الله يَهب ويأخذ
كانت أُمُّ سليم مِن المؤمنات على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكذلك كان زوجها أبو طلحة مِن المسلمين الصادقين ومِن أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، شارك في غزوات بدر وأُحد والخندق وغيرها .
وكان يسكن المدينة أيَّام السِّلم يقضي جانباً مِن وقته في العبادة ، وفي تعلُّم المعارف الإسلاميَّة ، ويقضي الجانب الآخر لكسب المعاش على قطعة أرض صغيرة .
أنجب هذان الزوجان ولداً ، ولكنَّه أُصيب وهو صبيٌّ بمرض ألزمه الفراش ، وانهمكت الأُمُّ في العناية به وتمريضه . وكان الأب عند عودته مِن العمل يعود ابنه المريض ، ثم َّينصرف إلى حجرته لتناول طعامه والإخلاد إلى الراحة .
في عصر يوم مِن الأيَّام توفِّي الفتى أثناء غياب الأبِّ ، فغطَّت الأُمُّ المؤمنة جسد ابنها دون أنْ تظهر الجزع عليه ؛ ولكيلا تُزعج زوجها عند رجوعه ليلاً قرَّرت أنْ تُخفي عنه خبر موته في تلك الليلة ، لذلك فإنَّه عندما دخل الدار وأراد عيادة ابنه حسب مألوفه منعته أُمُّ سليم مِن ذلك ، قائلة اتركه نائماً براحة وسكون ، وكان في لهجتها ما يشعر بأنَّ المرض قد خفَّ عنه ، فاطمأنَّ قلبُه بعض الشيء خاصَّة وأنَّها هي أيضاً كانت هادئة مُطمئنَّة بحيث إنَّهما ناما سويَّة في تلك الليلة .
عند الصباح خاطبت أبا طلحة قائلة :
إذا أعار أحد شيئاً لجاره فاستعمله هذا بعض الوقت ، فماذا عساك تقول إذا جاء صاحب الشيء يطلب حاجته فيأخذ المُستعير بالبُكاء والعويل لذهاب الشيء مِن يديه ؟
قال أبو طلحة : هذا إنسان به جُنَّة ؟
فقالت أُمُّ سليم : إذنْ ، علينا أنْ لا نكون مِمَّن بهم جُنَّة ، فقد أخذ الله أمانته وتوفِّي ابننا ، فاصبر على المُصيبة وأسلم لقضاء الله وهيَّئ الجنازة للدفن .
فأتى أبو طلحة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأخبره الخبر ، فتعجَّب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مِن أمرها ودعا لها ، وقال : اللَّهمَّ بارك لهما في ليلتهما .
وحملت أُمُّ سليم مِن ليلتها ووُلِدَ لها ولد أسمته عبد الله ، وربَّياه تربية دينيَّة سليمة ، فعاش طاهراً ومات طاهراً ، وكان عبيد الله بن أبي طلحة مِن أصحاب الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
القصص التربوية
تعليق