المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المرأة بصفتها زوجة


تراب البقيع
25-03-2009, 12:58 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المرأة بصفتها زوجة

بعد ما عرفنا في الحديث السابق ما على الزوج من واجبات والفروض، تجاه زوجته في تعاليم الإسلام، لابد أن نعرف الحقوق التي يتمتع بها الزوج تجاه زوجته، وعليها واجب القيام بها والمحافظة عليها، إذا أرادت أن تكون زوجة صالحة محافظة على العلاقة العادلة بينها وبين زوجها. لنرى في نهاية المطاف كيف يريد الإسلام من الزوجين أن يبنيا الأسرة الفاضلة العادلة التي تكون لبنة أساسية في بناء المجتمع الإسلامي الكبير.
إن أحسن ما يصور ذلك، ما روي عن الإمام الباقر {عليه السلام} انه قال: جاءت امرأة إلى النبي {صلى الله عليه وآله} فقالت: يا رسول الله ما حق الزوج على المرأة؟ فقال لها: أن تطيعه ولا تعصيه ولا تصدّق من بيته إلا بإذنه، ولا تصوم تطوعا إلا بإذنه، ولا تمنعه نفسها وان كانت على ظهر قتب. ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه، وان خرجت بغير إذنه لعنتها ملائكة السماء وملائكة الأرض وملائكة الغضب وملائكة الرحمة حتى ترجع إلى بيتها.
فنرى من ذلك إن الإسلام جعل على الزوجة تجاه زوجها عدة واجبات، يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
فأولاً: ينبغي على الزوجة أن تطيع زوجها ولا تعصيه، في كل أمر يأمرها به مما فيه من مصلحة لهما وتوفير لهنائهما وسعادتهما، ما لم يكن مخالفاً للشرع الإسلامي المقدس وتعاليمه الإلزامية. ولا يجوز لها أن تعصيه فتغضبه، فانه كما قال الإمام الصادق {عليه السلام} فيما روي عنه : أيما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حق، لم يتقبل منها صلاة حتى يرضى عنها. فقد أنيط قبول الله تعالى لصلاة الزوجة، والصلاة عمود الدين، بإطاعتها لزوجها وعدم إغضابه.
ومن أهم موارد إطاعة الزوج، هو وجوب تمكينه من الانتفاع الجنسي بشكل مطلق كامل على سائر مستويات الانتفاع، لا يحد إرادته لذلك أي مناقشة منها أو صدود. وفي ذلك قال النبي {صلى الله عليه وآله} في حقوق الزوج: ولا تمنعه نفسها وان كانت على ظهر قتب. ليرشد إلى إن الزوجة مهما كانت في حال صعوبة وإرهاق، كحال الركوب على القتب، فان عليها واجب التمكين، فضلاً عن حال اليسر والتمكن. وفي رواية أخرى عنه {صلى الله عليه وآله} انه يقول في الزوجة: وعليها أن تتطيب بأطيب طيبها وتلبس أحسن ثيابها وتتزين بأحسن زينتها وتعرض نفسها عليه غدوة وعشية.
الواجب الثاني على الزوجة: أن تتقيد في مصارف المال وإعطاء الهبات والصدقات، في حدود رغبة زوجها وأذنه. لان الزوجة تعيش في كنف الزوج وبين ظهرانيه، فليس من العدل أن ترتكب في داره وأمواله ما يكره من الشراء أو البيع أو الهبات والصدقات. نعم، إذا كان المال ملكها، كان لها التصرف في حدود المشروع في الإسلام.
الواجب الثالث على الزوجة: أن لا تصوم الصوم المستحب إلا بإذنه. والصوم هو تلك العبادة الإسلامية الفضلى التي أوجبها الإسلام في شهر رمضان، وجعلها مطلوبة استحبابا في سائر الأيام. وما أدل هذه العبادة على قوة الإرادة والصبر، وما أقواها في مكافحة الشهوات والانحرافات. ومع ذلك فان الشارع الإسلامي الحكيم، منع الزوجة من الصوم المستحب إلا بإذن زوجها.
