جمال القالب وجمال القلب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الـدمـع حـبـر العـيـون
    • Apr 2011
    • 21803

    جمال القالب وجمال القلب


    بعدما أفاقت الأم الجديدة من نومها إثر ولادة مؤلمة، ضَغَطَتْ زِر الجرس بجانب السرير، فجاءت الممرضة على
    عجَل تلبيةً لندائها.. طلبتْ الأم منها رؤية مولودها الجديد، فذهبت الممرضة لحاضنة المواليد، وأحضرته.. كانت الممرضة
    مرتبكة وهي تضع الرضيع بين يدي الأم المسرورة، وخرجت بسرعة بعدما أودعته بين يديها..
    وعندما همَّت الأم بإزاحة الأغطية التي تُدثِّر صغيرها، أخافها ما رأتْ.. طفلاً بلا أذنين!
    قضتْ إرادة الله أن تُرزَق الأم طفلاً ناقص التكوين.. ومع جزَع الأم وحزنها الكبير على ابنها، إلا أن خوْفها من
    أن يعيش بلا سمع كان أكبر. لكن الأيام أثبتت أن قدرة الطفل على السمع لم تتأثر كثيراً بانعدام وجود أذنين خارجيتين كباقي البشر.
    كانت محبة الأم كبيرة لابنها، ولم يتأثر هذا الحب أبداً بشكله غير المألوف. لكنها كانت تعلم في داخلها،
    بأن حياته ستصبح سلسلة من الأزمات النفسية الخانقة بسبب شكله الذي يبدو غريباً لبقية الناس.
    وبالفعل، بدأت الأزمات تتوالى مع تقدُّم عُمره، تارة في الشارع مع أقرانه، وتارة مع تلاميذ مدرسته..
    كان حُضن أمه ملاذاً آمناً له في كل مرة يسمع فيها ما يجرح شعوره ويثير استياءه.
    في إحدى المرات، كان بكاؤه شديداً عندما دخل البيت فارَّاً إلى حضن أمه. كانت كلماته المتقطعة والمبحوحة
    كافية لإظهار تأثره الشديد، عندما نعتَهُ أحد أصدقائه بالوحْش.. يكاد قلب أمه يتقطع،
    مع كل مرة يتقطع فيها صوته من نوبات البكاء الشديدة التي تتسبب بها قسوة أقرانه.
    ومع كل مآسي الطفل، إلا أن أداءه في المدرسة كان متميّزاً، فقد رُزِق موهبة كبيرة في اللغة وآدابها،
    فكان يقرأ ويكتب بامتياز.. وربما دفعه نقصه الخِلْقي للتميُّز، ولم يكن الله ليأخذ شيئاً من إنسان إلا وعوّضه
    عنه خيراً منه. واستمر في أدائه الدراسي المتميّز حتى استطاع التخرّج بتفوق،
    ودخول إحدى الكلِّيات المرموقة ليدرس فيها السياسة والعلاقات الدولية.
    وفي أحد الأيام، زار والدُهُ أحد الجراحين المشهورين، وشرح له حالة ابنه، وطلب مساعدته..
    أفاد الجراح بأن وضع ابنه قابل للتعديل، حيث بالإمكان نقل الأذنين وزرعهما، لكن ذلك يتوقف في النهاية
    على وجود متبرع، غالباً من المتوفين دماغياً.. ترك الأب عنوانه لدى الطبيب، وغادر آملاً في اتصال يعيد لابنه ما فقده.
    مرت سنتان على زيارة الطبيب، والوالدان في انتظار، دون جدوى.. لكن في صباح أحد الأيام، فاجأ الوالد
    ابنه بخبر سعيد، فقد تم إيجاد متبرع بالأذنين، وينتظر الطبيب قدومه للمستشفى لبدء إجراءات العملية الجراحية..
    كان شعور الابن بالسعادة لا يُضاهى، مع أنه مقبل على عملية جراحية.. لكنها العملية التي ستجعل منه إنساناً
    طبيعي الشكل، تماماً مثل أي إنسان آخر.. سأل الابن والديه عن المتبرع،
    إلا أنهما قالا إن الطبيب لم يرغب في إفشاء اسمه، ولا يرى أهميةً لمعرفته.
    تمت العملية بنجاح باهر، كان بعدها منظر الابن طبيعياً تماماً. وكان الشكل الجديد للابن دافعاً قوياً له للتميّز
    أكثر في دراسته، حيث زادت ثقته كثيراً بنفسه، وتخرج بامتياز، وحصل مباشرةً على وظيفة
    مرموقة في السلك الدبلوماسي، وتزوج بعدها بفترة قصيرة، وعاش حياة هانئة مستقرة.
    إلا أنه، وبعد سنوات من إجراء عمليته، ظل يتساءل عن الشخص الذي قدّم له أذنيه؛ هل كان متوفى دماغياً،
    ومن هم ذووه؟ سأل أباه ذات مرة عن المتبرع حيث قال إنه يحمل له الكثير من التقدير والعرفان بالجميل،
    ولا يستطيع أن يكافئه، فقد كان له دور كبير في نجاحاته المتعاقبة في حياته.
    فابتسم الأب قائلاً له:
    «صدقني.. حتى لو عرفته، فلن تستطيع أن توفي له حقه».
    في أحد الأيام، زار الابن بيت والديه، بعد سَفر طويل له، أمضاه في دولة أجنبية في إطار عمله..
    حمل الابن لوالديه الكثير من الهدايا.. كان من ضمن الهدايا قرطان ذهبيان اشتراهما لأمه..
    وكانت دهشة الأم كبيرة عندما شاهدت جمال هذين القرطين. حاولت رفض الهدية بشدة، قائلة له إن زوجته أحق
    بهما منها، فهي أكثر شباباً وجمالاً.. إلا أن إصرار الابن كان أكبر من إصرار والدته..
    أخرج الابن القرط الأول ليلبسه أمه، واقترب إليها، وأزاح شعرها، فأصابه الذهول.. عندما رأى أمه بلا أذنين!
    عرف الابن أن أمه هي من تبرّع له بأذنيها! فأُصيبَ بصدمة، وأَجْهَشَ بالبكاء.
    وضعتْ الأمُ يديها على وجنتي ابنها وهي تبتسم، قائلة له: «لا تحزن..
    فلم يقلل ذلك من جمالي أبداً، ولم أشعر بأن فقدتهما يوماً، كلما شعرت بأنهما معك أينما ذهبت»
    .
    الجمال الحقيقي هو جمال الجوهر لا جمال المظهرجمال القلب لا جمال القالب..
    كنوز البشَر الحقيقية مثل كنوز الأرض.. تكمن في الباطن. المحبة الحقيقية لا تكمن في تضحياتنا المعروفة،
    بل في تضحياتنا التي لا يدري عنها أولئك الذي نحبّهم، أملاً في إسعادهم.
  • محـب الحسين

