الإسلام ومعالجة الإنحراف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • دمعة الكرار
    • Oct 2011
    • 21333

    الإسلام ومعالجة الإنحراف

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد وال محمد



    الإسلام ومعالجة الإنحراف
    إنّ التعاليم القيّمة بشأن السعادة الإنسانية وبيان الخير والشر تطابق تماماً المنهج الطبّي بشأن صحّةالناس وسلامتهم.
    ولذا فإنّ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله كان في تحقيق التكامل المعنوي للبشر كالطبيب الحاذق الطاهر القلب على رأس المريض.
    وفي هذا الصدد يصفه الإمام علي بقوله :

    "طبيب دوّارٌ بطبِّه، قد أحكم مراهمهوأحمى مواسمه، يصنع ذلك حيث الحاجة إليه في قلوب عمي، واذان صم، وألسنة بكم".
    ففي وصف الإمام علي للنبي صلى الله عليه وآله أنَّه كان طبيباً سيّاراً، يحمل معه في حقيبته الأدوية اللازمة للتضميد والمعالجة، فإذا وجد قلوباً عمياء، وأرواحاً صمَّاء، قام بمعالجتها وأنقذ الناس من الموت المعنوي والإنهيار الخلقي.
    ومن خلال نظرة موضوعية على أسلوب الإسلام في معالجته لإنحراف المجتمع نجده يستعمل منهج الأطباء في معالجة المرض.

    وللأطباء منهجان في معالجة المرض.
    أحدهماإيجابي والاخر سلبي.
    فيقولون للمريض في المنهج الإيجابي: إحتقن بهذه الإبرة. استعمل هذا الدواء، إشربمن هذا الشراب.. أما في الجانب السلبي، فيقولون للمريض: لا تأكل العنب. لا تشرب الخل لا تستعمل الأكلات الدسمة، وهكذا..والمنهج الديني الذي يشابه المنهج الطبي تماماً، فيقول للمسلم من جهة، أقِمْ الصلاة، أدِّ الزكاة، ليكن كسبُك حلالاً.. ويقول له من جهةٍ أخرى: لا تكذِب، لاتغتب. لا ترتكب معصية ولا ذنباً.

