تربية الروح وأحيائها

تربية الروح وأحيائها
تطهير الروح وتربيتها ماهي الا لبنة أساسية معتمده في الأيمان ، وقد حثت الآيات المباركات في القران الكريم الى السير في طريق النضوج التكاملي
الذي مؤداه الى أعداد الإنسان الإلهي المخلص والصادق والصالح في الحياة ، والذي يعمر الأرض وينال الدرجات الرفيعة ، فتزكية الروح نمط من
العبادة والخضوع والتي يوجدها ألإنسان مع الخالق تبارك وتعالى ، والقضية ألأساسية التي نريد أن نطرحها هي تربية الروح تربية ألاهية لاميل فيها
عن ألانحراف لتدخل بعد ذلك في مداخل العشق والفناء الإلهي ، فالحب كما يقسمه الفلاسفة الإلهيين مثل نصير الدين والملا صدرا إلى نوعين ،
فأنهم يرون الاول وهو الحب الظاهري الغريزي ويعدونه مجازياً والثاني وهو أصل العشق وهو عشق المحبوب الحقيقي ، وهو الذات الالهيه المقدسة .
وبطبيعة الحال فان بذور الحب الحقيقي مستوطنه في نفس الإنسان وروحه ، هذا الأمر ينتج من تزكية الروح وتربيتها .
فعندما نأخذ نموذجا من أولائك الذين ساروا في تربية الروح نجد أن مادون الحق ليس له وجود في دنياهم وهذا ينتج الى أفعال تصغر
مادون المحبوب في أعينهم ، وهنا ينضج ويبرز سؤال مهم وهو الظروف التي يعيشها الإنسان متاباينه ولا تقتضي من الفرد أن يسير في هذا السير
والسلوك الصالح وتزكية الروح وتربيتها ، فيكون الجواب : هو من الواجب على الفرد أن يكون قلبه وروحه عازمة بنية صادقة لتربيه الروح مع توفر
الاستعداد والنية الصادقة ، فتتوفر عنده روح التغيير والسفر الى الحق المطلق مستعيناً بعمق روحه وجوهرها لتظفي عليها نفحة خاصة يعرف بها
أسرار وعمق الروح في فضاء الحق ، فمن الممكن القول أن ألامر في بدايته يكون عملاً وسفراً لاشعورياً بعد ذلك تراه ينقاد الى سلسلة من ألأسفار
ليتحول ذلك الشعور الى وعي ، لذلك بعث الله الأنبياء لتصحيح هذا السير وهذا السلوك ليكون بعد ذلك جميع أعماله وأفعاله الى سفر للحق المطلق .
فبناء الروح تنبع من تعاليم ألإسلام وتربيتهللفرد ثم للمجتمع لينتج منه مسلماً شاملاً ، فاذا سافر في فضاء الروح وتربيتها فأنه يرجع الى مجتمعه ممتلئ
بالمعرفه فيفضي على مجتمعه من فعله وعمله روح التسامح والمحبه والسير المتكامل نحو الحق ليعكس صفاء ونقاء الروح ليتسم فعله الى دلالات
ومرتكزات لنلتمس ملامح هذا الرافد النابع من عظمة الروح وسرها ، لتوقظ طاقاتها لتكون في فضاء ألاستقامه والتحرر من غير الله
والى الحب والعداله وسائر ألأخلاق ألاخرى ولتكون بعد ذلك مهيئة لخلافة ألارض ليعود من سفره بجانب أبداعي مثمر في مجرى الزمان لفرض
السيطره على مجرى التاريخ ، وليكون مبدعا في مجال بناء الذات ليغير العالم بسلوكه ومعارفه ، فأن من الواجب على ألانسان الواعي أن يسير
في سلوك وتهذيب الروح وتنظيم مسارها لتكون باتجاه الله سبحانه وصلاح البشرية وأن لا ينسى ان على عاتقه رسالة يؤديها ويخلص لها غاية ألأخلاص
ولتكون غايته أرضاء الله ولاهدف له سوى هداية البشر ، هؤلاء المخلصون الصادقون أولياء الله الذين ساروا في تربية الروح وتزكيتها يحركون
الطاقات ليكون عملهم بناء الفرد وبناء المجتمع والسعادة البشرية ولتكون روحهم المبنية على الصلاح متسلحه بقوة الأيمان والأتصال مع الله ،
أن أنبياء الله عباده الصالحون لم يكونوا أناساً بلا دور بل كان لهم الدور الأول في بناء الأنسان وخلاصه من الظلمات ،
وهذا ناتج من تربية الروح وتزكيتها وأحيائها .
