبة قد يشفع لصاحبه في ارتفاعالمؤاخذة القانونية، لكنه لن يكون شفيعاً له في ارتفاع الآثار التكوينية، فمن تحدىقانون الجاذبية وحاول أن يطير إلى السماء من سطح عمارة شاهقة فسوف تطرحه الجاذبيةأرضاً وتتركه جثة مهشمة دون جراك وإن تصور أنه يستطيع أن يقلد الطيور في طيرانها،وهكذا في سائر الأمثلة.
وعلى ضوء هاتين الحقيقتين نستطيع أن نعرف أن أيانفصام بين الواقع الشعوري والحقيقة الخارجية سوف يجر الفرد إلى الجري العملي وفقتصوراته الذهنية المناقضة للواقع، وعندئذ، يطاله عقاب التمرد على النظام الكوني دونهوادة.
عودة إلى الآية
وانطلاقاً مما تقدم نقول: إن الله سبحانهوتعالى - في الواقع الخارجي - مبدأ لكل شيء، ومصدر لكل شيء، فهو الأول والآخروالظاهر والباطن، فكل "الذوات" تستمد كينونتها من كينونته، وكل "الصفات" تستمدوجودها من وجوده، لأن كل "الذوات" وكل "الصفات" أمورٌ ممكنةُ الوجود - أن <أي> لا تستمد الوجود من ذاتها - فأنت لم تكن ثم كنت، وعلمك لم يكن ثم كان،ولا يستطيع أحد أن يدعي أن وجوده مستمد من ذاته، إذ أن "فاقد الشيء لا يعطيه،" فلابد أن ينتهي وجودك الإمكاني إلى وجود واجب الذات - وهو الله سبحانه وتعالى - ولابد أن ينتهي علمك الإمكاني إلى علم واجب بالذات - وهو علم الله سبحانه وتعالى،وحسب التعبير الفلسفي: "فإن كل ما بالغير لابد أن ينتهي إلى ما بالذات." فدسومة كلشيء من الدهن، أما دسومة الدهن فمن ذاته، ونورية كل شيء من الضوء، أما نورية الضوءفمن ذاته.
وإذا كان الله سبحانه وتعالى قبل كل شيء في الواقع الخارجي فيجبأن يكون قبل كل شيء في الواقع الشعوري لكي تتطابق الواقعيتان ولا يحدث أي انفصامبينهما، فقبل كل شيء لابد أن نرى الله سبحانه ونستشعر بوجوده وقدرته وهيمنته. ولذاورد في الحديث الشريف: "ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله قبله وبعده ومعه."
والالتفات إلى هذه الحقيقة ذو آثار جمة في فكر الإنسان وسلوكه، إذ سوفيتجه الإنسان بكله إلى ربه، ويتوكل عليه، ويستمد كل شيء منه، ولا يعود يتخذ أرباباًمن دون الله سبحانه بتوهم أنها تنفعه أو تضره، إذ كل شيء في هذا الوجود مرهونبمشيئته سبحانه وتعالى.
أزمة الأمور طراً بيده والكل مستمدة منمدده
وقد روي أنه لما أمر الملك بحبس يوسف (عليه السلام) بالسجن ألهمه اللهتعالى تأويل الرؤيا، فكان يعبر لأهل السجن، فلما سأله الفتيان الرؤيا وعبّر لهما،وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك، لم يفزع في تلك الحال إلى الله فأوحىالله إليه: "من أراك الرؤيا التي
رأيتها؟" قال يوسف: "أنتيارب."
قال: "فمن حببك إلى أبيك؟"
قال يوسف: "أنت يارب."
قال: "فمن وجّه إليك السيارة التي رأيتها؟"
قال يوسف: "أنت يارب."
قال: "فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعلت لك من الجب فرجا؟"
قال يوسف: "أنتيارب."
قال: "فمن أنطق الصبي بعذرك؟"
قال يوسف: "أنتيارب."
قال: "فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟"
قال يوسف: "أنتيارب."
