المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصبر في القرآن الكريم...


خادم الباقرع
05-12-2008, 07:16 PM
الصبر في القرآن الكريم


ان أعظم ما يتسلح به الإنسان هو الصبر, فهو السبيل الذي يوصل اإلى الهدف وهو السلاح الذي يتسلح بهِ المؤمن, فيطمئن فؤاده, ويتغلب على اليأس لإن انتابهُ يأس, ويتغلب على القلق إن جرفهُ تيار القلق إلى أودية بعيدة من الفتور والسلبية أو القعود والنكوص.

ولنا في رسول الله (ص) الأسوة الحسنة بالصبر, فكان أن بنى دعوتهُ لدين الله على ما أمرهُ الله به من الصبر.
لقد أمر الله رسوله, أن يبدأ بتبليغ الدعوة إلى دين الله عز وجل, وما كان طريق الدعوة إلا مملوءاً صعاباً وقلاقلاً .

كيف لا وهو يدعوا اناساً حملوا في أنفسهم ما توارثوه من رواسب وتقاليد, ومصالح إقتصادية وسياسية, وعبادة أوثان أجتمعوا عليها, فواجه (ص) معارضين ومكذبين, بل معتدين آثمين لجؤوا إلى طريق القوة والعنف. وهكذا هو الحق في مبدأ أمره, تحجبهُ الأباطيل, ثم ما تلبث شمسهُ في السطوع مبددة السحب والضباب مُوضحة الرؤية.

هكذا سار الوحي الإلهي مع خاتم النبيين والمُرسلين يكلأ الدعوة والداعية، يهدي, يُرشد, يُوجه, يُلقي على قلبه شحنة من الإيمان ليصمد ويثبت في ميدان الدعوة أمام تكذيب قومهِ لهُ, ويتسلح بأمضى سلاح ألا وهو الصبر ليصل في النهاية إلى النصر.

قال تعالى مُخاطباً نبيه:ـ (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ لَوْلا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ)[1] (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ)[2] (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ)[3] (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ)[4] (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) [5] (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا)[6] (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ)[7] (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلا وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلا)[8] .

أمر الهيّ الرسول (ص) بالصبر على مزاعم المُكذبين ومُناوراتهم ثم هداية له وتبيان, صبر وهجر وذلك الهجر لا يكون هجراً قاسياً صارماً عنيداً لا رجعة فيه, لا, ـ فذلك ينفر الناس ويبعدهم عن الدعوة والداعية ـ بل هجر "جميل" يتسق مع مُهمة الهادي المُرشد .

وقد لاقى (ص) في سبيل نشر رسالة ربه أشكالاً وألواناً من السُخرية والإستهزاء والعذاب, دون أن تنحدر النفس او تضعف او تستسلم عندما تجابهها شدة أو أزمة نفسية أو سُخرية قاسية مريرة.

هنا تظهر مُهمة المُربي الذي يُحصّن النفس من أن تندفع إلى مهاوي اليأس, فيوجهها ويربيها ويهديها إلى الصمود والثبات والصبر.

وقد عرض الله عز وجل على رسوله مواقف عدة جابهت من سبقهُ من رُسل الله بغية أن يُحصّن الله نفس رسولهُ مُحمد (ص) فبين لهُ وقص عليه مالاقاه الرُسل من قبله من العنت والشدة والمُؤامرات, ليثبت كما ثبت أخوانه من رُسل الله وليُصبر كما صبروا قال تعالى :ـ

(وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ)[9] (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ)[10] (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)[11] (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ) سورة الحجر آية (97) (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)[12] (تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ)[13] (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)[14] (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ....)[15]
لذا كان من الطبيعي أن يدعوا القرآن الكريم مُحمداً (ص) إلى سلاح يتسلح بهِ إتجاه أعداء الدعوةـ سلاح فيهِ البُشارة وفيهِ تطمين لفؤاد الداعيةـ سلاح الصبر, الصبر يتسلح بهِ مُحمد حتى يتغلب على اليأس والحُزن, الصبر الذي يشحذ العزيمة ويمنع التواكل والإستسلام أنهُ الصبر الإيجابي بكل معانيه.

هكذا جاء أمر الله لنبيه مُحمد (ص) ولكافة الأنبياء والرُسل صلوات الله عليهم أجمعين, فالصبر هو مفتاح الدعوة وهو مفتاح القلوب الغلف .

ولم تكن دعوة القرآن الكريم إلى الصبر لتتوقف عند حدود الأنبياء والمُرسلين بل لا تكاد تخلوا سورة من سور القرآن الكريم إلا وفيها دعوة صريحة وقوية إلى التحلي بالصبر وقد قُرن هذا الصبر بكل العبادات وكل المُعاملات وكل الاخلأقيات.

