هذه القصيدة هي من أوائل النظم
من مكةٍ يطوي اليبابَ المُقفِرا ** سار الهدى ليحجّ حجّاً أكبرا
في كربلاءَ هناك حيثُ مصارعٍ ** للحق أجرت للكرامة كوثرا
سيم الهدى خسفاً فهبّت أنفسٌ ** لوفائها فكرُ الزمان تحيّرا
فتقدموا يتنافسون على العلا ** فاذا بهم لذرا الخلودِ هم الذرا
سبعونَ لم تلدْ المفاخرُ مثلَهم ** وهبوا الحياةَ بموتهم كلَّ الورى
عشقوا الخلودَ فاغمضتْ أجفانُهم ** عن كلّ ما يغري اللبيبَ المُبصرا
زَهِدوا بما في الأرضِ حبَّ إمامِهم ** فتقدّموهُ إلى الردى وتأخّرا
وغدا فريداً وهو سبطُ محمدٍ ** لله ما أبدى الضلالُ وأضمرا
هذا ابنُ بنتِ نبيّهِمْ يدعوهُمُ ** فإذا بهمْ لا يفقهونَ تَجَبُّرا
فمضى فأودعَ في المحاجِرِ عَبْرَةً ** والثأرُ كم أدمى العيونَ وأسهرا
وبكلّ نفسٍ حرقةً وتبرُّماً ** وبكلّ قلبٍ جمرَ حزنٍ مُسْعَرا
فهوى بوادي الطفّ وحيَ هدايةٍ **جُرْحاً بعينِ الطّهرِ أحمدَ قد جرى
***
يا حاملاً رأسَ الحسينِ على القنا ** تطوي الفيافيَ ضاحكاً مستبشـــرا
لا ترفعِ الرأسَ المخضّـــــبَ عالياً ** أخشى عليه من النسيم إذا سرى
يا مُنزلاً جسمَ الحســــــينِ بقبرهِ ** هلا ســــــــــقيتَ فؤادَهُ المتفطِّرا؟
إنْ شئتَ نَزْعَ السهمَ من أحشاءِهِ ** رفقاً فإنّ لفاطـــــــــــــمٍ عيناً ترى
رفقاً بأشــــــــــــلاءٍ تناهبت الظبا ** أوصالَها والحِقْ بهنَّ الخنصـــــرا
واسقِِ الثرى مني بدمـعٍ خاضلٍ ** فعسى تبلُّ مدامعـــي ذاك الثــرى
فلقد قضـى ظـــــــامٍ بحرِّ ظهيرةٍ ** أعياهُ نزفُ جراحِهِ فتكَــــــوّرا
من فوق سابحِهِ ولم يَرَ ناصــراً ** وأبوهُ مَن في الحشرِِ يسقي الكوثرا
تعساً لقوم لم يراعوا حرمـــــــة ** لنبيهمْ في آلـــــــــهِ خيــــــرِ الورى
أجسادُهُمْ فوق الصعيد عواريــاً ** ورؤوسهم تعلو السّنانَ الأســــمرا
وحريمُهُمْ من بعد قتلِ رجالِهـا ** من كربلا للشـــــــامِ تُسبى حُسَّرا
تلكم وصية أحمــدٍ في آلِــــــــهِ ** أم ثأرُ بدرٍ للضغــــــــــائنِ سجّرا؟
يا صاحبَ العصرِ المدامع تشتكي ** سقماً وقلبي لا يطيـــــــق تَصَبُّرا
الكاتب/ عادل الكاظمي
تعليق