إحيـاء عاشـوراء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ** خـادم العبـاس **
    • Mar 2009
    • 17496

    إحيـاء عاشـوراء

    دروس من الرضا والتسليم

    حينما خاطب ابن زياد، العقيلة زينب سلام الله عليها: كيف رأيتِ صنع الله بأخيك وأهل بيتك؟ نراها أجابته: «ما رأيت إلاّ جميلاً».فلم يُسمع لأهل البيت بما فيهم النساء والأطفال ـ فضلاً عن الإمام السجّاد والإمام الباقر سلام الله عليهما ـ ولو كلمة واحدة تُسخط الله تعالى رغم عظم المصائب التي رأوها.ولا سُمع أنّ أهل البيت سلام الله عليهم تضجّروا أو تأسّفوا لما ضحّوا به أو حتى شكوا ما جرى عليهم من قتل وتشريد وسبي ونفي وتحريق.نعم، إنّ الإمامين السجّاد والباقر سلام الله عليهما كانا معصومين، وإن السيّدة زينب كانت عالمة غير معلَّمة ولكنّ الأطفال الصغار الذين كانت تتراوح أعمارهم بين الثلاث والأربع وبقيّة النسوة لم يكونوا كذلك، ومع ذلك فلم تصدر منهم كلمة لا تُرضي الله تعالى، الأمر الذي زاد من رفعة شأنهم حتى حظوا بالقرب من الله تعالى في كلّ شيء حتّى على مستوى الإجابة والإحسان لمن يلوذ بهم، وفي هذا درس وعبرة لنا.انظروا اليوم إلى مقام طفلة سيّد الشهداء سلام الله عليه، السيّدة رقية في الشام ـ مركز بني أمية حتى اليوم ـ ولاحظوا كثرة الوافدين على زيارتها بغية التزوّد من سنا مجدها وعزّها، فضلاً عن طمعهم بكرمها في قضاء حوائجهم، رغم مرور أكثر من ألف وثلاثمائة وخمسين سنة على وفاتها.

    دورنا تجاه الشعائر

    لنستفد من بركات سيّد الشهداء سلام الله عليه بقدر الإمكان، وذلك من خلال المشاركة في مجالس العزاء وإحيائها، ولنعمل على عقد هذه المجالس في بيوتنا فإنّها تجلب بركة الدنيا والآخرة.إنّ كلّ من يقيم مجلساً سواء للرجال أو للنساء، وفي محرّم أو في صفر، وفي عاشوراء أو في غيره، كلّ ذلك يجلب البركة؛ لأنّ ذكر أهل البيت سلام الله عليهم يجلب البركات ومنها سلامة الذريّة. فالذي يريد أن تكون ذرّيته صالحة عليه أن يجلب البركة في بيته، بإقامة مجالس ذكر أهل البيت، كلٌّ حسب قدرته وإمكانيته.وإذا استطاع أحدكم أن يقيم المجالس يومياً فإنّ لذلك فوائد كثيرة، أما إذا لم يتمكّن من ذلك كلّ يوم فلا بأس في كلّ أسبوع أو كلّ شهر أو حتى مرّة في السنة.فاسعوا أيّها الإخوة الأعزّاء أن توقدوا في بيوتكم مصباح سيّد الشهداء وذلك من خلال إقامة مجلس العزاء على مصابه سلام الله عليه. هذا المصباح ورغم محاولات الأعداء الكثيرة التي أرادوا بها أن يطفئوا نوره قد بقي منيراً على مدى أربعة عشر قرناً، وسيبقى منيراً إلى يوم القيامة.