    فالجانب الإيجابي في الدين يسمى بالواجبات،
    بينما يُطْلق إسم المحرَّمات على الجانب السلبي.
    والإنسان السعيد هو الذي يطبّق التعاليم الإيجابية.
    فكما لا بد من الإتيان بالواجبات لا بد من ترك المحرَّمات.
    والنظرة الثاقبة للأمور ترينا أن أثر الجانب السلبي في العلاج أقوى من أثرالجانب الإيجابي ولهذا فإن الإسلام ركّز على ضرورة ترك الذنوب والمعاصي،
    لأنّ‏َ كفّة الإبتعاد عن الذنوب "الجانب السلبي" ترجّح في ميزان السعادة البشرية على كفة الإتيان بالواجبات "الجانب الإيجابي".
    فليس صيام شهر رمضان مثلاً إلاَّ مظهر من مظاهر الإجتناب عن المفطرات بنّية التقرب إلى الله تعالى.
    وهذا المضمون هو ما عبّرت عنه الروايات كما في الحديث عن الإمام علي عليه السلام :
    "اجتناب السيِّئات أولى من إكتساب الحسنات".
    أسباب إنهيار المجتمع
    إن أغلب الماسي التي تصيب الفرد أو المجتمع ناشئة عن التلوّث بالذنب والمعصية والأمم التي إنهارت إنهياراً تاماً. ولم يبق منها في التاريخ إلاّ إسمها، كان السبب في ذلك عدم مبالاتها بالذنوب والمعاصي، وهذا ما يؤكد عليه القران غير مرة:
    "كذّبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم".
    فالمآسي المختلفة التي تعلق بأذيالنا شيوخاً وشباباً وليدة التلوّث بأنواع الذنوب واللامبالاة في إرتكاب المعاصي والمحرّمات.
    ماهو الذنب؟
    الذنب عبارة عن مخالفة القوانين الإلهية، واتباع الأهواء والرغبات التي تلح عليها النفس، من دون رادع أو مانع، وفي الشريعة الإسلامية هوارتكاب فعلٍ منهي عنه، أو ترك فعل مأمور به.
    التفكير في الذنب
    إن الإسلام يخطو خطوة متقدّمة في هذا المجال، ويقول بأن الإنسان الواقعي هو الذي لا يكتفي بترك الذنب فحسب، بل لا يفسح مجالاً في ذهنه وفكره للتفكير في الذنب.
    ولا يدع الفكرة المظلمة تمر بخاطره.. فإنّ التفكير في الذنب حتى ولو لم يصل إلىمرحلة التطبيق، يوجد ظلمة روحية في القلب ويمحو الصفاء الروحي من الإنسان.
    يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام :
    "صيام القلب عن الفكرة في الاثام أفضل من صيام البطن عن الطعام".ويقول إمامنا الصادق عليه السلام راوياً عن عيسى بن مريم - أنَّه يقول:
    "إنّ موسى أمركم أن لا تزنوا، وأنا امركم أن لا تحدثوا أنفسكم بالزنا، فإن من حدّث نفسه بالزنا كما كمن أوقد في بيت مزوّق فأفسد التزويق الدخانُ وإن لم يحترق".وبهذا يتبين لنا أن فكرة الذنب توجد ظلمة في القلب،
    وتسلب صفاء النفس، حتى ولولم يرتكبه الإنسان.
    الاثار الدنيوية للذنوب
    يغفل كثير من الناس عن الاثار الدنيويَّة للذنوب، ويتخيلون أنمعصية الله تعالى لا أثر لها سوى العقاب الأخروي، وبما أنه مؤجل فإنهم يتهاونون به،ولكنهم لا يدرون أن لها اثاراً دنيوية على حياتهم مباشرة قد بيَّنها النبي واله سلام الله عليهم ( في كثير من الروايات، وقد صدقتهم التجربة والواقع. ولو أن الناس التفتوا إلى هذه الاثار الدنيوية وأيقنوا بها لما تورطوا في ارتكاب شيء منها.
    فمن هذه الاثار:
    أنها تورث الفقر: قال الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام :
    "إن الذنب يحرم العبدالرزق"
    والمرض والمصيبة: عن الإمام الصادق عليه السلام : "أماإنه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلاَّ بذنب"، وذلك قول الله عزَّوجلّ في كتابه : "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير"، ثم قال سلام الله عليه : "وما يعفو الله أكثر ما يؤاخذ به"
    وفوات الغرض الذي عصى من أجله :عن الصادق عليه السلام : "كتب رجل إلى الحسين صلوات الله عليه: عظني بحرفين: فكتب إليه: من حاول أمراً بمعصية الله كان أفوت لما يرجو وأسرع لمجيء ما يحذر"
    وخسارة العمر: عن الصادق عليه السلام : "من يموت بالذنوب أكثر ممن يعيش بالأعمار"
    وخسارة عناية الله : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : "قال الله جلّ جلاله : أيما عبد أطاعني لم أكله إلى غيري وأيما عبد عصاني وكلته إلى نفسه ثم لم أبال في أي وادٍ هلك"
    وعدم استجابة الدعاء : عن الإمام الباقر عليه السلام قال: "إن العبد يسأل الله الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها إلى أجل قريب أو إلى وقت بطيء فيُذنب العبد ذنباً فيقول الله تبارك وتعالى للملك: لا تقضِ حاجته واحرمه إيَّاها فإنه تعرَّض لسخطي، واستوجب الحرمان مني"
    وعدم التوفيق للعبادة خصوصاً لصلاة الليل : عن الإمام الصادق ع أيضاً أنه قال: "إن الرجل ليذنب الذنب فيحرم صلاة الليل، وإن العمل السي‏ء أسرع في صاحبه من السكين في اللحم"
    ونسيان العلم : قال النبي صلى الله عليه وآله : "اتقوا الذنوب فإنها ممحقات للخير، إن العبد ليذنب الذنب فينسى به العلم الذي كان قد علمه، وإن العبد ليذنب الذنب فيمنع به من قيام الليل وإن العبد ليذنب الذنب فيحرم به الرزق وقد كان هنيئاً له"(6)، ثم تلا قوله تعالى : "إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة"
    وموت القلب : عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال:
    "قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
    أربع يمتن القلب: الذنب على الذنب، وكثرة مناقشة النساء ومماراة الأحمق تقول ويقول، ولا يرجع إلى خير أبداً ومجالسة الموتى. فقيل: يا رسول الله، وما الموتى؟ قال: كل غني مترف".
    قال تعالى: "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون"عن علي عليه السلام : "ما جفَّت الدموع إلاَّ لقسوة القلوب وما قست القلوب إلاَّ لكثرة الذنوب"
    لكل ذنب جديد أثر جديد: قال الإمام الرضا عليه السلام : "كلما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعملون أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون"ولعلَّ هذا ما يفسر حدوث بعض الأمراض المستعصية المنتشرة اليوم وفي عصر العلم والتكنولوجيا.
    ونكتفي بهذا القدر من الاثار الدنيويَّة للذنوب،
    وإن كان هناك أضعاف ما ذكرنا منها، لا يتسع المجال لذكرها.
    الاثار الأخروية للذنوب
    أبرز الاثار الأخروية للذنوب استحقاق العقوبة والدخول إلى النار،هذا فضلاً عن العذاب الدنيوي، قال تعالى : "مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا ناراً".
    ولبعض الذنوب أثر في تطويل مدة العذاب واستحقاق ألوان أخرى منه كالعذاب المعنوي القائم على الندم والتحسر: عن النبي صلى الله عليه وآله :"واعلموا أن العبد ليحبس على ذنب من ذنوبه مائة عام وإنه لينظر إلى أزواجه في الجنة يتنعمن"وقد يستوجب الذنب فوق ذلك غضب الله تعالى والخلود في النار، قال عز وجل: "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنَّم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدَّ له عذاباً عظيماً".فحريٌ بالعاقل الذي يجنّب جسمه مضار الأطعمة أن يجنّب نفسه مضارالذنوب.
    عن الإمام الحسين عليه السلام :
    "عجبت لمن يحتمي عن الطعام لمضرّته
    ولا يحتمي من الذنب لمعرّته"


