مكانة القلب ودوره في القرآن الكريم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عاشقة النور
    • Jan 2009
    • 8942

    مكانة القلب ودوره في القرآن الكريم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وال محمد

    قال تعالى{انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم آياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون}


    أنطلاقا من هذه الأية الكريمة نتحدث في محاور متعددة:
    (المحور الأول):
    هذه الأية تشير الى صفات المؤمنين,أن الشخصية الأيمانية لابد أن تتجسد فيها صفات,ومن أبرز تلك الصفات.
    {انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم}.
    انما:تفيد الحصر.
    وجل قلبه,لأن هذا القلب متصل بالله سبحانه وتعالى فأذا ذكر الله يخاف.قال تعالى:{ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.
    س:في الأية السابقة أن القلوب توجل من ذكر الله,بينما في هذه الأية تطمئن بذكره,أليس هناك تناقض؟؟.
    ج:الأنسان أمام أشياء يخاف منها,وهي على قسمين:
    1) الذنوب والمعاصي.
    2) الأخطار والأفات والأمراض التي يبتلى بها الأنسان.
    أذا هناك نوعان من المخاوف.
    1-خوف من المعاصي,(الذنب هو المرض الأخطر).
    المؤمن اذا ذكر الذنوب وتصور العقاب ونار جهنم,حينها يجل قلبه عند ذكره لعذاب الله تعالى.
    2-الأبتلاءات والأمراض والكوارث وغيرها من بلاء الدنيا ومحنها,الأنسان اذا ذكر الله سبحانه وتعالى الذي هو خير معين وناصر.{واذا مرضت فهو يشفين}.
    عند ذكره الله يطمئن قلبه الممتحن بالأيمان.
    {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}
    {أنما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم آياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون}.
    في الأية السابقة وصفهم الله تعالى بصفات.
    الوصف الأول:اذا ذكر الله وجلت قلوبهم.
    الوصف الثاني:واذا تليت عليهم آياته زادتهم ايمانا.
    فالأيمان في تزايد,فحينما تتلى آيات الله بتدبرها يزداد تعلقنا بالقرآن الكريم.
    (المحور الثاني):
    اذا تليت عليهم آياته.
    آيات الله في هذا الكون كثيرة,تدل على وحدانيته تعالى,آيات تملئ هذا الكون بفضاءه,ونجومه,بأرضه,بسماءه,وأيضا آياته الموجودة في الأنسان نفسه.
    كل هذه الأيات تملئنا,حينما نتأملها وننتقل الى عظمة خالقها جل وعلا,تزيدنا أيمانا بالله سبحانه وتعالى.
    مثال:
    الأنسان والحيوان يتنفسان الأكسجين,يدخل هذا الأكسجين داخل الجسم فيمر بعملية أحتراق,فيتحول الى ثاني أكسيد الكربون ,فيندفع الى الرئتان ليخرج خارج الجسم,وعلى عكسه النبات يتنفس ثاني أكسيد الكربون فيطلق الأكسجين,ليأخذه الأنسان والحيوان,وهنا المنفعة متبادلة,وهذه دورة منتظمة,تبادل المنافع,تبارك تعالى.
    حينما يرى المؤمن هذه الظاهرة يزداد ايمانه بالله تعالى أحسن الخالقين.
    {أفلا ينظرون الى الأبل كيف خلقت}.
    (المحور الثالث):
    في القرآن الكريم توجد ظاهرة فلسفية,هناك أمور يقوم بها العقل,كالأدراك,لكن القرآن ينسبها للقلب.
    {ولقد درءنا لجهنم كثيرا من الجن والأنس لهم قلوب لايفقهون بها ولهم أذانا لايسمعون بها}.
    {قلوب لايفقهون بها}.
    هل أن التفقه بالشيئ وأدراكه من وظيفة القلب أم العقل؟؟
    هنا نسب التفقه للقلب وليس للعقل.
    {أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يفقهون بها وأذانا يسمعون بها,فانها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}
    {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}
    ومعنى ذلك:.
    أن الأنسان مؤلف من حقيقة متقومة بروحه,يعني جسدا حلت به الروح فصار أنسانا.والقرآن حينما يتعرض لخلق الأنسان يتدرج في خلقته من بدء النطفة الى تلج به الروح,ليصير خلقا أخر,ومعنى ذلك.أن هناك قوى بداخل جسم الأنسان.مثلا:قوة الأبصار وسيلتها العين,اذا فالعين مجرد وسيلة للأبصار ليس ألا.