    البشرية كلّها ممتحنة بقضية عاشوراء

    إنّ قضيّة عاشوراء ستبقى إلى يوم القيامة وسيُمتحن فيها الملايين من البشر.إنّ الامتحان بقضية عاشوراء ليس اليوم فقط أو في عاشوراء عام 61هـ وإنّما كان من قبل. فقد امتُحن نبيّ الله نوح وإبراهيم الخليل عليهما السلام.وكذلك نحن جميعاً نُمتحن، ولذلك لابدّ أن نحذر ونحتاط فلا نسيء إلى شيء من قضايا سيّد الشهداء، فإنّ الله تعالى يعفو عن معصية العبد بحقّه أسرع من عفوه عن التقصير في حقّ سيّد الشهداء، وهذا نظير ما في الرواية أنّ الله تعالى ينظر إلى زوّار قبر أبي عبد الله يوم عرفة قبل أن ينظر إلى زوّار بيته الحرام.انظروا لما حدث اليوم، فهل سيمتنع بسببه الزوّار من المجيء ثانية إلى قبر سيّد الشهداء؟ وهل تصوّر الأعداء أنّ أفعالهم ستعيق الناس عن زيارته سلام الله عليه؟لقد التقيت بالعديد من المظلومين في العراق، فكان بعضهم يقول: فقدتُ أولادي الخمسة ولا أعلم عن مصيرهم شيئاً، وغير ذلك من قتل الشباب وانتهاك الأعراض والتجرّي على العلماء، ومع كلّ ذلك لم يتراجع الموالون عن قضيّة سيّد الشهداء ولن يتراجعوا إلى يوم القيامة.إنّه لمن سعادة المرء أن يقيم مجلساً لسيّد الشهداء وإن لم يحضره إلاّ القليل ولم يقدّم فيه إلاّ اليسير، فهو عند الله عظيم، فضلاً عن دفعه لبلاء الدنيا والآخرة.أمّا الذين لم يُوفَّقوا لذلك فليصمّموا من اليوم أن يقيموا في بيوتهم مجالسه سلام الله عليه.

    لنجعل أبناءنا في خدمة أهل البيت

    إنّ دنيا اليوم تختلف عن السابق، فاليوم إذا وقعت حادثة بسيطة في كربلاء مثلاً، لا يمرّ عليها خمس دقائق حتى يصل خبرها إلى أقصى أطراف العالم بسبب وسائل الإعلام.وكما تعلمون إنّ تعداد البشرية اليوم ستّة مليارات نَسمة، كثير منهم لا يعرف الإمام الحسين بل ربّما لم يسمع بعضهم به، وإذا ما سمعوا به، فإنّهم لا يعرفونه، كما تعبّر الروايات «عارفاً بحقّه». ولذا فإنّ مسؤوليتنا ـ نحن العارفين بحقّ سيّد الشهداء سلام الله عليه ـ أن نوصل صوته إلى البشرية كلها ونعرّفها به. وأبسط ما يمكن القيام به في هذا المجال مثلاً هو جمع مقدار من الأموال وافتتاح موقع على بريد الشبكة المعلوماتية (الانترنت) وبواسطته نعرّف سيّد الشهداء سلام الله عليه للعالم؛ تمهيداً لدخول الآلاف بل الملايين على الموقع، علّهم يهتدوا على أثره.من جانب آخر، اسعوا أن يكون في بيت كلّ واحد منكم خادم للإمام الحسين، ومن كان عنده عدّة أولاد فلينذر أحدهم خادماً في طريق سيّد الشهداء وطريق الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف. وذلك عن طريق تعلّمه علوم أهل البيت سلام الله عليهم ليعلّمها للناس.وينبغي لكم أن ترغّبوهم في ذلك إن لم تكن لهم رغبة في هذا الطريق، ولا تجبروهم عليه، وذكّروهم بالمرحوم الشيخ عبد الزهراء الكعبي الذي لا يزال صوته وهو يقرأ مقتل الإمام الحسين يُسمع في كثير من الأماكن، حتّى في أوربّا حيث بلغنا أنّهم يبثّون مقتل الإمام الحسين سلام الله عليه بصوته رحمه الله رغم مرور ثلاثين عاماً عن رحيله.لقد رأيته هو وبعض أقربائه بما فيهم والده رحمة الله عليهم وقد ذكروا أنّهم سمّوه بهذا الاسم لأنّ ميلاده كان في يوم ميلاد الصدّيقة الزهراء سلام الله عليها، كما أن شهادته بالسمّ ـ على ما نُقل ـ صادفتْ يوم شهادتها سلام الله عليها.فاسعوا لأن يكون في بيتكم مثل هذا الصوت الذي يستمع إليه الملايين من الناس، فلو كان الشيخ عبد الزهراء من التجّار الكبار أو حاكماً من الحكام لم يُفد والديه ـ ونفسه بالطبع ـ كما أفادهما بعد أن نذر نفسه لطريق أهل البيت والإمام الحسين سلام الله عليهم أجمعين.احرصوا أن يكون أحد أولادكم من أهل العلم ولا تنسوا أن تحثّوه على هذا الطريق علماً أن كلّ أجر يحصّله ستكونون شركاء معه، كما في الحديث الشريف:«من سنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة».اسعوا بأن تجعلوا أحد أبنائكم ـ ذكراً كان أو أنثى ـ في عداد خدمة الإمام الحسين سلام الله عليه، أمّا الذين لم يتزوّجوا بعد فينبغي لهم أن يعاهدوه على أنّهم إن تزوجوا ورُزقوا بذريّة أن ينذروا أحدهم لأن يكون من طلبة العلوم الدينية الذين يخدمون خطّ سيّد الشهداء وإمام العصر سلام الله عليهما.

