المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نبذه عن مدينة كربلاء المقدسه


محـب الحسين
02-09-2011, 06:43 AM
السلام عليكم ورحمة الله

مدينة تقع في وسط العراق,تعتبر أحد المدن المقدسة لدى الشيعة وذلك لوجود ضريح الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) واصحابه الذين استشهدو معه في واقعة الطف. زار كربلاء ملايين الزوار في

2009 من العراق ولبنان والبحرين وسوريا والهند وباكستان إيران وبعض الدول الأخرى
ظة بابل.

الموقع والطبيعة

http://www.imamhussain.org/filestorage/2008/09_08/1222775888.jpg

تقع مدينة كربلاء المقدسة على بعد حوالي 100 كم إلى الجنوب الغربي من العاصمة بغداد.
وموقعها بين حافة الصحراء في غربي الفرات والجهة اليسرى لجدول الحسينية.
وتقع المدينة على خط طول 44 درجة و40 دقيقة وعلى خط عرض 33 درجة و31 دقيقة.
ويحدها من الشمال والغرب محافظة الأنبار ومن الجنوب محافظة النجف الأشرف ومن الشرق محافظة بابل وقسم من محافظة بغداد.
مناخ كربلاء رطب حار صيفاً، معتدل في الخريفين، وتخلل فترة الإنقلاب الربيعي والخريفي موجات من العواصف المتربة الخفيفة والمتوسطة.
تسقي أراضيها الخصبة - أنهار الحسينية المتفرعة من شاطئ الفرات.
تحيط مدينة كربلاء البساتين من جميع أرجائها. فهي أرض سهلة وخصبة حيث تكثر فيها زراعة الفاكهة والخضراوات والنخيل التي تحيطها من عدة جهات.
وتعلو أرض مدينة كربلاء القديمة، ومن ضمنها الحائر المحيط بالروضتين المقدستين نحو 22 - 28 متر عن مستوى سطح البحر، في حين تعلو ضواحيها عن سطح البحر من 30 - 34 متر.


التاسيس


يعود تاريخ المدينة إلى العهد البابلي وكانت هذه المنطقة مقبرة للنصارى قبل الفتح الإسلامي، ويرى بعض الباحثين ان كلمة كربلاء يعني (قرب الاله) وهي كلمة اصلها من البابلية القديمة، ورأى بعضهم ان التوصل إلى معرفة تاريخ (كربلاء) القديم قد يأتي من معرفة(اصلا يعود لي كرب وبلاء مثل ما قال الامام على رضي الله عنه) نحت الكلمة وتحليلها اللغوي فقيل انها منحوتة من كلمة (كور بابل) العربية بمعنى مجموعة قرى بابلية قديمة، منها نينوى القريبة من سدة الهندية، ومنها الغاضرية، وتسمى اليوم (اراضي الحسينية)، ثم كربلاء أو عقر بابل ثم النواويس، ثم الحير الذي يعرف اليوم بالحائر إذ حار الماء حول موضع قبر الامام الحسين عندما امر المتوكل العباسي بهدم وسقي القبر، ويرى اخرون ان تاريخ كربلاء يعود إلى تاريخ مدن طسوح النهرين الواقعة على ضفاف نهر بالاكوباس (الفرات القدي زطم) وعلى ارضها معبد قديم للصلاة، ان لفظ كربلاء مركب من الكلمتين الاشوريتين (كرب) أي حرم و(أيل) أي الله ومعناهما (حرم الله)، وذهب آخرون إلى انها كلمة فارسية المصدر مركبة من كلمتين هما (كار) أي عمل و(بالا) أي الأعلى فيكون معناهما (العمل الأعلى)، ومن اسمائها (الطف) ويحتمل ان كلمة كربلاء مشتقة من الكربة بمعنى الرخاوة، فلما كانت أرض هذا الموضع رخوة سميت كربلا... أو من النقاوة ويقال كربلت الحنطة إذا هززتها ونقيتها. فيجوز على هذا أن تكون هذه الأرض منقاة من الحصى والدغل فسميت بذلك. والكربل اسم نبت الحماض، فيجوز أن يكون هذا الصنف من النبت يكثر وجوده هناك فسميت به، والثابت ان الاسم الأول هو كرب وبلاء.
كربلاء.. المسمى والمعنى



كلمة كربلاء
ذكر السيد العلامة هبة الدين الشهرستاني ان (كربلاء) منحوتة من كلمتي (كور بابل) بمعنى مجموعة قرى بابلية ، وقال الأديب اللغوي (انستاس الكرملي):

(والذي نتذكره فيما قرأناه في بعض كتب الباحثين ان كربلاء منحوتة من كلمتين من (كرب) و(إل) أي حرم اللـه او مقدس اللـه) .

قلنا: ان رجع الأعلام الأعجمية الى أصول عربية كان ديدنا لعلماء اللغة العربية منذ القديم.
وأنا ارى محاولة ياقوت الحموي رد (كربلاء) إلى الأصول العربية غير مجدية، ولا يصح الاعتماد عليها، لانها من بابه الظن والتخمين، والرغبة الجامحة العارمة في ارادة جعل العربية مصدراً لسائر أسماء الأمكنة والبقاع، مع ان موقع كربلاء خارج عن جزيرة العرب، وان في العراق كثيراً من البلدان ليست أسماؤها عربية كـ (بغداد) و(صرورا) و(جوخا) و(بابل) و(كوش) و(بعقوبا)، وان التاريخ لم ينص على عروبة اسم (كربلاء) فقد كانت معروفة قبل الفتح العربي للعراق وقبل سكنى العرب هناك وقد ذكرها بعض العرب الذين رافقوا خالد بن الوليد في غزوته لغربي العراق سنة 12 هجرية 634م. قال ياقوت الحموي: (ونزل خالد عند فتحه الحيرة كربلاء فشكا اليه عبد اللـه بن وشيمة النصري الذبان: فقال رجل من اشجع في ذلك:


لقد حُبست في كربلاء مطـــيتي***وفي العينحتى عاد غثا سمينها

اذا رحلت من منزل رجعت لـه*** لعمري وايها انني لأهينــــها
ويمنعها من ماء كل شريعـــة*** رفاق من الذبان زرق عيـونها



ومن اقدم الشعر الذي ذكرت فيه كربلاء قول معن بن اوس المزني من مخضرمي الجاهلية والاسلام وعمر حتى ادرك عصر عبد اللـه بن الزبير وصار مصاحباً لـه، وقد كف بصره في آخر عمره. وذكر ياقوت الحموي هذا الشعر في (النوائح) من معجمه للبلدان. و(المعبر) وذكره قبلـه ابو الفرج الاصبهاني في ترجمة معن من الاغاني (12: 63 دار الكتب) وقال وهي قصيدة طويلة:


اذا هي حلت كربلاء فعلعا***فجوز العذيب دونها فالنوائحا


وقال في كلامه على الكوفة: قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: لما فرغ سعد بن أبي وقاص من وقعة رستم بالقادسية وضمن أرباب القرى ما عليهم بعث من أصحابهم ولم يسمهم حتى يرى عمر فيهم رأيه، كان الدهاقين ناصحوا المسلمين، ودلوهم على عورات فارس، واهدوا لـهم واقاموا لـهم الاسواق. ثم توجه سعد نحو المدائن الى يزدجرد وقدم خالد بن عرفطة حليف بني زهرة بن كلاب، فلم يقدر عليه سعد حتى فتح خالد ساباط المدائن، ثم توجه الى المدائن فلم يجد معابر فدلوه على مخاضة عند قرية الصيادين اسفل المدائن فأخاضوها الخيل حتى عبروا، وهرب يزدجرد الى اصطخر، فأخذ خالد كربلاء عنوة وسبى أهلها، فقسمها سعد بين اصحابه، ونزل على قوم في الناحية التي خرج سهمة فأحيوها، فكتب بذلك سعد الى عمر، فكتب اليه عمر ان حولـهم. فحولـهم الى سوق حكمة ويقال الى كويفة ابن عمر دون الكوفة...).
ولقائل ان يقول: إن العرب أوطنوا تلك البقع قبل الفتح العربي، فدولة المناذرة بالحيرة ونواحيها كانت معاصرة للدولة الساسانية الفارسية وفي حمايتها وخدمتها.
والجواب: ان المؤرخين لم يذكروا لـهم انشاء قرية سميت بهذا الاسم – اعني كربلاء غير ان وزن كربلاء الحق بالاوزان العربية ونقل (فعللا) (فعللاء) في الشعر حسب. فالاول موازن لجحجحى وقرقرى وقهقرى والثاني موازن لعقرباء وحرملاء، زيد همزة كما زيد برنساء.
أما قول الأب اللغوي انستاس ما معناه: أن كربلاء منحوتة من (كرب) و(ال)، فهو داخل في الإمكان، لأن هذه البقاع قد سكنها الساميون وإذا فسرنا (كرب) بالعربية أيضا دل على معنى (القرب) فقد قالت العرب: (كرب يكرب كروباً أي دنا) وقالت (كرب فلان يفعل وكرب ان يفعل أي كاد يفعل، وكاد تفيد القرب، قال ابن مقبل يصف ناقته:


فبعثتها تقص المقاصر بعدما***كربت حياة النار للمتنور


وقال ابو زيد الاسلمي:

سقاها ذووالارحام سجلاًعلى الطما***وقد كربت اعناقها ان تقطعا


وجاء في لسان العرب: كرب الامر كروبا: دنا... وكل شيء دنا فقد كرب، وقد كرب ان يكون وكرب يكون وكربت الشمس للمغيب: دنت.
فكرب البابلية قريبة من العربية.
وإذا فسرنا (ال) كان معناه (اله) عند الساميين أيضا، ودخول تفسير التسمية في الإمكان لا يعني أنها هي التسمية الحقيقية لا غيرها، لان اللغة والتاريخ متعاونان دائماً فهي تؤيده عند احتياجه إليها وهو يؤيدها عند احتياجها إليه، فهل ورد في التاريخ إن موضع كربلاء كان (حرم الـه) قوم من الأقوام الذين سكنوا العراق؟ أو مقدس الـه لـهم؟ لا يجيبنا التاريخ عن ذلك، ومن الأسماء المضافة إلى (ال) بابل واربل وبابلي

وعلى حسبان (كربلا) من الأسماء السامية الآرامية أو البابلية، تكون القرية من القرى القديمة الزمان كبابل واربيل، وكيف لا وهي من ناحية (نينوى) الجنوبية! قال ياقوت الحموي: (نينوى بكسر اولـه وسكون ثانية وفتح النون والواو بوزن طيطوى.. وبسواد الكوفة ناحية يقال لها نينوى منها كربلاء التي قتل بها الحسين، رضي اللـه عنه .

وقال في كتاب لـه آخر: (نينوى موضعان: بكسر النون وياء ساكنة ونون اخرى مفتوحة وواو والف ممالة، نينوى بلد قديم كان مقابل مدينة الموصل. ونينوى كورة كانت بأرض بابل منها كربلاء التي قتل بها الحسين بن علي عليهما السلام- . ونينوى من الاسماء الآشورية).


ولا نشك في ان نينوى السفلى سميت باسم نينوى العليا إحدى عواصم الدولة الآشورية المشهورة في التاريخ، سميت اما لمعارضتها واما لادامة ذكراها، على عادة الناس في تسمية البلدة التي ينشئونها بعد المهاجرة من بلادهم والجلاء عنها ويسمونها باسم بلدتهم التي هاجروا منها. وهذا معروف قديماً وحديثا، وهو من اجمل ضروب الوفاء، وان كان لغير الأحياء.
ونقل بعض الفضلاء قول أحد الباحثين في تاريخ كربلاء القديم وهو (كل ما يمكن ان يقال عن تاريخها القديم انها كانت من أمهات مدن طسوج النهرين الواقعة على ضفاف نهر بالاكوباس (الفرات القديم) وعلى أرضها معبد للعبادة والصلاة، كما يستدل من الأسماء التي عرفت بها قديماً كعمورا، ماريا، صفوراً، وقد كثرت حولـها المقابر، كما عثر على جثث موتى داخل اوان خزفية يعود تاريخا إلى قبل العهد المسيحي، وأما الأقوام التي سكنوها فكانوا يعولون على الزراعة لخصوبة تربتها وغزارة مائها لكثرة العيون التي كانت منتشرة في أرجائها)

ومن المعلوم ان كربلاء ليست على ضفة الفرات ولا على ضفافه، فالقائل لو قال (كورة كربلاء) لكان القول علمياً.
ومما يدل على قدم كربلاء أيضا ووجودها قبل الفتح الإسلامي ما ذكره الخطيب البغدادي بسنده الى أبي سعيد التيمي قال: (اقبلنا مع علي (ع) من صفين فنزلنا كربلاء، فلما انتصف النهار عطش القوم) وروى بعد ذلك بسنده أيضا عنه قال: (أقبلت من الانبار مع علي نريد الكوفة وعلي في الناس، فبينا نحن نسير على شاطي الفرات اذ لجج في الصحراء فتبعه ناس من أصحابه واخذ ناس على شاطئ الماء، فكنت ممن أخذ مع علي حتى توسط الصحراء، فقال الناس: يا أمير المؤمنين إنا نخاف العطش، قال: إن اللـه سيسقيكم، وراهب قريب منا، فجاء علي إلى مكانه فقال: احفروا هاهنا فحفرنا، وكنت فيمن حفر، حتى نزلنا ـ يعني عرض لنا حجر ـ فقال علي: ارفعوا هذا الحجر، فأعانونا عليه حتى رفعناه، فإذا عين باردة طيبة، فشربنا. فرجع ناس وكنت فيمن رجع، فالتمسناها فلم نقدر عليها، فقال الراهب: لا يستخرجها إلا نبي أو وصي.

