المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( معنى الإمامة وجنسها )


الـدمـع حـبـر العـيـون
15-04-2012, 01:24 AM
بيان المدعى أنا نقول في تعريف الإمامة وبيان جنسها وفصولها : الإمامة رئاسة عامة . هذا جنس يقتضي فصولا أربعة : التقدم ، والعلم ، والقدرة ، والحكم ، وإذا انتقصت هذه الفصول انتقص الجنس ، فلا تعريف ، إذا فلا معرفة ، فلا رياسة عامة فلا إمامة ، وهي رياسة عامة ، فالولي هو المتقدم العام الحاكم المتصرف على الإطلاق بالنسبة إلى الخلق . أما تقدمه فلأن الولاية هي العلة الغائية في كمال الأصول والفروع ، والمعقول والمشروع ، فلها التقدم بالفرض والتأخر بالحكم ، لأن الولي المطلق هنا هو الإنسان الذي يلبسه الله خلعة الجمال والكمال ، ويجعل قلبه مكان مشيئته وعلمه ، ويلبسه قباء التصرف والحكم ، فهو الأمر الإلهي في العالم البشري ، فهو كالشمس المنيرة التي جعل الله فيها قوة النور والحياة ، والإشراق والإحراق ، فهي الضوء لأهل الدقور ، وإليه الإشارة بقولهم : ( الحق مقاماتك وآياتك وعلاماتك ، لا فرق بينها وبينك ) ( 1 ) . التأنيث في الضمير راجع إلى ذواتهم التي هي صفات الحق والجمال المطلق ، وقوله : ( إلا أنهم عبادك ) ( 2 ) ، الضمير هنا عائد إلى أجسادهم المقدسة ، وهياكلهم المعصومة المطهرة التي هي وعاء الأمر الإلهي ، وجمال النور القدسي . وسبب الفرق والنفي موجب لثبات خواص الربوبية لهم ، لأن الرب القديم جل جلاله حكم عدل نافذ الحكم ، غني عن الظلم ، لا يتوهم ولا يتهم ، والولي المطلق كذلك . وهذه الصفات كلية ، والكلي لا يمنع من وقوع الشركة ، لأنه مقول على كثيرين مختلفين بالحقائق ، فالله سبحانه حكمه في العدل وعدله وغناه عن الظلم لذاته من غير استفادة ، والولي عدله وحكمته وعصمته خص من الله وتأييد له بتلك القوى الإلهية والصفات الربانية ، وإليه الإشارة بقولهم : ( إلا أنهم عبادك وخلقك ) ( 2 ) ، لأن هذا الاستثناء فارق بين الرب والعبد ، لأن الرب المعبود سبحانه علمه وقدرته ، وقدمه وغناه عن خلقه ، غير مستفاد من إله آخر بل هي صفات ذاته ، لأن واجب الوجود وجوب ‹ صفحة 205 › وجوده يقتضي صفات الألوهية ، والإمام الولي قدرته وعلمه وحكمه وتصرفه في العالم من الله اختاره ، فقدمه وارتضاه فحكمه ، ما اختار وليا جاهلا قط ، فوجب له بهذه الولاية العامة التقدم والعلم والتصرف ، والحكم والعصمة عن الخطأ والظلم . أما التقدم فلأن الولي حجة الله ، والحجة يجب أن يكون قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق ، وأما العلم فلأن الولي هو العلم المحيط بالعالم ، فلا يخفى عليه شئ مما غاب وحضر إذا لو خفي عنه شئ لجهل وهو عالم ، هذا خلف . دليله : ما رواه المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : يا مفضل ، إن العالم منا يعلم حتى تقلب جناح الطير في الهواء ، ومن أنكر من ذلك شيئا فقد كفر بالله من فوق عرشه ، وأوجب لأوليائه الجهل ، وهم حلماء علماء أبرار أتقياء . ( 1 ) وذلك أن الولي لا يجوز أن يسأل عن شئ وليس عنده علمه ، ولا يجوز أن يسأل عن شئ ولا يعلمه ، والقرآن قد شهد له بذلك ، وإليه الإشارة بقوله : ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) ( 2 ) ، والمراد به الولي . ولفظ العموم هنا مخصص للأولياء ، وليس في العطف تباعد وتراخ ، وكلما يجري في العالم الذي أبرزه الله إلى الوجود من عالم الغيب والشهادة أخبر القرآن