    مسؤولية دم الإمام الحسين

    في زيارة للإمام الحسين يرويها ابن قولويه القمّي في كتابه «كامل الزيارات»؛ عن الإمام الصادق سلام الله عليه مخاطباً جدّه الإمام الحسين سلام الله عليه: وضمَّن ـ أي الله تعالى ـ الأرض ومَن عليها دمك وثارك يمكنني القطع أنّه لم يرد مثل هذا التعبير في الأدعية والزيارات المرويّة عن أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين بمثل ما ورد هنا بحقّ الإمام الحسين، وقد حار العلماء في تفسيرها، ومنهم العلامة المجلسي الذي نقل هذه الزيارة في كتابه «بحار الأنوار» عن ابن قولويه.لنستطلع أوّلاً معاني مفردات هذه الجملة وأوّلها مفردة «ضمّن». فنقول: الضمان هو أحد أبواب الأحكام العملية الشرعية وقد وقع الخلاف بين الشيعة ومخالفيهم في تحديد صيغته والعمل بمقتضاه. فالمشهور بين العامة أنّه «ضمّ ذمّة إلى ذمّة»، أمّا مشهور الشيعة فيقولون: إنّ الضمان «نقل ذمّة إلى ذمّة». وتوضيحهما:لو كان في ذمّة زيد مال لعمرو بسبب دَين مثلاً، وضمن خالدٌ زيداً لدى عمرو، فحسب مشهور الشيعة للضمان، لا يحقّ لعمرو بعد ذلك مطالبة زيد بالمال لأنّ الذمّة قد انتقلت إلى خالد وهو المطالَب حينئذ. أمّا حسب مشهور العامّة فإنّ عمراً يمكنه أن يطالب زيداً وخالداً كليهما، وحقّه بمطالبة كلّ منهما ينتفي لو وفّى له أحدهما، فيكون الضامن ـ على كلا الرأيين ـ مسؤولاً أمام صاحب الحقّ، سواء بانتقال المسؤولية إليه وحده، أم بالاشتراك مع المستفيد من ذلك الحقّ.فالظاهر من عبارة الإمام الصادق سلام الله عليه في قوله وضمّن الأرض ومَن عليها هو: أنّ الله سبحانه وتعالى ألقى على الأرض ومَن عليها مسؤولية دم الحسين، لأنّ ذلك الدم الطاهر أُريق عليها، فأصبح بذمّتها وذمّة مَن عليها فصارت بذلك هي ومَن عليها الضامن والمسؤول عن دم الحسين سلام الله عليه.لا إشكال أنّ العدل الالهي يعدّ أصلاً من أصول الدين عند أتباع آل البيت سلام الله عليهم، والذي يعني أنّ الله منَزّه عن الظلم. وهذا يستلزم أن كلّ ما يرد في روايات أهل البيت سلام الله عليهم لابدّ أن ينسجم مع منطق العدل الإلهي، وكلّ تفسير يتعارض مع العدل الإلهي أو ينافيه فهو مرفوض سلفاً جملة وتفصيلاً.مفاد النصّ ههنا أنّ الله ضمّن الأرض، أي الأرض كلّها، فليس في العبارة ما يصرف لفظة الأرض عن معناها العام إلى بقعة بعينها، مع العلم أنّ كلمة «كربلاء» وهي الأرض التي أُريق عليها دم الحسين موجودة في الروايات والزيارات الأخرى كثيراً، وكذلك كلمة «الكوفة» وهي الأرض التي خرجت منها الجيوش لقتل الحسين سلام الله عليه. ولكن عندما نراجع هذه الزيارة نرى كلمة «الأرض» وردت بإطلاقها، بل يقول النص: وضمّن الأرض ومَن عليها. أي: وكلّ البشر الذين سكنوا الأرض من أوّل الدنيا إلى آخرها.