تفسير { كَمِشْكَوةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ } للطباطبائي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • دمعة الكرار
    • Oct 2011
    • 21333

    تفسير { كَمِشْكَوةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ } للطباطبائي



    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    تفسير العلامة الطباطبائي‌ّ لقوله‌ تعالى‌:{ كَمِشْكَوةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ }

    وقوله‌:{ كَمِشْكَوةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي‌ زُجَاجَةٍ }
    المُشَبَّه‌ به‌ مجموع‌ ما ذكر من‌ قوله‌ مِشْكَو'ةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ إلی‌ آخره‌، لا مجرد المِشْكَاة‌ وإلاّ فسد المعني‌، وهذا كثير في‌ تمثيلات‌ القرآن‌.

    وقوله‌:{ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ }
    تشبيه‌ الزجاجة‌ بالكوكب‌ الدرّي‌ّ من‌ جهة‌ ازدياد لمعان‌ نور المصباح‌ وشروقه‌ بتركيب‌ الزجاجة‌ علی‌ المصباح‌ فتزيد الشعلة‌ بذلك‌ سكوناً من‌ غير اضطراب‌ بتموّج‌ الاهوية‌ وضرب‌ الرياح‌، فهي‌ كالكوكب‌ الدرّي‌ّ في‌ تلالؤ نورها وثبات‌ شروقها.

    وقوله‌:{ يُوقَدُ مِن‌ شَجَرَةٍ مُّبَـارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِي‌ءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ }
    خبر بعد خبر للمصباح‌، أي‌ المصباح‌ يشتعل‌ آخذاً اشتعاله‌ من‌ شجرة‌ مباركة‌ زيتونة‌، أي‌ أنّه‌ يشتعل‌ من‌ دهن‌ زيت‌ مأخوذ منها، والمراد بكون‌ الشجرة‌ لا شرقيّة‌ ولا غربيّة‌ أنّها ليست‌ نابتة‌ في‌ الجانب‌ الشرقي‌ّ ولا في‌ الجانب‌ الغربي‌ّ حتّى‌ تقع‌ الشمس‌ عليها في‌ أحد طرفي‌ النهار ويفي‌ء الظلّ عليها في‌ الطرف‌ الآخر فلا تنضج‌ ثمرتها فلا يصفو الدهن‌ المأخوذ منها فلا تجود الإضاءة‌، بل‌ هي‌ ضاحية‌ تأخذ من‌ الشمس‌ حظّها طول‌ النهار فيجود دهنها لكمال‌ نضج‌ ثمرتها.
    والدليل‌ علی‌ هذا المعني‌ قوله‌:{ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِي‌ءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ }
    فإنّ ظاهر السياق‌ أنّ المراد به‌ صفاء الدهن‌ وكمال‌ استعداده‌ للاشتعال‌ وأنّ ذلك‌ متفرِّع‌ علی‌ الوصفين‌: { لا شرقيّة‌ ولا غربيّة‌ }

    وأمّا قول‌ بعضهم‌: من‌ أنّ المراد بقوله‌: { لا شرقيّة‌ ولا غربيّة‌ } إنّها ليست‌ من‌ شجر الدنيا حتّي‌ تنبت‌ إمّا في‌ شرق‌ أو في‌ غرب‌، وكذا قول‌ آخرين‌: إنّ المراد أ نّها ليست‌ من‌ شجر شرق‌ المعمورة‌ ولا من‌ شجر غربها، بل‌ من‌ شجر الشام‌ الواقع‌ بين‌ الشرق‌ والغرب‌ وزيته‌ أفضل‌ الزيت‌، فغير مفهوم‌ من‌ السياق‌.
    وقوله‌: { نُورٌ عَلَي‌ نُورٍ } خبر لمبتدأ محذوف‌ وهو ضمير راجع‌ إلی‌ نور الزجاجة‌ المفهوم‌ من‌ السياق‌، والمعني‌ نور الزجاجة‌ المذكور نور عظيم‌ علی‌ نور كذلك‌، أي‌ في‌ كمال‌ التلمّع‌.
    والمراد من‌ كون‌ النور علی‌ النور قيل‌: هو تضاعف‌ النور لا تعدّده‌ فليس‌ المراد به‌ أنّه‌ نور معيّن‌ أو غير معيّن‌ فوق‌ نور آخر مثله‌، ولا أنّه‌ مجموع‌ نورين‌ اثنين‌ فقط‌، بل‌ إنّه‌ نور متضاعف‌ من‌ غير تحديد لتضاعفه‌، وهذا التعبير شائع‌ في‌ الكلام‌.