أن الله يراه ورسوله ووليه ، ومن أصدق من الله حديثا . وإليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وآله : إنك تسمع ما أسمع ، وترى ما أرى ( 3 ) ، فقوله ( تسمع ما أسمع ) هذا جار في الأوصياء كافة ، وقوله : ( ترى ما أرى ) ، هذا مقام خص به علي عليه السلام . وإليه الإشارة بقوله : ( هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق ) ( 4 ) ، والكتاب علي ، ومنه قوله : ( ولدينا كتاب ينطق بالحق ( 5 ) ، والكتاب الناطق هو الولي ، وإليه الإشارة بقوله : وما تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا ( 6 ) ، وذلك لأنه ليس بين الله وبين رسوله سر ، وكيف وهو بالمقام الأعلى ‹ صفحة 206 › والمكان الأدنى ؟ وليس بينه وبين رسول الله ووليه سر ، وهذا رمز ، وحله أن ليس بينهم وبين الله واسطة من الخلق ، ولا أول في السبق ، ولا أقرب إلى حضرة الحق ، لأنهم الخلق الأول والعالم الأعلى ، والكل تحت رفعتهم ، لأن الأعلى محيط بالأدنى في ضرورة الولي يعلمه ، وإليه الإشارة فكل ما أبرزه الله من الغيب وبسطه قلمه في اللوح المحفوظ فإن النبي والولي يعلمه ، وإليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وآله : ( إن الله أطلعني على ما شاء من غيبه وحيا وتنزيلا وأطلعك عليه إلهاما ، وإن الله خلق من نور قلبك ملكا فوكله باللوح المحفوظ ، فلا يخط هناك غيب إلا وأنت تشهده ( 1 ) . فالنبي والولي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 199 › ( 1 ) يوسف : 108 . ( 2 ) فتح الباري بشرح صحيح البخاري : 7 / 90 ح 3707 والطرائف : 1 / 103 بتحقيقنا . ( 3 ) بحار الأنوار : 40 / 53 ح 88 و : 25 / ح 6 . ( 4 ) بحار الأنوار : 37 / 346 ح 3 ضمن حديث طويل . ‹ هامش ص 200 › ( 1 ) الجواهر السنية للحر العاملي : 272 . ( 2 ) عوالي اللئالي : 4 / 72 . ( 3 ) غيبة النعماني : 80 - 86 . ‹ هامش ص 203 › ( 1 ) بحار الأنوار : 86 / 9 ح 8 ولا يوجد فيه : بدينهم بل : بطاعتهم . ‹ هامش ص 204 › ( 1 ) البحار : 95 / 393 ، والإنسان الكامل : 128 . ( 2 ) إقبال الأعمال : 3 / 214 . والبحار 95 / 393 ‹ هامش ص 205 › ( 2 ) التوبة : 105 . ( 3 ) تقدم الحديث . ( 4 ) الجاثية : 29 . ( 5 ) المؤمنون : 63 . ‹ هامش ص 206 › ( 1 ) في البحار : 26 / 4 ح 1 : ( أنا صاحب اللوح المحفوظ ألهمني الله علم فيه ) . ( 2 ) وذلك لقرب الناس في زمن النبي ص إلى الجاهلية ولسعيه إلى تثبيت الإسلام وقواعده . ( 3 ) ظاهر الآية نسبة العجلة إلى النبي وهو ينافي عظمته صلى الله عليه وآله وسلم وتوضيح ذلك : أن الناس في الجاهلية الجهلاء ، ولن تتحمل نسبة العلم إلى النبي ص بلا توسط الوحي بينه وبين الله ، إما لأن الأنبياء يوحى إليهم عادة . وإما لقرب عهدهم بالجاهلية وعدم معرفتهم المعرفة الحقيقية للنبي الأعظم ، حتى أنهم كانوا ينادونه من وراء الحجرات باسمه . وهم مع أنه ص أبرز لهم مسألة الوحي ، كذبوه وقالوا : هذا من عنده ، أو من عند سليمان الفارسي . فكيف لو لم يبرز لهم الوحي وجبرائيل عليه السلام ؟ وما يشير إلى ذلك أن النبي ص عندما كان يأتيه الوحي ، كان يقول جاء جبرائيل ، وذهب جبرائيل ، وأخبرني جبرائيل عن الله تعالى ، وما شابه ذلك وما ذاك إلا للتأكيد أن هناك إلها ودينا وإسلاما ورسالة من السماء . ومن هنا نفهم الآيات والروايات التي تحدثنا أن النبي ص لم يكن يعطي الجواب حتى ينزل الوحي ، فهو كان يعلم الجواب ، ولكن يريد أن يغرز في نفوسهم فكرة الوحي من السماء . قال تعالى : ( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ) طه : / 114 فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن ينقضي الوحي من السماء عليه ، كان مستعدا أن يقرأ على الناس القرآن ، بل تقدم علمه للقرآن منذ عالم الأنوار . ونسبة العجلة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن المراد بها حتى أن التوقيت غير مناسب ، بل لإبراز أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعلم بالقرآن وآياته قبل أن ينزل عليه جبرائيل ، وبالتالي تكون الآية دليلا على ما نذكره وذكرناه سابقا أن جبرائيل كان يذكره بالقرآن تذكيرا لا يجتمع مع النسيان . إن قيل : يحتمل في الآية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يستعجل بالقرآن فيتلو الآية الأولى أو مطلعها قبل أن يكملها جبرائيل أو قبل أن ينتهي من السورة . قلنا : فعل النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم هذا إما مع التفاته إلى بقية الآيات التي يكملها جبرائيل ، وإما مع عدم التفاته لها . فعلى الأول لا معنى للنهي عن العجلة . وعلى الثاني يكون النبي مفوتا للوحي ومضيعا لبعض الآيات ، ولا قائل به إلا من سفه قوله قال الشيخ الطبرسي في الآية : لا تحرك به لسانك لتجعل قراءته بل كررها عليهم ليتقرر في قلوبهم فإنهم غافلون عن الأدلة ، ألهاهم حب العاجلة فاحتاجوا إلى زيادة تنبيه وتقرير ( مجمع البيان : 10 / 603 مورد الآية - القيامة : 16 ) . وقال سيد المفسرين : ويؤول المعنى إلى أنك تعجل بقراءة ما لم ينزل بعد ، لأن عندك علما في الجملة ، لكن لا تكتف به واطلب من الله علما جديدا بالصبر واستماع بقية الوحي . وهذه الآية مما يؤيد ما ورد من الروايات أن للقرآن نزولا دفعة واحدة غير نزوله نجوما على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلولا علم ما منه بالقرآن قبل ذلك لم يكن لعجله بقراءة ما لم ينزل منه بعد معنى ( تفسير الميزان : 14 / 215 مورد الآية - طه : 114 ) . وقد أبطل السيد الطباطبائي نسبة عجلة النبي ص في القراءة قبل انتهاء جبرائيل . ( تفسير الميزان : 20 / 110 مورد الآية - القيامة : 16 ) . * أقول : عندي أن معنى الآية : أن النبي ص كان يقرأ القرآن على الناس أو كان يبلغ بعض أحكامه ومعانيه للناس مرة واحدة ، وذلك قبل أن ينزل الوحي عليه به وقبل أن ينقضي إليه ، فجاء الخطاب الإلهي ليقول : لا تعجل في تبليغ القرآن ، وأبلغه للناس حتى قبل نزول جبرائيل به ، أبلغهم إياه بالتأني ليفهموه ويعلموا به ، ولك أن تقرأه عدة مرات على الناس ولا داعي للعجلة والاقتصار على المرة ، فإن قلوبهم لم تلن بعد ، واشكر الله ( وقل رب زدني علما ) لما أتاك علم القرآن قبل أن ينزل به جبرائيل . وبذلك ننفي محذور نسبة العجلة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم . ويشير إليه ما روي عن ابن عباس ضمن حديث طويل عن رسول الله قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ) قال : وسألني ربي فلم أستطع أن أجيبه فوضع يده بين كتفي بلا تكييف ولا تحديد ، فوجدت بردها بين ثديي فأورثني علم الأولين والآخرين وعلمني علوما شتى ، فعلم أخذ علي كتمانه إذ علم أنه لا يقدر على حمله أحد غيري ، وعلم خيرني فيه ، وعلمني القرآن فكان جبريل عليه السلام يذكرني به ، وعلم أمرني بتبليغه إلى العام والخاص من