    قوة السمع وسيلتها الأذن,الشم وسيلتها الأنف,والحس وسيلتها الجوارح والأعصاب,هذه القوى لها رئيس يقودها بأجمعها هوالعقل,فالعقل هو المشرف على نظامها,فما دور القلب في ذلك؟؟
    هنالك عدة نظريات:
    1) القلب وظيفته الأحاسيس والمشاعر,الحب والكره والغضب.....
    وهذه النظرية يرفضها القرىن الكريم.
    2) نظرية ثانية وقد أسسها أبن سيناوهي تقول:
    ان العقل رئيس تلك القوى,بينما القلب هو رئيس العقل,فالقلب هو مصدر الأدراك بينما العقل وسيلته فقط.
    القلب هو المركز(القلب الحقيقي بجوهره الحسي).
    ومعنى ذلك كما يعبر عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقولهأتقوا فراسة المؤمن فأنه ينظر بنور الله).
    ومعناه أن المؤمن ينظر الى الأمور من خلال قلبه,بينما الجسد له رؤيتان:
    1- رؤية بصرية.
    2- رؤية بصيرية(قلبيه)
    والرؤية البصيرية لايمنعها ألا المعاصي والذنوب فتكون كالحجب على عين قلبه.
    {ومن كان في هذه أعمى فهو في الأخرة أعمى وأضل سبيلا}.
    ويذهب بعض المفسرون بأن من كان أعمى في الدنيا فهو أيضا أعمى في الأخرة,وهذا ظلم لذات الله سبحانه وتعالى.
    أنما أراد الله بقوله جل وعلا بالعمى القلبي,عمى البصيرة,لأن المؤمن يرى بقلبه لابعينه,فالعين لاترى سوى الماديات.
    ومن ذلك قول أمير المؤمنين عليه السلاملو كشف لي الغطاء ماأزددت يقينا).
    لأني رأيت ربي بقلبي.وهنا اسماعيل عليه السلام يخاطب ربه قائلا: اين أجدك؟؟؟قال تعالىأطلبني ياأسماعيل عند المنكسرة قلوبهم من أجلي).يعني أذا خشع القلب,حل الله تعالى فيه فأرتبط ذاك القلب بالله القدير.
    وهنا كان الدعاء وسيلة لوجود الله في عمق القلوب,ولهذا سمي بزبور آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم,وهذه الأدعية لها عوامل لابد من مراعاتها, منها:
    1) الأجواء الروحانية.
    2) يحتاج الدعاء الى صفاء النفس.
    3) يحتاج الى صوت يشذو بالدعاء.
    فعذوبة الصوت تجعل الأنسان يتفاعل بالدعاء,فقد كان نبي الله داوود عليه السلام,معروفا بعذوبة صوته,كان يدعوا فتخشع له القلوب وتضطرب.يروى أن دعلب اليماني كان جالسا وأمير المؤمنين عليه السلام يخبر بأخبار عظيمة فيقول(سلوني قبل أن تفقدوني)
    فلم يتحمل دعلب ذلك الأمر فنهض وسأل أمير المؤمنين عليه السلام فقال له:ياعلي هل رأيت ربك؟؟!!
    فقال عليه السلام: وكيف أعبد مالا أرى.
    فقال له: وكيف رأيته ياعلي؟؟
    فقال عليه السلام:لاتراه العيون بمشاهدة العيان,ولكن رأته القلوب بحقائق الأيمان,فهو قريب من الأشياء غير ملامس,وبعيد عنها غير مباين.
    فأخذ عليه السلام يخبر بعظمة الله حتى سقط دعلب مغشى عليه لعظمة ذلك الكلام.
    {ألا من أتى الله بقلب سليم}
    يعني عقيدة صالحة,ايمان خالص, عبادة خالصة.ولكن هناك أناس{ختم الله على قلوبهم}
    الأمام الحسين عليه السلام يقول في دعاء عرفة:
    (الهي متى غبت حتى تحتاج الى دليل يدل عليك,ومتى بعدت حتى كانت الأثار هي من توصل اليك,عميت عينا لاتراك عليها رقيبا).
    هذا القلب الذي ذاب عشقا لله تعالى,يتقلب فوق ارض كربلاء,الجراحات تملئه,تراه بماذا يكون مشغول؟؟
    مشغول بمناجاة الله,يرمق السماء بطرفه.(الهي متعالي المكان,عظيم الجبروت)
    يناجي ربه في تلك اللحظات والأعداء تدنوا منه تريد قطع رأسه.
    فماأعظمه من قلب حل الله به.

    "عاشقة النور"
  • دمعة الكرار
    • Oct 2011
    • 21333

    #2

    تعليق

    • محب الرسول

      • Dec 2008
      • 28579

      #3
      بارك الله فيكم اختي الكريمة

      على الطرح القيم .. بأنتظار المزيد منكم

      دمت برعاية الرحمن

      تعليق

      • عاشقة النور
        • Jan 2009
        • 8942

        #4
        كل الشكر لمروركم الطيب


        لاخلا ولاعدم منكم



        "عاشقة النور"

        تعليق

        يعمل...
        X