ثم ذكر الخطيب بسنده إلى إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني أن (أبا سعيد التيمي) متروك الحديث وغير ثقة والمهم من هذا الحديث أن الإمام عليا عليه السلام مرّ بكربلاء ولج في الصحراء قبل سنة أربعين الـهجرية، ولم يذكر أحد من المؤرخين إنشاء مدينة باسم كربلاء في أثناء تلك السنين الأربعين، وهذا مرادنا بقبولنا أنها غير إسلامية، وقد أشرنا إلى مثل هذا المعنى آنفا. وهذا الخبر نقلناه لتأييده وتأكيده

الطف
ومن المواضع التي عرفها العرب قديما قرب كربلا (الطف) قال ياقوت الحموي: (الطف بالفتح والفاء مشدده وهو في اللغة ما اشرف من ارض العرب على ريف العراق)... وقال أبو سعيد: (سمي الطف لأنه مشرف على العراق من اطف على الشيء بمعنى اطل، والطف طف الفرات أي الشاطئ والطف ارض من ضاحية الكوفة في طريق البرية فيها كان مقتل الحسين بن علي ـ رضي اللـه عنه ـ وهي ارض بادية قريبة من الريف فيها عدة عيون ماء جارية منها الصيد والقطقطانة والرهيمة وعين جمل وذواتها، وهي عيون كانت للموكلين بالمسالح التي كانت وراء خندق سابور الذي حفره بينه وبين العرب وغيرهم وذلك ان سابور اقطعهم أرضها يعتملونها من غير ان يلزمهم خراجا، فلما كان يوم ذي قار ونصر اللـه العرب بنبيه ـ صلى اللـه عليه وآلـه وسلم ـ غلبت العرب على طائفة من تلك العيون وبقي بعضها في أيدي الأعاجم ثم لما قدم المسلمون الحيرة هربت الأعاجم بعد ما طمت عامة ما كان في أيديها منها، وبقي ما في أيدي العرب فأسلموا عليه وصار ما عمروه من الأرض عشرا، ولما انقضى أمر القادسية والمدائن وقع ما جلا عنه الأعاجم من ارض تلك العيون إلى المسلمين واقطعوه فصارت عشرية أيضا).

جاء في معجم البلدان عدة معان للحائر أهمها قول الأصمعي: (يقال للموضع المطمئن الوسط المرتفع الحروف حائر وجمعه حوران).. قال ابو القاسم علي بن حمزة البصري رادا على ثعلب في الفصيح: هو الحائر الا انه لا جمع لـه، لأنه اسم لموضع قبر الحسين بن علي ـ رضي اللـه عنه) ـ... ثم ذكر ان كربلاء من مساكن العرب منذ الجاهلية، ولذلك سميت اكبر مدينة في هذا الصقع (عين التمر) وهذا الاسم المركب الإضافي يحتوي على اسمين عربيين خالصي العروبة فهل كانت تسمية الحائر قبل الإسلام؟ وقد ذكر ياقوت في معجم البلدان أيضا (يوم حائر ملـهم) قال: (ويوم حائر ملـهم أيضا على حنيفة ويشكر) فهذا الحائر كان جزيرة العرب، فيجوز فيه الأمران اعني انه سمي في الجاهلية بالحائر وانه سمي في الإسلام بهذا الاسم. وقد أطال الكلام مؤلف (تاريخ كربلاء) على الحائر وسمى كتابه (تاريخ كربلاء وحائر الحسين عليه السلام) وقال: وهو بحث علمي تحليلي واسع عن الحائر المقدس وتاريخه في اللغة والتاريخ والفقه والحديث وثم تاريخ عمارته وهدمه من الصدر الأول إلى العصر الحاضر قال: (وقد نعتت كربلاء منذ الصدر الأول في كل من التاريخ والحديث بأسماء عديدة مختلفة ورد منها في الحديث باسم كربلاء الغاضرية ونينوى وعمورا وشاطئ الفرات وشط الفرات.
وورد منها في الرواية والتاريخ أيضا باسم مارية والنواويس والطف وطف الفرات ومشهد الحسين والحائر والحير إلى غير ذلك من الأسماء المختلفة الكثيرة إلا إن أهم هذه الأسماء في الدين هو الحائر لما أحيط بهذا الاسم من الحرمة والتقديس أو أنيط به من أعمال وأحكام في الرواية والفقه إلى يومنا هذا..)

وقد ذكرنا أن (الحائر) اسم عربي وان العرب سكنوا هذه البلاد منذ عصور الجاهلية، فلابد من ان يكون معروفا قبل استشهاد الحسين (ع) لأن هذه التسمية هي والحير والحيرة من اصل واحد، وقد قال ياقوت في كلامه على الحيرة ـ واكثره مذكور في تاريخ الطبري ـ: (وفي بعض أخبار أهل السير: سار اردشير إلى الاردوان ملك النبط وقد اختلفوا عليه وشاغبه ملك من ملوك النبط يقال لـه بابا فاستعان كل واحد منهما بمن يليه من العرب ليقاتل بهم آلاف فبنى الاردوان حيراً فأنزلـه من أعانه من العرب فسمي ذلك الحير الحيرة كما تسمى القيعة من القاع وانزل بابا من أعانه من الأعراب الانبار وخندق عليهم..).

أما التسمية بشط الفرات وبشاطي الفرات فهي عامة لا خاصة فلا يجب اختصاصها بكربلاء والحائر وإنما سبيلـها سبيل التحديد الشعري كقول الشاعر (وقد مات عطشاناً بشط فرات)، لان الشاعر لا يستطيع دوما من التعيين الجغرافي المحقق لالتزامه بالوزن والقافية. وأما (مارية) فلم يذكرها صاحب معجم البلدان، إلا بكونها اسماً لكنيسة بأرض الحبشة، وإنما ذكر (نهر ماري) قال: (بكسر الراء وسكون الياء، بين بغداد والنعمانية، مخرجه من الفرات وعليه قرى كثيرة منها همينيا وفمه عند النيل من أعمال بابل)


كما ورد في اللغة العربية ذكر ياقوت الحموي في المعجم كربلاء بالمد حول اشتقاقه من كربله رخاوة في القدمين، جاء يمشي مكربلا، وعلله لرخاوة أرضها وتربتها ونقاء حنطتها واستشهد والكربل اسم نبت الحماض, وعلى ما ذكره مؤلف (دبستان المذاهب) يطلقون لفظة بـ (كار بالا) ومعناه الفعل الفوقي أو العلوي، فعرب بكربلاء.

وقيل تسمية كربلاء تعود في جذورها إلى العهد البابلي, وهي مشتقة من "كرب أي مصلى, و(كرٌ وبلاء), و"آل" أي الإله عند الآراميين الساميين، آي يكون معناها مصلى الإله كما ذكر ذلك الدكتور مصطفى جواد, وقيل كور بابل التي ترجع إليها التسمية ومن المحتمل ان المسلمين خففوا لفظ كربلا من كور بابل وهذا الكلام يقال أنه صحيح

وتسمى كربلاء أيضا بأسماء أخرى قبل استشهاد الحسين بن علي (عليه السلام) واصحابه وعدد من اهل بيته تسمى :- الغاضرية، نينوى ،عقر
. (http://www.dorar-aliraq.net/)
. (http://www.dorar-aliraq.net/showthread.php?t=27234)

التشكيلات والتقسيمات الإدارية



الأقضية والنواحي التابعة لمدينة كربلاء
1- مركز القضاء وتتبعه ناحية الحر وناحية الحسينية.
2- مركز قضاء الهندية وتتبعه ناحية الخيرات وناحية الجدول الغربي.
3- قضاء عين التمر

أهم مناطق مركز المدينة القديمة
من ناحية المدينة ومبانيها وطرقاتها ومعالمها العمرانية فهي تنقسم الى قسمين:
- القسم المركزي او وسط المدينة: وهي كربلاء القديمة والمتكونة من محلات متعددة ( محلة المخيم ومحلة باب الطاق ومحلة باب السلالمة ومحلة باب الخان ومحلة باب العلوة ومحلة باب النجف).
وفي هذا القسم من المدينة بيوت قديمة قسم منها مائلة الى الإنهدام وقسم منها لا يمكن السكن فيها وقسم منها تم ترميمها للسكن الموقت فيه وهي فاقدة للعناصر الإساسية الصحية للحياة فيها من حيث الإنارة والتهوية والمبازل وازقتها ضيقة وملتوية وغير قابلة لحركة الوسائط النقلية وغيرها.
- القسم الثاني: هي محلة العباسية الشرقية والغربية والتي تم إحداثها بواسطة الوالي العثماني مدحت باشا ومبانيها على النمط الذي كان في بداية القرن التاسع عشر وهي قابلة للسكن نسبياً، اما شوارعها فهي ضيقة ولكن قابلة لمرور السيارات ومتعامدة بعضها على بعض.

أحياء كربلاء السكنية
ويمكن إعتباره القسم الثالث من أقسام المدينة( بعد القسمين المذكورين آنفاً) هو الأحياء السكنية التي ابتدأت من سنة 1950 وازدادت الى الآن، وهي حسب مخططات مدروسة مصادق عليها من قبل التخطيط العمراني وان كان التطبيق لم يكن إطلاقاً على مستوى التصميم لأن المباني مبعثرة قسم منها بنيت والقسم الآخر لا يبنى بعد وبواجهات مختلفة كل حسب ذوقه والأهم من ذلك الطرقات والشوارع رغم عرضها المتناسب ولكن بدون أرصفة ولا مجاري للأمطار ولا إنارة.
ومن تلك الأحياء:
حي الحسين،حي المعلمين، حي العباس، حي النقيب، حي الثورة، حي الحر، حي العسكري، حي رمضان، حي الصحة، حي الإسكان، حي القزوينية، حي العدالة، حي البنوك، حي الأنصار، حي الموظفين، حي البلدية، حي الغدير، حي السعدية، حي العلماء، حي الملحق، حي التعليب، حي الإصلاح الزراعي،حي العامل، حي الإمام علي، حي الأسرة، حي الغدير، حي التعاون،حي الإيمان ، حي القدس، حي النضال، حي الوفاء، حي الأطباء،...وغيرها.

شوارع كربلاء المقدسة
شارع الإمام علي (عليه السلام)، شارع الحسين (عليه السلام)، شارع العباس (عليه السلام)، شارع الحائر، شارع السدرة، شارع الجمهورية، شارع ميثم التمار، شارع المهدي، شارع صاحب الزمان، شارع الفرات، شارع أحمد الوائلي...، وهناك شوارع كثيرة إندثرت بفعل التوسع العمراني.







