بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم واهلك اعدائهم ياكريم
سر الانتصار في كربلاء
بقلم: السيد هاشم الموسوي
سر الانتصار في بعد النظر
سر انتصار الإمام الحسين عليه السلام أنه لم يكن ينظر إلى الأمور بسطحية وبساطة، بل كان ينظر إلى العمق والباطن؛ ولذلك لم يستطع الكثير من الناس تفسير خروجه للجهاد ليواجه جيشاً جراراً يتكون من الآلاف المؤلفة، وليس معه من يقاتل إلا نيفاً وسبعين، بطبيعة الحال ستكون نتيجة الحرب محسومة، وهو عمل قد يراه البعض شبيهاً بالانتحار، هذا إذا نظرنا إلى القضية في ظاهرها وبصورة سطحية، ولكن إذا غصنا في الأعماق نرى أن الإمام الحسين (ع) كان يرى الموت الذي يكرهه الناس ويخافونه بمثابة طوق النجاة للأمة، التي لو لم يُستشهدِ الإمام الحسين (ع) لسيطر عليها الحكم اليزيدي الظالم بكل ما يتصف به من انحطاط خلقي وانحراف عقدي وظلم اجتماعي وفساد إداري وسيطرة على مقدرات الأمة .
الحياة بالنسبة إلى الحسين تكون عذاباً شديداً ما دام هذا الاعوجاج قائماً ومتفاقماً، والموت هو السعادة؛ لأن به خلاص الأمة، ومن هنا تتغير الموازين وتنقلب، فمن ذا يرى الموت سعادة بكل ما يحمله من فراق الأحبة والانقطاع عن الحياة بكل ملذاتها ونعيمها؟، هذا مضافاً إلى أن قتل الإمام الحسين لم يكن له مثيل في التاريخ من البشاعة والقسوة، وهذه النظرة العميقة تكمن في قوله (ع) : (إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما).
سر الانتصار في الصلاة
ورد في السيرة الحسينية أنَّ أبا ثمامة الصيداوي قال للحسين (ع): يا أبا عبد الله!.. نفسي لنفسك الفداء، هؤلاء اقتربوا منك، ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك، وأحب أن ألقى الله ربي وقد صليت هذه الصلاة، فرفع الحسين رأسه إلى السماء وقال: ذكرتَ الصلاة!.. جعلك الله من المصلين، نعم هذا أول وقتها، فقال الحسين(ع) لزهير بن القين، وسعيد بن عبد الله: تقدمّا أمامي حتى أصلي الظهر، فتقدما أمامه في نحوٍ من نصف أصحابه حتى صلى بهم صلاة الخوف، ورُوي أن سعيد بن عبد الله الحنفي تقدم أمام الحسين (ع)، فاستهدف لهم يرمونه بالنبل، كلما أخذ الحسين (ع) يمينا وشمالا قام بين يديه، فما زال يُرمى به حتى سقط إلى الأرض وهو يقول: اللهم العنهم لعن عاد وثمود، اللهم أبلغ نبيك السلام عني، وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح، فإني أردت بذلك نصرة ذرية نبيك، ثم مات رضوان الله عليه، فوُجد به ثلاثة عشر سهماً، سوى ما به من ضرب السيوف وطعن الرماح). وهذا سر من أسرار انتصار الإمام الحسين وأنصاره، سيما إذا عرفنا أن الصلاة هي الصلة بين العبد وربه، فلم يسمح الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه النجباء أن تنقطع هذه الصلة ولو بضرب السيوف وطعن الرماح وهذه بمثابة وصية بالعمل لا بالقول على أهمية الصلاة.
سر الانتصار في الرضا
من أهم أسرار انتصار الإمام الحسين (ع) في كربلاء هو الرضا، وللرضا طرفان: رضا الخالق ورضا المخلوق.
