آداب الحج

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عاشقة النور
    • Jan 2009
    • 8942

    آداب الحج

    بسم الله الرحمن الرحيم


    اللهم صل على محمد وال محمد



    اعلم أيها الطالب للوصول الى بيت الله الحرام ، إن لله عز وجل بيوتا مختلفة ، فمنها هذه الكعبة الظاهرية ، ومنها بيت المقدس ، ومنها البيت المعمور ، ومنها العرش إلى أن يصل الأمر إلى البيت الحقيقي وهو قلب المؤمن ، الذي هو أعظم من كل هذه البيوت ، ولا شك أن لكل بيتٍ من تلك البيوت مراسم وآداب ، فالمهم أن نعرض هنا آداب زيارة الكعبة الظاهرية - غير ما ذكر في المناسك - وقد نشير إجمالاً إلى آداب الكعبة الحقيقية ، فنقول :

    اعلم أن الغرض من تشريع الحج ، هو استيعاب هذه الحقيقة وهي أن الهدف من خلق الإنسان هو معرفة الله ، والوصول إلى حبّه ، والانس به ، ولا يمكن حصول هذين الأمرين إلا بتصفية القلب ، وهي بدورها لا تتم إلا بكفّ النفس عن الشهوات والانقطاع عن الدنيا الدنية ، وإيقاعها في المشاق من العبادات الظاهرية والباطنية ، ولهذا لم يجعل الشارع العبادات على نسق واحد بل جعلها مختلفة متنوعة .. إذ أن بكل عبادة من هذه العبادات تزول رذيلة من الرذائل .. فبالصدقات والحقوق المالية ينقطع الميل إلى الحطام الدنيوي .. وبالصوم تنقطع الشهوات النفسانية .. وبالصلاة يتم النهي عن الفحشاء والمنكر ، وهكذا سائر العبادات ..

    أما الحج فهو مَجمعٌ لهذه العناوين المتكثرة ، إذ أنه مشتملٌ على مشاق العبادات التي تفي كل واحدة منها بإزالة رذيلة من هذه الرذائل مثل : إنفاق المال الكثير ، والانقطاع عن الأهل والأولاد والوطن، ومعاشرة النفوس الشريرة ، وطي المنازل البعيدة ، مع الابتلاء بالعطش في الحر الشديد ، والقيام بأعمال غير مأنوسة لا يقبلها الطبع الأولي من الرمي ، والطواف ، والسعي ، والإحرام وغير ذلك.

    كما أن في الحج فائدةً أخرى وهي تذكّر أحوال الآخرة ، برؤية أصناف الخلق في صعيد واحد ، على نهج واحد لا سيما في الإحرام والوقوفين ، وكذلك الوصول إلى محل الوحي ونزول الملائكة على الأنبياء ، من لدن آدم إلى النبي الخاتم (ص) ، والتشرف بموضع أقدامهم الطاهرة ، كل ذلك إلى جانب التشرف بالحرم الإلهي الموجب لرقة القلب ، والمورث لصفاء النفس.

    إن على العبد أن يعلم أن الإسلام - كما ورد - قد استبدل الرهبانية بالجهاد والحج .. وهو لا يصل إلى هذه الكرامة الا بملاحظة آداب ومراسم وهي:

    الأولى : أن يجعل العبد عباداته كلها بنية صادقة ، قاصداً امتثال أمر المولى فحسب ، ليتحقق بذلك تلك العبادة كما أرادها الله تعالى .. فعلى الحاج - قبل الحج - أن يراجع نيته ويجعلها خالصة لمن يهمّ بزيارته ، متحاشياً غير ذلك من المقاصد الباطلة : كطلب الجاه ، والتخلص من مذمّة الخلق بتفسيقهم له ، أو حتى الخوف من الفقر - كما ورد من أن تارك الحج يُخشى عليه من الفقر - أو السعي للتجارة والسياحة في البلاد .. فلو التفت الحاج إلى بطلان قصده ونيته ، لزمه إصلاح ذلك أولاً ، والالتفات إلى قبح الورود على ساحة مالك الملك والملكوت، بهذه الحالة من الانصراف إلى مثل تلك الأمور السخيفة .. وهذا مما يوجب الخجل والوجل ، لا العجب والغرور.

    الثاني: أن يهيء نفسه للمجالسة الروحانية ، وذلك بالإتيان بتوبة جامعة كاملة بكل مقدماتها ، كرد الحقوق المالية : من الخمس والمظالم والكفارات .. أو غير المالية : كالاستحلال من الغيبة ، والإيذاء ، وهتك الأعراض ، وسائر الجنايات بالتفصيل الذي ذكر في محله.. وكذلك الاستحلال من والديه ومن هما مصدر وجوده .. ثم الوصية بمحضر الشهود من دون تضييق على الوصّي في كيفية صرف ثلث أمواله ، لئلا يوقع مسلماً في حرجٍ بعد وفاته.. وبعد هذا كله يوكل أمر أهله وعياله إلى الكفيل المتعال ، فإنه خير معين ونعم وكيل.

