السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نقل الصدوق بسنده إلى الإمام الحسين بن عليّ (عليهما السلام) ، قال : (كنّا جلوساً في المسجد ، إذ صعد المؤذِّن المنارة ، فقال : اللَّه أكبر ، اللَّه أكبر ، فبكى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، وبكينا لبكائه ، فلمّا فرغ المؤذّن ، قال : ( أتدرون ما يقول المؤذِّن ؟ ) .
قلنا : اللَّه ورسوله ووصيّه أعلم .
فقال : ( لو تعلمون ما يقول لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ، فلِقوله : اللَّه أكبر ، معانٍ كثيرة .
منها : أنَّ قول المؤذِّن : ( اللَّه أكبر ) ، يقع على قِدَمِهِ ، وأزليّته ، وأبديّته ، وعلمه ، وقوّته ، وقدرته ، وحلمه ، وكرمه ، وجوده ، وعطائه ، وكبريائه .
فإذا قال المؤذِّن : اللَّهُ أكبر ، فإنّه يقول : اللَّه الذي له الخلق والأمر ، وبمشيّته كان الخَلق ، ومنه كلّ شيء للخلق ، وإليه يرجع الخلق، وهو الأوّل قبل كلّ شيء لم يَزَل ، والآخِر بعد كلّ شيء لا يزال ، والظاهر فوق كلّ شيء لا يُدرَك ، والباطن دون كلّ شيء لا يُحَدّ ، فهو الباقي ، وكلّ شيء دونه فانٍ .
والمعنى الثاني : ( اللَّه أكبر ) ، أي : العليم الخبير ، عليم بما كان وما يكون قبل أن يكون .
والثالث: ( اللَّه أكبر ) ، أي : القادر على كلّ شيء ، يقدر على ما يشاء ، القويّ لقدرته ، المقتدر على خلقه ، القويّ لذاته ، وقدرته قائمة على الأشياء كلّها ، إذا قضى أمراً فإنّما يقول له : كن فيكون .
والرابع : ( اللَّه أكبر ) على معنى حلمه ، وكرمه ، يحلم كأنّه لا يعلم ، ويصفح كأنّه لا يرى ، ويستر كأنّه لا يُعصى ، لا يَعجَل بالعقوبة كرماً وصفحاً وحلماً .
والوجه الآخر في معنى اللَّه أكبر : أي الجواد ، جزيل العطاء ، كريم الفِعال .
والوجه الآخر : اللَّه أكبر فيه نفي صفته وكيفيّته ، كأنّه يقول : اللَّه أجَلُّ من أن يُدرِك الواصفون قدرَ صفته ، الذي هو موصوف به ، وإنّما يصفه الواصفون على قدرهم لا على قدر عظمته وجلاله ، تعالى اللَّه عن أن يُدرِك الواصفون صفته علوّاً كبيراً .
والوجه الآخر : اللَّه أكبر ، كأنّه يقول : اللَّه أعلى وأجلّ ، وهو الغنيُّ عن عباده ، لا حاجة به إلى أعمال خلقه .
وأمّا قوله: ( أشهد أن لا إله إلّا اللَّه ) : فإعلام بأنَّ الشهادة لا تجور إلَّا بمعرفة من القلب ، كأنّه يقول: أعلمُ أنّه لا معبود إلَّا اللَّه (عزّ وجلّ) ، وأنَّ كلّ معبود باطل سوى اللَّه (عزّ وجلّ) ، وأقِرُّ بلساني بما في قلبي من العلم بأنّه لا إله إلَّا اللَّه ، وأشهد أنّه لا ملجأ من اللَّه (عزّ وجلّ) إلّا إليه ، ولا منجى من شرّ كلّ ذي شرّ ، وفتنة كلّ ذي فتنة إلّا باللَّه .