كربلاء في التاريخ



لم تكن كربلاء قبل الفتح الاسلامي على مستوى كبير من الشهرة، بل لم يرد ذكرها في التاريخ الاّ نادرا، وخصوصاً في عرض الكلام عما كان يقع في الحيرة وقرية الطف من الوقائع - بل كانت هي قرية بسيطة عليها مزارع وضياع، وكان سكانها أهل حراثة وزراعة.
وفي صفحات التأريخ نقرأ: (على أثر الفشل الذي مني به القائد سعد بن أبي وقاص والموفقية التي حازها خالد بن عرفطة في فتح ساباط أولا، ثم استتبعه فتح البقية المدائن عاصمة الدولة الساسانية، وتكلل فوز المسلمين بأكاليل النصر، وتم لهم الغلبة، أرغم يزدجرد الملك بالانسحاب والتقهقر مقهورا الى اصطخر، فارس، عطفوا عندها باتخاذ قاعدة تكون معسكرا لهم على تخوم الجزيرة، فاختاروا كربلاء ولتمنع ساكنيه من التسليم والخضوع لارادتهم قصدهم خالد بن عرطفة وفتح كربلاء عنوة وسبى أهلها، وقسم سعد أرباضها بين أصحابه، ونزل كل قوم في الناحية التي خرج سهمه بها، فأحيوها.
ومن المحتمل ان المسلمين خففوا لفظ كربلا من كور بابل كما خففوا لفظ بورسيا بلفظ برس، وهو لغة نبطي بابلي، على ان كربلا ومطلق القطع المتلاصقة ببعضها هي ضواحي القسم الغربي من مدينة بابل.
في مبدأ الفتح في عهد خلافة أبوبكر، عندما هادن أهل الحيرة - دهاقين الفرات الاوسط - خالد بن الوليد، شكا عبد الله بن وثيمة النصري ذباب كربلاء، وقال رجل من أشجع:


لقد حبست في كربلا مطيتي*** وفي العين حتى عاد غثاً سمينها
اذا رحلت من منزل رجعت له*** لعمري وأيها انني لأهينها
ويمنعها من ماء كل شريعة***رفاق من الذبان زرق عيونها


وتناقلت الألسن أنباه الشكوى والشعر وأحيط بعلم الخليفة عمر بن الخطاب في حينه فعند وصول كتاب سعد يخبره بما قام به، لم يرتضه للمسلمين معسكراً. وأمر سعد بتحويلهم ونقلهم منها، فحولهم سعد من كربلاء الى سوق حكمه، ويقال الى كويفة ابن عمر دون الكوفة.
وأغفل ذكر كربلاء بعدها، الى أن ولي أمير المؤمنين علي سلام الله عليه الخلافة فوردها عند مسيره لحرب معاوية في سهل صفين، فوقف عندما بلغ هذه الارض وأخبر عما سيكون لولده الحسين عليه السلام من الحوادث والشؤون فيها.
والمستفاد من ذلك لم يكن محل موقفه الذي وقف فيه واخبر عن ذلك سوى صحراء خالية لا أثر بها خلا بعض نخيلات.
على إن هذا لا يكون دليلاً قاطعا على عدم وجود عمران وأبنية فيها. اذ من الجائز أن تكون الوقفة الشريفة على بعض نواحيها لا نفس موقعها. أو أنه من الجائز أن أخذت الى الخراب والدثار بعد ترك سعد بن أبي وقاص لها، وتحوله عنها الى موضع الكوفة، بعد أن سبا أهلها، فلم يسكنها أحد بعد ذلك اللهم الا بعض الصعاليك.
وأخذت الى التقهقر يوما بعد يوم حتى أن قضت آخر أدوارها في زمن وجيز.
ورغم اهمال المؤرخين والجغرافيين عن تعريف موقعها بشكل واضح. حفظت لنا يد التواتر محلها وأقام براهينه وجود الأطلال والهضبات الحاكية لنا عن قديم آثارها.
يوجد اليوم على بعد بعض أميال في القسم الشمالي الغربي من مدينة كربلاء باتجاه ضريح الحر بن يزيد الرياحي في أرض (القرطه) و(الكمالية) أكمّ وأطلال قيل انها كربلاء الأصلية.
وقبل سني الحرب العالمية الاولى كان بعض أفراد من (مطره) يستخرجون من نفس الأطلال طابوق فرشي ضخم سلطاني يحملونه على حميرهم الى كربلاء لبيعه على الأهلين كوسيلة للعيش والارتزاق.
في الجنوب الشرقي من البلدة المشرقة قطعة أرض يطلق عليها لفظة (كربله) بالهاء وليس التاء المربوطة. ويزعم انها القرية التي كانت عليها المزارع حين ورود أبي عبد الله عليه السلام اليها. ومنها اشتق الاسم لهذه البلدة. وقد بنا بها النواب (ناصر علي خان اللاهوري) بناء جليلا. وبذل الأموال الجزيلة لاعمار هذه القطعة من الأرض بعد أن ابتاعها من الحكومة العثمانية. ولما كانت تتصل بهور السليمانية فقد تكرر اطلاق الماء عليها. وذهبت بمجاسنها ولم يبق بها الا القليل من ذلك.
ولم يحدثنا التأريخ عن كربلاء، عقب وقوف أمير المؤمنين عليه السلام، الا بعد مرور ربع قرن من الزمان.
وقد جاء في أحد الكتب القديمة ما نصه:
فموقع (كربلاء) اليوم، واقع على بعد بضع أميال في الشمال الغربي من بلدة كربلاء - الحالية - مما يلي أرض القرطة، وهو مكان مرتفع يسمى باصطلاح اليوم: الظهيرة أو العرقوب. ويبعد موقعها عن قبر الحر بم يزيد الرياحي حوالي سبعة آلاف متر.
ولم تكن مدينة كربلاء المقدسة عامرة يوم ورود الإمام الحسين عليه السلام لها يوم الخميس الثاني من المحرم سنة 61 هـج وهو على ظهر جواده على شفير ذلك الوادي، الا بعض قرى تحف أطرافها ك(شفيه) و(الغاضريات) و(نينوى) و(ماريه) و(العقر) التي بقيت كآخر أثر للبابليين يزال قائماً.
ولم يرتض الإمام الحسين عليه السلام من أسماء القرى التي أخبروه بها سوى اسم كربلا. اذ عندما طرقت لفظتها مسامعه الشريفة.. ارتضاها من غير تأن ولا توان. فلم يكد أن قال: هي هي هي والله محط رحالنا ومناخ ركابنا ومسفك دمائنا. ثم أمر بأثقاله فحطت وبسرادفه فأقيمت. ثم كان من أمره ما كان ليوم التاسع من نزوله سلام الله عليه. كربلا....
فأخذت لفظتها بعد وقوع هذا الحادث الأليم مما جرى على بسيط أديمها من مأساة عاشوراء المعروفة. أنظر (ملحمة الطف)
ومن ذلك الحين ذاع صيت كربلاء في الآفاق.
وقد جاء ذكرها في أشعار العرب ودواوينهم. ففي أول بيت شعر وردت لفظتها:
أبكي قتيلاً بكربلا........
ثم البيت:
غادروه بكربلا صريعاً***لا سقى الله جانبي كربلا
ثم تلاها قول السهمي:


مررت على قبر الحسين بكربلا*** ففاض عليه من دموعي غزيرها
وقوله:
سلام على أهل القبور بكربلا***وقل لها مني سلام يزورها
وقول كشاجم:
وأظلم في كربلا يومهم***ثم تجلى وهم ذبائحه
وقول السوسي:
كم دموع ممزوجة بدماء***سكبتها العيون في كربلاء
وقول منصور النمري :
بيثرب كربلاء لهم ديار***نيام الاهل دارسة الطلول


وقول الزاهي

وأضحى بكم كربلا مغربا***كزهر النجوم اذا غورت


الى ما هنالك من ذكر لفظتها، وان أردنا استيعاب ذلك لم تسعنا المجلدات لكثرته اذ لم يخل بيت شعر رثي به الحسين عليه السلام من ذلك.

هذا وموضع تلك الواقعة، صار مقصد الراغبين وبغية الطالبيين، بعد قيام الأسديين من أهل الغاضريات بدفن الجثث الطاهرة، والأجساد المضرجة بالدماء التي أريقت بسيف البغي والعدوان. الا ان أشلائهم لم تدفن كلها في صعيد واحد. اذ لم ترض بنوا تميم ترك جسد الحر بن يزيد (رض) عند تلك الاشلاء، فأخذوه الى موضع قبره المعلوم حالياً. صور وخرائط + مزارات ومعالم
وأول من زار الحائر بعدما حازت تربتها تلك السعادة الأبدية، عبيد الله بن الحر الجعفي لقرب موضعه منها - اذ كان على الفرات -
حيث وقف على القبر الشريف واستعبر باكياً متأوها كمدا على ما فاته من القيام بالسعادة وفوزه بمراتب الشهادة بين يدي سيد السادة. منشدا أبياته الشهيرة التي يقول فيها:


فواندمي أن لا أكون نصرته *** ألا كل نفس لا تسدد نادمه
وإني لأني لم أكن من حماته،*** لذو حسرة ما إن تفارق، لازمه
سقى الله أرواح الذين تآزروا*** على نصره سقياً، من الغيث، دائمه
وقفت على أجدائهم ومحالهم ***فكاد الحشى ينقض والعين ساجمه
لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغى***سراعاً الى الهيجا حماة ضبارمه
تأسوا على نصر ابن بنت نبيهم*** بأسيافهم آساد غيل ضراغمه
فان يقتلوا فكل نفس زكية،***على الأرض قد أضحت لذلك واجمه
وما أن رأى الراؤن أصبر منهم ***لدى الموت سادات وزهراً قماقمه


وهناك ورد وفد جابر ابن عبد الله الأنصاري في جماعة من الهاشميين، يوم العشرين من صفر سنة الشهادة. وقد عد البعض ذلك ضرب من المستحيل ان كان واردا من الحجاز لما يستغرق من الوقت لوصول الخبر الى المدينة ثم مجيئهم الى كربلاء. ولا يمكن تعليل ذلك الا بوجود جابر في محل قريب من كربلاء عند بلوغه الخبر فأمكنه الوصول في ذلك اليوم - أو انه قد وفد في السنة التي تلت سنة الشهادة.
وعندما بلغ جابر الغاضرية، اغتسل في شريعتها وتقمص بأطهر ثيابه، وتطيب بسعد كان مع صاحبه عطاء. ثم سعى نحو القبر الشريف، حافي القدمين وعليه امارات الحزن والكآبة، حتى وقف على الرمس الكريم، انكب ووقع مغشياً عليه... وعند اقامته من غشوته، سمعه عطاء يقول: السلام عليكم يا آل الله.
ثم ذكروا ملاقاته للإمام السجاد علي بن الحسين عليهما السلام - في ذلك اليوم - مع أهل بيته راجعاً من الشام، وهو حامل للرأس الشريف وسائر الرؤوس لالحاقها بالجثث الطاهرة - أو الرأس الشريف فقط - بعد اطلاق سلبيهم من قيد الأسر.
ان التصدي لتوثيق صحة هذا الخبر وتأكيده، لهو من الاستحالة بمكان. اذ كيف تسنى للإمام السجاد عليه السلام الوصول بهذا الزمن القصير، مع ما هم عليه من المصائب والحزن على استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، حيث قادوهم من ساحة كربلاء الى الكوفة وبقائهم بها مدة استئذان عبيد الله بن زياد ليزيد بن معاوية في حملهم اليه، وتسييرهم بعد صدور ارادة يزيد وقد ساروا بهم على طريق الفرات، واجتازو بهم حلب حتى دخلوا بهم الشام في اليوم السادس عشر من ربيع الاول على ما نص عليه عماد الدين الحسن بن علي الطبرسي في كتابه الموسوم بـ: الكامل البهائي (61 صنيع الدولة). مع انه لم نقف على مدة اقامتهم بالشام. الا وقد ورد انهم أقاموا شهرا في موضع لا يكفهم من حر ولا برد (بحار ج 21: ص 203) فنرى من ذلك انه من الصعوبة بمكان قدوم السجاد وأهل بيته من الشام في نفس السنة التي استشهد فيها الحسين وفي نفس ذلك اليوم. ولا يمكن تعليل ذلك، سوى ما ذكرناه من تعليل آنف لمجيء جابر الأنصاري (رض) لكربلاء وهي ورودهم لها في السنة التي تلت الحادية والستين. وورت تفسيرات أخرى لانرى أن من المناسب ذكرها في هذا النص المختصر.
ولم تكن كربلاء في القرن الاول الهجري عامرة، مع ما كان في أنفس الهاشميين وشيعتهم من شوق ولهفة في مجاورة قبر سيد الشهداء لم يتمكنوا من اتخاذ الدور واقامة العمران خوفا من سلطان بني أمية.
وقد أخذت بالتقدم في أوائل الدولة العباسية، ورجعت القهقري في أيام الرشيد. وقد ازداد خرابها في أيام المتوكل لأنه هدم قبر الإمام الحسين الحسين عليه السلام فرحل عنها سكانها.
ثم أخذ الشيعة في أيام المنتصر يتوافدون الى كربلاء ويعمرونها. (وكان أول علوي سكنها، وهو تاج الدين ابراهيم المجاب حفيد الامام موسى بن جعفر عليهما السلام، وقد وردها في حدود سنة 247 هجرية). واتخذت الدور عند رمسه، وقامت القصور والأسواق حوله ولم يمض قرن أو بعض قرن، الا وحول قبره الشريف مدينة صغيرة بها آلاف النفوس.
وقد زارها السلطان عضد الدولة بن بويه سنة 370 هجرية، وكانت قرية عامرة بالسكان، وعدد من جاور القبر في ذلك العهد من العلويين فيها خاصة ما يربوا على ألفين ومائتين نفس. فأجزل لهم عضد الدولة في العطايا، وكان ما بذل لهم مائة ألف رطل من التمر والدقيق ومن الثياب خمسمائة قطعة.
ووصف الصنجي حال عمرانها وقد وردها بعد تمام القرن السابع وأول القرن الثامن، قال: « هي مدينة صغيرة تحفها حدائق النخيل ويسقيها ماء الفرات، والروضة المقدسة داخلها وعليها مدرسة عظيمة وزاوية كريمة فيها الطعام للوارد والصادر. وعلى باب الروضة الحجاب والقومه، لا يدخل أحد الا عن أذنهم، فيقبل العتبة الشريفة وهي من الفضة، وعلى الضريح المقدس قناديل الذهب والفضة، وعلى أبواب أستار الحرير. وأهل هذه المدينة طائفتان: أولاد (زحيك) وأولاد (فائز)، وهم جميعاً امامية يرجعون الى أب واحد.
و في نفس التأريخ وصفها المؤرخ والجغرافي الشهير حمد الله المستوفي بقوله: « وغربي الكوفة بثمانية فراسخ في صحراء كربلاء مشهد الحسين (عليه السلام) المعروف بـ (المشهد الحائري). وقد ذكر في عهد الخليفة المتوكل انه أجرى الماء عليها بقصد تخريبه حتى حار الماء عند قبره الشريف وظلت البقعة الطاهرة عند القبر جافة. وقد شيد عمارته عضد الدولة فنا خسرو الديلمي. وحول هذا الموضع قرية مساحتها ألفين وأربعمائة خطوة ».
ولم يغفل الجغرافيون المسلمون الأوائل عن ذكر كربلاء. ولكن مع بالغ الأسف اقتصروا في ذكرها فقط على انها مدينة تقع في غربي الفرات بحذاء قصر ابن هبيرة.
وكان أكثرهم ذكراً عنها هو ابن حوقل النصيبي الذي قال: وكربلا من غربي الفرات فيما يحاذي قصر ابن هبيرة، وبها قبر الحسين بن علي صلوات الله عليهما. وله مشهد عظيم وخطب في أوقات من السنة بزيارته، وقصده جسيم.
وقد أكثر المتأخرون من وصفها والاشادة بها. فكان ممن وصفها القاضي نورالله الشوشتري - في القرن العاشر - وصفاً يسيراً في مجالسه (ص 25) بقوله:.... والحال ان مشهد كربلاء من أعظم الأمصار ومجمع أخيار كل الديار، والماء العذب يجري في غدرانها. والبساتين الغناء تحيطها. وقد قليل في فضيلة تربة كربلاء وثواب زيارة المرقد المنور الحسيني روايات كثيرة. ومعظمها صيغة بصورة شعرية.
وقد زارها الرحالة عباس المدني في القرن الثاني عشر فوصفها في (نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس ص 84) بقوله: فلما أسفر الصباح عن وجه الهنا والانشراح رابع ربيع الأول، عام ألف ومائة وواحد وثلاثين من هجرة النبي المرسل، توكلنا على الرب العلي ورحلنا من مشهد علي قاصدين زيارة الشهيد المبتلى المدفون بكربلا الحسين بن علي ومن معه من الشهداء الصابرين رضوان الله عليهم أجمعين. ففي خامس الشهر المذكور أتينا على موضع يقال له الخان الأخير ومررنا في طريقنا بقبر النبي ذي الكفل عليه السلام فزرناه وبلغنا المرام. وفي سادس الشهر دخلنا أرض الحائر، مشهد الحسين الطاهر. سلام الله عليه، وعلى جده وأبيه، وأمه وأخيه، وسائر مواليه ومحبيه: لله أيام مضت بكربلا محروسة من كل كرب وبلا بمشهد الحسين ذو العلا ونسل خير الخلق من كل الملا.
حتى يقول: فتشرفت والحمد لله بالزيارة، ولاح لي من جنابه الشريف اشارة، فاني قصدته لحال، وما كل ما يعلم يقال. وقرت عيني بزيارة الشهيد علي الأصغر بن مولانا الحسين الشهيد الأكبر. وزيارة سيدي الشهيد العباس بن علي بن أبي طالب رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وأما ضريح سيدي الحسين: فيه جملة قناديل من الورق المرصع. والعين ما يبهت العين. ومن أنواع الجواهر الثمينة، ما يساوي خراج مدينة. وأغلب ذلك من ملوك العجم. وعلى رأسه الشريف قنديل من الذهب يبلغ وزنه منين بل أكثر. وقد عقدت عليه قبة رفيعة السماك متصلة بالأفلاك. وبناؤها عجيب، صنعة حكيم لبيب.
وقائع وحوادث من تأريخ مدينة كربلاء المقدسةكربلاء