    والحاصل أن على الحاج أن يقطع علائقه كلها ، ليتوجه بعد ذلك بكله إلى الله تعالى ، محتملا بل مفترضا عدم العود من سفره هذا إلى وطنه.. فيكون شأنه شأن من يحتمل الموت في كل لحظة من لحظات حياته .

    الثالث: أن يتحاشى أسباب انشغال القلب في هذا السفر العظيم ، لئلا يذهل عن محبوبه في حركاته وسكناته ، سواء كان سبب ذلك الذهول شخصاً أو مالاً .. ومن هنا لزم عليه أن لا يصطحب في سفره من يشغله عن همّه الأوحد .. ولهذا يحسن السفر مع من يغلب عليه الذكر ، ليكون مذكّراً له في هذا السفر الإلهي ، كلما غلب عليه الذهول عن الحق .

    الرابع: السعي في أن تكون نفقة الحج من المال الحلال .. وأن يوسّع على نفسه وغيره في هذا الطريق ، إذ أن درهما يُنفقه في الحج - كما ورد - بسبعين درهما.. فهذا الإمام السجاد (ع) - وهو أزهد الزاهدين - كان يأخذ معه ما لذّ من الطعام ..

    ومما يترتب على هذه المشاعر ، أنه لو فقد الحاج متاعاً في طريقه ، أو سُرق منه شيء ، فإنه لا يغتم لذلك ، بل يدخل عليه الفرح والسرور، إذ قد عُوّضَ بما فَقَده أضعافاً مضاعفة في الديوان الأعلى ، عند أكرم الأكرمين.
    فلو أن عبداً تحمل الأذى في زيارة سلطان من سلاطين الدنيا ، لتدارك له ذلك السلطان ما فات منه بما أمكنه ، ولا سيما إذا دعاه لزيارته ، فكيف ظنك بأقدر القادرين وأكرم الأكرمين؟!..
    حاشاً وكلاّ أن يقل كرم المولى الأعظم ، عن كرم أهل البادية الذين نعهد فيهم ذلك .. نعوذ بالله تعالى من سوء الظن به.

    الخامس: أن يُحسّن خُلقه مع رفقته حتى المكاري الذي يسوق دابته .. ويتجنب الفحش من القول ، فإن حسْن الخلق لا ينحصر في كفّ الأذى عن الغير ، بل في تحمل الأذى منه ، بل في خفض الجناح لمن يؤذيه.

    السادس: أن يسعى في قضاء حوائج من معه من المؤمنين ، وتعليمهم أحكام الشريعة ، والدعوة إلى المذهب الحق ، وتعظيم الشعائر ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

    السابع: الابتعاد عن موجبات التجّمل والتكبر ، إذ أن ما أمر به هودخول الحرم الإلهي بذلّة وهو أشعث أغبر.. كما ورد في المناسك في باب الإحرام.

    الثامن: أن لا يتحرك من منـزلة إلا وقد فوّض أمر نفسه وأهله ورفقته وما معه إلى الله تعالى ، وأودع كل ذلك أمانة لدى الحفيظ العليم.. وهكذا يخرج من منـزلة متوكلا ًعليه ، متبرأً من حوله وقوّته ، فإنه - جلت عظمته - نعم الحفيظ ، ونعم المولى ونعم النصير.
    وهناك آداب آخرى مذكورة في المناسك ، يحسن الالتزام بها ومنها الصدقة ، فإنه يشتري بها سلامة سفره .

    وبعد ذلك كله ، يتأمل في حقيقة أن هذا السفر هو السفر الجسمي إلى الله تعالى ، وهناك سفر آخر روحي يتمثل في الالتفات إلى أنه لم يأت إلى هذه الدنيا للاستمتاع بملذاتها ، بل خُلِق لمعرفة ربه وتكميل نفسه ، ثم العمل بمقتضى هذا الإلتفات.




    "عاشقة النور"
  • نسمة ضحى
    • Jul 2011
    • 20

    #2
    اللهم صل على محمد واله الابرار
    بارك الله بيج اختي

    تعليق

    • عاشقةالبتول
      • Jul 2009
      • 2273

      #3
      الله يعطيك الف الف الف الف عاااافيه
      ع الطرررح الجمييييل ورآآآآئع


      //

      :65:تقبل مروري:65:

      تعليق

      • عاشقة النور
        • Jan 2009
        • 8942

        #4
        كل الشكر لمروركم الطيب

        لا خلا ولاعدم منكم


        "عاشقة النور"

        تعليق

        • محـب الحسين

          • Nov 2008
          • 46763

          #5
          دمتِ اختي العزيزه
          ودام هذا العطاء القيم

          تعليق

          • هاشم سعيد
            • Apr 2011
            • 973

            #6
            أحسنتـــــــــــــــم ...
            رزقكم الله حج بيته الحرام ...

            تعليق

            يعمل...
            X