ورد عن الإمام الحسين (ع) أنه قال: "إلهي رضاً بقضائك ، وتسليمًا لأمرك ، لا معبود سواك ، يا غياث المستغيثين" وهذا ما يمثل حالة الرضا من العبد، فكيف يرضى الإمام الحسين (ع) الذي يمثل سبط رسول الله ويفترض أنه يكون الرجل المقدس المبجل فهو من ليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيره ولن يكون بعده ابن بنت نبي مباشرة غيره، يرضى أن يمتحنه الله بقلة الناصر وكثرة الأعداء والتضحية بالأهل وحرق الخيم وأن يصعد على صدره أشقى ما خلق الله الشمر بن ذي الجوشن ثم يعلن الإمام بأنه راضٍ بقضاء الله.\
الإمام الحسين (ع) لا يبحث عن ناس يقدسونه ولا عن جماهير تهتف باسمه ولا عن شعراء يمدحونه بقصائد أو عشاق يبكون عليه، نعم كل هذه الأشياء حباها الله للإمام الحسين (ع) بصورة لا مثيل لها على طول الدهر، ولكن كل ما كان يبحث عنه الإمام الحسين (ع) هو رضا الله تعالى فنحن نرى أن الإمام الحسين كان يخاطب ربه في كربلاء : "إن كان هذا يُرضيك فخذ حتى ترضى" والرضا بقضاء الله والسعي لرضا الله أمران حققهما الإمام الحسين (ع) بأروع صورة لا يبليها الزمان.
سر الانتصار في الإصرار
من أبرز أسرار الانتصار في كربلاء هو الإصرار، نعم قد تقسو الظروف وتفرض الأوضاع على المؤمن أن يسبح عكس التيار ويدفع الضريبة الغالية على مواقفه المبدئية، وهذه التحديات تتحول إلى فرص لكي يثبت المؤمن إيمانه وكما يقول أحد علمائنا الأفاضل : "إن المؤمن يجب أن يكون كالمسمار كلما ضربوه بالمطرقة ازداد ثباتا" وإذا أتينا إلى التطبيق على السيرة الحسينية نرى أنَّ الطبري قد ذكرعمن حضر المعركة قوله : "فو الله ما رأيت مكثوراً قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ولا أمضى جنانا منه ولا أجرأ مقدماً والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله إن كانت الرجالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب"وهذا الإصرار على القتال قد سبقه إصرار على عدم مبايعة يزيد في كل الأحوال وتحت كل الضغوط فهو القائل : والله لو لم يكن ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية"، فالمبدئية تتطلب في بعض الأحيان – كما هو الحال في موقف الحسين - عدم البحث عن خيارات أخرى أقل خطراً، بل نراه لا يتردد عندما يُعرض عليه الخياران: السِلة والذلة أن يختار السِلة على الذلة ويطلق هيهاته العابرة للقارات والأزمان والدهور والمدوية في نفوس الأباة وأسماع الأجيال تلو الأجيال إلى يوم المعاد.
سر الانتصار في الارتباط بالله
الارتباط بين الإمام الحسين وربه وخالقه تعالى يتجلى بأروع صوره في جملتين استفهاميتين يطرحهما الإمام الحسين (ع) في دعاء عرفة : (ماذا وجد من فقدك، وما الذي فقد من وجدك، لقد خاب من رضي دونك بدلاً) وهذا ما يفسر كل منطلقات وكل حركة وسكون يقوم بها الإمام الحسين (ع) الإمام الحسين ينظر إلى الله تعالى وبعين الله، والعين التي تنظر إلى الله وبعين الله ترى شيئاً واحداً فقط وهو ما يرضي الله تعالى، وتلك العين لا ترى الجيوش ولا السيوف ولا الخيول والسنابك والكتائب ولا تقيم لها وزناً وهنا نقف مع هذه الكلمة الرائعة للإمام الحسين (ع) : ( هوَّن ما نزل بي أنه بعين الله) وهذه العبارة قالها الإمام الحسين (ع) في أشد اللحظات صعوبة وفظاعة وهي لحظة استشهاد عبد الله الرضيع، ومع ذلك يُرخص الإمام الحسين النفس والمال والأهل والولد، الإمام الحسين (ع) يعلم علم اليقين أنه لن ينفصل عن الله كثر حوله الناس أو قلوا، هتفوا باسمه أو تكالبوا على جوائز أعدائه، إنه الثبات الذي ورثه الإمام الحسين من علي (ع): " واللّه لو تظاهرت العرب على قتالى لما ولّيت عنها" وورثه من الرسول الأعظم (ص) الذي يقول: " والله، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته، حتى يظهره الله أو أهلك فيه"
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم واهلك اعدائهم ياكريم
سر الانتصار في كربلاء
بقلم: السيد هاشم الموسوي
سر الانتصار في بعد النظر
سر انتصار الإمام الحسين عليه السلام أنه لم يكن ينظر إلى الأمور بسطحية وبساطة، بل كان ينظر إلى العمق والباطن؛ ولذلك لم يستطع الكثير من الناس تفسير خروجه للجهاد ليواجه جيشاً جراراً يتكون من الآلاف المؤلفة، وليس معه من يقاتل إلا نيفاً وسبعين، بطبيعة الحال ستكون نتيجة الحرب محسومة، وهو عمل قد يراه البعض شبيهاً بالانتحار، هذا إذا نظرنا إلى القضية في ظاهرها وبصورة سطحية، ولكن إذا غصنا في الأعماق نرى أن الإمام الحسين (ع) كان يرى الموت الذي يكرهه الناس ويخافونه بمثابة طوق النجاة للأمة، التي لو لم يُستشهدِ الإمام الحسين (ع) لسيطر عليها الحكم اليزيدي الظالم بكل ما يتصف به من انحطاط خلقي وانحراف عقدي وظلم اجتماعي وفساد إداري وسيطرة على مقدرات الأمة .