وفي المرّة الثانية: ( أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه ) ، معناه : أشهد أن لا هادي إلّا اللَّه ، ولا دليل إلى الدين إلّا اللَّه ، وأُشهِدُ اللَّه بأني أشهَدُ أن لا إله إلّا اللَّه ، وأُشهد سُكَّان السماوات ، وسكّان الأرضين ، وما فيهنّ من الملائكة والناس أجمعين ، وما فيهنّ من الجبال ، والأشجار ، والدوابّ ، والوحوش ، وكلّ رطب ويابس ، بأنّي أشهد أن لا خالق إلَّا اللَّه، ولا رازق ، ولا معبود ، ولا ضارّ ، ولا نافع ، ولا قابض ، ولا باسط ، ولا معطي ، ولا مانع ، ولا ناصح ، ولا كافي ، ولا شافي ، ولا مُقدّم ، ولا مُؤخّر إلّا اللَّه ، له الخلق والأمر ، وبيده الخير كلّه ، تبارك اللَّه ربّ العالمين .
وأمّا قوله : ( أشهدُ أن محمّداً رسول اللَّه ) ، يقول : أشهد اللَّه أنّه لا إله إلّا هو ، وأنَّ محمّداً عبده ورسولُه ، ونبيُّه ، وصفيُّه ، ونجيبُه ، أرسله إلى كافّة الناس أجمعين بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون ، وأشهد مَن في السماوات والأرض ، من النبيّين والمرسلين ، والملائكة والناس أجمعين أنَّ محمّداً سيّد الأوّلين والآخرين .
وفي المرّة الثانية : ( أشهد أنَّ محمّداً رسول اللَّه ) ، يقول : أشهد أن لا حاجة لأحد [ إلى أحد ] إلَّا إلى اللَّه الواحد القهّار الغنيّ عن عباده والخلائق والناس أجمعين، وأنّه أرسل محمّداً إلى الناس بشيراً ونذيراً وداعياً إلى اللَّه بإذنه وسراجاً منيراً ، فمن أنكره وجحده ولم يؤمن به أدخله اللَّه (عزّ وجلّ) نار جهنّم خالداً مُخَلَّداً ، لا ينفكُّ عنها أبداً .
وأما قوله : ( حيّ على الصلاة ) ، أي هلمّوا إلى خير أعمالكم ، ودعوة ربّكم ، وسارعوا إلى مغفرة من ربّكم ، وإطفاء ناركم التي أوقدتموها على ظهوركم ، وفكاك رقابكم التي رَهَنتموها ، ليكفّر اللَّه عنكم سيئاتكم ، ويغفر لكم ذنوبكم ، ويبدّل سيئاتكم حسنات ، فإنّه مَلِكٌ كريم ، ذو الفضل العظيم ، وقد أذِن لنا ـ معاشرَ المسلمين ـ بالدخول في خدمته ، والتقدّم إلى بين يديه .
وفي المرة الثانية : ( حيّ على الصلاة ) ، أي قوموا إلى مناجاة ربّكم وعرض حاجاتكم على ربكم ، وتوسّلوا إليه بكلامه ، وتشفعوا به وأكثروا الذكر والقُنوت ، والركوع والسجود ، والخضوع والخشوع ، وارفعوا إليه حوائجكم ، فقد أذن لنا في ذلك .
وأمّا قوله : ( حيّ على الفلاح ) ، فإنّه يقول : أَقْبِلُوا إلى بقاءٍ لا فناءَ معه ، ونجاةٍ لا هلاك معها ، وتعالوا إلى حياةٍ لا موت معها ، وإلى نعيم لا نفاد له ، وإلى مُلك لا زوال عنه ، وإلى سرور لا حزن معه ، وإلى أُنس لا وحشة معه ، وإلى نور لا ظلمة معه ، وإلى سعة لا ضيق معها ، وإلى بهجة لا انقطاع لها ، وإلى غِنى لا فاقة معه ، وإلى صحّة لا سقم معها ، [ وإلى عِزّ لا ذلّ معه ] ، وإلى قوّة لا ضعف معها ، وإلى كرامة يا لها من كرامة ، وعَجِّلُوا إلى سرور الدنيا والعقبى ، ونجاة الآخرة والأُولى .