    وهذا معني‌ لا يخلو من‌ جودة‌، وإن‌ كان‌ إرادة‌ التعدّد أيضاً لا تخلو من‌ لطف‌ ودقّة‌، فإنّ للنور الشارق‌ من‌ المصباح‌ نسبة‌ إليه‌ بالاصالة‌ والحقيقة‌ ونسبة‌ إلی‌ الزجاجة‌ التي‌ عليه‌ بالاستعارة‌ والمجاز، ويتغاير النور بتغاير النسبتين‌ ويتعدّد بتعدّدهما وإن‌ لم‌ يكن‌ بحسب‌ الحقيقة‌ إلا للمصباح‌ والزجاجة‌ صفر الكفّ منه‌، فللزجاجة‌ بالنظر إلی‌ تعدّد النسب‌ نور غير نور المصباح‌، وهو قائم‌ به‌ ومُستَمَدّ منه‌.
    وهذا الاعتبار جار بعينه‌ في‌ الممثَّل‌ له‌، فإنّ نور الإيمان‌ والمعرفة‌ نور مستعار مُشرِق‌ علی‌ قلوب‌ المؤمنين‌ مقتبس‌ من‌ نوره‌ تعالی‌ قائم‌ به‌ ومستمدّ منه‌.
    فقد تحصّل‌ أنّ الممثّل‌ له‌ هو نور الله‌ المشرق‌ علی‌ قلوب‌ المؤمنين‌، والمثل‌ هو المشبّه‌ به‌ النور المشرق‌ من‌ زجاجة‌ علی‌ مصباح‌ موقد من‌ زيت‌ جيّد صاف‌ وهو موضوع‌ في‌ مشكاة‌، فإنّ نور المصباح‌ المشرق‌ من‌ الزجاجة‌ والمشكاة‌ تجمعه‌ وتعكسه‌ علی‌ المستنيرين‌ به‌ يشرق‌ عليهم‌ في‌ نهاية‌ القوّة‌ والجودة‌.
    فأخذ المشكاة‌ للدلالة‌ علی‌ اجتماع‌ النور في‌ بطن‌ المشكاة‌ وانعكاسه‌ إلی‌ جوّ البيت‌، واعتبار كون‌ الدهن‌ من‌ شجرة‌ زيتونة‌ لا شرقيّة‌ ولا غربيّة‌ للدلالة‌ علی‌ صفاء الدهن‌ وجودته‌ المؤثّر في‌ صفاء النور المُشرِق‌ عن‌ اشتعاله‌ وجودة‌ الضياء علی‌ ما يدلّ عليه‌ كون‌ زيته‌
    { يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِي‌ءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ }، واعتبار كون‌ النور علی‌ النور للدلالة‌ علی‌ تضاعف‌ النور أو كون‌ الزجاجة‌ مستمدّة‌ من‌ نور المصباح‌ في‌ إنارتها.

    وقوله‌:{ يَهْدِي‌ اللَهُ لِنُورِهِ مَن‌ يَشَآءُ } استئناف‌ يعلّل‌ به‌ اختصاص‌ المؤمنين‌ بنور الإيمان‌ والمعرفة‌ وحرمان‌ غيرهم‌.
    فمن‌ المعلوم‌ من‌ السياق‌ أنّ المراد بقوله‌:{ مَن‌ يَشَآءُ } القوم‌ الذين‌ ذكرهم‌ بقوله‌ بعد:
    { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَـارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن‌ ذِكْرِ اللَهِ }
    ـ إلی‌ آخره‌، فالمراد بـ مَن‌ يَشَآءُ المؤمنون‌ بوصف‌ كمال‌ إيمانهم[1]

    [1]الميزان‌ في‌ تفسير القرآن




  • غربتي طالت
    • Feb 2012
    • 2981

    #2
    بارك الله بكِ " طرح قيم "
    نور الله قلبكِ بنور القران
    حياكِ الله

    تعليق

    • دمعة الكرار
      • Oct 2011
      • 21333

      #3
      يسلمووووع المرور الطيب
      تقبلي تحياتي

      تعليق

      • محـب الحسين

        • Nov 2008
        • 46763

        #4
        أحسنتِ اختي العزيزه
        جزاكِ الله خير الجزاء

        تعليق

        • دمعة الكرار
          • Oct 2011
          • 21333

          #5
          وجودك اسعدني وأضاء صفحتي
          تقبل تحياتي

          تعليق

          يعمل...
          X