المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرية تفسير القرآن بالقرآن


عاشقة الحسين
21-03-2009, 08:42 AM
حاول جملة من أعلام المفسّرين من الفريقين كالطبري والرازي والطبرسي والطوسي والطباطبائي أن ينتهجوا طريقاً آخر غير ما سلكه الآخرون. حيث اعتمدوا القرآن نفسه لتفسير القرآن؛ وذلك لما ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله وأئمّة أهل البيت عليهم السلام أنّ القرآن يفسّر بعضه بعضاً ويصدّق بعضه بعضاً وينطق بعضه ببعض.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «إنّ القرآن ليصدّق بعضه بعضاً فلا تكذبوا بعضه ببعض».
قال عليّ أمير المؤمنين عليه السلام: «وكتاب الله بين أظهركم ناطق لا يعيـى لسانه، وبيت لا تُهدم أركانه، وعزّ لا تهزم أعوانه... كتاب الله تبصرون به، وتنطقون به، وتسمعون به، وينطق بعضه ببعض، ويشهد بعضه على بعض، ولا يختلف في الله ولا يخالف بصاحبه عن الله».
لماذا يجب تفسير القرآن بالقرآن؟ استُدلّ لهذه النظرية بدليلين:
الدليل الأوّل: لكي يتّضح هذا الدليل لابدّ من الإشارة إلى عدّة مقدّمات:
الأولى: إنّ القرآن الكريم كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لأنّه معجزة النبي الخالدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ قال تعالى: {وَإنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيد} (فصّلت: 41 ـ 42) والباطل نقيض الحقّ كما يقول الراغب في «المفردات»، وهو ما لا ثبات له عند الفحص عنه؛ قال تعالى: {ذَلِكَ بـِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (الحجّ: 62).
قال الرازي في ذيل قوله: {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ} وفيه وجوه:
● لا تكذّبه الكتب المتقدّمة كالتوراة والإنجيل والزبور، ولا يجيء كتاب من بعده يكذّبه.
● ما حكم القرآن بكونه حقّاً لا يصير باطلاً، وما حكم بكونه باطلاً لا يصير حقّاً.
● معناه أنّه محفوظ من أن ينقص منه فيأتيه الباطل من بين يديه، أو يزاد فيه فيأتيه الباطل من خلفه، والدليل عليه قوله {وَإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9) فعلى هذا الباطلُ هو الزيادة والنقصان.
● يحتمل أن يكون المراد أنّه لا يوجد في المستقبل كتاب يمكن جعله معارضاً له ولم يوجد فيما تقدّم كتاب يصلح جعله معارضاً له».
وقال الزمخشري: «هذا مثل كأنّ الباطل لا يتطرّق إليه ولا يجد إليه سبيلاً من جهة من الجهات حتّى يصل إليه ويتعلّق به».
أمّا قوله تعالى في ذيل الآية: {تنزِيلٌ مِنْ حَكِيم حَمِيد} فهو الدليل على عدم وصول الباطل ـ بأيّ طريقٍ ـ إلى القرآن. فالباطل قد يسري إلى الكلام الذي يصدر من الأفراد ذوي العلم المحدود والقدرات النسبية، أمّا الذي يتّصف بالعلم المطلق والحكمة المطلقة ويجمع كلّ الصفات الكمالية التي تجعله أهلاً للحمد، فلا يطرأ على كلامه البطلان، ولا ينسخ أو ينقض أو تمتدّ إليه يد التحريف، ولا يتناقض كلامه مع الكتب السماوية والحقائق السابقة، ولا يعارض بالمكتشفات العلمية الراهنة أو تلك التي يكشفها المستقبل. والحاصل فإنّ الآية واضحة الدلالة على نفي التحريف عن القرآن، سواء من جهة الزيادة أو النقصان، وهذا ما اتّفقت عليه كلمة المحقّقين من علماء المسلمين.
