كيف ينبغي ان يكون المؤمن ؟؟؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عاشقة النور
    • Jan 2009
    • 8942

    كيف ينبغي ان يكون المؤمن ؟؟؟

    كيف ينبغي أن يكون المؤمن؟
    المصدر: كتاب (يا أبا ذر) لسماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي(دام ظله)

    «يا أبا ذر، إنّ نفسَ المؤمنِ أشدُ ارتكاضاً من الخطيئة من العصفور حين يُقذف به في شركه».
    في هذا القسم من الوصيّة الشريفة، يشير النبي(ص) ـاستمراراً للحديث السالف عن الهلع من الذنب، واستفادة من مثالٍ جميل ـ إلى حالة المؤمن أثناء ارتكاب الذنب، حيث يؤكّد(ص) أنّ قلب المؤمن حين اقتراف الخطيئة يرتجف أكثر من ارتجاف قلب العصفور الرقيق حين وقوعه في فخّ الصياد.
    إنّ كلمة (ارتكاض) تعتبر كلمة غريبة ونادرة الاستعمال بين الكلمات الأخرى. فهذه الكلمة لا وجود لها في نصوص الروايات إلا ما ندر.
    والارتكاض: يعني الاضطراب. ولكن للاضطراب مراتب ودرجات.
    وحيث إنّ الارتكاض يقف على قمّة مراتب الاضطراب، فإنّه لا يستعمل في أيّ نوع من الاضطراب كان.
    ومثال ذلك: إذا ألقيت على رجل من الأعيان تهمة السباب والفحش في القول، فإنّه سينزعج لذلك ويضطرب. وفي هذه الحالة لا يعبّر عن انزعاجه واضطرابه بالارتكاض. ولكن هذا الشخص نفسه إن اتّهِم بتهمة الفسق والفجور، فإنّ الارتكاض في هذه الحالة سيصدق تماماً على انزعاجه واضطرابه؛ لأنّ اضطرابه سيكون في أعلى درجاته، وقد يضطرّ إلى الهجرة عن محلّ سكناه؛ ومن ثم فإنّ الاضطراب ـ حسب أقوال علماء اللغة والبلاغة ـ ذو معنى مشكّك، وله درجاته الخاصّة به.

    العلاقة بين الارتكاض والارتكاب
    ثمّة قضيّة لطيفة في هذا الحديث الشريف، وهي أنّ النبي المصطفى(ص) اعتبر حصول الارتكاض في قلب المؤمن من مجرّد ارتكابه الخطأ كافياً، أيّ إنّ المؤمن الحقيقي ـ وفق المنظار النبويّ ـ هو من يهتزّ وجوده لارتكابه الخطأ، وليس بالضرورة أن يكون خطؤه ذنباً أو معصية، ويتّبع ذلك الاضطراب بأشدّ صورة.
    نعم؛ إنّ النصّ النبويّ الشريف لم يستخدم كلمة (ذنب أومعصية)، وإنّما استفاد من كلمة (خطيئة) وهي تعني في بعض الأحيان الاضطرار إلى المعصية، أو ترك الأولى، هذا مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ وراء انتخاب المعصومين(ع) لهذه الكلمة دون غيرها حكمة بالغة وبلاغة فائقة، وهم(ع) لا يستعملون الكلمات المترادفة أو القريبة من بعضها في المعنى إلا ضمن انتخاب دقيق وعناية خاصّة. وهكذا فإنّ النبي(ص) حينما لم يستعمل كلمة (معصية) ولجأ إلى استخدام كلمة (خطيئة) يعني بأنّه كان بصدد تبيين وتأكيد مراتب خاصّة في هذه المعاني المتقاربة.
    إذن فاستفادته(ص) من كلمة (ارتكاض) في هذه الجملة كان هادفاً، وهذه البلاغة النبويّة الحكيمة إنّما كانت من أجل توضيح أهميّة الموضوع ودرجته، ولذلك أدرج(ص) في حديثه كلمة نادرة الاستخدام، وإلا كان بمستطاعه أن يأتي مثلاً بعبارة (أشد اضطراباً) لانسياقها في نفس المعنى.
    والقضية اللطيفة الأخرى ـ في هذا الحديث ـ اختياره(ص) للعصفور في وصف درجة الاضطراب، ولاشك أنّ الطير بل الحيوانات جميعاً بما فيها الإنسان أيضاً، يصابون بالاضطراب جميعاً حينما يسقطون في فخّ من الأفخاخ، ولكن يبدو أنّ شدّة اضطراب العصفور آنذاك أكثر وضوحاً، لاسيّما أنه في تلك الحالة المزرية سيمتنع عن شرب الماء والتقاط الحبّ، بل عن كامل حريّته، فتراه يرتطم ببدنه بهذا الجانب وذاك لعلّه يتخلّص من فخّه أو شراكه.