أمتي . ولقد عاجلت جبرايل عليه السلام في آية نزل بها علي ، فعاتبي ربي وأنزل علي : ( ولا تجعل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما ) ( المواهب اللدنية : 2 / 381 - 382 بحث الإسراء والمعراج - الرابع الأخير منه ، ولوامع أنوار الكواكب الدري : / 118 بتفاوت ) . وفي الحديث الشريف ( في قاب قوسين علمني الله القرآن وعلمني الله علم الأولين ) ( لما مع أنوار الكوكب الدري : 1 / 117 - 118 ) * هذا هو الهدف من التركيز على جبرائيل ، ورأينا كيف أن النبي مع نص القرآن أنه ( وحي يوحى ) نجد أن عمر ومن يدين بدينه ، كيف كذبوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الوفاة وقالوا : إن الرجل ليهجر . فكيف لو لم يكن التركيز على الوحي وجبرائيل ؟

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مطلعان على علم الغيب ، لكن النبي لا ينطق به إلا مع الأمر لأنه الرسول ( 2 ) ، وإليه الإشارة بقوله : ( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ) ( 3 ) ، وأما الولي في النطق بالغيب مطلق ‹ صفحة 208 › العنان ، وهذا الحديث يشهد للولي أنه عالم بكل العالم لأن العالم أول الموجودات وأعلاها ، وفيه علم سائر الأشياء ومبدؤها ومنتهاها ، وإذا كان موكلا باللوح وعالما بما في اللوح ، وواليا على اللوح ، فهو عالم بما تحت اللوح ضرورة ، والعالم بأجمعه تحت اللوح فهو إذا عالم بسائر العالم ، ودال على سائر المعالم ، دليل ذلك قولهم الحق : ( ما منا إمام إلا وهو عالم بأهل زمانه ) ( 1 ) . فالعلم فيهم ومنهم وعنهم ، والقرآن عندهم وإليهم ، ودين الله الذي ارتضاه لأنبيائه ورسله وملائكته منهم وعنهم ، وإليه الإشارة بقوله سبحانه شهادة لهم : وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ( 2 ) والكتاب المبين هم وعندهم ومنهم وعنهم . يؤيد هذه المقولات البينات ، قوله صلى الله عليه وآله : أول ما خلق الله اللوح ، ثم خلق القلم ، ثم أشار إلى نهر في الجنة أن أجمد فجمد وصار مدادا ، ثم قال له : أكتب . فقال : ربي وما أكتب ؟ فقال : ما كان ، وما هو كائن إلى يوم القيامة ( 3 ) . واشترط فيه البداء وهو النسخ يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب وصار علم اللوح إلى النبي صلى الله عليه وآله ثم إلى الأوصياء إلى آخر الدهر ، وذلك لأن ما في اللوح إن كان الخلق لا يحتاجون إليه فما الفائدة في سطره ؟ وإن كان محتاجا إليه وهو محجوب عنهم فالحكمة لا تقتضي حجب الفوائد ، وإن كان غير محجوب فإما أن يعلمه الخاص دون العام أو كلاهما معا ؟ فإن علمه الخاص فخاصة الله وآل محمد ، وإن علمه العام فما يعلمه العام ، فالخاص بعلمه أولى ، وإلى هذا المعنى أشار ابن أبي الحديد فقال : علام أسرار الغيوب ومن له خلق الزمان ودارت الأفلاك ‹ صفحة 209 › الجوهر النبوي لا أعماله ملق ولا توحيده إشراك ( 1 ) فصل وإلى هذا المعنى أشار بقوله في خطبة التطنجية : ولقد علمت ما فوق الفردوس الأعلى وما تحت الأرض السابعة السفلى ، وما بينهما وما تحت الثرى ، كل ذلك علم إحاطة لا علم إخبار ، ولو شئتم لأخبرتكم بآبائكم أين كانوا ، وأين صاروا اليوم ( 2 )

محب الرسول
15-04-2012, 06:41 PM
بوركتم وبوركت جهودكم الرائعه

نسأل الله التوفيق لنا ولكم لخدمة أهل البيت عليهم السلام

من هذا الصرح .. ودمت برعاية المولى

الـدمـع حـبـر العـيـون
16-04-2012, 12:01 AM
انرت بتواجدك يسلموووووووا