هل يكذب التاريخ ؟!!
بقلم: ريم سعيد آل عاطف
«في لحظاتِ (الانتصار) تماماً كما في لحظاتِ (الأسى) لا وقت للتأنقِ في العبارات. أكتب بين دمعةِ أسى على مائةِ عامٍ سلفت من الإفسادِ المخططِ له لعفاف المرأة، وبين خفقان قلبي فرحا بمبشِّرات انتصار المسلمة على تلك الخطط.
لقد صار لفظُ (تحريرِ المرأة) شعارا مزيفا ينادي به العلمانيون مع أن غايتهم ليست (التحرير) بل (الاستعباد).
إن من الواجب أن يُعاد لفظُ (التحرير) إلى معناه الحقيقي فالمرأة –عالميا- عبر قرنين انصرما من الزمان كانت ولا تزال مستعبدة لألاعيب الصهيونية. ومن هنا أطالب أن تتحرر المرأة من تحريرهم المزعوم ولقد أمهل التتريخ العلمانيين دهرا قبل أن يقتص منهم بفضح نواياهم التي أضمروها وإفسادهم الذي جلبوه إلى العالم.
ووالله ما كذب التاريخ ولكن العلمانيين كذبوا... وسطوة التاريخ لا يعتبر منها إلا أولو الأبصار الذين قرؤوا في الماضي ليصنعوا المستقبل».
كانت هذه العبارات المؤثرة من مقدمة كتاب «هل يكذب التاريخ؟ مناقشات تاريخية وعقلية للقضايا المطروحة بشأن المرأة» للكاتب عبد الله بن محمد الداوود.
والحق أنني أعتبر هذا الكتاب من أفضل ما كُتِب في فضح العلمانية وأكثرها وضوحا وقوة ونفعا. إذ تميَّز بعرضه الماتع وأسلوبه البسيط الشائق.
وتَفَرَّد بكونه موجهاً للجميع مخاطباً للعقول. ثري بالمعلومات القيِّمة والحجج الجلية. محفز للبحث والتفكير. متمكن من الإقناع وكشف الحقائق بذلك الحشد الهائل من الصور والوثائق التاريخية النادرة.
وقد كثرت الردود الشرعية على العلمانية من علماء ومفكرين أجلاء طيلة العقود الماضية. ولكن كاتبنا الداوود حاول في كتابه هذا أن يسلك مسلكاً جديداً بمناقشة أفكار العلمانيين السائدة خلال المائة سنة الماضية، وتفنيدها بطرق عقلية - تاريخية.
ولعل من أهم تلك الحقائق التي يجهلها الكثيرون، وأثبتها الكاتب هي أن الستر والاحتشام كان سمةً عالمية لشعوب الأرض من مسلمين وغيرهم. بل دعَّم بالوقائع والتواريخ والصور حقيقة أن غطاء الوجه كان شائعاً منذ القدم، ليس فقط في ديار الإسلام بل حتى في بلاد الغرب! فأسقط بذلك كل تلك الترّهات القائلة بأن غطاء الوجه أو النقاب مجرد عادةٍ بدوية، أو هي من بدع الحنابلة والوهابيين في السعودية!.
بدأ الكتاب بعرض تاريخي موثق لهيئة لباس المرأة عموماً ولباس المسلمة قبل مائة عام، ثم بين مراحل العلمانيين في التدرج لتحقيق أهدافهم الدنيئة. وطرقهم الملتوية للانحطاط بالأمة والتي تنقلت بين البلاد والأجيال. وكيف تمت محاربة قيم الستر والحياء وانتزاع الحجاب أو التخلي عنه تدريجياً حتى انحسر في بعض الدول أو هو في طريقه للانحسار. فأعداء الإسلام لهم في كل حقبة من التاريخ فن وطرق للإغواء والخديعة.
تحدث الكاتب عن قضايا أخرى كالمساواة - الاختلاط - عمل المرأة. وأرفق الرد على كل قضية. وضمَّن كتابه ما يزيد عن 150 وثيقة وصورة من مجلات بين عام (1885- 1935م) لانفراد تلك المرحلة بضراوة الهجمة على عفاف المرأة ودينها، ومحاولة تغريبها وإفسادها. ومن عجيب الوثائق (وثائق العاهرات) بمصر والتي
«كانت تمنحها وزارة الداخلية بصفتها (إذناً رسمياً) لممارسة البغاء، وعليها الختم الحكومي، وختم الخزي الذي ختم به التاريخ وجوه المعاصرين الصامتين عن تلك المرحلة».
يقول الداوود: «تحتاج الحقيقة إلى قدرٍ من الجرأة والشجاعة لطرحها بشكلٍ يحترم قداستها. وقد أثبتّ في كتابي هذا بالتقارير والوثائق أن التاريخ بحقيقته لا يكذب، ولكنَّا في مواجهة موجة تزييف للتاريخ بل والنصوص الشرعية».
وهنا أؤكد: كما أن للحقيقة مصادر فعنها أيضا مدافعون وباحثون!! وكفى بربي وكيلا «يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون».
تعليق