عناصره النفسية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الحيران
    • Jul 2009
    • 315

    عناصره النفسية

    عناصره النفسية

    كان سيّدنا العباس ( عليه السلام ) دنيا من الفضائل والمآثر ، فما من صفة كريمة أو نزعة رفيعة إلاّ وهي من عناصره وذاتياته ، وحسبه فخراً أنّه نجل الاِمام أمير المؤمنين الذي حوى جميع فضائل الدنيا ، وقد ورث أبو الفضل فضائل أبيه وخصائصه ، حتى صار عند المسلمين رمزاً لكل فضيلة ، وعنواناً لجميع القيم الرفيعة ، ونلمح ـ بإيجاز ـ لبعض صفاته.
    1 ـ الشجاعة:
    أمّا الشجاعة فهي من أسمى صفات الرجولة لاَنها تنمّ عن قوة الشخصية وصلابتها ، وتماسكها أمام الاَحداث ، وقد ورث أبو الفضل هذه الصفة الكريمة من أبيه الاِمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الذي هو أشجع إنسان في دنيا الوجود ، كما ورث هذه الصفة من أخواله الذين تميّزوا بهذه الظاهرة ، وعرفوا بها من بين سائر الاَحياء العربية.
    لقد كان أبو الفضل دنيا في البطولات ، فلم يخالج قلبه خوف ولارعب في الحروب التي خاضها مع أبيه كما يقول بعض المؤرخين ، وقد أبدى من الشجاعة يوم الطف ما صار مضرب المثل على امتداد التأريخ ، فقد كان ذلك اليوم من أعظم الملاحم التي جرت في الاِسلام ، وقد برز فيه أبوالفضل أمام تلك القوى التي ملاَت البيداء فجبَّنَ الشجعان وأرعب قلوب عامة الجيش ، فزلزلت الاَرض تحت أقدامهم وخيّم عليهم الموت ، وراحوا يمنّونه بإعطاء القيادة العامة إن تخلّى عن مساندة أخيه ، فهزأ منهم العبّاس ، وزاده ذلك تصلّباً في الدفاع عن عقيدته ومبادئه.
    ان شجاعة أبي الفضل ( عليه السلام ) ، وما أبداه من البسالة يوم الطفّ لم تكن من أجل مغنم مادي من هذه الحياة ، وانّما كانت دفاعاً عن أقدس المبادئ الماثلة في نهضة أخيه سيّد الشهداء المدافع الاَوّل عن حقوق المظلومين والمضطهدين.
    2 ـ الاِيمان بالله:
    أمّا قوّة الاِيمان بالله ، وصلابته فانها من أبرز العناصر في شخصية أبيالفضل ( عليه السلام ) ، ومن أوليات صفاته ، فقد تربّى في حجور الاِيمان ومراكز التقوى ، ومعاهد الطاعة والعبادة لله تعالى ، فقد غذّاه أبوه زعيم الموحّدين ، وسيّد المتّقين بجوهر الاِيمان ، وواقع التوحيد ، لقد غذّاه بالاِيمان الناشىء عن الوعي ، والتدبّر في حقائق الكون ، وأسرار الطبيعة ، ذلك الاِيمان الذي اعلنه الاِمام ( عليه السلام ) بقوله: « لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً » وقد تفاعل هذا الاِيمان العميق في أعماق قلب أبي الفضل وفي دخائل ذاته حتى صار من عمالقة المتقين والموحّدين ، وكان من عظيم إيمانه الذي لا يحد أنّه قدم نفسه واخوته وبعض أبنائه قرابين خالصة لوجه الله تعالى.
    لقد جاهد العبّاس ببسالة دفاعاً عن دين الله ، وحماية لمبادىَ الاِسلام التي تعرّضت للخطر الماحق أيّام الحكم الاَموي ، ولم يبغ بذلك إلاّ وجه الله والدار الآخرة.

    3 ـ الاِباء:
    وصفة أخرى من أسمى صفات أبي الفضل ( عليه السلام ) ، وهي الاِباء وعزّة النفس فقد أبي أن يعيش ذليلاً في ظلّ الحكم الاَموي الذي اتخذ مال الله دولاً ، وعباد الله خولاً ، فاندفع إلى ساحات الجهاد كما اندفع أخوه أبو الاَحرار الذي رفع شعار العزّة والكرامة ، وأعلن أن الموت تحت ظلال الاَسنّة سعادة ، والحياة مع الظالمين برماً.
    لقد مثّل أبو الفضل ( عليه السلام ) يوم الطفّ الاِباء بجميع رحابه ومفاهيمه فقد منّاه الاَمويون بإمارة الجيش ، وإسناد القيادة العامة له أن تخلّى عن أخيه سيّد شباب أهل الجنّة ، فهزأ منهم وجعل إمارة جيشهم تحت حذائه ، واندفع بشوق وإخلاص إلى ميادين الحرب يجندل الاَبطال ويحصد الرؤوس دفاعاً عن حرّيته ودينه وكرامته.

