دمعة الكرار
18-03-2012, 05:10 AM
الشهادة : العاقبة الحسنى
لقــد دعت سياسة الإمام الحسن المجتبى(ع) الرشيدة ومكانته المتنامية في الأمة معاوية إلى أن يشك في قدرته على مناوأته، واستئثاره بقيادة الأمة ، حيث إنه ما خطى خطوة تُالف قِيَمَ الحق أو مصالح الأمة ، إلاّ وعارضه الإمام واتَّبعته الأمة في ذلك ، ففشلت مساعي معاوية وخابت آماله ، فدبَّر حيلة كانت ناجحة إلى أبعد الحدود ، تلك هي الفتك بحياة الإمام (ع) عن طريق سمٍّ بعثه إلى زوجته . وقد سبق القول : في أن منطق معاوية كان يبرّر له كلّ جريمة ، وكان له جنود من عسل على حدّ تعبيره ، فإذا كره من فرد شيئاً بعث إليه عسلاً ممزوجاً بالسمّ فيقتله بذلك .
وقد جعل مثل ذلك بالإمام الحسن (ع) مرات عديدة ، فلم يؤثر فيه ، وباءت مساعيه بالفشل . إلا أنه ذات مرة بعث إلى عاهل الروم يطلب منه سمّاً فتَّاكاً ، فقال ملك الروم : إنه لا يصلح لنا في ديننا أن نعين على قتال من لا يقاتلنا ، فراسله معاوية يقول : إن هذا الرجل هو ابن الذي خرج بأرض تهامة - يعني رسول اللـه (ص) - خرج يطلب ملك أبيك ، وأنا أُريد أن أدس إليه السمّ ، فأريح منه العباد والبلاد .
فبعث ملك الروم إلى معاوية بالسمّ الفتاك الذي دسه إلى الإمام (ع) عن طريق جعدة الزوجة الخائنة التي كانت تنتمي إلى أسرة فاجرة ، حيث اشترك أبوها في قتل أمير المؤمنين وأخوها في قتل الإمام الحسين (عليهما السلام ) فيما بعد .
وفي ذلك النهار حيث كان قد مضى أربعون يوماً أو ستون على سقيه السمّ ، وقد أتمَّ وصاياه التي أوصى بها إلى أخيه الإمام الحسين (ع) ، وعلم باقتراب أجله ، فكان يبتهل إلى اللـه تعالى قائلاً :
“ اللـهمّ إني أحتسب عندك نفسي ، فإنها أعز الأنفس عليّ لم أُصَب بمثلها . اللـهمَّ آنس صرعتي ، وآنس في القبر وحدتي ، ولقد حاقت شربته (أيّ معاوية) . واللـه ما وفيَ بما وعد ، ولا صدق فيما قال “ .
وكان يتلو آياتٍ من الذِّكْرِ الحيكم حين التحق بالرفيق الأعلى سلام اللـه عليه .
التشييع :
وقامت المدينة المنورة لتشيع جثمان ابن بنت رسول اللـه (ص) الذي لم يزل ساهراً على مصالحهم قائماً بها أبداً . وجاء موكب التشييع يحمل جثمانه الطاهر إلى الحرم النبويِّ ليدفنوه عند الرسول ، أو ليجددوا العهد معه على ما كان قد وصَّى به الإمام ، فركبت عائشة بغلة شهباء واستنفرت بني أمية وجاؤوا إلى الموكب الحافل بالمهاجرين والأنصار وبني هاشم وسائر الجماهير المؤمنة الثاوية في المدينة فقالت عائشة تصيح :
يا رُبَّ هيجاء هي خير من دعة !. أيُدفن عثمان بأقصى المدينة ويدفن الحسن عند جدِّه . ثم صرخت في الهاشميين ، نحّوا ابنكم واذهبوا به فإنكم قوم خصمون ..
ولولا وصية من الحسن (ع) بالغة على الحسين (ع) ، أَلاَّ يُراق في تشييعه ملء محجمةِ دمٍ ، لَمَا ترك بنو هاشم لبني أمية في ذلك اليوم كياناً . ولولا أن الحسين نادى فيهم : اللـه اللـه يا بني هاشم ، لا تضيّعوا وصية أخي ، واعدلوا به إلى البقيع ، فإنه أقسم عليَّ ان أنا مُنعت من دفنه عند جدِّه إذاً لا أُخاصم فيه أحداً ، وأن أدفنه في البقيع مع أُمّه . هذا ، وقبل أن يعدلوا بالجثمان ، كانت سهام بني أمية قد تواترت على جثمان السبط وأخذت سبعين سهماً مأخذها منه .
وهكذا عاش السبط الأكبر لرسول اللـه (ص) ، نقياً طاهراً مقهوراً مهتضماً ، ومضى شهيداً مظلوماً محتسباً ، فسلام اللـه عليه ما بقي الليل والنهار .