حادثة المناخور

في سنة 1241 م وقعت واقعة عظيمة تعرف بواقعة المناخور - أمير الآخور - أي أمير الاصطبل. وذلك ان الدولة العثمانية كانت في ذلك الزمن ضعيفة لاحتلال الجيش الانكشاري واستقلال البلاد القاصية واشغالها بمحاربة العصاة في البلقان وطموح محمد علي والي مصر الى الاستقلال واستقلال علي باشا ذلتلي تبه في ألبانيا.
وكان واليا على العراق آن ذاك داود باشا وكان، مشهورا بالدهاء وفرط الذكاء. الا انه كان شديد الحرص على الانسلاخ من جسم الدولة، والاستقلال بالعراق اسوة بمن تقدمه. فسعى بادئ ذي بدئ الى جلب قلوب الاهالي بما أنشأ من العمارات والبنايات والجوامع والتكايا. وقرب علماء العراق وبالغ في اكرامهم ونظم جيشا كبيرا وسلحه على الطراز الحديث.
وقام بعد ذلك يدعوا الناس الى بيعته. ولكثرة ما كان لديه من الأعوان بايعته أكثر مدن العراق إلا مدينتي كربلاء والحلة، إذ رفعا راية العصيان. وعند ذلك سير جيشا ضخما بقيادة أمير اصطبله. تعضده فأخضع القائد الحلة واستباح حماها ثم جاء كربلاء فحاصرها ثمانية عشر شهرا ولم يقو على افتتاحها لحصانة سورها ومناعة معاقلها ولما رأى ذلك أقلع عنها ثم كر عليها ثانيا وثالثا فلم يفز بأمنيته الا بعد حصار طالت مدته أربع سنوات من سنة 1241 الى سنة 1245. وكانت نتيجتها أن اسر الجيش نقيب كربلا فسجنه داود باشا في بغداد.
وفي خصوص هذه الواقعة قال صاحب (نزهة الاخوان في وقعة بلد القتيل العطشان - مخطوط للسيد حسن الكليدار-): (لقد احصي تسع وقائع وقعت بين الفريقين. كان الفوز فيها من نصيب الكربلائيين وانهزم جند داو باشا).
فالواقعة الاولى هي واقعة - القنطرة - قتل فيها من الجند ثمانية عشر رجلان ومن الاهلين رجلان.
والواقعة الثانية: واقعة (المشمش) وقد سميت بذلك لان الجند قصدوا ان ينهبوا، كما أفسدوا الزرع من قبل. وخرج الاهلون على عادتهم الى الجناة فاقتتلوا في أرض الجويبه، وظهر البلديون على الجنود وهزموهم بعد ان قتل وجرح منهم خلق كثير.
والثالثة: واقعة الهيابي، وهي من أعظم الوقائع وأشدها هولا. غطيت على أثرها أرض الجويبه وما يليها من أرض الحر والهيابي بجثث القتلى. وقد استمرت المعركة من الصبح الى الظهر. وانهزم الجند بعد أن قتل وجرح منهم جمع غفير. ومن جملة الجرحى القائد الشهير صفوق - وهو قائد الحملة -... ولما تحقق داود باشا من انكسار حملته بقيادة صفوق. عندئذ عقد لواء الحملة الى - المناخور - وكان هذا بصيرا بالحرب، مشهورا بالضرب والطعن. سبق له فتح الحلة وماردين. فخرج من بغداد مع 1500 فارس مزود بالمدافع والقنابل، وانفذ داوود على أثره من أصناف جنوده، الى طلبه، والداوديه، والارسيه، والتركية، واليوسفية. ونقل الجند معسكرهم الى جهة الحر. ووصل المناخور الى كربلا فسد عنها الماء ليومه. وفيه تقدم الى المدينة فأطلقت قنابله عليها وهاجمه الكربلائيون ففر اصحابه واغتنمت ميرتهم. وهذه الواقعة هي الرابعة.
والواقعة الخامسة: واقعة (الاطواب) نسبة الى المدافع. وتسمى أيضاً بوقعة باخية. وهي واقعة عظيمة دامت ست ساعات. اطلقت فيها (46) قذيفة مدفع. وقيل أكثر من ذلك. ولم تصب أحداً بل كانت تقابل من جانب الاهلين بالهزء والسخرية. وقد قتل وجرح فيها الكثير من أفراد العشائر. وقد أغارت خيل المناخور على المدينة مرات عديدة وباءت كلها بالفشل. وقد خرج اليهم الاهلون فأصابوا من أعدائهم وعادوا ولم يقتل منهم الا شخص واحد، وجرح أربعة أشخاص. وقد كف الجند عن القتال.
الواقعة السادسة: واقعة (المخيم) وهي واقعة عظيمة أيضاً. تبادل فيها الفريقان اطلاق القذائف المدفعية. دمر على أثرها احدى مدافع العدو وقد ابتدأت المعركة منذ الفجر. ولم تمض ساعة حتى أن انهزم العدو ثم عادوا القتال بعد ساعة، فكثر القتلى والجرحى منهم ففر الجند أيضاً.
وقد أصيب في هذه المعركة أربعة قتلى من الاهلين.
الواقعة السابعة: واقعة (الرايه) اقتتل فيها الفريقان خارج البلدة انتصر فيها الاهلون واستولوا على خيولهم ومدافعهم وبنادقهم.
الواقعة الثامنة: واقعة (بني حسن) وهي عظيمة أيضاً وذلك ان المناخور أحس بعجز جيشه وتخاذلهم. فعدل الى الاستنجاد بالعشائر واجابه فيمن اجاب: بنو حسن - ناكثين عهدهم مع أهل كربلاء ضامنين للمناخور فتح المدينة، حتى تقدموا أمامه بعد العشاء الآخرة. من جهة المخيم وتمكنوا من عبور الانهار وتسلق الجدران. ونشبت الحرب بينهم وبين الاهلين. وحمل فرسانهم، وحمل الجند ثلاث مرات. فأخفق الجميع وجرح منهم جماعة.
الواقعة التاسعة: واقعة (الامان) لان المناخور أوقعها بعد صدور العفو والامان من داود باشا. طمعا بفتح المدينة. فقد تقدم في منتصف ليلة ذي القعدة سنة 1241 - وقد أطال المؤلف في سرد تفاصيل هذه الواقعة، ومجملها:
فلما باءت كل محاولات داود باشا لاخضاع كربلاء بالفشل استنجد بعرب عقيل القصيم والاحساء، فعسكر هؤلاء على صدر (الحسينية) وامر داود بقطع الماء عن كربلاء، ولما لم تجد أيضاً هذه المحاولات فتيلا، أمر داود باشا اعراب الشامية أن يقطعوا طريق كربلاء وينهبوا السابلة فيها، وقد ضيقوا الحصار على المدينة وقطعوا الاتصال الخارجي بها، فعند ذلك لم ير الاهالي بداً غير الصلح مع داود باشا، فدخل الاخير كربلاء عنوة.


حادثة نجيب باشا

في سنة (1258 هـ) شق أهالي كربلاء عصا الطاعة على الدولة، وأبوا أداء الضرائب والمكوس وكان والي العراق نجيب باشا قد جهز جيشا بقيادة سعد الله باشا، وسيره الى كربلاء فحاصره حصاراً شديداً، وأمطر المدينة بوابل قنابله. ولم يساعده الحظ على افتتاحها لأن سورها كان منيعا جداً وقلاعها محكمة لا يمكن للقائد الدنو منها، ولما اعيت به الحيل الحربية، التجأ الى الخداع فأعطى الأمان للعصاة، وضمن لهم عفو الحكومة فأخلوا القلاع وجاؤوا طائعين، قبض عليهم وسلط المدافع على الجهو الشرقية فهدم السور وأصلى المدينة نارا حامية، ففتحها وارتكب فيها كل فظاعة وشناعة، ودخل بجيشه الى الصحن العباسي، وقتل كل من لاذ بالقبر الشريف.
وقد جاء في كتاب (زنبيل قرهاد) لميرزا معتمد الدولة عن هذه الحادثة ما ترجمته (بواسطة كثرة الاوباش في كربلاء - وكانت آنذاك ملجأ كل مجرم هارب من العقاب حتى صار ينطبق عليها القول المأثور (من دخلها كان آمنا) - ان بلغ الامر بها الى حد أن خرج الامر من يد حاكم كربلاء ولم يطع هؤلاء أوامر والي بغداد وامتنعوا من دفع الضرائب. وكانوا يعتمدون على الزائرين والمجاورين حتى ان سكنة كربلاء لم يبق لهم المجال في السكنى بها، وكان اليارماز - الاسم الذي عرف به هؤلاء الاوباش - يشكلون عصابات ترفع كل منها راية العصيان. ولم يتمكن علي رضا باشا والي بغداد الذي مر على حكمة في بغدادا اثنى عشر عاما - من اخماد هذه الفتنة. حتى ان نصبت الدولة العثمانية محمد نجيب باشا واليا على بغداد بعد ان كان واليا على الشام. (في الدولة العثمانية كان والي بغداد بمثابة وزير ثاني) وكان هذا سفاكا غدارا معروفا بالمكر ولم يكد يستقر في مركز ولايته الجديدة حتى جهز جيشا جرارا وبعثه صوب كربلاء.
وبعد حصار دام ثلاثة أيام دخل كربلاء. وقد اجرى القتل والأسر بدرجة فظيعة. وفي 11 ذي الحجة سنة 1285 هـ أمر بالقتل العام لمدة ثلاث ساعات. ومن المحقق ان تسعة آلاف شخص قد ابيدوا عن آخرهم في تلك المدينة المقدسة، فضلا عما نهب من الأموال والأحجار النفيسة وأثاث البيوت والكتب التي لا تعد ولا تحصى.
وفي صحن الإمام العباس عليه السلام، ربطوا الخيل والجمال، وقتلوا كل من لاذ بأروقه الحرم الحسيني والعباسي وكذلك فعلوا في البلدة، سوى دار السيد كاظم الرشتي، التي كانت دار أمان، وكل من تمكن من الهروب نجا ومن بقى كان نصيبه القتل، وهدموا الالواح التي كانت تزين جدران الروضة الشريفة. وبعد القتل العام أصدر الوالي أمرا بتعيين حاكم على كربلاء. وفي اليوم الرابع عشر من الشهر المذكور رجع نجيب باشا قافلا الى بغداد.