    لا تستصغرن ذنبك
    .. تارة يقال لأحدهم: لماذا أذنبت؟ فيجيب بأنّه لا يرتكب كبائر الذنوب وإنّما يكتفي بصغائرها مشيراً إلى أمله لأن يحاسبه الله عليها فقط!!
    وهذا النوع من التفكير في المحاسبة المأمولة في استصغار الذنوب قد عبّرت عنها الروايات الكريمة بأنّها ذنوب لا تُغفر، لأنّ الاستصغار بحدّ ذاته يعدّ من كبائر الذنوب؛ قال الإمام الصادق(ع):
    «اتقوا المحقّرات من الذنوب، فإنّها لا تُغفر».أي مع استصغارها والتهاون في الموقف منها.

    الاضطراب لدى ارتكاب الذنب، من الإيمان
    وفقاً لما تقدّم؛ إنّ الاضطراب لدى ارتكاب المعصية يعدّ الشرط الأوّل لوجود الإيمان في قلب الإنسان. أما من يقضي كلّ نهاره في ارتكاب الذنوب والمعاصي دون أن ترتجف له شعرة ثم ينام هادئ البال، فهو لاشكّ خارج عن دائرة الإيمان. بينما لو سمع هذا الشخص نفسه بأنّ من المقرّر اعتقاله أو اعتقال أحد أقاربه، فهل تراه ينام ليلته مطمئنّ البال؟ أم هل سيكون لنومه معنى؟ ولذلك فإنّ نومه الهنيء بعد ارتكابه للذنب يعني أنّه محروم من معرفة عظمة الله تعالى وخارج عن دائرة الإيمان.
    إنّ على الإنسان أن يحيي في نفسه حالة الاضطراب حين ارتكابه الذنب، كما عليه أن يبذل قصارى جهده ليصل إلى درجة من الإيمان عبر التمرين والممارسة.
    نعم، هكذا كان العظماء الصالحون الذين إنّما وصلوا إلى ما وصلوا إليه من الإيمان بوسيلة المراقبة التدريجيّة للنفس.
    إنّ قلب المؤمن يشبه إلى حدّ كبير جداً وعاء الماء الذي يصلح بعد حدوث شرخ أو كسر فيه، فهو في ظاهره سالم من العيوب، وقد يحافظ على جميع قطرات الماء المسكوب فيه من الانسياب، ولكنّه في الوقت ذاته لا يبقى وعاءً سالماً.
    إنّ أثر ذلك الشرخ في الوعاء يشابه اللوعة والألم للذين يحرقان قلب المؤمن جرّاء ارتكاب الخطيئة. لهذا فإنّ الإيمان لن يترك للمؤمن الحقيقي شعوراً مريحاً حين ارتكاب الذنب، بل إنّه سيستعذب الخير والصلاح ويكره الخطيئة كرهاً حقيقيّاً.
    إنّ على الإنسان أن يعي الحكمة الأساسيّة من وجوده في الحياة الدنيا، ثمّ يتصرّف وفق ما يمليه عليه وعيه لفلسفة خلقته، كما عليه أن يعرف بأنّه سيغادر الدنيا لا محالة ذات يوم، وسيدخل عالماً ملؤه الهيبة وحاكميّة العدل.
    فكلّ عام ينقضي، يغادر معه عدّة من الأشخاص الذين كانوا بين ظهرانينا، ونتحسّس نحن من جانبنا الفراغ الذي خلّفوه برحيلهم، وهذا كلّه لا يعدو أن يكون رسالة مباشرة لنا نحن الأحياء، ودليلاً على اقتراب يوم الهيبة والعدل.
    وجميع الرسائل والإشارات والمواعظ الأخلاقيّة أمور منبّهة، ولكن المرجع في جميع ذلك هو مراقبة النفس ومحاسبتها المستمرّة، لئلا تنفلت من عقالها، ثمّ لا يستطيع صاحبها كبح جماحها أبداً.




    "عاشقة النور"
  • جنة
    • Mar 2011
    • 194

    #2
    تشكري ع النقل القيم ..
    لك مني أجمل تحيه .

    تعليق

    • محـب الحسين

      • Nov 2008
      • 46763

      #3
      جزاكِ الله أحسن الجزاء

      تعليق

      • سكون الليل
        • Nov 2008
        • 2787

        #4
        جزاكِ الله خيرا مراقبتنا تقبلي مروري

        تعليق

        يعمل...
        X