الحياة بالنسبة إلى الحسين تكون عذاباً شديداً ما دام هذا الاعوجاج قائماً ومتفاقماً، والموت هو السعادة؛ لأن به خلاص الأمة، ومن هنا تتغير الموازين وتنقلب، فمن ذا يرى الموت سعادة بكل ما يحمله من فراق الأحبة والانقطاع عن الحياة بكل ملذاتها ونعيمها؟، هذا مضافاً إلى أن قتل الإمام الحسين لم يكن له مثيل في التاريخ من البشاعة والقسوة، وهذه النظرة العميقة تكمن في قوله (ع) : (إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما).
سر الانتصار في الصلاة
ورد في السيرة الحسينية أنَّ أبا ثمامة الصيداوي قال للحسين (ع): يا أبا عبد الله!.. نفسي لنفسك الفداء، هؤلاء اقتربوا منك، ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك، وأحب أن ألقى الله ربي وقد صليت هذه الصلاة، فرفع الحسين رأسه إلى السماء وقال: ذكرتَ الصلاة!.. جعلك الله من المصلين، نعم هذا أول وقتها، فقال الحسين(ع) لزهير بن القين، وسعيد بن عبد الله: تقدمّا أمامي حتى أصلي الظهر، فتقدما أمامه في نحوٍ من نصف أصحابه حتى صلى بهم صلاة الخوف، ورُوي أن سعيد بن عبد الله الحنفي تقدم أمام الحسين (ع)، فاستهدف لهم يرمونه بالنبل، كلما أخذ الحسين (ع) يمينا وشمالا قام بين يديه، فما زال يُرمى به حتى سقط إلى الأرض وهو يقول: اللهم العنهم لعن عاد وثمود، اللهم أبلغ نبيك السلام عني، وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح، فإني أردت بذلك نصرة ذرية نبيك، ثم مات رضوان الله عليه، فوُجد به ثلاثة عشر سهماً، سوى ما به من ضرب السيوف وطعن الرماح). وهذا سر من أسرار انتصار الإمام الحسين وأنصاره، سيما إذا عرفنا أن الصلاة هي الصلة بين العبد وربه، فلم يسمح الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه النجباء أن تنقطع هذه الصلة ولو بضرب السيوف وطعن الرماح وهذه بمثابة وصية بالعمل لا بالقول على أهمية الصلاة.
سر الانتصار في الرضا
من أهم أسرار انتصار الإمام الحسين (ع) في كربلاء هو الرضا، وللرضا طرفان: رضا الخالق ورضا المخلوق.