وفي المرّة الثانية : ( حيّ على الفلاح ) ، فإنّه يقول : سابقوا إلى ما دعوتكم إليه ، وإلى جز يل الكرامة ، وعظيم المِنَّة ، وسنيّ النِّعمة ، والفوز العظيم ، ونعيم الأبد في جوار محمّد (صلَّى الله عليه وآله) في مقعد صدق عند مليك مقتدر .
وأمّا قوله : ( اللَّهُ أكبر ، اللَّهُ أكبر ) ، فإنّه يقول : اللَّه أعلى وأجلّ من أن يعلم أحد من خلقه ما عنده من الكرامة لعبد أجابه وأطاعه ، وأطاع أمره وعبدَهُ وعرف وعيده ، واشتغل به وبذكره ، وأحبّه وآمن به ، واطمأنَّ إليه ووثق به وخافه ورجاه ، واشتاق إليه ، ووافقه في حكمه وقضائه ، ورضي به .
وفي المرّة الثانية : ( اللَّهُ أكبر ) ، فإنّه يقول : اللَّه أكبر : وأعلى وأجَلُّ من أن يَعلم أحدٌ مبلغ كرامته لأوليائه وعقوبته لأعدائه ، ومبلغ عفوه وغفرانه ونعمته لمن أجابه وأجاب رسوله ، ومبلغ عذابه ونَكاله وهوانه لمن أنكره وجحده .
وأمّا قوله: ( لا إله إلّا اللَّه ) ، معناه : للَّه الحجّة البالغة عليهم بالرسول والرسالة ، والبيان والدعوة ، وهو أجَلُّ من أن يكون لأحدٍ منهم عليه حجَّة ، فَمَن أجابه فله النور والكرامة ، ومَن أنكره فإنَّ اللَّهَ غنيٌّ عن العالمين ، وهو أسرع الحاسبين .
ومعنى ( قد قامت الصلاة ) في الإقامة، أي حان وقت الزيارة والمناجاة ، وقضاء الحوائج، ودرك المُنَى ، والوصول إلى اللَّه (عزّ وجلّ) ، وإلى كرامته وغفرانه وعفوه ورضوانه ) .
قال الصدوق: إنّما تَرَكَ الراوي ذِكر ( حيّ على خير العمل ) للتقيّة ، وقد روي في خبر آخر أنَّ الصادق عليه السلام سئل عن معنى ( حيّ على خير العمل ) فقال : ( خير العمل : الولاية ) وفي خبر آخر : ( خير العمل : بِرُّ فاطمةَ وولدها ) .
قلتُ : سنفتح بإذن اللَّه ملابسات هذه الرؤية وما يتلوها عن ابن عبّاس في البابين الأوّل ( حيّ على خير العمل ، الشرعية والشعارية ) ، والثالث ( أشهد أن عليّاً وليّ اللَّه بين الشرعية والابتداع ) من هذه الدراسة إن شاء اللَّه تعالى . إذ لا خلاف عند جميع الفرق الشيعية إسماعيلية كانت ، أم زيدية ، أم إمامية اثني عشرية بجزئية الحيعلة الثالثة ، وأكّد الدسوقي وغيره ـ كما سيأتي ـ على تأذين الإمام عليّ بن أبي طالب بها ، فقد يكون ـ وكما احتمله الشيخ الصدوق ـ الراوي إنّما ترك ذكر (حيّ على خير العمل) للتقية وذلك للظروف التي كانت تمر بها الشيعة .
ويؤيد ما قلناه في شرعية الحيعلة الثالثة وأنّها موجودة في الأخبار المنقولة عن الإمام عليّ وابن عباس ما روي عند الزيدية عن ابن عبّاس عن عليّ بن أبي طالب قال : (سمعت رسول اللَّه (صلَّى الله عليه وآله) يقول : لما انتُهي بي إلى سدرة المنتهى) ... وفيه : ( حيّ على خير العمل حيّ على خير العمل ) .
