
«روي انّه لمّا حضرت فاطمة عليهاالسّلام، الوفاة بكت فقال لها اميرالمؤمنين، عليهالسّلام: يا سيّدتي ما يبكيك؟ قالت: ابكي لما تلقي بعدي. فقال لها لا تبكي فو الله انّ ذلك لصغير عندي في ذات الله.»
من الطبيعي ان كل زوجة شابه تصاب بوضع وخيم بسبب حادثة او عارض، و تشعر بآثار الموت في نفسها، أن تبكي و تذرف الدموع و تظهر تأثرها. فاطمة عليهاالسلام ايضاً نتيجة للظلم الكثير الذي وقع عليها من قبل الطغاة و طالبي الرئاسة و عملاء الحكومة الظالمة و على أثر الحوادث الأليمة التي حلت بها، اصبحت في حالة تيقنت بانتهاء ايام حياتها و رأت نفسها بمواجهة الموت، ففي تلك اللحظات الحساسة اهملت الدموع، فاعتقد الآخرون ان بكاء فاطمة عليهاالسلام ناشيء من تفكيرها بقصر عمرها و انها لم تر سروراً في حياتها القصيرة تلك، و انها ستودع التراب و هي في مقتبل العمر و مرحلة الشباب، فعللوا بكائها و وجهوه بامور من هذا القبيل. و لكن عندما سأل اميرالمؤمنين زوجته فاطمة الشريكه له في آلامه و احزانه عن سبب بكائها اجابت فاطمة: أبكي لما تلقي بعدي.
يُفهم من هذه العبارة ان فاطمة العظيمة لم تفكر في لحظاتها الأخيرة بنفسها، و لم تفكر بالألم الكبير الذي ملأ نفسها و قلبها مما فعلته ألا عيب السياسة حتى جعلتها في طريق الموت، بل كانت فاطمة عليهاالسلام تفكر بما سيأتي، بأن علياً عليهالسلام سيفقد بموتها اعظم المدافعين عنه و سيكون العدو بلا مزاحم في ميدان الجفاء و القسوة، فماذا سيفعل علي عليهالسلام في تلك الظروف، كانت تفكر أنها بموتها سيكون الغاصبون و الظلمة اكثر حرية و سيقيد علي عليهالسلام بشكل كامل، و حينها ما الذي يفعله العدو عديم الايمان بزوجها الحزين المصاب و قد سنحت له الفرصة عليه. امير المؤمنين عليهالسلام الذي كان يعلم ان توقعات زوجته الحنونة هي عين الحقيقة و الواقع، و لكي يخفف من ألمها و يهوّن نار قلبها المشتعلة قال لها: لا تبكي، لا تقلقي... ان هذه المصائب في سبيل الله و لاجل ذلك فهي يسيرة و قابلة للتحمل.
نسألكم الدعاء
تعليق