
أم البنين هذه الشخصية التاريخية الباهرة الفذة التي أفنت حياتها كلها في تربية الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة؛ يقول الشيخ المهاجر: فأم البنين استضاءت بنور علم الإمام علي، وأخذت منه الأدب والأريحية والوفاء،
هذا بالإضافة إلى أصالتها وعمق إيمانها وأخلاقها،
وناهيك بمن تكون زوجة لبطل الإسلام الخالد كيف لا تتأثر به،
وتلتصق بروحه وأخلاقه ومبادئه.
ولذلك يوم رجع الناعي ينعى الحسين إلى المدينة كانت تحمل على كتفها طفلاً صغيراً لولدها أبي الفضل العباس كان قد تركه عندها لأسباب وظروف اقتضت ذلك.
أقول: كانت أم البنين في أول الناس الذين خرجوا لاستقبال بشر بن حذلم،
وهو ينادي برفيع صوته:
يـــــا أهـــــل يــــثرب لا مــقام لكم بها
قـــــــتل الحســــــين فـــــأدمعي مـدرار
الجـــــسم مـــــنه بــــكربلاء مضــــرج
والـــــرأس منـــــه عـــــلى القناة يدار
ولما وقع بصرها على الناعي لم تسأله عن العباس، ولا عن أي واحد من أبنائها الذين قتلوا مع أخيهم الحسين، وإنما سألته عن الحسين؛ هل هو حي أم لا؟
وعلت الدهشة وجه بشر بن حذلم عندما عرف أن هذه المرأة هي فاطمة بنت حزام العامرية، وهي أم البنين بالذات كيف لا تسأله عن أولادها؟
وظنها لوقع الصدمة ذهلت عن أبنائها، فراح يعددهم واحداً بعد الآخر، وفي كل واحد منهم كان يعزيها ويقول لها: عظم الله لك الأجر بولدك جعفر.
فتقول: وهل سمعتني أسألك عن جعفر؟
أخبرني عن ولدي الحسين، إني أسألك عن الحسين.
ولم يلتفت بشر إلى هذا الموقف وراح يخبرها ببقية أولادها،
إلى أن وصل إلى العباس، فما كاد يخبرها بقوله: يا أم البنين عظم الله لك الأجر بولدك أبي الفضل العباس، حتى نظر إليها وقد اعتراها اضطراب شديد في تلك اللحظة التي سمعت فيها نبأ مصرع أبي الفضل العباس، بحيث اهتز بدنها حتى سقط الطفل الصغير الذي كانت تحمله على كتفها.
سقط إلى الأرض ولم تقوَ على حمله، ولكنها جالدت نفسها،
تحاملت واستمرت في الحاحها على بشر؛
أخبرني عن ولدي الحسين هل هو حي أم لا؟
السسسسسلآم علييييك ياأم البنين
السسسسسسسسلآم عليييييييك يأأباعبد الله
السسسلآم عليييك ياأبا الفضل العباس
.. آإآعذب آإآلتحآإيآإآ ..
تعليق