فقال سبحانه له: "فكيف استعنت بغيري ولم تستعن بي، وأملت عبد منعبيدي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي وفي قبضتي ولم تفزع إليّ؟ إلبث في السجن بضع سنين /عقوبة على ترك الأولى/."3
وعن الصادق (عليه السلام): "أنها كانت سبعسنين"4
وقد روي أيضاً أن جبرائيل (عليه السلام) أتى يوسف (عليه السلام)،فضرب برجله حتى كشط له في الأرض السابعة، فقال له: "يا يوسف انظر، ماذاترى؟"
فقال: "أرى حجراً صغيراً،"
ففلق الحجر فقال: "ماذاترى؟"
قال: "دودة صغيرة،"
قال: "فمن رازقها؟"
قال: "الله،"
قال: فإن ربك يقول: "لَمْ أنس هذه الدودة في ذلك الحجر في قعر الأرضالسابعة، أظننت أني أنساك حتى تقول للفتى: 'اذكرنيعند ربك'؟ لتلبثن في السجنبمقالتك هذه بضع سنين."
فبكى يوسف عند ذلك، فتأذى به أهل السجن فصالحهم علىأن يبكي يوماً ويسكت يوماً، فكان اليوم الذي يسكت فيه أسوء حالاً.5
طبعاًهذا لا يعني عدم التوسل بالأسباب الطبيعية، بل يعني أن يعرف الإنسان أن وراء كلالأسباب - سبب الأسباب - وهو الله سبحانه وتعالى، وعلى كل، فتكرار البسملة أمام كلسورة - وقبل كل عمل - إلفات إلى هذه الحقيقة، فـ"بسم الله" يعني أننا نبدأ بهذاالإسم المبارك، وتكرار ذلك قبل كل شيء يركز في الذهن هذه الحقيقة - حقيقة بدء كلشيء بالله - في الواقع الخارجي، فينبغي الالتفات إلى هذه المبدئية في الواقعالشعوري، وإعلان هذا الالتفات في التلفظ بكلمة "بسم الله" أمام كل عمل في الحياة.
(1) البحار - ج 89 - ص 242
(2) الميزان - ج 1 - ص - 23 - ط 3
(3) بحار الأنوار - ج 12 - ص 246، وراجع أيضاً البحار - ج 68 - ص 113
(4) الأنبياءحياتهم قصصهم - للحسيني - ص 193
(5) النور المبين - للجزائري - ص 213، 214.
المصدر http://www.alnashaba.net/qabasat/1.htm
اللهم صل على محمد وآل محمد
*(البسملة)*
من إعداد الشيخ عبدالنبي النشابة...
من مسجد فدك الزهراء - الدوار 2
----------------
المفردات
بسم: أي نبتدأ بهذا الإسم المبارك.
الرحمن: ذو الرحمةالشاملة.
الرحيم: ذو الرحمة الدائمة.
المدخل
هذه الآيةالكريمة هي شعار القرآن حيث تبتدأ سور القرآن كلها بهذه الآية - باستثناء سوةالتوبة، حيث أنها بدأت بإعلان الحرب على الكفار فلا يناسب ذلك افتتاحهابالرحمة.
وحيث أن القرآن الكريم يحتوي على 114 سورة، وحيث أن البسملة تكررتفي سورة النمل مرتين - مرة في مفتتحها ومرة في قوله تعالى حكايةً عن بلقيس ملكة سبأحين ألقي عليها كتاب كريم: ((إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)) - لذا فالبسملة تكررت في القرآن الكريم 114 مرة بعدد سورهتماماً. ولعل هذا التطابق يرمز إلى أن النظام التشريعي - الذي احتوى عليه القرآنالكريم - يبدأ من الله وتلفه الرحمة من أوله إلى آخره (كما أن النظام الكوني الذييستوعب الكون كله – كذلك).