ولابن الالوسي - وكان قاضي عسكر نجيب باشا بيتان من الشعر قالهما بعد وقوع الحادثة:


احسين دنس طيب مرقدك الألى***رفضوا الهدى وعلى الضلال ترددوا
حتى جرى قلم القضاء بطهرها***يوما فطرها النجيب محمد
وقد رده الشيخ عزيز ابن الشيخ شريف النجفي بقوله:
اخساً عدو الله ان نجيبكم***رفض الهدى وعلى العمى يتردد
ولئن به وبك البسيطة دنست***فابشر يطهرها المليك محمد
وقد ردا أيضاً الحاج ملا محمد التبريزي بقوله:
اخساً عدو الله ان نجيبكم ***كيزيدكم شرب الدماء تعودوا
هذا ابن هند والمدينة والد***م المهراق فيها والنبي محمد


فتنة علي هدله

وفي سنة (1293 هـ) ظهرت فتنة في كربلاء فعرفت بفتنة علي هدله، وذلك ان جماعة من المفسدين حرضت الأهالي على مناوئة الحكومة وكانت افكار الأهالي مستعدة لقبولها. فألفت عصابة بقيادة علي هدله وقابلت الجيش العثماني ودرمته في مواقع متعددة، ولما رن صدى هذه الحادثة في الاستانة قلق السلطان المخلوع وأصدر ارادة سنية بارسال جيش الى كربلاء وهدمها وقتل من فيها عن بكرة ابيهم، واناط تنفيذ هذه المهمة بعاكف باشا والي بغداد والمشير حسين فوزي باشا. وكان هذا قائدا عاما للجيش فجاء الأثنان الى كربلاء يصحبها احد نقباء بغداد السابقين، وضربوا المضارب قرب المدينة فلم ير الوالي في المدينة آثار العصيان والتمرد. وقد علم بعد البحث الطويل ان العصاة: عصابة ارتكبت اثما واقترحت ذنبا يطاردها الجيش. وليس من العدل هدم المدينة وتنفيذ الارادة السنية على سكانها، وأخذ البرئ بجريرة المذنب فأحجم عن تنفيذ الاوامر. وفاتح القائد العام، فأبى هذا الا الاصرار على تنفيذ الاوامر فنجم من ذلك خلاف بينهما، فراجع الاستانة. وخاطبها بالامر. وبعد أخذ ورد. صدر الامر بالعفو. فرحل الجيش عنها بعد ان قبض على مثيرى الفتنة وموقدي نيرانها. قادهم الى بغداد وهناك القاهم في اعماق السجون والعذاب.
هذا مجمل الحادثة. أما تفاصيلها فهي كما يلي:
في أوائل عام 1293 هـ أعلنت الحكومة العثمانية النفير العام في كربلاء. فأخذت جموع المكلفين بالفرار من سلك الجندية. وكان هناك جاسوس من قبل الحكومة على الفارين. وهو مختار باب الطاق المدعو حسين قاسم حمادي فمن كثرة ما اصاب الناس على يد هذا المختار من المحن. ان قتلوه في مقهى المستوفي الواقعة في محلة باب الطاق. فعندما قتل هذا المختار، تولت الحكومة المحلية القبض على المتهمين، ففر جماعة منهم وخيموا خارج السور في البستان المعروفة ببستان _ جعفر الصادق ع). أخذوا يعبثون بالأمن. وحرضوا الأهالي على مناوئة الحكومة وكانت الأفكار مستعدة لقبولها. فالفت عصابة بقيادة القهواتي (علي هدله) وقابلت جيوش العثمانيين ودحرتهم في مواقع متعددة. وكانت عصابتهم تتألف من (150) شخصا، يقومون بحرب العصابات، وذلك بتحريص من الحاج محسن كمونة والحاج حسن شهيب ويمدونهم بالمؤنة والذخيرة، واختلطت معهم بعض أفراد من عشيرة حجيل والزونبات. فاستحفل امرهم حتى رن صدى هذه الحادثة في الأستانة. فقلق السلطان عبد الحميد خان واصدر ارادة سنية بارسال جيش الى كربلاء وهدمها وقتل من فيها عن بكرة ابيهم، واناط تنفيض الارادة الى عاكف باشا والي بغداد والمشير حسين فوزي باشا. وكان هذا القائد للجيش فجاء الاثنان الى كربلاء بصحبة النقيب السيد عبد الرحمن النقيب الكيلاني وضربوا المضارب قرب المدينة، وكان ذلك في أواخر شهر رمضان من عام (1293 هـ) وكان قيام علي هدله في 3 ربيع الاول من عام (1293). فلم ير الوالي آثار العصيان في المدينة، وقد علم بعد البحث الطويل ان العصاة عصابة ارتكبت اثما واقترفت ذنبا يطاردها الجيش، وليس من العدل هدم المدينة وتنفيذ الارادة السينة على سكانها، وأخذ البرئ بجزيرة المذنب فأحجم عن تنفيذ الأوامر فنجم من ذلك خلاف بين الوالي عاكف باشا المصر على امر الهدم، والقائد حسين فوزي باشا فراجع الاستانة خاطباها بالامر، وبعد اخذ ورد صدر الامر بالعفو، فرحل الجيش بعد ان قبضوا على مثير الفتنة وموقد نيرانها، وحوالي (70) شخصا بضمنهم علي هدله مع المرحوم الحاج محسن كمونه وحسن شهيب وجاعة غيرهم، فساقواهم الى بغداد واردعوهم السجن في أوج قلعه مدة تزيد على السنة، (نقلا من تاريخ كربلاء جـ 3 المخطوط للسيد محمد حسن كليدار).


واقعة الزهاوي:

وبعد وقوع الصلح بين أهالي كربلاء والحكومة العثمانية، إثر عدة فتن وعصيان من قبل الأهالي قررت الحكومة فرض غرامة على البلدة. وهي ان تدفع الكسبة عن كل دكان في كل شهر - ما يساوي (12عانة) الى مدة محدودة من السنين وبعد انتهاء المدة استمرت الحكومة على استيفاء تلك الضريبة، فامتنع الكسبة عن الدفع. وقد رفعوا شكوى فلم تسمع لهم شكاية. فالتجأوا الى التحصن بالسفارة الانكليزية التي في كربلاء. ونصبوا الخيام حولها واستظلوا بها. وكلما نصحتهم الحكومة والعلماء والاشراف لم يقبلوا فصممت الحكومة على تفريقهم بالقوة وكان المتصرف يومئذ رشيد الزهاوي. وفي ليلة من اخريات شهر رمضان سنة 1324 هـ أخطرهم أول الليل فلم يتفرقوا وبينما هم نائمون في خيامهم أمر الزهاوي الشرطة أن يضربوهم بالرصاص قبل الفجر، فضربوهم، واصيب حوالي الخمسين شخصا بين قتيل وجريح. وانهزم الباقون. فهجم العسكر على خيامهم وانتهب ما فيها.


حادثة حمزة بك:

في ليلة النصف من شعبان من سنة 1333هـ, وكانت كربلاء غاصة بالزوار الواردين من الاطراف للزيارة، ثار أهالي كربلاء في وجه الحكومة أيام اشتغالها بالحرب العامة. بعد شدة ضغط الحكومة على أهالي كربلاء والنجف فهجموا على السجن واخرجوا المسجونين وانتهبوا دوائر الحكومة وبيوتهم ففر المأمورون والموظفون أجمع. فجاء المتصرف حمزه بك مع قوة ودخل البلد من جانبها الشرقي وتحصنوا في بعض الخانات والبيوت الحصينة. وصار الطرف الغربي بيد الأهالي ولم تزل الحرب قائمة بين الطرفين عدة أيام. وقتل من الجانبين خلق كثير وانتهت المعركة بعد قتل ذريع وخراب اكثر البيوت والمنازل بهزيمة العسكر. وانتهاب الاهالي اسلحتهم وذخائرهم. وبقيت البلدة بيد الأهالي الى أن احتلها الانكليز.


ثورة العشرين:

في سنة 1920 م ثارت البلاد بثورتها المعروفة (ثورة العشرين) وخاصة جهة الفرات فيها، كان أول ما اندلع لسان الثورة من كربلاء وذلك لأمرين:
(1) وجود آية الله الشيخ محمد تقي الشيرازي في كربلاء
(2) زيارة نصف شهرشعبان، وهي الزيارة الوحيدة التي يجتمع فيها سائر المسلمين والقبائل. وكان قد عين في أيام الثورة السيد محسن أبو طبيخ متصرفا في شؤون اللواء وما يتبعه وقد انعقدت في كربلاء عدة مؤتمرات هامة في هذا الشأن لاجل السعي وراء صالح البلاد العراقية نخص بالذكر منها المؤتمر الكبير الذي انعقد في 9 شعبان سنة 1340 هـ وذلك بمناسبة تجاوز (الوهابيون) على حدود العراق فدعى الامام الخالصي رؤساء القبائل القاطنة على ضفاف دجلة والفرات وديالى الى حضور المؤتمر في كربلاء


وقفات تأريخية لإعمار مدينة كربلاء المقدسة


المراحل التي مرت بها تشييد و بناء مدينة كربلاء المقدسة، من تاريخ استشهاد الإمام الحسين عليه السلام و حتى تاريخنا هذا فهي مراحل عديدة و منعطفات مختلفة يمكن تصنيفها كما يلي :
- المرحلة الأولى من استشهاد الإمام الحسين عليه السلام أي سنة 61 هجرية الى الحكم البويهي
- المرحلة الثانية في زمن الحكم البويهي من سنة 331 هجرية الى سنة 786 هجرية
- المرحلة الثالثة مرحلة الحكم العثماني و الصفوي من سنة 914 هجرية الى سنة 1285 هجرية
- المرحلة الرابعة مرحلة ما بعد تأسيس الحكومة العراقية من سنة 1340 هجرية الى مرحلة الانتفاضة في حكومة البعث سنة 1991 م