    4 ـ الصبر:
    ومن خصائص أبي الفضل ( عليه السلام ) ومميّزاته الصبر على محن الزمان ، ونوائب الدهر ، فقد ألمّت به يوم الطف من المصائب والمحن التي تذوب من هولها الجبال ، فلم يجزع ، ولم يفه بأيّ كلمة تدلّ على سخطه ، وعدم رضاه بما جرى عليه وعلى أهل بيته ، وانّما سلّم أمره إلى الخالق العظيم ، مقتدياً بأخيه سيّد الشهداء ( عليه السلام ) الذي لو وزن صبره بالجبال الرواسي لرجح عليها.
    لقد رأى أبو الفضل الكواكب المشرقة ، والممجدين الاَوفياء من أصحابه وهم مجزّرون كالاَضاحي في رمضاء كربلاء تصهرهم الشمس ، وسمع عويل الاَطفال ، وهم ينادون العطش العطش ، وسمع صراخ عقائل الوحي ، وهنّ يندبن قتلاهنّ ، ورأى وحدة أخيه سيّد الشهداء ، وقد أحاط به أنذال أهل الكوفة يبغون قتله تقرّباً لسيّدهم ابن مرجانة ، رأى أبو الفضل كل هذه الشدائد الجسام فلم يجزع وسلّم أمره إلى الله تعالى ، مبتغياً الاَجر من عنده.
    5 ـ الوفاء:
    ومن خصائص أبي الفضل ( عليه السلام ) الوفاء الذي هو من أنبل الصفات وأميزها ، فقد ضرب الرقم القياسي في هذه الصفة الكريمة وبلغ أسمى حدّ لها ، وكان من سمات وفائه ما يلي:
    أ ـ الوفاء لدينه:
    وكان أبو الفضل العباس ( عليه السلام ) من أوفى الناس لدينه ، ومن أشدّهم دفاعاً عنه ، فحينما تعرّض الاِسلام للخطر الماحق من قبل الطغمة الاَموية الذين تنكّروا كأشدّ ما يكون التنكّر للاِسلام ، وحاربوه في غلس الليل وفي وضح النهار ، فانطلق أبو الفضل إلى ساحات الوغى فجاهد في سبيله جهاد المنيبين والمخلصين لترتفع كلمة الله عالية في الاَرض ، وقد قطعت يداه ، وهوى إلى الاَرض صريعاً في سبيل مبادئه الدينية.
    ب ـ الوفاء لاَمّته:
    رأى سيّدنا العبّاس ( عليه السلام ) الاَمّة الاِسلامية ترزح تحت كابوس مظلم من الذلّ والعبودية قد تحكّمت في مصيرها عصابة مجرمة من الاَمويين فنهبت ثرواتها ، وتلاعبت في مقدراتها ، وكان أحد أعمدتهم السياسية يعلن بلا حياء ولا خجل قائلاً: (إنما السواد بستان قريش) فأي استهانة بالاَمة مثل هذه الاستهانة ، ورأى أبو الفضل ( عليه السلام ) أن من الوفاء لاَمّته أن يهبّ لتحريرها وإنقاذها من واقعها المرير ، فانبرى مع أخيه أبي الاَحرار والكوكبة المشرقة من فتيان أهل البيت عليهم السلام ، ومعهم الاَحرار الممجدون من أصحابهم ، فرفعوا شعار التحرير ، وأعلنوا الجهاد المقدّس من أجل إنقاذ المسلمين من الذلّ والعبودية ، وإعادة الحياة الحرّة الكريمة لهم ، حتى استشهدوا من أجل هذا الهدف السامي النبيل ، فأي وفاء للاَمة يضارع مثل هذا الوفاء؟
    ج ـ الوفاء لوطنه:
    وغمرت الوطن الاِسلامي محن شاقّة وعسيرة أيام الحكم الاَموي ، فقد استقلاله وكرامته ، وصار بستاناً للاَمويين وسائر القوى الرأسمالية من القرشيين وغيرهم من العملاء ، وقد شاع البؤس والحرمان ، وذلّ فيه المصلحون والاَحرار ، ولم يكن فيه أي ظلّ لحرية الفكر والرأي ، فهبّ العباس تحت قيادة أخيه سيّد الشهداء ( عليه السلام ) إلى مقاومة ذلك الحكم الاَسود وتحطيم أروقته وعروشه ، وقد تمّ ذلك بعد حين بفضل تضحياتهم ، فكان حقاً هذا هو الوفاء للوطن الاِسلامي.
    د ـ الوفاء لاَخيه:
    ووفى أبو الفضل ما عاهد الله عليه من البيعة لاَخيه ريحانة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، والمنافح الاَول عن حقوق المظلومين والمضطهدين.
    ولم يرَ الناس على امتداد التاريخ وفاءً مثل وفاء أبي الفضل لاَخيه الاِمام الحسين ( عليه السلام ) ، ومن المقطوع به أنه ليس في سجلّ الوفاء الانساني أجمل ولا أنظر من ذلك الوفاء الذي أصبح قطباً جاذباً لكل إنسان حرّ شريف.