وروى الصدوق في معاني الأخبار بسنده عن عطاء ، قال : كنّا عند ابن عبّاس بالطائف ، أنا وأبو العالية ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، فجاء المؤذِّن فقال : ( اللَّهُ أكبر اللَّهُ أكبر ) ، واسم المؤذِّن قثم بن عبد الرحمن الثقفيّ .
فقال ابن عبّاس : أتدرون ما قال المؤذِّن ؟ فسأله أبو العالية ، فقال : أخبرنا بتفسيره .
قال ابن عبّاس: ) إذا قال المؤذِّن : ( اللَّه أكبر ، اللَّهُ أكبر ) ، يقول : يا مَشاغيلَ الأرض ، قد وجبت الصلاة ، فتفرَّغوا لها .
وإذا قال: ( أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه ) ، يقول : يقوم يوم القيامة ، ويشهد لي ما في السماوات وما في الأرض على أنّي أخبرتكم في اليوم خمس مرّات .
وإذا قال: ( أشهد أنَّ محمّداً رسول اللَّه ) ، يقول : تقوم القيامة ومحمّد يشهد لي عليكم أنّي قد أخبرتكم بذلك في اليوم خمس مرّات ، وحجّتي عند اللَّه قائمة .
وإذا قال: ( حيّ على الصلاة ) ، يقول : دِيناً قيِّماً فأقيموه .
وإذا قال : ( حيّ على الفلاح ) ، يقول : هَلمُّوا إلى طاعة اللَّه وخذوا سهمكم من رحمة اللَّه ، يعني الجماعة .
وإذا قال العبد : ( اللَّهُ أكبر ، اللَّهُ أكبر ) ، يقول : حرّمت الأعمال .
وإذا قال : ( لا إله إلَّا اللَّه ) ، يقول : أمانة سبع سماوات ، وسبع أرضين ، والجبال ، والبحار وضعت على أعناقكم : إن شئتم فأقبلوا ، وإن شئتم فأدبروا (343) .
وقد مرّ عليك كلام الإمام الحسين ( والأذان وجه دينكم ) ، وقول محمّد ابن الحنفيّة : ( عمدتم إلى ما هو الأصل في شرائع الإسلام ومعالم الدين ) (344) ، وما جاء في مَن لا يحضره الفقيه بإسناده عن الفضل بن شاذان فيما ذكره من العلل عن الرضا (عليه السلام) أنّه قال :
( إنّما أُمِرَ الناس بالأذان لعلل كثيرة ، منها : أن يكون تذكيراً للناسي ، وتنبيهاً للغافل ، وتعريفاً لمن جهل الوقت واشتغل عنه ؛ ويكون المؤذِّن بذلك داعياً لعبادة الخالق ، ومرغِّباً فيها ، ومُقِرَّاً له بالتوحيد ، مجاهراً بالإيمان ، معلناً بالإسلام ... ) .
إلى أن يقول : ( وجُعِل بعد التكبير الشهادتان ، لأنَّ أوّل الإيمان هو التوحيد والإقرار للَّه بالوحدانيّة ، والثاني الإقرار للرسول بالرسالة ، وأنَّ إطاعتهما ومعرفتهما مقرونتان ، ولأنَّ أصل الإيمان إنّما هو الشهادتان ، فجعل شهادتين شهادتين كما جُعِلَ في سائر الحقوق شاهدان ، فإذا أقرّ العبد للَّه (عزّ وجلّ) بالوحدانيّة وأقرّ للرسول بالرسالة فقد أقرَّ بجملة الإيمان ؛ لأنّ أصل الإيمان إنّما هو باللَّه وبرسوله . وإنّما جعل بعد الشهادتين الدعاء إلى الصلاة ، لأنّ الأذان إنّما وضع لموضع الصلاة ، وإنّما هو نداء إلى الصلاة في وسط الأذان ودعاء إلى الفلاح وإلى خير العمل ، وجعل ختم الكلام باسمه كما فتح باسمه ) .