كما إن هذه الآية الكريمة هي شعار المسلم في كلعمل يقوم به حيث ورد في الحديث الشريف: "كل أمر ذي بال لم يذكر فيه بسم الله فهوأبتر."1
وفي حديث آخر عن الإمام الباقر (عليه السلام): "سرقوا أكرم آية في كتابالله ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))، وينبغي الإتيان به عند كل أمر عظيمأو صغير ليبارك فيه"2
لماذا البدء بالبسملة؟
من الضروري أن يكونهنالك تطابق تام بين "الواقع الشعوري" و"الحقيقية الخارجية" لكي تكون مسيرة الفردسليمة في الحياة، أما إذا حدث الانفصام بين الواقع الشعوري والحقيقة الخارجية فإنذلك يؤدي إلى اختلال المسيرة وارتباك الأمور، ويتضح ذلك إذا لاحظنا الحقيقتينالتاليتين:
الحقيقة الأولى: أن المحرك للإنسان هو الشيء بـ"وجوده العلمي" لا بـ"وجوده العيني"، فلكل شيء وجودان حقيقيان: "عيني" يتمثل في الوجود الخارجيللشيء كوجود الشمس الخارجية في كبد السماء، "علمي" يتمثل في الوجود الذهني للشيءكوجود الشمس في لوحة ذهنك حينما تتصورها - وإن كنت في الظلام البهيم. (هذا مضافاًإلى وجودين آخرين اعتباريين هما "الوجود اللفظي" و"الوجود الكتبي".)
والذييحرك الإنسان هو الوجود العلمي للشيء لا الوجود العيني. فإذا تصور الإنسان وجود خطرداهم يهدد حياته - كحيوان مفترس يحاول أن يلتهمه - فإنه سوف يفر بنفسه وإن لم يكنهذا التصور يملك أي رصيد من الواقع، وبالعكس، إذا كان هنالك خطر حقيقي يهدد حياتهلكنه لم يشعر بذلك الخطر فإنه سوف يظل في مكانه دون أن يفكر في النجاة بنفسه.
فالمحرك للإنسان - بل لكل كائن واع - هو الشيء بوجوده العلمي لا بوجودهالعيني (حسبما تبين ببرهان الدوران الترديد الذي مر آنفاً).
الحقيقةالثانية: إن للحقائق الخارجية آثاراً وضعية لا تناط بالعلم بها، بل تترتب عليها. فالنظام الكوني نظام صارم، لا يتحمل أية معارضة، فكل خروج على هذا النظام يستتبععواقب وخيمة دون فرق بين أن يكون الخارج على النظام عالماً بعواقب خروجه أو جاهلاًبذلك.
إن الجهل بالقانون أو بالآثار المترتبة قد يشفع لصاحبه في ارتفاعالمؤاخذة القانونية، لكنه لن يكون شفيعاً له في ارتفاع الآثار التكوينية، فمن تحدىقانون الجاذبية وحاول أن يطير إلى السماء من سطح عمارة شاهقة فسوف تطرحه الجاذبيةأرضاً وتتركه جثة مهشمة دون جراك وإن تصور أنه يستطيع أن يقلد الطيور في طيرانها،وهكذا في سائر الأمثلة.
وعلى ضوء هاتين الحقيقتين نستطيع أن نعرف أن أيانفصام بين الواقع الشعوري والحقيقة الخارجية سوف يجر الفرد إلى الجري العملي وفقتصوراته الذهنية المناقضة للواقع، وعندئذ، يطاله عقاب التمرد على النظام الكوني دونهوادة.
عودة إلى الآية
وانطلاقاً مما تقدم نقول: إن الله سبحانهوتعالى - في الواقع الخارجي - مبدأ لكل شيء، ومصدر لكل شيء، فهو الأول والآخروالظاهر والباطن، فكل "الذوات" تستمد كينونتها من كينونته، وكل "الصفات" تستمدوجودها من وجوده، لأن كل "الذوات" وكل "الصفات" أمورٌ ممكنةُ الوجود - أن <أي> لا تستمد الوجود من ذاتها - فأنت لم تكن ثم كنت، وعلمك لم يكن ثم كان،ولا يستطيع أحد أن يدعي أن وجوده مستمد من ذاته، إذ أن "فاقد الشيء لا يعطيه،" فلابد أن ينتهي وجودك الإمكاني إلى وجود واجب الذات - وهو الله سبحانه وتعالى - ولابد أن ينتهي علمك الإمكاني إلى علم واجب بالذات - وهو علم الله سبحانه وتعالى،وحسب التعبير الفلسفي: "فإن كل ما بالغير لابد أن ينتهي إلى ما بالذات." فدسومة كلشيء من الدهن، أما دسومة الدهن فمن ذاته، ونورية كل شيء من الضوء، أما نورية الضوءفمن ذاته.
