الرسول (ص) بين وقعة غدير خم ورحيله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • دمعة الكرار
    • Oct 2011
    • 21333

    الرسول (ص) بين وقعة غدير خم ورحيله

    الرسول (ص) بين وقعة غدير خم ورحيله
    بين واقعة ( غدير خم ) ورحيل الرسول (ص) عن هذه الدنيا أشهر محدودة, فغدير خم حدث في شهر ذي الحجة بعد حجة الوداع للعام العاشر من الهجرة، ووفاة الرسول الأكرم (ص) فيما بين شهر صفر أو ربيع عام الحادي عشر من الهجرة، وفي ضمن هذه الشهور المحدودة تحدث أكثر من قضية ساخنة أثيرت على أجواء بيت علي وفاطمة (ع) مما يهدد بعدم الإستقرار فيه وخاصة بعد رحيل النبي الأكرم (عليه أفصل الصلاة والسلام ) ولا زالت كلمة النبي (ص) ترن في أجواء هذا البيت الرفيع ( سيدعى فيجيب ) ولا راد لقضاء الله . وماذا سيكون من بعده، بل قبل وفاته . وقد لوح الرسول (ص) لأصحابه أكثر من مرة بأن الفتن مقبلة كقطيع الليل المظلم، وتنذر بالكثير من المفاجآت (1) .
    كان في بدايتها كما تحدثنا الرواية؛ لما قدم المدينة بعد حجة الوداع ( أقام أياماً ثم عقد لأسامة بن زيد بن حارثة على جلة المهاجرين والأنصار، وأمره أن يقصد حيث قتل أبوه من أرض الشام . . . وكان في الجيش أبو بكر وعمر . . ولكن البعض الذي أمرهم بالإلتحاق بجيش أسامة إعترضوا على رسول الله (ص) بترشيحه أسامة لقيادة جيش فيه الكثير من كبار الصحابة. وقالوا له: يا رسول الله إنه حدث السن، فهو ابن سبع عشرة سنة، فقال رسول الله (ص): لئن طعنتم عليه فقبله طعنتم على أبيه، وإن كانا لخليقين بالإمارة . . نفذوا جيش أسامة، قالها مراراً، ولكن تشاغل بعض القوم وفي مقدمتهم الشيخان (2) .
    وتعرف فاطمة كما يعرف علي مغزى أمر النبي بتنفيذ جيش أسامة فإنه ( عليه الصلاة والسلام ) عارف بما سيحدث على أهل بيته، فأراد أن يبعد القوم الذين لا يامنهم من المدينة كي لا تحدث ما سيضعف عود الإسلام الطري .
    وراح المرض يلح على الرسول (ص)، وأيام الرحيل تدنو منه سراعاً، وهو يلحظ أن أسامة لم يرحل عن المدينة بجيشه، لتخلف البعض عن الإستجابة للطلب بدعوى أن النبي (ص) في حالة خطيرة تقتضي عدم الإبتعاد عنه، وهو عذر أخترعه المتهاونون في تلبية طلب نبيهم في تنفيذ جيش أسامة، وفاطمة على مقربة من أبيها كما وحوله بعض نسوته، يمرضن النبي (ص) . وأنسحبن النسوة الى جانب من البيت ليفسحن المكان لبعض الصحابة الذي تحلقوا حول نبيهم، وهو في أيامه الأخيرة، وكان قد بلغه تقاعس القوم عن تنفيذ جيش أسامة ـأو تباطؤهم والنتيجة واحدة، وهي بقاء الجيش مرابطاً في المدينة، ولم يتحرك .
    وحاول النبي (ص) وهو على بساط المرض أن يوضح لمن حوله عن أمر الأمة فيما بعده، قال : ( ائتوني بدواة وصحيفة، أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً ) (3) .
    وترن كلمات النبي (ص) في أذهان الجالسين، وكأن على رؤوسهم الطير، وتكاد الأنفاس تموت على الشفاه، إن رسول الله يريد أن يوصي قبل أن يرحل الى الآخرة ويتجهم بعض الجالسين للطلب وحين يزداد اللغط يمزقه صوت بعض المتنفذين : ( إن النبي قد غلبه الوجع، وعندكم القرآن وحسبكم كتاب الله (4) .