ورد عن الإمام الحسين (ع) أنه قال: "إلهي رضاً بقضائك ، وتسليمًا لأمرك ، لا معبود سواك ، يا غياث المستغيثين" وهذا ما يمثل حالة الرضا من العبد، فكيف يرضى الإمام الحسين (ع) الذي يمثل سبط رسول الله ويفترض أنه يكون الرجل المقدس المبجل فهو من ليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيره ولن يكون بعده ابن بنت نبي مباشرة غيره، يرضى أن يمتحنه الله بقلة الناصر وكثرة الأعداء والتضحية بالأهل وحرق الخيم وأن يصعد على صدره أشقى ما خلق الله الشمر بن ذي الجوشن ثم يعلن الإمام بأنه راضٍ بقضاء الله.\
الإمام الحسين (ع) لا يبحث عن ناس يقدسونه ولا عن جماهير تهتف باسمه ولا عن شعراء يمدحونه بقصائد أو عشاق يبكون عليه، نعم كل هذه الأشياء حباها الله للإمام الحسين (ع) بصورة لا مثيل لها على طول الدهر، ولكن كل ما كان يبحث عنه الإمام الحسين (ع) هو رضا الله تعالى فنحن نرى أن الإمام الحسين كان يخاطب ربه في كربلاء : "إن كان هذا يُرضيك فخذ حتى ترضى" والرضا بقضاء الله والسعي لرضا الله أمران حققهما الإمام الحسين (ع) بأروع صورة لا يبليها الزمان.
سر الانتصار في الإصرار
من أبرز أسرار الانتصار في كربلاء هو الإصرار، نعم قد تقسو الظروف وتفرض الأوضاع على المؤمن أن يسبح عكس التيار ويدفع الضريبة الغالية على مواقفه المبدئية، وهذه التحديات تتحول إلى فرص لكي يثبت المؤمن إيمانه وكما يقول أحد علمائنا الأفاضل : "إن المؤمن يجب أن يكون كالمسمار كلما ضربوه بالمطرقة ازداد ثباتا" وإذا أتينا إلى التطبيق على السيرة الحسينية نرى أنَّ الطبري قد ذكرعمن حضر المعركة قوله : "فو الله ما رأيت مكثوراً قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ولا أمضى جنانا منه ولا أجرأ مقدماً والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله إن كانت الرجالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب"وهذا الإصرار على القتال قد سبقه إصرار على عدم مبايعة يزيد في كل الأحوال وتحت كل الضغوط فهو القائل : والله لو لم يكن ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية"، فالمبدئية تتطلب في بعض الأحيان – كما هو الحال في موقف الحسين - عدم البحث عن خيارات أخرى أقل خطراً، بل نراه لا يتردد عندما يُعرض عليه الخياران: السِلة والذلة أن يختار السِلة على الذلة ويطلق هيهاته العابرة للقارات والأزمان والدهور والمدوية في نفوس الأباة وأسماع الأجيال تلو الأجيال إلى يوم المعاد.
سر الانتصار في الارتباط بالله
الارتباط بين الإمام الحسين وربه وخالقه تعالى يتجلى بأروع صوره في جملتين استفهاميتين يطرحهما الإمام الحسين (ع) في دعاء عرفة : (ماذا وجد من فقدك، وما الذي فقد من وجدك، لقد خاب من رضي دونك بدلاً) وهذا ما يفسر كل منطلقات وكل حركة وسكون يقوم بها الإمام الحسين (ع) الإمام الحسين ينظر إلى الله تعالى وبعين الله، والعين التي تنظر إلى الله وبعين الله ترى شيئاً واحداً فقط وهو ما يرضي الله تعالى، وتلك العين لا ترى الجيوش ولا السيوف ولا الخيول والسنابك والكتائب ولا تقيم لها وزناً وهنا نقف مع هذه الكلمة الرائعة للإمام الحسين (ع) : ( هوَّن ما نزل بي أنه بعين الله) وهذه العبارة قالها الإمام الحسين (ع) في أشد اللحظات صعوبة وفظاعة وهي لحظة استشهاد عبد الله الرضيع، ومع ذلك يُرخص الإمام الحسين النفس والمال والأهل والولد، الإمام الحسين (ع) يعلم علم اليقين أنه لن ينفصل عن الله كثر حوله الناس أو قلوا، هتفوا باسمه أو تكالبوا على جوائز أعدائه، إنه الثبات الذي ورثه الإمام الحسين من علي (ع): " واللّه لو تظاهرت العرب على قتالى لما ولّيت عنها" وورثه من الرسول الأعظم (ص) الذي يقول: " والله، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته، حتى يظهره الله أو أهلك فيه"
تعليق