يقول العلاّمة المجلسي رضوان الله عليه: لعلّ المقصود بـ (مَن عليها): الملائكة والجنّ ولكن قد يقال: ولماذا الملائكة والجنّ فقط؟ بل البشر وكلّ شيء أوعز إليه التسبيح لله تعالى أيضاً، لأنّ (مَن) ههنا موصولة وهي ظاهرة في العموم كما هو المشهور بين علماء اللغة والأصول. فتكون معنى العبارة: أنّ الله تعالى ألقى مسؤولية دم الحسين على الكرة الأرضية وكلّ مَن عليها.وحقَّ للعلماء أن يحاروا في توجيه هذه العبارة التي وردت عن الإمام الصادق سلام الله عليه وهو لا يقول كلمات مهملة؛ لأنّه من أهل البيت سلام الله عليهم الذين هم القمّة في البلاغة ناهيك عن عصمتهم ودقّتهم في كلّ الأمور؛ فلماذا يقول الإمام إنّ الله تعالى جعل دم الحسين في ذمّة الأرض؟ ما شأنها؟ هل هي قتلت الحسين؟ وإذا كان المقصود بكلمة الأرض هنا كربلاء فنحن نعلم أن الله تبارك وتعالى رفع شأنها بالإمام الحسين حتى جعلها أشرف من الكعبة ـ وهذه من جملة العطاءات الاستثنائية التي خصّ بها الإمام الحسين ـ ولكن الإمام سلام الله عليه لم يخصص أرض كربلاء بل قال: ضمّن الأرض. أي كلّ الأرض، فإذا كان الإمام الحسين قد قُتل على بقعة من الأرض، فلماذا حمّل الله الأرض كلّها مسؤولية ذلك الدم الطاهر؟ نعم، حار العلماء في فهم هذا المقطع من هذه الزيارة، فقال جماعة: بما أنّه قُتل الإمام الحسين على الكرة الأرضية فإنّ الله تعالى جعلها كلّها مسؤولة عن تعذيب قتَلة الحسين وخاذليه حيثما دُفنوا وفي أيّ بقعة منها، وهذا هو ضمان الله على الأرض، وهو مائز ميّز الله تعالى به الحسين وخصيصة خصّه بها، وكشف عنها الإمام الصادق سلام الله عليه. أما كيف تنفّذ الأرض هذا التكليف الإلهي فهذا ليس من شأننا معرفته، وهي تعرف تكليفها ونحن يكفي أن نعرف في المقام أنّها مكلّفة وأنها تؤدّي تكليفها؛ (قالتا أتينا طائعين)النقطة الأخرى الجديرة بالتأمّل في هذه الزيارة قوله: «ومَن عليها». وهذا يعني أننا نحن أيضاً وآباؤنا وأبناؤنا وأجيالنا اللاحقة ممّن سيعيش على هذه الأرض، جميعاً مسؤولون عن دم الحسين والثار له، فأنا وأنت بذمّتنا دمه وكذا من يعيش اليوم وغداً في أقصى نقاط العالم. والسؤال: نحن لم نكن موجودين في زمن بني أمية ولا شهدنا مقتل الحسين سلام الله عليه فكيف نكون مسؤولين، وعمّ؟ بل الإمام الصادق سلام الله عليه نفسه لم يكن موجوداً في زمن جدّه ولا رأى مقتله، ولو شهد لنصره فكيف يقول إذاً: ضمّن الأرض ومن عليها دمك وثارك؟
    إذاً لابدّ أن يكون لذلك معانٍ أخرى فلنحاول الوقوف عليها.