الإمام الحسن (عليه السلام) قدوة وأسوة .... تأليف آية الله السيد محمد تقي المدرسي
لقــد دعت سياسة الإمام الحسن المجتبى(ع) الرشيدة ومكانته المتنامية في الأمة معاوية إلى أن يشك في قدرته على مناوأته، واستئثاره بقيادة الأمة ، حيث إنه ما خطى خطوة تُالف قِيَمَ الحق أو مصالح الأمة ، إلاّ وعارضه الإمام واتَّبعته الأمة في ذلك ، ففشلت مساعي معاوية وخابت آماله ، فدبَّر حيلة كانت ناجحة إلى أبعد الحدود ، تلك هي الفتك بحياة الإمام (ع) عن طريق سمٍّ بعثه إلى زوجته . وقد سبق القول : في أن منطق معاوية كان يبرّر له كلّ جريمة ، وكان له جنود من عسل على حدّ تعبيره ، فإذا كره من فرد شيئاً بعث إليه عسلاً ممزوجاً بالسمّ فيقتله بذلك .
وقد جعل مثل ذلك بالإمام الحسن (ع) مرات عديدة ، فلم يؤثر فيه ، وباءت مساعيه بالفشل . إلا أنه ذات مرة بعث إلى عاهل الروم يطلب منه سمّاً فتَّاكاً ، فقال ملك الروم : إنه لا يصلح لنا في ديننا أن نعين على قتال من لا يقاتلنا ، فراسله معاوية يقول : إن هذا الرجل هو ابن الذي خرج بأرض تهامة - يعني رسول اللـه (ص) - خرج يطلب ملك أبيك ، وأنا أُريد أن أدس إليه السمّ ، فأريح منه العباد والبلاد .
فبعث ملك الروم إلى معاوية بالسمّ الفتاك الذي دسه إلى الإمام (ع) عن طريق جعدة الزوجة الخائنة التي كانت تنتمي إلى أسرة فاجرة ، حيث اشترك أبوها في قتل أمير المؤمنين وأخوها في قتل الإمام الحسين (عليهما السلام ) فيما بعد .
وفي ذلك النهار حيث كان قد مضى أربعون يوماً أو ستون على سقيه السمّ ، وقد أتمَّ وصاياه التي أوصى بها إلى أخيه الإمام الحسين (ع) ، وعلم باقتراب أجله ، فكان يبتهل إلى اللـه تعالى قائلاً :
“ اللـهمّ إني أحتسب عندك نفسي ، فإنها أعز الأنفس عليّ لم أُصَب بمثلها . اللـهمَّ آنس صرعتي ، وآنس في القبر وحدتي ، ولقد حاقت شربته (أيّ معاوية) . واللـه ما وفيَ بما وعد ، ولا صدق فيما قال “ .
وكان يتلو آياتٍ من الذِّكْرِ الحيكم حين التحق بالرفيق الأعلى سلام اللـه عليه .
التشييع :
وقامت المدينة المنورة لتشيع جثمان ابن بنت رسول اللـه (ص) الذي لم يزل ساهراً على مصالحهم قائماً بها أبداً . وجاء موكب التشييع يحمل جثمانه الطاهر إلى الحرم النبويِّ ليدفنوه عند الرسول ، أو ليجددوا العهد معه على ما كان قد وصَّى به الإمام ، فركبت عائشة بغلة شهباء واستنفرت بني أمية وجاؤوا إلى الموكب الحافل بالمهاجرين والأنصار وبني هاشم وسائر الجماهير المؤمنة الثاوية في المدينة فقالت عائشة تصيح :
يا رُبَّ هيجاء هي خير من دعة !. أيُدفن عثمان بأقصى المدينة ويدفن الحسن عند جدِّه . ثم صرخت في الهاشميين ، نحّوا ابنكم واذهبوا به فإنكم قوم خصمون ..
ولولا وصية من الحسن (ع) بالغة على الحسين (ع) ، أَلاَّ يُراق في تشييعه ملء محجمةِ دمٍ ، لَمَا ترك بنو هاشم لبني أمية في ذلك اليوم كياناً . ولولا أن الحسين نادى فيهم : اللـه اللـه يا بني هاشم ، لا تضيّعوا وصية أخي ، واعدلوا به إلى البقيع ، فإنه أقسم عليَّ ان أنا مُنعت من دفنه عند جدِّه إذاً لا أُخاصم فيه أحداً ، وأن أدفنه في البقيع مع أُمّه . هذا ، وقبل أن يعدلوا بالجثمان ، كانت سهام بني أمية قد تواترت على جثمان السبط وأخذت سبعين سهماً مأخذها منه .
وهكذا عاش السبط الأكبر لرسول اللـه (ص) ، نقياً طاهراً مقهوراً مهتضماً ، ومضى شهيداً مظلوماً محتسباً ، فسلام اللـه عليه ما بقي الليل والنهار .
الإمام الحسن (عليه السلام) قدوة وأسوة .... تأليف آية الله السيد محمد تقي المدرسي