مرحلة ما قبل الحكم البويهي


بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام بيومين (كما جاء في الكتب التاريخية) وضعت جماعة من بني اسد بعد دفن الإمام الحسين عليه السلام بعض المعالم على قبره و كتب الإمام زين العابدين عليه السلام على هذا القبر بعد حضوره الى مراسم الدفن بالإعجاز، هذا قبر الإمام الحسين ابن علي الذي قتل عطشاناً و اخذ الزوار من ذلك التاريخ يؤمّون القبر الشريف باعداد متفرقة رغم وجود الحراسة الكاملة من قبل جلاوزة الحكم الأموي لمنع الوصول الى القبر الشريف كما يذكر ان الشخصيات الكبيرة من محبي و اتباع اهل البيت كعبدالله ابن الحر الجعفي و المختار ابن ابي عبيدة الثقفي و مصعب ابن الزبير و سليمان ابن صرد الخزاعي و كثيرون غيرهم كانوا من زوار الامام الحسين عليه السلام في سنة 61 هجرية و المعروف ان الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الانصاري كان من الوافدين على قبر الإمام الحسين عليه السلام لزيارة الاربعين في سنة 62 هجرية.
و في العهد الأموي كان بجانب قبر الإمام الحسين عليه السلام مسجداً شيّده المختار ايام إمرته على الكوفة سنة 66 هجرية و كانت على مقربة من شجرة السدرة التي كان المسلمون يتظللون بها و يسترشدون بها على معرفة موقع القبر الشريف.
تشير المصادر التاريخية بأن شيعة اهل البيت رغم تلهفهم للسكن جنب قبر الإمام الحسين عليه السلام بكربلاء و لكنهم لم يتمكنوا من ذلك لوجود مخافر للشرطة تمنعهم من الزيارة و السكن في العهد الاموي.
و لكن بعد ان ضعف الحكم للأمويين و كانت بداية الخلافة العباسية و في زمن الإمام الصادق عليه السلام استفادت الشيعة من الوضع السياسي الراهن و حاول البعض السكن حول قبر الإمام عليه السلام بحيث صارت مأهولة بالسكان و تذكر المصادر التاريخية بان الراوي الكبير عثمان ابن سعيد الكوفي العامري كان اول من سكن كربلاء الحالية في عهد الإمام علي ابن موسى الرضا عليه السلام أي بعد عام 183 هجرية.
و يذكر الطبري ان والدة الخليفة العباسي المهدي و ابنه يزيد ابن منصور كانا يصرفان مرتبات الى رجال يخدمون مرقد الإمام الحسين عليه السلام الى بداية حكم الخليفة العباسي هارون الرشيد.
غيران الخليفة العباسي هارون الرشيد غيّر اتجاهه نحو السماح لزيارة الإمام الحسين عليه السلام وامر بقطع السدرة و هدم المسجد الصغير الذي كان الى جانب القبر الشريف، و لا بأس ان نذكر هنا الحديث النبوي الشريف الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وآله (لعن الله قاطع السدرة).
و عندما تولّى الخليفة العباسي المأمون ابن هارون الرشيد سنة 198 هجرية عاد الاهتمام بمدينة كربلاء بشكل عام و أعيد بناء مرقد الامام الحسين عليه السلام و اخذ المامون بإظهار الحب لأهل البيت و بدأ المسلمون الوفود الى المدينة و السكنى بجوار القبر الشريف.
و في اواخر القرن الثاني الهجري قام رجل من بني علقمة من احفاد علقمة ابن زرارة ابن عدس بحفر نهر محاذي لطف كربلاء (و كان مجرى هذا النهر موجوداً في السابق و لكنه اندثر) و يمر هذا النهر بالقرب من مرقد الحسين عليه السلام الى الشرق منه و الذي عرف بالنهر العلقمي.
و لكن بخلال حكم الخليفة العباسي المتوكل 236-247 هجرية تعرض القبر الشريف الى سياسة إيذائية سافرة و متشددة للغاية اذ أمر المتوكل بهدم القبر الشريف ثلاث مرات و فتح الماء عليه فحار الماء حول القبر و لذا سُمّي المكان بالحائر الحسيني و وضع مخافر يترصدون من يأتي الى زيارة الحسين عليه السلام و يتعاملون مع زائريه بقسوة حتى كانت الفدية لزيارة قبر الأمام الحسين عليه السلام قطع الأيدي.
و في سنة 247 هجرية قُتل المتوكل على يد ابنه المنتصر الذي اعاد بناء مرقد الإمام الحسين عليه السلام و اخذ المسلمون يتوافدون على ارض كربلاء و اقاموا المباني و الأسواق من حول المرقد الشريف فاستعادت كربلاء مكانتها العمرانية و العلمية و استطاعت ان تسترجع ما كانت عليه.
و كان اول علويا سكن كربلاء في هذا الوقت هو السيد ابراهيم المجاب ابن محمد العابد ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام مع ولده و كان ذلك سنة 247 هجرية.
مرحلة الحكم البويهي من سنة 331 هجرية الى سنة 786 هجرية
و في عهد الخليفة العباسي المعتضد سنة 279 هجرية زار كربلاء حسن ابن زين العلوي الملقب(بالداعي الكبير) ملك طبرستان و ديلم. فباشر ببناء الحضرة الحسينية و أتخذ حولها مسجداً و لكنه توفى قبل إنجازها فأكمل بناءها أخوه محمد ابن زيد العلوي و إهتّم بمدينة كربلاء و مرقد الإمام الحسين عليه السلام و عندما دخل البويهيون بغداد و أصبحوا الحكام الفعليين في سنة 343 هجرية حظيت مدينة كربلاء بالإهتمام و الرعاية و كان اول من زارها من السلاطين البويهيين،السلطان معز الدولة سنة 336 هجرية و في سنة 367 استولى السلطان عضد الدولة البويهي على بغداد من جديد، و عرج على مدينة كربلاء لإول مرة لزيارة مرقد الإمام الحسين عليه السلام فأولى المدينة جل اهتمامه و كان يزور كربلاء كل عام و في سنة 369 هجرية اهتم عمران ابن شاهين بمرقد الإمام علي عليه السلام بالنجف الأشرف و مرقد الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء المقدسة و هو الذي شيد رواقاً في الجانب الغربي من حرم الإمام الحسين و الذي يعرف اليوم برواق السيد ابراهيم المجاب.
و لم يكتفي عضد الدولة بما قدمه للإمام الحسين عليه السلام بل اولى مدينة كربلاء جل عنايته و كان من اكثر الناس اهتماماً بها. و قام بأهم زيارة له لهذه المدينة في سنة 369 هجرية حيث امر بإعادة بناء مرقد الإمام الحسين عليه السلام و الدور و المباني المحيطة به و قد إنتهى العمل ببناء المرقد سنة 371 هجرية و كذلك امر قبل وفاته سنة 372 هجرية ببناء مرقد ابا الفضل الحسين عليه السلام لأول مرة فأزدهرت المدينة إزدهاراً واسعاً و اقيمت المباني الجديدة في ما بين المرقدين و ما حولهما و توسعت المدينة و اصبحت مهمة لها مركزها الديني و العلمي.
و في سنة 407 هجرية احترق مشهد الإمام الحسين عليه السلام بسبب سقوط شمعتين فأحدث ذلك بلبلة في المدينة و ظل القبر على هذا الحال حتى قام وزير السلطان البويهي الحسن ابن فضل ابن سهلان المعروف بالرامهرمزي سنة 414 هجرية بإرجاع الطمأنينة و السكينة الى النفوس و أولى المدينة و المشهد اهتمامه و قام السلطان ابو طاهر جلال الدولة ابن بهاء الدولة ابن عضد الدولة البويهي بزيارة مدينة كربلاء و مرقد الإمام الحسين عليه السلام و ذلك سنة 431 هجرية و مكث فيها مدة من الزمن أجزل خلالها العطايا و النعم على الاهالي مما كان له اثر في تطور المدينة.
و في سنة 489 هجرية أغارت قبيلة خفاجة على كربلاء بعد إغارتها على الحلة فعاثوا فيها الفساد و المنكر من قتل الناس و الإعتداء على النساء و نهب الاموال و الإعتداء على الأماكن المقدسة فوجه اليهم سيف الدولة جيشاً فحاصروهم فقتل منهم خلقاً كثيراً.
و في سنة 526 هجرية قام الخليفة العباسي المسترشد بوضع يده على الخزائن من الاموال و المجوهرات العائدة لمرقد الإمام الحسين عليه السلام لصرفه على الجيش و اكتفى بذلك دون ان يتعرض للمرقد بسوء و ازدهرت مدينة كربلاء و خاصة عمارة المراقد المقدسة في ايام الخليفة العباسي احمد الناصر لدين الله سنة 575 الى 622 هجرية و كان محباً لأهل البيت عليهم السلام و موالياً لهم بخلاف آبائه و اسلافه.
والغريب في ذلك ان المغول حينما استولوا على العراق بقيادة هولاكو سنة 656 هجرية لم يصلوا الى كربلاء و لم تُصب المدينة بما الحقوه في المدن الأخرى من قتل و دمار و حرق و اغتصاب.
و في سنة 696 هجرية قدم العراق السلطان المغولي محمود ابن غازان و توجه الى كربلاء لزيارة الإمام الحسين عليه السلام و امر للعلويين و المقيمين بمال كثير و في سنة 698 أعاد زيارته لكربلاء مرة اخرى ثم امر بحفر قناة من نهر الفرات تصل الى سهول كربلاء و سمي هذا النهر (بالغازاني الأعلى). و قد خلف محمد خدابندة، أخاه غازان سنة 703 هجرية و حدى حذوه باهتمامه بالمراقد المقدسة و رعاية العلويين.
كما اشار ابن بطوطة في رحلته الى كربلاء سنة 727 هجرية الى مشهد الإمام الحسين ابن علي ابن ابيطالب (ع) و قال عن كربلاء انها(مدينة صغيرة تحفها حدائق النخيل و يسقيها ماء الفرات و الروضة المقدسة داخلها و عليها مدرسة عظيمة و زاوية فيها الطعام للوارد و السائر و على باب الروضة الحجاب و القومة لا يدخل احد الّى عن إذنهم فيقبّل العتبة الشريفة و هي من الفضة، و على الضريح المقدس قناديل الذهب و الفضة و على الابواب ستائر الحرير.و اهل هذه المدينة طائفتان، اولاد زحيك و اولاد فائز و بينهما القتال ابدا و هم جميعاً يرجعون الى اب واحد و بسبب فتنتهم تخربت هذه المدينة).
لقد مهدت الفتن و الإضطرابات للأحوال السياسية للعراق زمن الأيلخانيين الطريق للشيخ حسن الجلائري مؤسس الدولة الجلائرية للإستيلاء على بغداد سنة 738 هجرية و بالرغم من قصر فترة السيادة الجلائرية فقد تميزت بالإستقرار النسبي الذي ساعد على قيام نهضة عمرانية و علمية و فنية في العراق و خاصة في المدن الدينية مثل مدينة كربلاء.
ففي سنة 767 قدم بغداد السلطان اويس الجلائري الذي اصبح سلطانا على خراسان و العراق بعد ابيه الامير الشيخ حسن الجلائري و اقدم على تجديد عمارة المرقد الشريف و قاما من بعده ابناه السلطان حسين و السلطان احمد بهادر خان بإستكمال البناء سنة 786 هجرية و هو البناء الذي هيكله موجود الى الآن و قد شيد ايضاً في هذه الفترة البهو الأمامي للروضة الحسينية المعروف بأيوان الذهب.
و في سنة 857 هجرية قام علي ابن محمد ابن فلاح الملقب بالمشعشعي الذي كان حاكماً على البصرة و الأهواز و الجزر القريبة منهما بنهب المشهدين المقدسين في كربلاء و النجف و قتل بعض اهلهما و اخذ بعض الأسرى الى البصرة.
مرحلة الحكم العثماني و الصفوي من سنة 914 هجرية الى سنة 1285 هجرية
بعد ان تم لشاه اسماعيل الصفوي تأسيس الدولة الصفوية في ايران سنة 906 أرسل جيشاً كبيراً بقيادة لاله حسين للسيطرة على بغداد و بعد ان تم له ذلك سنة 914 هـ و اصبح العراق تابعا للدولة الصفوية و دخل بذلك مرحلة تاريخية جديدة قدم الشاه اسماعيل الصفوي في السنة نفسها الى بغداد و في اليوم الثاني من مجيئه قام بزيارة كربلاء فأولى المراقد المقدسة في هذه المدينة جل اهتمامه و رعايته فأنعم على مجاوري الروضة الحسينية بالمال و الهدايا و كانت السنين التي حكم بها الشاه اسماعيل الصفوي العراق سنين ازدهار و هدوء و خاصة المدن المقدسة.
توفى شاه اسماعيل الصفوي سنة 960 هجري و خلّف ابنه طهماسب الاول و في هذه الفترة كان العراق خاضعاً للعثمانيين الذين استولوا على العراق فأرسل طهماسب جيشاً حاصر به بغداد و استطاع ان يفتح القلعة التي تحصن بها حاكم بغداد و ان يقتله و بعد ان سيطر طهماسب على العراق قام بزيارة المراقد المقدسة بكربلاء.
و عندما بدأ التنافس بين العثمانيين و الصفويين للسيطرة على العراق خاصة في زمن السلطان العثماني سليم سنة 918 هجرية تمّت سيطرة العثمانيين على العراق و على يد السلطان سليمان القانوني في سنة 941 هجرية و بذل هذا السلطان ما بوسعه لإستمالة سكان العتبات المقدسة اليه، و قرر ان يفعل في المدن المقدسة اكثر مما فعل الشاه اسماعيل الصفوي و طهماسب. فقام بإنشاء سد ترابي لإنقاذ مدينة كربلاء من الفيضانات و الغرق يعرف بروف السليماني كما امر بشق نهر يروي اراضي مدينة كربلاء و كان ذلك في سنة 941 هجرية و سمي هذا النهر بالنهر السليماني نسبة اليه و الذي يسمى في الحال الحاضر بنهر الحسينية.
و في سنة 980هـ استطاع الشاه طهماسب الأول ابن اسماعيل الصفوي ان يسيطر على بغداد من جديد بعد ان كان العثمانيون قد سيطروا عليها و قام للمرة الثانية بزيارة كربلاء و المراقد المقدسة فيها وأمر بهذه الزيارة الاهتمام برعاية المرقد الشريف.
سيطر العثمانيون بعدئذ على العراق و تذكر المصادر التاريخية ان الوالي العثماني على بغداد علي باشا قام سنة 984 هجرية بتعميرالمرقد.
و قد وصل الرحّالة البرتغالي المعروف بيدورو تكسيرا الى كربلاء في 25 ايلول 1604 ميلادية.
و يصف تكسيرا سكان هذه المدينة بأنهم من العرب و الإيرانيين و قليل من الأتراك و بعضهم كان من بقايا الذين جائوا لزيارة مرقد الإمام الحسين عليه السلام و استوطنوا المدينة و قسم آخر خلفتهم الحروب التي اندلعت بين الصفويين و العثمانيين ممن لاذ بأمان المرقد و سلام المدينة المقدسة.
و اسواق هذه المدينة مبنية بناءاً محكماً و هي مليئة بالمؤن و البضائع التجارية. و عندما يتطرق الى الروضة الحسينية يقول ان المسلمين يتوافدون لزيارتها من جميع الأنحاء و يتحدث تكسيرا عن الفوضى التي كانت تضرب اطنابها في كربلاء و النجف تحت حكم الأمير ناصر المهنى الذي كان يعتبر نفسه سلطانا عليها.
اما الشاه عباس الكبير فبعد سيطرته على بغداد سنة 1032 قام بزيارة كربلاء و زيارة مرقد الإمام الحسين عليه السلام ثم توجه عن طريق الحلة الى النجف الأشرف لزيارة مرقد الأمام علي ابن ابي طالب عليه السلام.
كما استطاع السلطان العثماني مراد الرابع بعد حصاره بغداد في سنة 1038 أي بعد وفاة الشاه عباس الكبير الإستيلاء على العراق و كان هذا السلطان سفاكاً للدماء و قام بمجزرة قتل خلالها زهاء ثلاثين الف شيعي مما حمل الشاه صفي الدين الأول على ان يسترجع العراق من العثمانيين سنة 1042 و قام في هذه السنة بزيارة كربلاء و بذل كثير من الأموال من اجل ذلك و لكن العثمانيين عادوا من جديد الى العراق فسيطروا عليه و قتلوا خلال ذلك في معركة واحدة الفي جندي ايراني ممن يسمون(بالقزلباش) و كان ذلك في سنة 1048.
و لما بلغ الشاه صفي الدين هذا الخبر الذي اثاره كثيراً جهز جيشاً و حاصر بغداد و استولى على العراق من جديد و قام بزيارة كربلاء و المراقد المقدسة فيها.
اما الوالي العثماني حسن باشا فقد قام بأصلاحات يمكن القول بسببها ان العراق دخل في عهده مرحلة جديدة و لقد قام بزيارة الإمام الحسين عليه السلام سنة 1116 و أجزل العطاء على القائمين على الحرم و على الفقراء و امر في زيارته الثانية سنة 1127 بتعمير الأيوان الحسيني و بنا في كربلاء خان الباشا.
في سنة 1138 استطاع نادر شاه الأفشار ان يقضي على الدولة الصفوية و يتسلم عرش ايران و يمد نفوذه على العراق حيث سيطر و توجه لزيارة مرقد الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء و مرقد الإمام علي عليه السلام في النجف الأشرف و قامت زوجته بإنفاق اموال كثيرة لتعمير الحائر الحسيني سنة 1153
و زار نادر شاه الأفشار كربلاء مرة اخرى سنة 1156 مع وزرائه و عساكره و قد اولى مرقد الإمام الحسين عليه السلام و المراقد الأخرى في المدينة عناية خاصة و ساهم في تحسين المدينة.
و في سنة 1216 هـ انتشر خبر اقتراب الوهابيين من كربلاء بقيادة سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود بجيش يقارب الستمائة هجان و اربعمائة فارس عندما كان معظم سكان مدينة كربلاء في النجف يقومون بالزيارة فسارع من بقي في المدينة لإغلاق الأبواب غير ان الوهابيين نزلوا فنصبوا خيامهم و قسموا قواتهم الى ثلاثة اقسام و هاجموا اقرب باب من ابواب المدينة فتمكنوا من فتحه و دخلوا البلدة فدهش السكان و اصبحوا يفرون بكل الأتجاهات خوفاً. اما الوهابيون فقد شقوا طريقهم الى الإضرحة المقدسة و أخذوا يخربونها فاقتلعوا القضبان المعدنية و السياج و المرايا و نهبوا النفائس و الأشياء الثمينة من هدايا الأمراء و الملوك و السلاطين و كذلك سلبوا زخارف الجدران و قلعوا ذهب السقوف و قتلوا بالقرب من الضريح حوالى خمسين شخصا و خمسمائة شخص خارج الضريح في صحن المرقد اما مدينة كربلاء نفسها فعاثت الغزاة فيها فسادا و قتلوا جميع من صادفوه كما سرقوا البيوت و الأسواق و لم يرحموا احدا لا الشيخ الكبير و لا الطفل الصغير ولم يحترموا الرجال و لا النساء و لم يسلم من في المدينة من وحشيتهم فلقد قّدّر احدهم عدد القتلى بالف نسمة و قدرهم الآخرون بخمس آلاف نسمة.
و عندما بدأت الدولة العثمانية بالإنهيار و استقل كل والِ بولايته و منهم والي العراق داود باشا الذي دعى الناس لبيعته فخضعت مدن العراق جميعها لطاعته ما عدى الحلة و كربلاء فارسل جيشا كبيرا و دخل الحلة ثم توجه الى كربلاء سنة 1241 فلم يستطع دخولها لأنها كانت محصنة بسور محكم و متين و حاول مراراً فلم يفلح و قد حاصرها اربعة سنوات من سنة 1241 الى 1245 و مع ذلك بقيت المدينة صامدة فقام بقطع الماء و المؤونة عنها فاضطر سكان المدينة الى إبرام معاهدة صلح فيما بينهم و بين الوالي داود باشا و بذلك سلمت المدينة و المراقد المقدسة من الهدم و الدمار و سميت هذه الواقعة بواقعة المناخور.
و بعد تولي الوالي العثماني نجيب باشا الحكم في بغداد سنة 1252 هجرية لم تكن كربلاء خاضعة للسلطة العثمانية لذلك جهز جيشا في اوائل عام 1843 ميلادية لغرض السيطرة على مدينة كربلاء و بعد حصار بالمدينة دام خمسة و عشرين يوما استطاعت قوات نجيب باشا من السيطرة على المدينة و دخلت قواته مدينة كربلاء و قامت بقتل المئات من الذين استجاروا بمرقد الحسين عليه السلام و تقدر بعض الروايات ان عدد القتلى بلغ 4000 نسمة من المدافعين عن المدينة.
و في سنة 1270 هجرية زار كربلاء عالم الآثار الانجليزي لوفت و قد أبدى إعجابه لمدخل كربلاء قائلا (انه اكثر جمالا من مدخل النجف لوجود غابة كثيفة من النخيل و الأشجار في المدينة) و يقول(ان الأبنية الكثيرة المشيدة خارج اسوار المدينة توحي بالأمان من خطر القبائل البدوية).
و زار مدينة كربلاء سنة 1258 والي بغداد العثماني مدحت باشا و اقام خمسة ايام فيها و بعد ان شعر بأن المدينة لا تتسع لأهلها و الوافدين اليها قرر توسيع المدينة من الناحية الجنوبية الغربية فسميت المنطقة بمحلة العباسية.
و زارت الرحّالة المعروفة مادام ديو لاووا الفرنسية مع زوجها كربلاء سنة 1299 و اشادت بالمدينة و معاهدها العلمية و قالت (انها مدينة تعد من مراكز الشيعة المهمة و هي عبارة عن جامعة دينية تضم عددا من المدارس الدينية الكبيرة التي يقصدها طلبة العلم من كافة انحاء العالم الاسلامي فيقضون معظم سنين حياتهم فيها).
و في سنة 1307 قام جون بيترز رئيس بعثة بنسيلوانيا للتنقيب عن الآثار القديمة بزيارة كربلاء و كتب عنها قائلاً (انها تقع على حافة سهل رسوبي خصب يتصل بصحراء الجزيرة العربية و يبلغ عدد نفوسها حوالي 60000 نسمة و انها بلدة تبدوا عليها مظاهر الازدهار اما القسم الجديد من هذه المدينة الذي انشأ حديثا خارج السور القديم فيتميز بشوارع واسعة و ارصفة منتظمة بحيث تبدو و له مظهر اوروبي و مع ان معظم اسوارها القديمة مهدمة الا ان ابوابها كانت لا تزال قائمة).
و في سنة 1329 زار عمانوئيل مدينة كربلاء و أبدى إعجابه بها و لا سيما(كربلاء الجديدة) و قال عنها بأنها طرقها منارة كلها بواسطة القناديل و المصابيح ذات الزيت الحجري.
و اورد عن كربلاء بان ثروتها واسعة و زراعتها متقدمة و تجارتها واسعة و صناعاتها رائجة شهيرة و في كربلاء مستشفى عسكري و دار حكومة (سراي) و ثكنة للجند و صيدلية و حمامات كثيرة و دار برق و بريد و بلدية و قيسريات عديدة و فيها قنصلية انجليزية و يبلغ عدد سكان المدينة نحو 105000 نسمة.
اما القسم الإداري للواء كربلاء فانه مقسم الى ثلاثة اقضية و هي: مركز قضاء كربلاء و مركز قضاء الهندية و مركز قضاء النجف، و الى سبع نواحي و هي: ثلاث منها في مركز القضاء و اسمائها المسيب و الرحالية و شفاثة و واحدة في الهندية و هي الكفل و ثلاث في النجف و هي الكوفة و الرحبة و الناجية.
و في سنة 1333 هجرية ثارت مدينة كربلاء بأهاليها و زائريها على الحكومة العثمانية و هدموا مراكزها فوقع بينهم قتال شديد و انتصر الأهالي في هذه المعركة و قد دمرت الكثير من البيوت و تصدعت كثير من المباني في المدينة بما فيها الروضتان.
و زارت الرحّالة الانجليزية ميس ستيفنز كربلاء سنة 1337 و ابدت اعجابها بابنية هذه المدينة التي قالت عنها (انها تتميز بجمالها الرائع و الوانها و زخارفها) و تحدثت عن اسواق كربلاء فذكرت سوقا مسقفا يبتاعون منها سلعهم و تكلمت عن اسواقها الشعبية فقالت انها مليئة بالخضروات و الفواكه الى جانب الجوز و اللوز.
و قالت عن مرقد الحسين عليه السلام: انه تعلوه قبة ذهبية و هو يعد من اغنى و اقدس مراقد الشيعة في العالم و اهم زياراته في شهر محرم الحرام و تكلمت عن مرقد الحسين عليه السلام فقالت: (انه يقوم تحت قبة مشيدة من القاشاني).
مرحلة ما بعد تأسيس الحكومة العراقية من سنة 1340 هجرية إلى مرحلة الإنتفاضة في حكومة البعث سنة 1991 ميلادية
لقد كانت كربلاء مركز ثورة العشرين في العراق المطالبة بحريته و إستقلاله و كان ذلك سنة 1338 هجرية (1920 ميلادية) و كانت الزعامة في هذه الثورة الى المرجع الديني الشيخ محمد تقي الحائري الشيرازي الذي كان مقيماً في كربلاء و كانت القيادة لهذه الحركة في هذه المدينة.
و في خضم هذه الثورة و الإحوال العسكرية و السياسية كانت صراعات و مفاوضات بين الحكومة البريطانية و بين الثوار العراقيين و كان لعلماء الدين و زعماء العشائر دوراً كبيراً في هذه الصراعات و المفاوضات و كانت الوفود تصل مدينة كربلاء للإجتماع بقائد الثورة و لكن بعد بضعة أشهر بدأت الثورة تخمد رويداً رويداً لأسباب عديدة اهمها وفاة المرجع الديني الشيخ محمد تقي الشيرازي في 14 آب 1920 ميلادي.
و تحت ضغط جماهير المطالبين بإستقلال العراق رشحت الحكومة البريطانية الأمير فيصل ابن الحسين شريف مكة لعرش العراق و بعد مفاوضات وصل الملك فيصل بتاريخ 23 حزيران 1921 الى البصرة و منها انتقل بالقطار الى الحلة و ثم ذهب الى الكوفة و النجف و كربلاء و لكن لم يلق استقبال مناسباً من علماء الدين و زعماء كربلاء.
و مرت مدينة كربلاء المقدسة بالأحداث التي مّرت على العراق بعد تشكيل الدولة العراقية و الصراعات السياسية التي كانت على الحكم، من رئاسة وزارة عبد المحسن السعدون الى جعفر العسكري و ياسين الهاشمي و غيرهم و كانت الصراعات العشائرية و السياسية قائمة في زمن الملك فيصل و ابنه الملك غازي الذي توّج على العراق سنة 1933 ميلادية.
و كذلك الإنقلابات العسكرية بقيادة بكر صدقي سنة 1936 و غيره و في سنة 1939 حينما صرع الملك غازي بحادث اصطدام سيارة في ظروف غامضة تم تنصيب ولده الملك فيصل الثاني ملكا على العراق و تنصيب خاله الأمير عبد الإله وصيّاً على العرش و في سنة 1941 حينما نشبت الحرب العراقية البريطانية في زمن رشيد عالي الكيلاني كان لكربلاء دور تأييدي مهم للجيش العراقي ضد المطامع الأنجليزية.