وفي العلل لمحمّد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، قال : علّة الأذان أن تكبّر اللَّه وتعظّمه وتقرّ بتوحيد اللَّه وبالنبوّة والرسالة وتدعو إلى الصلاة وتحثّ على الزكاة ، ومعنى الأذان : الإعلام ، لقوله تعالى : ( وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ ) ، أي : إعلام ، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( كنتُ أنا الأذان في الناس بالحجّ ) ، وقوله : ( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ) ، أي : أعلِمهم وادعُهم .
فمعنى ( اللَّه ) أنّه يخرج الشيء من حدِّ العدم إلى حدِّ الوجود ويخترع الأشياء لا من شيء ، وكلّ مخلوق دونه يخترع الأشياء من شيء إلَّا اللَّه ، فهذا معنى ( اللَّه ) وذلك فرق بينه وبين المحدَث .
ومعنى ( أكبر ) ، أي : أكبر مِن أن يُوصَف في الأوّل، وأكبر من كلِّ شيء لمّا خلق الشيء .
ومعنى قوله : ( أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه ) : إقرار بالتوحيد، ونفي الأنداد وخلعها ،وكلّ ما يعبدون من دون اللَّه .
ومعنى (أشهد أنّ محمّداً رسول اللَّه) : إقرار بالرسالة والنبوّة ، وتعظيم لرسول اللَّه (صلَّى الله عليه وآله) ، وذلك قول اللَّه (عزّ وجلّ) : (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) (348) ، أي : تُذكَر معي إذا ذُكِرتُ .
ومعنى (حيّ على الصلاة) ، أي : حثّ على الصلاة .
ومعنى (حيّ على الفلاح) ، أي : حثّ على الزكاة .
وقوله : (حيّ على خير العمل) ، أي : حثّ على الولاية ، وعلّة أنّها خير العمل أنَّ الأعمال كلّها بها تقبل .
اللَّهُ أكبر ، اللَّهُ أكبر ، لا إله إلَّا اللَّه ، محمّد رسول اللَّه ، فألقى معاوية من آخر الأذان (محمّد رسول اللَّه) ، فقال : أمَا يرضى محمّد أن يُذكر في أوّل الأذان حتّى يذكر في آخره ؟!
ومعنى (الإقامة) : هي الإجابة والوجوب ، ومعنى كلماتها فهي التي ذكرناها في الأذان .
ومعنى (قد قامت الصلاة) ، أي : قد وجبت الصلاة وحانت وأُقيمت . وأما العلّة فيها ، فقال الصادق (عليه السلام) : (إذا أذَّنتَ وصلّيتَ صلَّى خلفك صفٌّ من الملائكة ، و إذا أذَّنت وأقمتَ صلَّى خلفك صفّان من الملائكة) . ولا يجوز ترك الأذان إلّا في صلاة الظهر والعصر والعتمة ، يجوز في هذه الثلاث الصلوات إقامة بلا أذان ، والأذان أفضل ، ولا تجعل ذلك عادة ، ولا يجوز ترك الأذان والإقامة في صلاة المغرب وصلاة الفجر ، والعلة في ذلك أنّ هاتين الصلاتين تحضرهما ملائكة الليل وملائكة النهار وقال الشيخ جعفر كاشف الغطاء ـ ضمن بيانه لحكم وفضل الأذان ـ : (.. ولأنّه وضع لشعائر الإسلام دون الإيمان) .
فهذه النصوص تشير بوضوح إلى أنّ الأذان لم يكن إعلاماً بوقت الصلاة فقط ، بل هو بيان لكلّيّات الإسلام وأصول العقيدة والعقائد الحقة .
فلو كان بياناً لوقت الصلاة خاصّة ؛ لكان للشارع أن يكتفي بتشريع علامة كي تكون معلماً للوقت والمكان كما تفعله اليهود والنصارى والمجوس بالبوق والناقوس وإشعال النار وغير ذلك .
وعليه ، لم يكن الأذان لإعلام وقت الصلاة خاصّة ، و يؤيّد قولنا شموليّة التأذين لكثير من الأُمور الاجتماعيّة والحياتيّة، ولو سلّطنا الضوء على آثار الأذان في الشريعة لوقفنا على جواب سؤالنا .
الأذان بين الأصالة والتّحريف
تعليق