    وطرق سمع النبي (ص) الحديث فامتعض وتأثر، ودارت على عيناه على الجالسين فاضطرب الموقف، وتعالى صوت من النساء؛ آتوا النبي كتاباً ليوصي، ولكن عيون المتربصين تفتك بوجود المحاولين الإستجابة لأمر النبي (ص)، حينها صاح أحد كبار الصحابة : ( إن نبي الله يهجر ) (4) .
    وتصاعد اللغط من البعض، إنه تجاوز غير مقبول على مكانة النبي (ص) وأين (الهجر) من محمد وهو رسول الله الناطق, ولا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى .
    وحين لحظ النبي (ص) وهو في لحظاته الحرجة هذا التطاول عليه، وعودة الجاهلية الرعناء صاخبة في أفظع صورها الى هذه النفوس الضعيفة, وهم بعضهم يجلب ما طلب، حينها توجه النبي (ص) للقوم الذي حوله : ( أو بعد الذي قلتم, لا . . .قوموا يرحمكم الله ) (5) .
    وينفض الجمع عن النبي (ص)، وفي قلوب البعض غصة لهذا التطاول المشين على رسول رب العالمين، وعلى وجوه البعض الآخر أرتسمت خطوط التآمر، والتهور .
    كانت فاطمة حريصة على أن لا تغادر أبيها المسجى, وفي لحظاته الحرجة، تقول الرواية: أقبلت فاطمة على أبيها تضمه، وتضمخ وجهها بوجهه، ثم همس في أذنها فبكت، ثم ضمها ثانية، وهمس في أذنها فابتسمت (6) . ثم ألتفت الى من حوله وقال: ( أدعو لي أخي وصاحبي ) فقالت أم سلمة: ( أدعو له علياً, فإنه لا يريد غيره . . وجاء علي (ع) فما دنا منه أومأ إليه، فأكب عليه فناجاه رسول الله (ع) طويلاً، ثم قال له :
    يا علي، ضع رأسي في حجرك, فقد جاء أمر الله تعالى ووجهني الى القبلة وتولى أمري، وصلي علي أول الناس، ولا تفارقني حتى تواريني في رمسي، وأستعن بالله تعالى )(7) .
    وكانت هذه آخر الكلمات التي نطق بها رسول الله (ص) وهو يودع دنياه ورأسه في حجر علي (ع)، ويده اليمنى تحت حنكه فاضت نفسه الشريفة فيها، فرفعه الى وجهه فمسحه بها، ثم وجهه وغمضه، ومد عليه إزاره، وإشتغل في أمره ) (8) .
    هذه الصورة المؤلمة المحزنة توسدت في عيني فاطمة المفجوعة بأبيها، والغارقة بآلام ما دار في مجلس رسول الله (ص) من تجاوز وإختراق أدى الى خسارة المسلمين عن معرفة وضعهم المستقبلي في خضم الأحداث المقبلة .


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
    (1) معروف ــ المصدر السابق : 708 .
    (2) معروف ــ المصدر السابق : 706 .
    (3) الطبري ــ المصدر السابق : 3 / 193 .
    (4) الطبري ــ المصدر المتقدم : 3 / 193 .
    (5) المفيد ــ المصدر المتقدم : 1 / 184 و الطبري ــ المصدر السابق : 3 / 193 .
    (6) الطبري ــ المصدر السابق : 3 / 193 ، ومعروف ــ المصدر المتقدم : 715 .
    (7) معروف ــ المصدر السابق : 717 .
    (8) المفيد ــ المصدر المتقدم : 1 / 186 ــ 187 .
    (9) المفيد ــ المصدر السابق : 1 / 187 .

    المصدر:ثلاث نساء في سماء العقيدة - محمد بحر العلوم

  • محب الرسول

    • Dec 2008
    • 28579

    #2
    احسنتِ الانتقاء

    بارك الله بك
    جزاك الله كل خير

    تعليق

    • دمعة الكرار
      • Oct 2011
      • 21333

      #3

      تعليق

      يعمل...
      X