و لم يطرأ على كربلاء في هذا الحقب من الزمن أي بعد ثورة العشرين و الإنقلاب ضد الملكية سنة 1958 أحداث جوهرية مؤثرة على المدينة سوى ما ذكرناه من الصراعات و النزاعات السياسية المؤيدة و المخالفة.
و بعد ثورة عبدالكريم قاسم ضد الملكية كان لكربلاء دور مهم في تأييد ذلك و زارها عبدالكريم قاسم مع عدد كبير من المسؤولين بالإضافة الى زيارتها من قبل رؤساء و ملوك من الدول الإسلامية.
و بعد الإنقلاب الذي قام به عدد من ضباط الجيش بدعم من حزب البعث سنة 1963 تسلّم رئاسة الجمهورية عبدالسلام عارف و عند سقوط الطائرة التي كان يستقلها عبدالسلام محمد عارف في زيارة الى البصرة، استلم الحكم أخوه عبد الرحمن عارف الذي عرف بضعفه و اتسّم حكمه بالتسيّب مما مهد للإنقلاب البعثي الثاني في 17 تموز 1968.
و قام البعثيون خلال حكمهم بتسيير البلاد حسب آرائهم و عقيدتهم السياسية القائمة على التعصب الذي يحملهم على إتخاذ مواقف طائفية و عنصرية مما كان له اثره السيئ على كربلاء و باقي المدن الدينية في العراق و فرضت القيود على حلقات الدراسة الشيعية و المسيرات الدينية.
و في 17 تموز 1979 حينما أزاح صدام حسين احمد حسن البكر عن رئاسة الجمهورية و جلس مكانه إنتهج سياسة العنف و استعمل القوة طوال سنين حكمه و الذي استهله بإعدام الكثير من ابناء العراق خاصة مدينتي كربلاء و النجف و كان على رأسهم المرجع الديني السيد محمد باقر الصدر.
ثم اصدر الطاغية صدام حسين قراراً عنصرياً في عام 1980 و كان ذلك بتهجير حوالي نصف مليون مواطن من العوائل العربية و الكردية الى الجمهورية الإسلامية في إيران و كان عدد كبير منهم من مدينتي كربلاء و النجف بذريعة ان أصولهم ايرانية و لكن كانت مشكلة المهجرين كونهم من المسلمين الشيعة و قد ترك هذا أثراً عميقاً في التركيبة السكانية و الحياة الإجتماعية و الإقتصادية للمدن العراقية و منها مدينة كربلاء بوجه خاص.
و هنا يأتي منعطف جديد للحياة التي كانت هادئة نسبياً و تنتقل الى حياة يسودها الرعب و الهرج و المرج في كربلاء و نتيجة للأوضاع المتردية و الظلم و القتل و الإضطهاد العنصري الطائفي انتفض الشعب العراقي في آذار 1991 ميلادية ضد النظام القائم آنذاك وكان لكربلاء مساهمتها الكبيرة في ذلك و ظلت الإنتفاضة مستعرة فيها اكثر من أي مدينة اخرى و كان تدمير مركز المدينة تدميرا كاملاً و خاصة مابين و اطراف المرقدين المقدسين(مرقد الإمام الحسين و أبي الفضل العباس عليهم السلام) و شهود العيان كذلك الصور الوثائقية الموجودة تدل على ضخامة الدمار و بسالة و بطولة اهل كربلاء المنتفضين فيها حيث اصابت الصواريخ في هذه الحملة الهمجية حتى المراقد المقدسة.
و قد حوصرت المدينة و طلب من اهلها ان يتركوا البلدة بأتجاه بحيرة الرزازة التي تقع الى الشمال الغربي و رشقت البلدة برشقات متوالية من الصواريخ و المدافع ثم اشتد القصف مما اضطر السكان الى مغادرة بيوتهم بأتجاه بحيرة الرزازة. و ما ان امتدت حشود السائرين على الطريق مسافة طويلة حتى بدأت الطائرات المروحية تحصدهم و تقتل الأبرياء العزل و كلما تقدمت قوات النظام كان ثوار كربلاء يتصدون لها بعمليات تعرضية جريئة و أوقعوا بها خسائر فادحة.
و كما اشرنا اليه ان المراقد المقدسة تعرضت لقصف مدفعي و صاروخي مكثف مما هدم الجدار الخارجي للروضتين و خاصة مداخلها كما تعرضت القباب للرشقات النارية و الصاروخية و حوصر عدد كبير داخل الحرم الحسيني من الذين التجأو اليه و تم قتل معظمهم و جدران الموجودة داخل الحرم الشريف شاهدة على آثار الطلقات و الرشقات.
و لا بأس الإشارة الى قيام بعض الأفاضل والمخلصين من أبناء المدينة بحملة إعلامية للدفاع عن هذه العتبات و عقدت مؤتمرات دولية في كل من لندن و باريس و ديترويت و بامبي و بيروت لوضع الناس في اجواء هذه التعديات على التراث و القيم الدينية والأنسانية كما كانت هناك إجتماعات مع منظمة اليونيسكو لوضعها في اجواء ما جرى و كان كل ذلك مدعوماً بالصور الوثائقية و الأشرطة الصوتية.
و لذا اضطرت الحكومة الصدامية لإمتصاص هذه النقمة العالمية بترميم و إعادة بناء ما هدم في هذه المراقد المقدسة و لكن بصورة مشبوهة لا نعلم بقصد ام بجهل فغيروا النسج المعماري و المعالم التراثية التي كانت على الجدران و المداخل و الأبواب بنقوش تختلف مع الثقافة والنسج الأصيل لهذه الأماكن فأصبحت عباسية بعد ما كانت علوية فهي غير متجانسة في الحال الحاضر لا فنياً و لا عقائدياً.
و العمل القائم في الحال الحاضر في الروضة الحسينية في كربلاء لتسقيف و بناء الطابق الثاني للصحن الشريف يحاول المصمم فيها ان يعيد ما كان من الإصالة الى اماكنها التي كانت و القسم الجديد يكون على النسج الملائم لباقي الأعمال الفنية و الزخرفية التي كانت في الأدوار المختلفة من تاريخ بناء الروضة التي اشرنا اليه.
موجز تاريخ كربلاء
- سنة 61 هـ. 680م لما انتهى الإمام الحسين (عليه السلام) إلى كربلاء وأحاطت به خيل عبيد الله بن زياد قال: ما اسم تلك القرية؟ وأشار إليها، فقيل له: اسمها العقر فقال (عليه السلام): نعوذ بالله من العقر فما اسم هذه الأرض التي نحن فيها؟ فقالوا: كربلاء، قال: أرض كرب وبلاء.
- في العاشر من المحرم سنة 61 هـ استشهد الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه الميامين فيها ودفن في الحائر المقدس
- في عهد يزيد بن معاوية حدثت ثورة يزيد بن المهلب في ميدان العقر بالقرب من كربلاء، على ضفة الفرات ودارت هنالك معركة رهيبة أسفرت عن انسحاب الثوار أمام جيش مسلمة بن عبد الملك قائد جيش يزيد
- سنة 369 هـ. 979م حدثت غارة ضبّة بن محمد الأسدي على كربلاء عندما كان أميراً لعين التمر
- سنة 479 هـ. 1086م غارت خفاجة على كربلاء في زمن إمارة سيف الدولة
- سنة 795 هـ. 1392م وقعت هجمات تيمورلنك على كربلاء
- سنة 858 هـ. 1454م استولى مولى (علي المشعشعي) على كربلاء ونهب المشهد الحسيني وقتل أهلها قتلا ذريعا واسر من بقي منهم إلى دار ملكه في البصرة
- سنة 1013 هـ. 1604م غزت قبيلة آل مهنا كربلاء بزعامة أميرها المدعو - ناصر بن مهنا - وبسطت زعامتها على المدينة 40 عاماً إلى سنة 1053 هـ. 1643م
- سنة 1216 هـ. 1801م، أغار الوهابيون على مدينة كربلاء بقيادة سعود بن عبد العزيز وقتلوا اغلب أهلها في الأسواق والبيوت، وهدموا قبة مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) ونهبوا جميع ما في المدينة والمرقد الشريف من أموال وسلاح ولباس وفضة وذهب وكانت تسمى بحادثة (الطف الثانية)
- سنة 940هـ. 1534 م، احتل العثمانيون العراق وقام السلطان سليمان القانوني بحفر نهر من الفرات سمي (النهر السليماني) وهو نهر الحسينية الحالي
- سنة 1241 هـ. 1825 م، وقعت حادثة المناخور في عهد الوالي داود باشا حيث حاصرت قوات داود باشا كربلاء بقيادة أمير خيالته (سليمان ميراخور) حيث حاصرها واستباح حماها لمدة 8 أشهر.
- سنة 1258 هـ. 1842 م، وقعت حادثة محمد نجيب باشا إذ اجبر سكان مدينة كربلاء بقوة السلاح للخضوع لحكم العثمانيين
- سنة 1032هـ. 1623 م، احتل الإيرانيون العراق بزعامة الشاه عباس الصفوي
- سنة 1047هـ. 1638 م، حاصر السلطان العثماني مراد الرابع مدينة كربلاء
- سنة 1293 هـ. 1876 م، حدثت حركة علي هدلة المناوئة للحكومة العثمانية
- سنة1341هـ. 1923 م، هاجم الوهابيون مدينة كربلاء مرة ثانية
- سنة 1338هـ. 1920 م، اندلعت الثورة العراقية المسماة - ثورة العشرين العظيمة -، وكان اندلاعها من مدينة كربلاء التي اتخذت معقلا للثوار وعلى رأسهم المرحوم الشيخ محمد تقي الحائري الشيرازي وإصداره فتواه بتحريم انتخاب غير المسلم لحكم العراق
- في 29 حزيران 1920 م، القي القبض على الشيخ محمد رضا نجل الإمام الشيرازي مع تسعة من الشيوخ والإعلام المجاهدين وتم تسفيرهم إلى هنكام.




