المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسرار الصيام الباطنية


** خـادم العبـاس **
11-08-2011, 10:56 AM
اللهم صلِّ على مُحمد وآل ِمُحمد وعجل فرجهم وارحمنا بهم يـآآكريـــــــم
السلآآمُ عليكم ورحمة اللهِ وبركــآآته...
هذه مُــحآآضرة لسمااحة الشيخ حبيب الكاظمي قرأتهُ واعجبتني لــِـماا فيها من
فوآئد جــــُمة ودروس مغذيه للعقل أتمنى للجميع الفاائده ..
إن المؤمن إذا اكتشف ملكوت الشيء، وانتقل من الفقه الظاهري إلى الفقه الباطني، فمن الطبيعي أن يزداد تفاعله بذلك الأمر.. ورد عن الإمام علي عليه السلام : " لو يعلم المصلّي ما يغشاه من جلال الله، ما سرّه أن يرفع رأسه من سجوده ".. وعن الإمام الصادق عليه السلام : " إذا قام المصلي للصلاة نزلت عليه الرحمة من أعنان السماء إلى أعنان الأرض، وحفت به الملائكة، ونادته الملائكة .. وناداه ملك : لو علم المصلّي ما في الصّلاة؛ ما انفتل ".. أي ما ترك صلاته، ولم يطق الخروج من المسجد، ولا يرى في نفسه قدرة على أن يخرج من صلاته إلى حركة الحياة الدائبة..
إذن، المشكلة أننا محجوبون عن ملكوت العبادة، ولهذا تمل.. كما نلاحظ على الحجاج لبيت الله الحرام، حيث البعض منهم يعد الأيام لكي ينتهي من موسم الحج، ويرجع إلى أهله ووطنه وشغله.. فهذا الإنسان لو انكشف له ملكوت الكعبة والمسجد الحرام وهذا المكان المبارك، لما خرج من مكة إلا طرداً !.

فعلينا أن نتلمس ذلك الملكوت، ويمكن ذلك إما عن طريق بالتأمل، أو بمراجعة النصوص الشرعية الواردة من الكتاب والسنة.. وعندما نراجع النصوص المباركة بالنسبة للصيام، نلاحظ أنها تفيد أن هنالك بعد آخر للصيام، إن هذا البعد لا يرى بالعين المجردة، ولكن يأتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكذلك أولاده المعصومون عليهم السلام؛ ليبين هذا الملكوت.. قال الإمام الصادق عليه السلام : " من صام يوماً في الحرّ فأصاب ظمأ، وكل الله به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشّرونه، حتى إذا أفطر قال الله عز وجلّ : ما أطيب ريحك وروحك !.. يا ملائكتي، اشهدوا أني قد غفرت له ".. هذا الإنسان جالس على المائدة، وهو قد صام في يوم كثر عطشه، وهمه الطعام والشراب وشربة الماء، ولكن الله عز وجل ينظر إلى ملكوته، وهو لا يدري أنه محاط بهالة من نور الله عز وجل.. وفي حديث آخر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " الصائم في عبادة الله، وإن كان نائماً على فراشه، ما لم يغتب مسلماً ".. فملكوت الصوم متمثل بالنور، ولكن الإنسان يغتاب، وإذا بهذه الغيبة تبطل أثر ذلك الملكوت.
إذن، لو علمنا هذا الملكوت، أولاً لحاولنا أن نبقي ذلك.. ومن المعلوم أن الإنسان المراقب لنفسه، إذا ارتكب ذنبًا -جل من لا يسهو !.. ومن منا لم يخطئ ولا يرتكب الذنب -؛ فإنه يحس بقبض وإدبار وضيق في النَفَس والنّفس، إن هذه الأحاسيس تجعله لا يقدم على الحرام.. فالأمر لا يحتاج إلى أن ينذر نذراً، ولا يحتاج إلى أن يقسم قسماً، ولا يحتاج أن يعاهد الله تعالى عهداً؛ هو عندما استشم هذه الريح المنتنة من الحرام، فإنه تلقائياً لا يقترب من ذلك الأمر.. إذن، فائدة اكتشاف ملكوت العبادة - ومن العبادات الصوم -، أن الإنسان يحاول أن لا يرتكب أمراً، في ذلك الأمر إفساد لذلك الملكوت.