وإذا كان الله سبحانه وتعالى قبل كل شيء في الواقع الخارجي فيجبأن يكون قبل كل شيء في الواقع الشعوري لكي تتطابق الواقعيتان ولا يحدث أي انفصامبينهما، فقبل كل شيء لابد أن نرى الله سبحانه ونستشعر بوجوده وقدرته وهيمنته. ولذاورد في الحديث الشريف: "ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله قبله وبعده ومعه."
والالتفات إلى هذه الحقيقة ذو آثار جمة في فكر الإنسان وسلوكه، إذ سوفيتجه الإنسان بكله إلى ربه، ويتوكل عليه، ويستمد كل شيء منه، ولا يعود يتخذ أرباباًمن دون الله سبحانه بتوهم أنها تنفعه أو تضره، إذ كل شيء في هذا الوجود مرهونبمشيئته سبحانه وتعالى.
أزمة الأمور طراً بيده والكل مستمدة منمدده
وقد روي أنه لما أمر الملك بحبس يوسف (عليه السلام) بالسجن ألهمه اللهتعالى تأويل الرؤيا، فكان يعبر لأهل السجن، فلما سأله الفتيان الرؤيا وعبّر لهما،وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك، لم يفزع في تلك الحال إلى الله فأوحىالله إليه: "من أراك الرؤيا التي
رأيتها؟" قال يوسف: "أنتيارب."
قال: "فمن حببك إلى أبيك؟"
قال يوسف: "أنت يارب."
قال: "فمن وجّه إليك السيارة التي رأيتها؟"
قال يوسف: "أنت يارب."
قال: "فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعلت لك من الجب فرجا؟"
قال يوسف: "أنتيارب."
قال: "فمن أنطق الصبي بعذرك؟"
قال يوسف: "أنتيارب."
قال: "فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟"
قال يوسف: "أنتيارب."
فقال سبحانه له: "فكيف استعنت بغيري ولم تستعن بي، وأملت عبد منعبيدي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي وفي قبضتي ولم تفزع إليّ؟ إلبث في السجن بضع سنين /عقوبة على ترك الأولى/."3
وعن الصادق (عليه السلام): "أنها كانت سبعسنين"4
وقد روي أيضاً أن جبرائيل (عليه السلام) أتى يوسف (عليه السلام)،فضرب برجله حتى كشط له في الأرض السابعة، فقال له: "يا يوسف انظر، ماذاترى؟"
فقال: "أرى حجراً صغيراً،"
ففلق الحجر فقال: "ماذاترى؟"
قال: "دودة صغيرة،"
قال: "فمن رازقها؟"
قال: "الله،"
قال: فإن ربك يقول: "لَمْ أنس هذه الدودة في ذلك الحجر في قعر الأرضالسابعة، أظننت أني أنساك حتى تقول للفتى: 'اذكرنيعند ربك'؟ لتلبثن في السجنبمقالتك هذه بضع سنين."
فبكى يوسف عند ذلك، فتأذى به أهل السجن فصالحهم علىأن يبكي يوماً ويسكت يوماً، فكان اليوم الذي يسكت فيه أسوء حالاً.5
طبعاًهذا لا يعني عدم التوسل بالأسباب الطبيعية، بل يعني أن يعرف الإنسان أن وراء كلالأسباب - سبب الأسباب - وهو الله سبحانه وتعالى، وعلى كل، فتكرار البسملة أمام كلسورة - وقبل كل عمل - إلفات إلى هذه الحقيقة، فـ"بسم الله" يعني أننا نبدأ بهذاالإسم المبارك، وتكرار ذلك قبل كل شيء يركز في الذهن هذه الحقيقة - حقيقة بدء كلشيء بالله - في الواقع الخارجي، فينبغي الالتفات إلى هذه المبدئية في الواقعالشعوري، وإعلان هذا الالتفات في التلفظ بكلمة "بسم الله" أمام كل عمل في الحياة.
(1) البحار - ج 89 - ص 242
(2) الميزان - ج 1 - ص - 23 - ط 3
(3) بحار الأنوار - ج 12 - ص 246، وراجع أيضاً البحار - ج 68 - ص 113
(4) الأنبياءحياتهم قصصهم - للحسيني - ص 193
(5) النور المبين - للجزائري - ص 213، 214.
المصدر http://www.alnashaba.net/qabasat/1.htm
تعليق