والسبب في ذلك: هو إن الزوجة إذا صامت، وأرادت المحافظة على صحة صومها، فان عليها أن تمنع زوجها من نفسها بالشكل المفسد للصيام. وفي ذلك هدر لحق الزوج لا يريده الإسلام. ومن هنا أمر الزوجة بإستحصال إذن الزوج إذا حاولت الصيام المستحب. فانه إذا أذن لها فقد اسقط حقه في التمكين، ولم يبق أمام الزوجة مانع من القيام بهذه العبادة الفضلى.
الواجب الرابع على الزوجة: أن لا تخرج من بيت زوجها. وخروجها إلى أي محل ولأي مناسبة وبأي قصد، محرم، ما لم يكن خروجها بإذن الزوج ورضائه. وذلك لأحد سببين:
أحدهما: ما يشابه السبب الذي قلناه في منع الزوجة عن الصوم المستحب. فان خروجها يقلل لا محالة من فرص الاستمتاع الجنسي للزوج، وحيث إن حقه في ذلك مطلق في نظر الإسلام، لا ينبغي أن يحول دونه حائل. لذلك منعت الزوجة من الخروج إلا بإذن زوجها، باعتبار إن إذنه لها متضمن لإسقاطه حقه عنها.
ثاني السببين: إشراف الزوج على تحركات زوجته وعلاقاتها الاجتماعية. فان الزوجة تعتبر في المجتمع، وجها لزوجها وممثلة له ووجوداً كوجوده. لذا فقد أعطى الإسلام للزوج حق الإشراف على علاقات زوجته، لكي يستطيع أن يحفظ بفكره وإرادته، التوازن الاجتماعي لها، ويمكنه أن يخطط بيده الأسلوب العام لعلاقات زوجته الاجتماعية.
ومن هنا تسمع من النبي {صلى الله عليه وآله}، التشديد العظيم على حرمة الخروج من دون إذن الزوج إذ يقول: وان خرجت بغير إذنه لعنتها ملائكة الأرض وملائكة الغضب وملائكة الرحمة حتى ترجع إلى بيتها. الرواية. وليس هناك امرأة مسلمة تود أن تكون موضعا للعن الله ورسوله وملائكته.
ولنستمع إلى رسول الله {صلى الله عليه وآله}، ليرينا ـ في حديث آخر ـ صفات السوء في الزوجة، لكي تضعها الزوجة الصالحة نصب عينيها، وتحاول جهدها أن تبتعد عنها ولا تكون متصفة بها. قال النبي {صلى الله عليه وآله}، فيما روي عنه،: ألا أخبركم بشرار نسائكم: الذليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود، التي لا تتورع عن قبيح، المتبرجة إذا غاب عنها بعلها الحصان معه إذا حضر. لا تسمع قوله ولا تطيع أمره، وإذا خلا بها بعلها تمنعت منه كما تمنع الصعبة عند كوبها، ولا تقبل منه عذراً ولا تغفر له ذنباً.
ولا يخفى شان الزوجة الصالحة وأثرها العظيم في تكوين الأسرة الصالحة المتعاطفة، وفي غرس أروع المثل والأخلاق والعقائد في الجيل الصاعد. كما لا يخفى فضل المرأة الصالحة عند الله وقربها إليه، وان العمل في سبيل الزوج وإطاعته يعتبر من المرأة جهاد في سبيل الله. فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب {عليه السلام} انه قال: كتب الله الجهاد على الرجال والنساء.. إلى أن قال: وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من زوجها وغيرته.
وروي عن النبي {صلى الله عليه وآله} انه قال: ما استفاد امرأ مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله. وعن أمير المؤمنين {عليه السلام} انه قال: خير نسائكم الخُمُس. قيل: وما الخُمُس؟ قال: الهينة اللينة المؤاتية، التي إذا غضب زوجها لم تكتحل بغمض حتى يرضى، وإذا غاب عنها زوجها حفظته في غيبته. فتلك عامل من عمال الله وعامل الله لا يخيب.