لقد قُرن بالصلاة والصيام والتقوى, قُرن بالإيمان كله وباليقين الكامل, وبعمل الإنسان في حياته اليومية وما يتعرض لهُ من تعب ونصب, وحُزن وألم, فيأتي الصبر هذا الدواء الشافي ليُبلسم الجرح, ويفتح أبواب التفاؤل ويزف البُشرى للإنسان بالفرج القريب الذي سيجزيه الله بهِ على صبره النابع من الإيمان بأن فرج الله قريب دائماً.

فتأمل معي يا أخي هذه الأيات المضيئة في كتاب الله التي تُحيي ميت الأمل, وتُنهض بالنفس العاجزة, والروح اليائسة, تأمل وأمعن وأنظر في نفسك وأنت تقرأ .. فستجد نفسك تشفى من المرض والسقم والكلل والملل وقل لنفسك دائماً, الصبر مع الإيمان سيفتح إلي الأبواب المُغلقة وسيأتيني بإذن الله بالفرج.

قال تعالى عزَّ من قائٍل :ـ

(وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ)[16] (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)[17] (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ)[18] (والله يحب الصابرين)[19] (وان تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الامور)[20] (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون)[21] (فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين)[22] (...ربنا افرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين)[23] (قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا ان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين)[24] (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين)[25] (الا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير )[26] (....انه من يتق ويصبر فان الله لايضيع أجر المحسنين )[27] (وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ)[28] (سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار)[29](ولنَصبٍرَنًّ على ماآذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون )[30]
(الذين صبروا وعلى ربهم يتوكّلون)[31] (ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون)[32] (وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ماعوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين,واصبر وما صبرك الا بالله)[33] (قال ستجدني ان شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا)[34] (رب السماوات والأرض ومابينهما فاعبده واصطبر لعبادته)[35] (فاصبر على مايقولون وسبح بحمد ربك...)[36] (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها....)[37] (واسماعيل وادريس وذا الكفل كل من الصابرين,وأدخلناهم في رحمتنا انهم من الصالحين)[38] (الذين اذا ذكر الله وجٍلَت قلوبهم والصابرين على ماأصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون )[39] (اني جزيتهم اليوم بما صبروا أنَّهم هم الفائزون)[40] (اولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويُلَقّون فيها تحية وسلاما)[41] (أولئك يُؤتَون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون)[42] (الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون )[43] (فاصبر ان وعد الله حق ولا يستَخفًّنّك الذين لايوقنون)[44] (يابنيَّ أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانهَ عن المنكر واصبر على ماأصابك ان ذلك من عزم الأمور)[45]
(ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله ليُريَكم من آياته ان في ذلك لآيات لكل صبّار شكور)[46] (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)[47] (......والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات...أعدّ الله لهم مغفرة وأجرا عظيما)[48] (قال ياأبتٍ افعل ماتأمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين)[49] (اصبر على مايقولون واذكر عبدنا داوود ذا الأيدٍ انه أوّاب )[50] (انا وجدناه صابرا نعم العبد انه أوّاب)[51] (.....انما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب)[52] (فاصبر ان وعد الله حق)[53](وَلَمَن صبر وغفر انّ ذلك لَمٍن عزم الأمور )[54] (فاصبر صبرا جميلا)[55] (وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا)[56] (فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا)[57] (ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصَوا بالمرحمة )[58] (والعصر إن الانسان لفي خسر الاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصَوا بالحق وتواصَوا بالصبر)[59]

آيات بينات تُضيء بنورها أقطار السماوات والأرض تبعث بنفسك يا أخي المؤمن الصفاء والنقّاء وحلاوة حُب الله الواحد الغَفار, فالله يُحبك عندما تكون صابراً, يفتح لك أبواب الرحمة والفلاح, فما دُمت مستعيناً بهِ, فاصبٍر لأن العاقبة لك, فالصبر يمنع التنازع, ويوحّد قلوب المُؤمنين, فليكن صبرك إبتغاء وجه ربّك لتكون من المُحسنين الذين لا يضيّعُ اللهُ أجرهم .

عزم, إيمان, يقين, صبر جميل, وإستعانة بالله, وتوكّل على الله رب العالمين تكن من الفائزين .

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

علويه حسينيه
30-08-2009, 05:21 AM
:65::65::65::65::65: موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . :65::65::65::65::65:

عاشقة الابتسامه
30-08-2009, 10:28 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

*llعاشقة الزهـراءll*
31-08-2009, 12:04 AM
اللهم صل على محمد وال محمد
احسنت اخي
طرح رااائع منك
باانتظاااارجديدك
دمت بحب وعناايه الزهرااء..سلام الله عليهاااا
:65::65::65: