المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حروف وسيوف


دمعة الكرار
07-04-2012, 05:45 AM
حروف وسيوف
أربعَة قواسم مشتركة ومكانان مختلفان تجمع بين خطبة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) وابنتها العقيلة زينب بطلة كربلاء (عليها السلام)، أما القواسم المشتركة فهي بيت النبوة ومهبط الملائكة والبلاغة والشجاعة والجهر بالمظلومية عند رموز السلطة في كلا المكانين على بعدهما واختلافهما، فكانت كلماتهما حروفا وسيوفا. نعم، إنها حروف سطعت أنوارها، وسيوف لمعت في قلوب المضلين نصالها، واستلت من ذي الفقار شجاعتها، فاجتثت رؤوس الضلالات، واختزلت غياهب الجهالات.
إنها حروف وسيوف، لا بل شهب تنير الدرب للمهتدين، وتحرق الأبالسة والشياطين. إنها كلمات الزهراء بعد السقيفة وغصب حقها، وكلمات العظيمة زينب بعد واقعة الطف. فلتصغ الدهور والازمنة والتاريخ لكلام الزهراء وهي تخاطب رموز السلطة بعدد وفاة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم). وقد نيط دونها حجاب، جلست وافتتحت الكلام بحمد الله والثناء علية والصلاة على رسوله، ثم أردفت: «الحمد لله على ما انعم وله الشكر على ما الهم، والثناء بما قدم، اشهد أن لا اله إلا الله وحدة لا شريك له، الذي جعل الثواب على طاعته ووضع العقاب على معصيته، واشهد أن أبي محمداً عبده ورسوله، اختاره واجتباه واصطفاه قبل أن يبعثه، وأحاطه بحوادث الدهور ومعرفة بمواقع المقدور، ابتعثه الله إتماما لأمره وإنقاذاً لمقادير حتمه، فرأى الأمم فرقا في أديانها وعابدة لأوثانها منكرة لله مع عرفانها، فأنار الله بمحمد صلى الله عليه وآله ظلمها وظلامها، وقام بالناس بالهداية وانقذهم من الغواية وهداهم الى الدين القويم ودعاهم الى الصراط المستقيم، ثم قبضه الله إليه قبض رأفة واختيار، وقد حفت به الملائكة الأبرار، ونال رضوان الرب الغفار ومجاورة الملك الجبار، صلى الله على أبي نبيه وأمينه على الوحي وصفيه وخيرته من الخلق، والسلام عليه ورحمه الله وبركاته».
ثم انتقلت من ذكر النبوة الى الثقلين الكتاب والعترة المطهرة وهي مخاطبة الحاضرين في المسجد النبوي حينذاك: «أيها المسلمون، أأغلب على إرثي؟!». ثم التفتت الى الخليفة الأول قائلة: «أفي كتاب الله ان ترث أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئاً فريّاً! أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول (وورث سليمان داود)، وقال عن زكريا (فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب)، وزعمتم أن لا حظوة لي ولا إرث من أبي، أفخصكم الله بآية أخرج أبي منها أم تقولون إن اهل ملتين لا يتوارثان، أولست أنا وأبي من ملة واحدة أم أنتم اعلم بخصوص القرآن؟! فدونكها مخطومة مرحولة، تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون، ولا ينفعكم إذ تندمون، وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه. أتقولون مات محمد صلى الله عليه وآله وأزيلت الحرمة عند مماته (وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرّ الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين). ألا قد قلت ما قلت على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم والغدرة التي استشعرتها قلوبكم، ولكنها فيضة النفس وبثة الصدر وتقدمة الحجة (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون). وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فاعملوا إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون».
لم تنته مصائب فاطمة الزهراء (عليها السلام)، بل انتقلت الى أولادها، فهي سلسلة مصائب تؤخذ بدايتها في الأكثر من مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وتنطفي شعلة الختام في الشام. إلا أن المتأمل في فصولها يعسر عليه في أكثر الأحيان ربط الحلقات وتعليل الحوادث، فيقف التاريخ بالقارئ وقفة الحائر واضعاً سبابته على شفتيه بدل أن يضعها على جملة تاريخية تشير الى السبب. ولم تقف مظلمة أهل بيت النبوة عند سلب حقهم وقتلهم بل تعدى الى أسر النسوة وأخذهم سبايا الى يزيد الملعون، وتقف بطلة كربلاء زينب (عليها السلام) بكل شموخ أبيها وأخوتها لكشف قناع المخازي وبيان ضلالة بني أمية، فقامت مصلية على رسول قائلة: «الحمد لله رب العالمين وصلى الله على رسوله وآله أجمعين، (ثم كان عاقبة الذين أساءُوا السوء أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون)، أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى أن بنا على الله هواناً وأن بك عليه كرامة وأن ذلك لعظم خطرك؟ فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك جذلان مسروراً حين رأيت الدنيا لك مستوسقة والأمور متسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا، مهلاً مهلاً، أنسيت قول الله تعالى (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين)، أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإمائك وسوقك بنات رسول الله سبايا قد هتكت ستورهن وأبديت وجوههن تحدو بنا الأعداء من بلد الى بلد ويتصفح وجوههن القريب والبعيد ليس معهن من رجالهن ولي ولا من حماتهن حمي؟ وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء ونبت لحمه من دماء الشهداء؟ ثم تقول غير متأثم ولا متعظم:
لأهلوا واستهلوا فرحاً
ثم قالوا يا يزيد لا تشل
منحنياً على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب الجنة تنكثها بمخصرتك؟ وكيف لا وقد نكأت القرحة واستأصلت الشأفة بإراقتك دماء ذرية محمد صلى الله عليه وآله ونجوم الأرض من آل عبد المطلب؟ وتهتف بأشياخك زعمت انك تناديهم، فلتردنّ وشيكاً موردهم ولتودّن أنك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت، اللهم خذ بحقنا وانتقم ممن ظلمنا واحلل غضبك بمن سفك دماءنا، فوالله ما فريت إلا جلدك ولا حززت إلا لحمك في عترته ولحمته، حيث يجمع الله شملهم ويلم شعثهم ويأخذ بحقهم (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون). حسبك بالله حاكماً وبمحمد خصيماً وبجبريل ظهيراً وسيعلم من سوّل لك ومكنك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلاً وأيكم شر مكاناً وأضعف جنداً ولئن جرت عليّ الدواهي مخاطبتك إني لاستصغر قدرك واستعظم تقريعك واستكبر توبيخك لكن العيون عبرى والصدور حرّى، ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء، فهذي الأيدي تنظف من دمائنا والأفواه تتحلب من لحومنا وتلك الجثث الطواهر تنتابها العواسل. ولئن اتخذتنا مغنماً لتجدن وشيكاً مغرماً حين لا تجد إلا ما قدمت وما ربك بظلام للعبيد، فإلى الله المشتكى وعليه المعول فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا ولا تذهب عنك عارها. وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين، فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة ولآخرنا بالشهادة والرحمة». هكذا قالتا وخطبتا الزهراء وابنتها زينب (عليهما السلام)، وقد نبهتا الناس في كلا المكانين واختلاف الزمن وأيقظتا المجتمع من غفلته بآيات وقواسم مشتركة بقول رب العزة (بئس للظالمين بدلاً). فتعساً لمن ظلم بيت النبوة والخصم يوم القيامة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).

محب الرسول
07-04-2012, 12:56 PM
الله يعطيك العافية على الطرح الرآئعٍ

مو غريبة عليك التآلقٍ ~

الله لآ يحرمنـآأآ من جديدكٍ

دمت كمـآا تحبينٍ

دمعة الكرار
07-04-2012, 01:05 PM
http://im16.gulfup.com/2012-04-07/1333792892684.gif (http://www.gulfup.com/show/X10h5by8jishwn) (http://www.gulfup.com/)

الـدمـع حـبـر العـيـون
07-04-2012, 10:56 PM
http://www.ahbabhusain.com/vb/mwaextraedit4/extra/68.gif

دمعة الكرار
08-04-2012, 04:49 AM
http://im18.gulfup.com/2012-04-08/1333848179981.gif (http://www.gulfup.com/show/Xa5cevq08svksg) (http://www.gulfup.com/)