ويصل الإنسان المراقب إلى درجة من التكامل، أنه يرى أن حتى بعض اللذائذ المباحة التي توافق المزاج، يرى بأن هذه اللذة أيضاً قد تشكل حجاباً.. ما أجمل هذا النص عن الإمام الصادق عليه السلام - وقس على هذا الحديث أموراً كثيرة - يقول : كان الصادق عليه السلام إذا صام لا يشمّ الريحان، فسألته عن ذلك فقال : أكره أن أخلط صومي بلذّةٍ.. ولعل من هذا الحديث علماؤنا أفتوا بكراهة شم الريحان في شهر رمضان المبارك.. الإمام الصادق عليه السلام يرى بأن هذا الملكوت، قد تبطله هذه اللذة، وإن كانت لذة مباحة..
من ملكوت الصيام : القرب إلى الله عز وجل.. كما أن الصلاة معراج المؤمن، كأن الصلاة أداة ترفع الإنسان إلى الأجواء العليا، كذلك الصوم له معراجية، والدليل على معراجية الصوم هذا الحديث المعروف : " إنّ للصائم عند إفطاره دعوةً لا تُردّ "..

ولهذا نقول للصائمين تريثوا قليلاً.. صحيح، أن الإنسان جائع وعطشان ومرهق، ولكن هو صائم من الصباح إلى الليل، فليتريث قليلا ولو دقيقة واحدة، ولا يكتفي بالدعوات المأثور التقليدية : بأن يتمتم بسورة القدر، واللهم لك صمنا...، واللهم كن لوليك...؛ إسقاطاً للتكليف.. بل من المناسب أن يتمهل، ويستحضر حوائجه وبتوجه.. ولو كان لوحده، فليحاول أن يطيل الحديث والمناجاة مع الرب.. فما أجمل أن تختلط دموع الصائم بالمناجاة مع شربة الماء، في ساعة الإفطار !..
ومن المعلوم أن الملكوت أمر قد لا يطابق الظاهر، والدليل على ذلك أن هذه المادة المنتنة التي تنتج من عدم الأكل والشرب في الفم، هي عند الله تعالى أطيب من ريح المسك؛ لأنه هو تعالى يعلم ملكوت هذا العمل.. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : قال الله تبارك وتعالى : " كلّ عمل ابن آدم هو له، غير الصيام هو لي وأنا أجزي به، والصيام جُنّة العبد المؤمن يوم القيامة، كما يقي أحدكم سلاحه في الدنيا، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله عزّ وجل من ريح المسك ".

إذن، من خلال هذه السلسلة إن شاء الله تعالى، نحاول أن نصل إلى معنى إجمالي لحقيقة الملكوت الذي أراه الله عز وجل إبراهيم الخليل عليه السلام : { وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ }.. هو الذي ينبغي أن يرينا.. وأي شهر وأية ليلة، أفضل من هذه الليالي والأيام، لنصل إلى ملكوت العبادات : صلاة، وصوماً، وقراءة لكتاب الله عز وجل.
تقبل الله منا ومنك الصيــــآآم وصـــآلح الأعماال والطــآآعـآآت...

خادمة فضه
11-08-2011, 12:19 PM
شكرا على الموضوع
جزاك الله أحسن الجزاء

حسينية فاطمية
11-08-2011, 12:32 PM
يسلموووو الايادي

** خـادم العبـاس **
11-08-2011, 01:21 PM
شكرا على المرور الجميل
حياكِما الباري
منوره الصفحه بوجودكِا

محسن العراقي
11-08-2011, 03:39 PM
شكرا على الموضوع
جزاك الله أحسن الجزاء

محب الصدر
11-08-2011, 08:48 PM
مشكور اخي الكريم
بارك الله بك

** خـادم العبـاس **
12-08-2011, 07:08 PM
الف شكر على المرور الكريم
منوره الصفحه بوجودكم