الحب في الله
حبّ الله له جلوات ومظاهر ، ومن أعظمها وأجلاها الحبّ في الله سبحانه وتعالى ، وهو من روح الدين ومن أوثق عرى الإسلام كما ورد في الروايات الشريفة.
والمتحابّين في الله في ظلّ عرشه ، يغبطهم بمنزلتهم كلّ ملك مقرّب ، وكلّ نبيّ مرسل . وإنّهم يذهبون إلى الجنّة بغير حساب ، وإنّهم يسمّون في القيامة جيران الله ، ويدخلون الجنّة بغير حساب[1].
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أوثق عُرى الإسلام أن تحبّ في الله وتبغض في الله.
عن أبي عبد الله (عليه السلام) :
إنّ من أوثق عرى الإيمان أن تحبّ في الله وتبغض في الله وتعطي في الله وتمنع في الله[2].
عنه (عليه السلام) : من أحبّ كافراً فقد أبغض الله ، ومن أبغض كافراً فقد أحبّ الله ، ثمّ قال : صديق عدوّ الله عدوّ الله.
عنه (عليه السلام) : من أحبّ لله وأبغض عدوّه ، لم يبغضه لوتر وتره في الدنيا ، ثمّ جاء يوم القيامة بمثل زبد البحر ذنوباً ، كفّرها الله له.
عن الإمام الصادق (عليه السلام) : وهل الإيمان إلاّ الحبّ والبغض ، ثمّ تلا هذه الآية : ( حَبَّبَ إلَيْكُمُ الإيْمانَ )[3].
وعنه (صلى الله عليه وآله) : أفضل الأعمال الحبّ في الله والبغض في الله تعالى.
الحبّ في الله فريضة ، والبغض في الله فريضة.
وبمثل هذه الروايات القدسية الشريفة يكون التولّي والتبرّي من فروع الدين.
قال الإمام الباقر (عليه السلام) : إذا أردت أن تعلم أنّ فيك خيراً فانظر إلى قلبك ، فإن كان يحبّ أهل طاعة الله عزّ وجلّ ، ويبغض أهل معصيته ففيك خير ، والله يحبّك ، وإذا كان يبغض أهل طاعة الله ويحبّ أهل معصيته فليس فيك خير ، والله يبغضك ، والمرء مع من أحبّ.
قال الإمام الصادق (عليه السلام) : إنّ المتحابّين في الله يوم القيامة على منابر من نور ، قد أضاء نور أجسادهم ونور منابرهم كلّ شيء ، حتّى يعرفوا به فيقال : هؤلاء المتحابّون في الله.
عن الإمام الصادق (عليه السلام) : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول : إنّ لله خلقاً عن يمين العرش بين يدي الله وعن يمين الله ، وجوههم أبيض من الثلج ، وأضوء من الشمس الضاحية ، يسأل السائل : ما هؤلاء ؟ فيقال : هؤلاء الذين تحابّوا في جلال الله.
عن الإمام الجواد (عليه السلام) : أوحى الله إلى بعض الأنبياء : أمّا زهدك في الدنيا فتعجلك الراحة ، وأمّا انقطاعك إليَّ فيعزّزك بي ، ولكن هل عاديت لي عدوّاً أو واليت لي وليّاً.
إنّ الله تعالى قال لموسى (عليه السلام) : هل عملت لي عملا ؟ قال : صلّيت لك وصمت وتصدّقت وذكرت لك ، قال الله تبارك وتعالى : أمّا الصلاة فلك برهان ، والصوم جُنّة ، والصدقة ظلّ ، والذكر نور ، فأيّ عمل عملت لي ؟ قال موسى (عليه السلام) : دُلّني على العمل الذي هو لك . قال : يا موسى ، هل واليت لي وليّاً ، وهل عاديت لي عدوّاً قطّ ؟ فعلم موسى أنّ أفضل الأعمال الحبّ في الله والبغض في الله.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
ودّ المؤمن للمؤمن في الله من أعظم شعب الإيمان ، ألا ومن أحبّ في الله وأبغض في الله وأعطى في الله ومنع في الله ، فهو من أصفياء الله.
وقال لبعض أصحابه : يا عبد الله ، أحبّ في الله وأبغض في الله ، والِ في الله ، فإنّه لا ينال ولاية الله إلاّ بذلك ، ولا يجد الرجل طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه ، حتّى يكون كذلك ، وقد صارت مؤاخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا ، عليها يتوادّون وعليها يتباغضون.
وقل الإمام الصادق (عليه السلام) : كلّ من لم يحبّ على الدين ولم يبغض على الدين ، فلا دين له.
وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : المحبّة لله أقرب نسب ، المحبّة في الله آكد من وشيج الرحم.
قال رجلٌ لعليّ بن الحسين (عليهما السلام) : إنّي لاُحبّك في الله حبّاً شديداً ، فنكس (عليه السلام) رأسه ، ثمّ قال : اللّهم إنّي أعوذ بك أن اُحبّ فيك وأنت لي مبغض ، ثمّ قال له : اُحبّك للذي تحبّني فيه.
في مكتوب للإمام الرضا (عليه السلام) : كن محبّاً لآل محمّد (عليهم السلام) وإن كنت فاسقاً ، ومحبّاً لمحبّيهم وإن كانوا فاسقين.
ـــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
[1]سفينة البحار 2 : 11.
[2]سفينة البحار 2 : 12 ، عن البحار 69 : 243.
[3]الحجرات : 7.
من كتاب ((حب الله نماذج وصور)) للسيد عادل العلوي
تعليق