    عاشوراء والتكوين

    نستنتج من كلّ ما تقدم أنّ الله أعطى للحسين ما لم يُعطِ أحداً من العالمين؛ إذ ربط دمه بعالم التكوين، فألقى مسؤولية دمه على الأرض كلّها، وعلى كلّ مَن عليها.يقول النصّ: «ضمّن الأرض ومن عليها دمك وثأرك» فإنّ الدم شيء والثار شيء آخر. الثار يعني الانتقام للدم المراق.ربما استغرب العلاّمة المجلسي قدس سره من المعنى الحقيقي الظاهر لهذه العبارة، ولعلّه اعتبره منافياً للعدل الإلهي، فكيف يحمّل الله تعالى الأرض وكلّ من عليها المسؤولية وفيهم مَن لا يرضى بقتل الحسين سلام الله عليه ويلعن قاتليه ويتبرّأ منهم؟! بل فيهم الأنبياء والأولياء وأهل البيت سلام الله عليهم؟!هذا الأمر جعل العلاّمة المجلسي يأتي بمعانٍ مجازية للعبارة؛ منها: أنّ معنى العبارة أنّ الأرض تعذِّب قتلة الحسين سلام الله عليه عندما يُدفنون فيها، فهذا هو الضمان الذي ضمّنه الله الأرض.بمعنى أنّ المسؤولية الملقاة على عاتق الأرض والجمادات هي مسألة تكوينية. كما أنّ مسؤولية مَن جعل الله له العقل والشعور كالإنسان والجن والملك هي مسؤولية تشريعية. وبالتالي يكفي أن نعرف أنّ الله جعل دم الحسين في ذمّة الكرة الأرضية، ولا بأس في ذلك. ولكن الشقّ الثاني هو الذي يحتاج إلى تأمّل وهو كلمة «ومَن عليها»؛ فظاهر العبارة أنّ كلّ مَن على الأرض يتحمّل مسؤولية دم الحسين، مع أنّ من بينهم أحبّاء الحسين سلام الله عليه ـ كما قلنا ـ فكيف يستقيم ذلك؟يقول الفقهاء: إذا ورد حديث صحيح وفيه صيغة أمر مثلاً، فظاهر صيغة الأمر هو المعنى الحقيقي ـ أي الوجوب ـ إلاّ إذا كانت هناك قرائن على عدم إرادة الوجوب، فننتقل إلى الاستحباب.وهنا أيضاً لما كان المعنى الحقيقي لا يمكن إرادته من العبارة لأنّ ذلك يقتضي توجيه العقوبة حتى على الذين لم يشتركوا ولم يرضوا بقتل الإمام الحسين سلام الله عليه، وهذا يتنافى مع منطق العدل؛ لذا لا يمكن حمل العبارة هنا على المعنى الحقيقي، فنبحث عن أقرب المجازات، إذ الحكم العقلي لصرفها عن المعنى الحقيقي موجود بسبب العدل الإلهي.أما المجازات التي ذكرها العلاّمة المجلسي رضوان الله عليه فقد لا تكون أقرب المجازات. والمسألة طبعاً في كلمة «دمك»، أما الثأر فربما لا مسألة علمية فيه، أمّا دمك، فإنّ الله ضمّن الأرض ومَن على الأرض مسؤولية دم الإمام الحسين فربَط بينه وبين التكوين، لم يستثن فيها حتّى الأنبياء والرسل.روي أن إبراهيم الخليل لمّا مرّ من أرض كربلاء وهو راكب عثر به مركبه فشجّ رأسه وسال دمه فأخذ في الاستغفار وقال: إلهي أيّ شيء حدث منّي؟ فنزل إليه جبرئيل وقال:«يا إبراهيم ما حدث منك ذنب ولكن هنا يُقتل سبط خاتم الأنبياء وابن خاتم الأوصياء فسال دمك موافقة لدمه»أليس هذا مصداقاً حيّاً لربط قضية الإمام الحسين بالتكوين؟ علماً أنّ النبي إبراهيم عليه السلام كان قد عاش قبل آلاف السنين من حادثة كربلاء فكيف شُجّ رأسه عندما مرّ على أرض كربلاء؟إبراهيم الخليل على ما له من عظمة، عندما يمرّ من أرض كربلاء يُشجّ رأسه ويخرج منه الدم موافقة لدم الحسين؛ ذلك أنّ قتل الحسين قتل للكرامة وللإسلام وللأنبياء جميعاً وتخريب للتكوين والتشريع؛ ومن هنا جعل دمه وثأره على عاتق الأرض ومَن عليها أجمعين، وهذا هو معنى: ضمّن الأرض ومَن عليها دمك وثأرك.ولا يقصد بالثأر قتل قاتله فقط بقدر ما يعني تفاعلاً تكوينيّاً، وفي الإنسان يعني المسؤولية التي ينبغي تحمّلها تجاه قضيّته سلام الله عليه.