ور حرم الإمام الحسين وحرم الإمام العباس عليهما السلام في كربلاء بالعراق

http://www.arab7.com/up/file/1125232272470.jpg






http://www.afadak.com/images/pictures/1293271255.jpg




http://i48.servimg.com/u/f48/12/38/75/95/44577_10.jpg



http://i48.servimg.com/u/f48/12/38/75/95/44578_10.jpg

http://i48.servimg.com/u/f48/12/38/75/95/44579_10.jpg




مرقد ابو الفضل العباس ( عليه السلام )


http://www.lakii.com/img/all/Oct06/popzmN10181319.jpg



منطقة مابين الحرمين الشريفين الامام الحسين ( عليه السلام ) واخيه ابو الفضل العباس ( عليه السلام )

http://www.aljazeera.net/mritems/images/2006/3/19/1_605028_1_34.jpg




نهر العلقمي الذي يمر من تحت مرقد الامام العباس ( عليه السلام )

http://www.ebaa.net/khaber/2005/11/27/kirbla/02.jpg



احدى عيون الماء في قضاء عين التمر


http://www.holykarbala.net/karbalacity/geo/info/ain-tamor/ain05.jpg



مدينة الاخيضر الاثرية




http://www.nahrain.com/i/history/akhaider2.jpg







كهوف الطار


http://www.holykarbala.net/karbalacity/mash/archaeology/tar-caves/05.jpg





المخيم الحسيني


http://www.holykarbala.net/karbalacity/mash/holy/camp/00.jpg



تل الزينبية


http://i39.tinypic.com/24fi7fp.jpg

روحي علي
02-09-2011, 07:18 AM
الله يرزقني زيارة الحسيييييين
بوركت ع الطرح عزيزي
عوآآآآآآآآآآآفي

ترآنيــم الوفـآء
02-09-2011, 07:19 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد و عجل فرجهم

السلام على الحسين
و على علي بن الحسين
و على أولاد الحسين
و على أصحـآب الحسين

أجدت الانتقـآء
جزآك ربي الخير و الرضـآ

لاحرمنـآ عطـآءك القـآدم
موفق يـآ رب
:65::65::65:

محب الصدر
02-09-2011, 11:41 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وال محمد

شكرا جزيلا على المعلومات

جزاك الله احسن الجزاء

محـب الحسين
02-09-2011, 11:54 AM
كل التقدير لمروركم أحبتي

قلب الأسد
02-09-2011, 12:21 PM
اللهم ارزقنا زيارة كربلاء
وزيارة الحسين واصحاب الحسين
وشفاعة الحسين وشفاعة جد الحسين
بارك الله بك اخي ابو محمد وجزاك الله عنا خير الجزاء
وجعلة في ميزان حسناتك ان شاء الله
هنيئاً لك انتمائك لهذه البقعة الطاهرة

محـب الحسين
03-09-2011, 05:43 AM
وبارك بك اخي العزيز ابو قاسم
نسأل الله تعالى بأن يرزقك زيارة الامام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس
سلام الله عليهما
في الدنيا وشفاعتهما في الآخره

** خـادم العبـاس **
03-09-2011, 11:54 AM
سلام الله على أبا عبدالله الحسين

جزاك الله خير الجزاء

أرجو تقبُل مروري

محـب الحسين
03-09-2011, 02:41 PM
وجزاك بمثله عزيزي
حياك الله

عاشقةالبتول
21-10-2011, 03:12 PM
http://up.3dlat.com/uploads/128711515818.gif (http://up.3dlat.com/uploads/128711515818.gif)

الله يعطيك الف الف الف الف عاااافيه
ع الطررررح الجمييييييييل ورآآآآآآئع

//

:a:تقبل مروري:a:

http://up.3dlat.com/uploads/128711515818.gif (http://up.3dlat.com/)