    6 ـ قوّة الإرادة:
    أمّا قوّة الاِرادة فانّها من أميز صفات العظماء الخالدين الذين كُتب لهم النجاح في أعمالهم إذ يستحيل أن يحقق من كان خائر الاِرادة ، وضعيف الهمّة أي هدف اجتماعي ، أو يقوم بأي عمل سياسي.
    لقد كان أبو الفضل ( عليه السلام ) من الطراز الاَول في قوة بأسه ، وصلابة إرادته ، فانظمّ إلى معسكر الحق ، ولم يهن ، ولم ينكل ، وبرز على مسرح التأريخ كأعظم قائد فذّ ، ولو لم يتّصف بهذه الظاهرة لما كتب له الفخر والخلود على امتداد الاَيّام.

    7 ـ الرأفة والرحمة:
    وأترعت نفس أبي الفضل بالرأفة والرحمة على المحرومين ، والمضطهدين وقد تجلّت هذه الظاهرة بأروع صورها في كربلاء حينما احتلّت جيوش الاَمويين حوض الفرات لحرمان أهل البيت من الماء حتى يموتوا أو يستسلموا لهم ، ولما رأى العباس ( عليه السلام ) أطفال أخيه ، وسائر الصبية من أبناء اخوته ، وقد ذبلت شفاهم ، وتغيّرت ألوانهم من شدّة الظمأ ذاب قلبه حناناً وعطفاً عليهم ، فاقتحم الفرات ، وحمل الماء إليهم ، وسقاهم ، وفي اليوم العاشر من المحرّم ، سمع الاَطفال ينادون العطش العطش ، فتفتت كبده رحمة ورأفة عليهم ، فأخذ القربة ، والتحم مع أعداء الله حتى كشفهم عن نهر الفرات ، فغرف منه غرفة ليروي ظمأه فأبت رحمته أن يشرب قبل أخيه وأطفاله ، فرمى الماء من يده.
    فتّشوا في تاريخ الاَمم والشعوب فهل تجدون مثل هذه الرأفة والرحمة ، التي تحلَّى بها قمر بني هاشم وفخر عدنان.
    هذه بعض عناصر أبي الفضل وصفاته ، وقد ارتقى بها إلى قمّة المجد التي ارتقى إليها أبوه.

  • سلطان القلوب
    • Feb 2011
    • 172

    #2
    جزاك الله خير الجزاء
    على الطرح القيم والهادف
    جعله الله في ميزان حسناتك ورزقك الجنه
    دمت بكل خير وعافيه وبحفظ الله ورعايته
    تحياتي

    تعليق

    • محـب الحسين

      • Nov 2008
      • 46763

      #3
      سلام الله على قمر الهواشم
      بوركت اخي العزيز
      جزاك الله أحسن الجزاء

      تعليق

      • الـدمـع حـبـر العـيـون
        • Apr 2011
        • 21803

        #4
        سلمت يداك وحرمت انشاء الله من النار على هذاالموضوع الرائع وفقت في دنياك وأخرتك

        تعليق

        • دمعة الكرار
          • Oct 2011
          • 21333

          #5

          تعليق

          • الشمري
            • Nov 2011
            • 5

            #6
            جزاك الله خير الجزاء اخي المؤمن

            تعليق

            • نور الزهراء
              • May 2012
              • 3660

              #7



              جَزآكـ الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ

              بآرَكـَ الله فيكـِ عَ آلمَوضوعْ

              آسْآل الله آنْ يعَطرْ آيآمكـِ بآلريآحينْ

              دمْت بـِ طآعَة الله ..}

              تعليق

              يعمل...
              X