المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مآثر الامام الحسن عليه السلام


محـب الحسين
23-07-2011, 01:22 PM
الَلَّهٌمَّ صَلِّ عَلَىَ مٌحَمَّدٍ وَآلِ مُحّمَّد
مآثر الامام الحسن عليه السلام
=============================
كان سيداً كريماً حليماً زاهداً ذا سكينة ووقار وحشمة، جواداً ممدوحاً، وسيأتي بسط شيء من ذلك.
أخرج أبو نعيم في الحلية أنه قال: إني لأستحي من ربي أن ألقاه ولم أمشِ إلى بيته، فمشى خمس وعشرين حجة.
وأخرج الحاكم عن عبد الله بن عمر قال: لقد حج الحسن خمساً وعشرين حجة ماشياً، وإن النجائب لتقاد بين يديه.
وأخرج أبو نعيم أنه خرج من ماله مرتين وقاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات حتى أنه كان ليعطي نعلاً ويمسك نعلاً ويعطي خفاً ويمسك خفاً.
وسمع رجلاً يسأل ربه عزّ وجل عشرة آلاف درهم فبعث بها إليه.
وجاءه رجل يشكو إليه حاله وفقره وقلة ذات يده بعد أن كان مثرياً، فقال: ما هذا حق سؤالك، يعظم لدي معرفتي بما يجب لك، ويكبر علي ويدي تعجز عن نيلك ما أنت أهله، والكثير في ذات الله قليل، وما في ملكي وفاء لشكرك، فإن قبلت الميسور ودفعت عني مؤنة الاحتفال والاهتمام لما أتكلفه فعلت، فقال: يا ابن بنت رسول الله أقبل القليل، وأشكر العطية، وأعذر على المنع، فأحضر الحسن وكيله وحاسبه وقال: هات الفاضل، فأحضر خمسين ألف درهم وقال: ما فعلت في الخمسمائة دينار التي معك؟ قال: هي عندي، قال: أحضرها، فأحضرها فدفعها والخمسين ألفاً إلى الرجل واعتذر.
وإضافته هو والحسين وعبد الله بن جعفر عجوزاً فأعطاها ألف دينار وألف شاة، وأعطاها الحسين مثل ذلك، وأعطاها عبد الله بن جعفر مثلهما ألفي شاة وألفي دينار.
وأخرج البزاز وغيره عنه: أنه لما استخلف، بينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجر وهو ساجد، ثم خطب أناس، فقال:
يا أهل العراق اتقوا الله فينا، فإنا أمراؤكم وضيفانكم ونحن أهل البيت الذين قال الله فيهم: (إنما يريد الله ليُذهِب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً)(5) فما زال يقولها حتى ما بقي أحد في المسجد إلا وهو يبكي.
وأخرج ابن سعد عن عمير بن إسحاق أنه لم يسمع منه كلمة فحش إلا مرة كان بينه وبين عمرو بن عثمان بن عفان خصومة في أرض فقال: ليس له عندنا إلاّ ما أرغم أنفه، قال: فهذه أشد كلمة فحش سمعتها منه.
وأرسل إليه مروان يسبه وكان عاملاً على المدينة ويسب علياً كل جمعة على المنبر فقال الحسن لرسوله: ارجع إليه فقل له: إني والله لا أمحو عنك شيئاً مما قلت بأن أسبّك، ولكن موعدي وموعدك الله، فإن كنت صادقاً فجزاك الله خيراً بصدقك، وإن كنت كاذباً فالله أشدّ نقمة.
وأغلظ عليه مروان مرة وهو ساكت ثم امتخط بيمينه، فقال له الحسن: ويحك أما علمت أن اليمين للوجه والشمال للفرج أفّ لك، فسكت مروان.
ولمّا مات بكى مروان في جنازته، فقال له الحسين: أتبكيه وقد كنت تجرعه ما تجرّعه؟ فقال: إني كنت أفعل ذلك إلى أحلم من هذا، وأشار بيده إلى الجبل.
وأخرج ابن عساكر أنه قيل له: أباذر يقول: الفقر أحب من الغنى، والسقم أحب من الصحة إليّ، فقال: رحم الله أباذر، أمّا أنا فأقول: من اتكل إلى حسن اختيار الله لم يتمنّ أنه في غير الحالة التي اختار الله له.