العبادة وأهميتها في روح الإنسان لها معاني خاصة كلاً حسب مستواه وتدرجه في الكمال ، والفرد المسلم يمر بمراحل متغايره ومتباينة ليجد نفسه
في آخر المطاف في استقرار بعد أن خاضت النفس بمراحل تكاملية من حال إلى حال ، يقول المرجع الأستاذ السيد الصرخي الحسني دام ظله
: (( أن الإيمان بالله والشعور الغريزي العميق بالتطلع نحو الغيب والانشداد للمعبود لابد له من توجه وتسديد وتحديد الطريق والسلوك المناسب
لإشباع هذا الشعور وتعميقه وترسيخه ، لانه بدون التوجيه سيضمر الشعور وينتكس ويمنى بألوان من الانحراف والشبهات مما يؤدي إلى
ارتباط غير صحيح ليس له حقيقة فاعله ومنتجه في حياة الإنسان ولا يكون قادراً على توجيه طاقاته الصالحة الدينية والأخلاقية والعلمية )) .
هنا ثمة قضية لابد الى التفات إليها وهي تحديد الطريق والسلوك المناسب ليكون بناء الذات والسلوك قائما على أساس السير
وتحديده فالإسلام يريد من الفرد ان يكون ذا بصيرة من أمره وعباداته وسيره وسلوكه فاذا ثبت باتجاه الخالق فان بصمات
سيره وسلوكه تترك أثرا على شخصيته وهذا التأثيرمرتبط بدرجة ايمانه ،
فان هذا الارتباط له مراتب ودرجات هذا الأثر نراه ينعكس وينقل ما يدور بينه وبين خالقه اثناء العبادة إلى حياته اليومية ،
لتكون هذه العبادة عهدا وميثاقاً مع الخالق العظيم فيكون العمل بها وفاءً لعهده الذي قطعه ، فان روح العبادة تكون عاملاً مهماً
وأساسياً لترشيد سلوكه ودرسا في الصلاح والتحرر ، فحقيقة العبادة تكون تكاملاً للإنسان نحو الله ، لذلك يشير دام ظله
ا لى حقيقة العبادة بقوله (( ًتحديد الطريق والسلوك المناسب لإشباع هذا الشعور وتعميقه وترسيخه )).
في موقع آخر يشير سماحته الى ثلاث مرتكزات للعبادة – الأنسان – العباده - الصلاح -
فيقول : (( الثابت عقلاً وشرعاً أن الله سبحانه وتعالى أضافة الى أنه نصب نفسه هدفاً وغاية للمسيرة ألإنسانية لكي
يطأطئ ألإنسان رأسه ويتذلل بين يديه من أجل تكريس ذاته المقدسة ، كذلك أراد بهذه العبادة أن يبني ألإنسان الصالح المتكامل القادر
على تجاوز ذاته والمساهمة في المسيرة الشمولية لجوانب الحياة المتنوعة حيث حرص المولى الشرعي على أن يكسب ألإنسان الصلاح
والتكامل وروح العبادة ويجعل ذلك ويترجمه خارجاً في كل أعماله وتصرفاته فيحولها الى عبادات ))
إذاً ًنستفيد مما تقدم هو ان العبادة وروحها تُتَرجم إلى أعمال في الخارج لتكون تصرفاته عباده محضة للخالق تبارك وتعالى ،
فتكون عبادة الفرد والسلوك الى خالقه له من البعد الديني للمجتمع يتمثل في العبادة لذلك فان روح العبادة تكون لدى البعض مجهولة الأسلوب
مما تجعل الفرد غير قادر على السير وفق المنهج السليم ، لذلك يتصور البعض أن العبادة وكثرتها أمرا محمودا فكلما كثرت عبادة الشخص
كان ذلك أفضل ، ولم يدرك انها لن تنجح أذا لم تجتذب الروح وتغذيها وتمدها بإمدادها الروحي لتجني
ثمارها في الإعمال (( ويجعل ذلك ويترجمه خارجاً في كل أعماله وتصرفاته فيحولها الى عبادات ))
فالعبادة لابد لها ان تبني انساناً شاملاً انساناً له وجود، وليس انساناً غير متكاملاً ولم يبلغ حد الكمال ، بل على العبد ان يسموا
في عباداته الى الملكوت الأعلى وارتقاء الروح إلى أعلى عليين ، والعبادة لاترتقي بصاحبها إلى الحق اذا لم تكن عبادة تكسبه
الصلاح والتكامل مترجمه خارجاً في كل الإعمال لتتجلى الى الفوز الأخروي .
تحياتي لكم جميعا
تعليق