بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل بفرجهم الشريف يا كريم

حدث عاشوراء الجلل .. كيف نكتبه ؟

اقترن الحدث التاريخي المؤلم ، الذي فرضت فصول مأساته على
الإمام الحسين و أهل بيته النبوي ( عليه السلام )
بأن المبدئية فيه كانت طاغية و التحدي عنه ضد الظلم الأموي كان فاعلاً.
و لا يخفى أن حدثاً جللاً كواقعة كربلاء حين يفكر المرء .. بالكتابة عنه
ينبغي أن يكون حيادياً في تثبيت ما جرى دون أي تحيز سوى التمييز للحقيقة التاريخية ، التي يعتقدها صحيحة كون المؤرخ المعاصر يستنبط تحليلاته من خلال ما دوّن في المخطوطات و الكتب المطبوعة ،
إلا أن ما يتوجب عدم إهماله بهذا الصدد ، هو الركون السمح لما زالت تتناقله الأجيال عبر تراثها الشفوي الممتد من يوم وقوع الحدث سنة 61 هجرية ،
و حتى اليوم ففي التراث الشفوي الكثير الذي مازالت معلوماته غير مدونة.
و لا بأس من الإشارة أن ما دوّن في الكتابة التقليدية فيها من التوثيقات ،
بما لا يمكن إهمالها أو تجاهلها على الرغم من أن بعضها قد كتب تحت التأثيرالعاطفي ،
و بصراحة أكثر فإن الأخذ بعين الاعتبار التحولات التاريخية و دور السلطات القديمة ،
التي كانت تقمع قائلي الحقيقة ، يفضل أخذ ظروفها بعقلية ،
تركز منهجية البحث في القضية الحسينية ،
حتى لا يضاف ظلماً جديداً لمظلمة الإمام الحسين (عليه السلام).
إن المتصفح بصورة عامة للمؤلفات التي طبعت حتى الآن حول الإمام الحسين (عليه السلام) على أهميتها ،
لكنها تكاد تكون في مستوى واحد ، حتى ليخيل إلى القارئ الحيادي ، و كأن كل المؤلفين يكتبون عن واقعة كربلاء بمستوى واحد أو يقترب من ذلك .
فإذا ما اعتبر أن التاريخ هو علم من علوم الفروع الإنسانية ،
فإن مهمة إنجاز كتابة متكاملة عن معركة كربلاء ، تستوجب خوضاً لا يخرج عن إطار أن معسكر الإمام الحسين (عليه السلام) ،
كان يمثل الجانب الديني الإسلامي بكل ما فيه من عنفوان و حرص على إعلاء كلمة الله سبحانه و تعالى في الأرض في
حين كان معسكر الأموي عبيد بن زياد بن أبيه لا يمثل سوى قشراً إسلامياً يخفي كفره المبطن.
و بذا فالصراع لم يكن يمثل صراعاً على السلطة ، كما يحلو للبعض من المؤلفين أنيصوّر ذلك ،
إذ أن لمعركة كربلاء أبعد بكثير ، مما يحاول مثل هذا النموذج الجهول من المؤلفين ، أنيثبتوه على حساب الحقيقة و التاريخ .
و حيثما يبقى الكلام المدوّن أي المكتوب ، يمثل أحد أهم أركان علم الكلام ذاتهالذي ينبغي أن لا يخرج عن الإطار الحقيقي للأحداث.
إن حكم المؤلف يبقى دوماً ذا أهمية ،
تتجلى منه فيما يسطره قلمه ، و طبيعي فهذه ليست فيها دعوة لأن يُلغى كل ما كتب عن حدث عاشوراء ،
لكن إعادة بنائية ما كُتب حتى الآن يفضل أن يرافقه ما تناقلته سير الأشخاص أيضاً ،
فبذاك سيمكن فرز الخطط و المبادئ و المدعيات ، التي كان يتقوّل بها معسكر عبيد الله بن زياد أمام المطالب العقلانية التي يتمسك بإشراقاتها الإسلامية معسكر الإمام الحسين (عليه السلام) ،
الذي كان يمثل جوهر الإسلام في أحلك مرحلة تمر به.
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

تعليق