  • دمعة الكرار
    • Oct 2011
    • 21333

    #2
    جزاك الله خيرا
    أخي الكريم تقبل
    مروري

    تعليق

    • ** خـادم العبـاس **
      • Mar 2009
      • 17496

      #3
      شكرا جزيلا على المرور العطر

      تعليق

      • عاشقة السيدة زينب ع
        • Jul 2010
        • 8202

        #4
        بسم الله الرحمن الرحيم
        اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطااهرين
        وعجل فرجهم وألعن أعدااائهم
        تسلم أياااديك على الموضوع الولائي
        الله يعطيك ألف عااافية
        جزاااك الله خير جزاااء المحسنين
        في ميزااان أعمااالك

        تعليق

        • ** خـادم العبـاس **
          • Mar 2009
          • 17496

          #5
          كل شكري وامتناني لمروركم العطر
          حياكم الله

          مأجورين

          تعليق

          • محب الرسول

            • Dec 2008
            • 28579

            #6
            شكرا على الموضوع الرائع
            عاشت ايدك
            بارك الله بك

            تعليق

            • ** خـادم العبـاس **
              • Mar 2009
              • 17496

              #7
              شاكر مروركم العطر

              تعليق

              • ملكه بـ أسلوبي
                • Dec 2011
                • 8

                #8
                ربــــــي يجزآكم ألــــف خيـــر ع الطــــرح الـــرائـــع

                تحيـــآآآآتي
                ملوكه أنـــآآ

                تعليق

                • ** خـادم العبـاس **
                  • Mar 2009
                  • 17496

                  #9
                  شكرا جزيلا على المرور

                  تعليق

                  يعمل...
                  X