الثانية: إنّه لا يوجد بين مضامين القرآن الكريم أيّ اختلاف أصلاً. لقوله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} (النساء : 82 ). وهذا قياس استثنائي مؤدّاه: لو كان القرآن من عند غير الله لوُجد فيه اختلاف كثير، وحيث لا يوجد فيه ذلك، فهو من عند الله سبحانه. وجه الملازمة بين المقدّم والتالي أنّ غيره تعالى من الموجودات الواقعة في هذا النشأة، كلّها قائمة على أساس التحرّك والتكامل، وهذا قانون عام يجري في الإنسان أيضاً، فلا ترى واحداً من هذه الموجودات يبقى آنين متواليين على حال واحد، بل لا يزال يختلف من حال إلى حال. أمّا دليل بطلان التالي وهو عدم وجود الاختلاف فيه فهو مستبطن في المقدّمة الأولى؛ إذ لو وجد الاختلاف لكان متضمّناً للباطل، والمفروض أنّه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
والحاصل المستفاد من هذه الآية المباركة أمور:
1. إنّ القرآن ممّا يناله الفهم العادي. فلو لم يكن كذلك لما أمر سبحانه وتعالى الناس بالتدبّر والتأمّل فيه لمعرفة الحقّ، وإنّ التأمّل فيه يهدي صاحبه إلى كون القرآن من عند الله تعالى العليم بمصالح عباده الذي يهديهم بما يصلح أمرهم .
2. إنّ القرآن الكريم كامل مكمّل من جميع الجهات، لا يقبل الاختلاف ولا التغيير ولا التحوّل والنسخ ولا الإبطال ولا التهذيب ولا التكميل، فلا حاكم عليه أبداً؛ لأنّ ذلك كلّه من شؤون الاختلاف. فإذا كان منفيّاً عنه بالكلّية، فلا يقبل القرآن أيّاً منها، ولازم ذلك أنّ الشريعة الإسلامية مستمرّة إلى يوم القيامة.
3. إنّ هذا الكتاب لمّا كان كاملاً من كلّ جهة، لابدّ أن يكون نازلاً من عند الكامل المستجمع لجميع صفات الكمال الذي لا يُتصوّر النقص فيه أبداً، وليس هو إلاّ الله سبحانه، لأنّ غيره تعالى سواء كان إنساناً أو ملكاً أو أيّ مخلوق آخر، قرين النقص والاختلاف، فلا يمكن أن يصدر منه ما ليس فيه اختلاف، وإنّ الكمال مهما بلغ من الشأن في المخلوق فهو محدود، والقرآن بعجائبه وغرائبه غير محدود، فهو المعجزة الخالدة، لذا عبّر عنه سيّد المرسلين صلى الله عليه وآله بقوله: «لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه».
الثالثة: مضافاً إلى ما ثبت من أنّ القرآن كتاب لا يأتيه الباطل وأنّه لم يقع فيه الاختلاف، هناك خصوصية ثالثة وهي أنّ آياته متشابهة، والتشابه هو توافق أشياء مختلفة واتّحادها في بعض الأوصاف والكيفيات، وقد وصف الله سبحانه جميع القرآن بهذا الوصف حيث قال: {اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابـِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} (الزمر: 23) والمراد كون آيات الكتاب ذات نسق واحد من حيث جزالة النظم، وإتقان الأسلوب، وبيان الحقائق والحكم، والهداية إلى صريح الحقّ، كما تدلّ عليه القيود المأخوذة في الآية. وهذا غير التشابه الذي في المتشابه المقابل للمحكم، فإنّه صفة بعض آيات الكتاب وهذا صفة للجميع.
وقوله: «مثاني» جمع مثنية بمعنى المعطوف؛ لانعطاف بعض آياته على بعض ورجوعه إليه بتبيين بعضها وتفسير بعضها لبعض من غير اختلاف فيها بحيث يدفع بعضه بعضاً ويناقضه.
قال الرازي في ذيل هذه الآية: «إنّ كلّ ما فيه من الآيات والبيانات فإنّه يقوّي بعضها بعضاً ويؤكّد بعضها بعضاً».

تراب البقيع
28-03-2009, 11:40 PM
http://www.abdullhameed.net/vb/imgcache/10231.imgcache.gif
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
اَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَوْلادِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَصْحابِ الْحُسَيْنِ،..:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احسنتم الطرح
احترامي
موفقين للخير
اخوك تراب البقيع
http://www.abdullhameed.net/vb/imgcache/8884.imgcache (http://up.damasgate.com/)
دمتم بحب الزهراء عليها السلام

وهب
17-03-2010, 01:13 PM
اسال من الله ان يوفقكم لفهم القران والعمل باحكامه شكرا جزيلا على هذا الموضوع واتمنى من الاخوة ان يكون اكبر همهم معرفة القران

اريج الجنه
17-03-2010, 03:46 PM
بارك الله فيكِ خيه