    • Nov 2008
    • 46769

    #2
    حنان الام لايمكن وصفه
    قصة مؤثره
    بوركتِ اختي الكريمه

    تعليق

    • محب الرسول

      • Dec 2008
      • 28579

      #3
      جزاك الله كل خير اختي الفاضله

      تعليق

      • هاشم سعيد
        • Apr 2011
        • 973

        #4
        أحسنتــــــــــــــــم ...
        تضحية واحدة من تضحيات كثيرة تقدمها الام لابنائها ...
        مشكورين على السرد القصصي...
        بوركتـــــــــــــــم ...

        تعليق

        • الـدمـع حـبـر العـيـون
          • Apr 2011
          • 21803

          #5
          اسعدني مروركم الجميل في متصفحاتي

          تعليق

          • عاشقةالبتول
            • Jul 2009
            • 2273

            #6


            الله يعطيك الف الف الف الف عاااافيه
            ع الطررررح الجمييييييييل ورآآآآآآئع

            //

            :a:تقبل مروري:a:


            تعليق

            • دمعة الكرار
              • Oct 2011
              • 21333

              #7

              تعليق

              • الـدمـع حـبـر العـيـون
                • Apr 2011
                • 21803

                #8
                أجــمل وأرق باقات ورودى
                لردكم الجميل ومروركم العطر
                تــحــياتي لكم
                كل الود والتقدير

                تعليق

                • عاشقة السيدة زينب ع
                  • Jul 2010
                  • 8202

                  #9
                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
                  وعجل فرجهم وألعن أعداائهم
                  مشكورة خيه على القصة المؤثرة
                  الله يعطيش ألف عااافية
                  بااارك الله فيش
                  تسلم يمناااش على الطرح

                  تعليق

                  • محب الصدر
                    • Mar 2009
                    • 3783

                    #10
                    شكرا جزيلا على القصه الاكثر من روعه
                    وفقكِ الباري لكل عمل خير

                    تعليق

                    • سمر
                      • Sep 2011
                      • 99

                      #11
                      مشكورره على القصه المؤثره التي ابكت عيناي
                      فديتج يما ربي يطول بعمرج ويخليج لي

                      تعليق

                      • الـدمـع حـبـر العـيـون
                        • Apr 2011
                        • 21803

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة سمر مشاهدة المشاركة
                        مشكورره على القصه المؤثره التي ابكت عيناي
                        فديتج يما ربي يطول بعمرج ويخليج لي

                        أجــمل وأرق باقات ورودى
                        لردك الجميل ومرورك العطر
                        تــحــياتي لك

                        تعليق

                        يعمل...
                        X