  • محب الرسول

    • Dec 2008
    • 28579

    #2
    احسنت الانتقاء
    بارك الله بك
    وجزاك الله كل خير

    تعليق

    • دمعة الكرار
      • Oct 2011
      • 21333

      #3
      يسلمووووع المرور العطر
      تقبل تحياتي

      تعليق

      • عاشقة ام الحسنين
        كبار الشخصيات

        • Oct 2010
        • 16012

        #4
        اللهم صلّ على محمد وآل محمدوعجل فرجهم الشريف يا كريم


        يعطيك العافية على الموضوع الراقي


        أحسنتِ على الاختيارك الرائع


        بارك الله فيك على الطرحك النير دوم

        تعليق

        • ناصرة ام البنين
          • Oct 2009
          • 3252

          #5

          تعليق

          • الـدمـع حـبـر العـيـون
            • Apr 2011
            • 21803

            #6
            بارك الله فيك مجهود اكثر من رائع
            دمتي بالف صحه وعافيه
            تقبلي مروري

            تعليق

            • محـب الحسين

              • Nov 2008
              • 46763

              #7
              أحسنتِ اختي العزيزه
              جزاكِ الله خير الجزاء

              تعليق

              • دمعة الكرار
                • Oct 2011
                • 21333

                #8
                عطرتم موضوعي بمروركم الطيب
                تقبلووووو تحياتي:65::65:

                تعليق

                • عاشق الحوراء
                  • Mar 2012
                  • 236

                  #9
                  جزاك الله خيرا على الموضوع القيم

                  تعليق

                  • دمعة الكرار
                    • Oct 2011
                    • 21333

                    #10

                    تعليق

                    يعمل...
                    X