وكان عطاؤه كل سنة مائة ألف، فحبسها عنه معاوية في بعض السنين، فحصل له إضاقة شديدة قال: فدعوت بدواة لأكتب إلى معاوية لأذكره نفسي، ثم أمسكت، فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام فقال: كيف أنت يا حسن؟ فقلت: بخير يا أبة، وشكوت إليه تأخّر المال عني، فقال: أدعوت بدواة لتكتب إلى مخلوق مثلك تذكره بذلك؟(6) قلت: نعم يا رسول الله فكيف أصنع؟ فقال: قل: «اللهمّ اقذف في قلبي رجاءك، واقطع رجائي عمّن سواك حتى لا أرجو أحداً غيرك، اللهمّ وما ضعفت عنه قوّتي وقصر عنه عملي ولم تنته إليه رغبتي ولم تبلغه مسألتي ولم يجرِ على لساني مما أعطيت أحداً من الأولين والآخرين من اليقين فخصّني به يا أرحم الراحمين» قال: فوالله ما أنجحت فيه أسبوعاً حتى بعث إليّ معاوية بألف ألف وخسمائة ألف، فقلت: الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره ولا يخيب من دعاه.
فرأيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام فقال: يا حسن كيف أنت؟ فقلت: بخير يا رسول الله، وحدّثته بحديثي، فقال: يا بني هكذا من رجا الخالق ولم يرجُ المخلوق.
ثم دُفن بالبقيع إلى جنب أمه، وكان سبب موته أن زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي دسّ إليها يزيد أن تسمّه ويتزوّجها وبذل لها مائة ألف درهم ففعلت، فمرض أربعين يوماً، فلما مات بعثت إلى يزيد تسأله الوفاء بما وعدها، فقال لها: إنا لم نرضك للحسن فنرضاك لأنفسنا؟
وبموته مسموماً شهيداً جزم غير واحد من المتقدمين كقتادة وأبي بكر بن حفص والمتأخرين كالزين العراقي في مقدمة شرح النقيب.
وكانت وفاته سنة تسع وأربعين، أو خمسين(7)، أو إحدى وخمسين، أو ست وخمسين، ومنهم من قال: سنة تسع وخمسين، وجهد به أخوه أن يخبره بمن سقاه فلم يخبره، وقال: الله أشدّ نقمة إن كان الذي أظن وإلا فلا يقتل بي والله بريء.
وفي رواية: يا أخي قد حضرت وفاتي ودنا فراقي لك وإني لاحق بربي وأجد كبدي تقطع وإني لعارف من أين دهيت، فأنا أخاصمه إلى الله تعالى فبحقّي عليك لا تكلّمت في ذلك بشيء، فإذا أنا قضيت نحبي فقمّصني وغسّلني وكفّني واحملني على سريري إلى قبر جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أجدّد به عهداً، ثم ردني إلى قبر جدّتي فاطمة بنت أسد فادفنّي هناك، وأقسم عليك بالله أن لا تريق في أمري بحّة دم.
وفي رواية: إني يا أخي سقيت السم ثلاث مرات لم أسقه مثل هذه المرة، فقال: من سقاك؟ قال: ما سؤالك عن هذا تريد أن تقاتلهم؟ أكل أمرهم إلى الله.
أخرجه ابن عبد البر.
وفي أخرى: لقد سقيت السم مراراً ما سقيته مثل هذه المرة، ولقد لفظت طائفة من كبدي فرأيتني أقلبها بعود، فقال له الحسين: أي أخي من سقاك؟ قال: وما تريد إليه أتريد أن تقتله؟ قال: نعم، قال: لئن كان الذي أظن فالله أشد نقمة وإن كان غيره فلا يقتل بي بريء.
ورأى كان مكتوباً بين عينيه قل هو الله أحد، فاستبشر به هو وأهل بيته فقصّوها على ابن المسيّب، فقال: إن صدقت رؤياه فقلّ ما بقي من أجله، فما بقي إلا أياماً حتى مات.
ودفن عند جدته بنت أسد بقبته المشهورة وعمره سبع وأربعون سنة، كان منها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سبع سنين، ثم مع أبيه ثلاثون سنة، ثم خليفة ستة أشهر، ثم تسع سنين ونصف سنة بالمدينة.