بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
الفرَجُ المضمخ بدم الشهادة
السيد هاشم الموسوي

فرج الفقير في الغني، وفرج المسجون في الإفراج عنه، وفرج الأغزب في الزواج، وفرج الجندي في النصر، وفرج المريض في الشفاء، و لكننا في قاموس كربلاء وعلى لسان الإمام الحسين (ع) نجد فرجاً من نوع آخر، فلنطوِ الزمان والمكان، ولنصغ ِ للإمام الحسين في يوم كربلاء:
"اللهم أنت ثقتي في كل كربة ، وأنت رجائي في كل شدة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة ، كم من كرب يضعف عنه الفؤاد ، وتقل فيه الحيلة ، ويخذل عنه القريب والبعيد ، ويشمت به العدو ، وتعييني فيه الأمور أنزلته بك ، وشكوته إليك راغبا فيه عمن سواك ، ففرجته وكشفته وكفيتنيه ، فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حاجة ، ومنتهى كل رغبة ، فلك الحمد كثيرا ولك المن فاضلا".
هذا الدعاء هو دعاء رسول الله (ص) في يوم بدر ، ويوم الأحزاب ، وهو أيضا دعاء دعا به سيد الشهداء (ع) يوم عاشوراء بكربلاء.
التوقف عند هذا الدعاء مع الأخذ بعين الإعتبار الظروف المحيطة الإمام الحسين يستدعي التفكير في توجه الإمام الحسين (ع) في كربلاء إلى الله تعالى بهذا الدعاء العظيم، ومن هنا لنا أن نثير عدة عناوين:
الثقة بالله تعالى
الوقفة الأولى مع قوله ( اللهمَّ أنت ثقتي في كل كرب) فإذا كانت هذه العبارة واضحة في يوم بدر ويوم الأحزاب بالنسبة للرسول الأعظم (ص) باعتبار أن هاتين المعركتين انتهتا بالنصر المؤزر للمسلمين، فهل الواقع أيضاً ينطبق على واقعة الطف التي انتصر فيها يزيد وعسكره انتصاراً عسكرياً، وقام بسحق أهل البيت (ع) وسبي نساءهم؟، فما الثقة التي يتكلم عنها الإمام الحسين(ع) في هذا المقطع وهو المقتول والمظلوم والمسحوق تحت حوافر الخيل وهو الذي شاهدت عيناه أهله وأنصاره يُستشهدون الواحد تلو الآخر في ميدان المعركة.
الرجاء في الشدة
الوقفة الثانية تتمثل في إثارة سؤال مفاده : ما الرجاء الذي كان يرجوه الإمام الحسين؟ وما بقي له من هذا الرجاء؟ وماذا أعطى الله تعالى عبده وحبيبه الإمام الحسين (ع) في تلك الصحراء القاحلة التي كانت تصهر خده الذي طالما قبَّله رسول الله (ص)؟ فما النصر نصرٌُ عسكري مادي، ولا هو نصرٌ غيبي ملائكي كما حدث في معركة بدر.
الفقر إلى الله
الوقفة الثالثة تتمثل في مفردة الكرب الذي نزل بالإمام الحسين(ع) وهو كربٌ لو نزل على الجبال الرواسي لزالت، فأي قلب يتحمل هذا الكرب العظيم؟ الإمام الحسين(ع) يقول إن صبره في ذلك اليوم إنما كان بتوفيق من الله تعالى، ( كم من كرب يضعف عنه الفؤاد) وهكذا نجد العظماء إذا تربعوا على قمة العظمة الشمَّاء ينحنون لعظمة خالقهم ولسان حالهم يقول ( ربِّ إني لما أنزلت إليَّ من خيرٍ فقير)، يا إلهي لولا تسديدك لي لما تمكنت من تعدي هذا الاختبار العسير، بعد أن تخلى عني القريب والبعيد وبقيت وحدي في ميدان المواجهة، ولكني لست لوحدي فأنت معي، فليتخلَّ القريب والبعيد، وليشمت العدو، فإني انقطعت إليك ورغبت فيك، فلم تعد هذه المعادلات التي تحسب بعشرات الآلاف من الجنود تؤثر في قراري الذي اتخذته لنصرة دينك، فلأكن لوحدي أمام الألوف، فلا وزن لهؤلاء الألوف في نفسي، والسبب يكمن في أنك أنت ولي كل نعمة وصاحب كل حاجة، اما هؤلاء فرضوا عني أم غضبوا عليَّ، نصروني أم خذلوني، وقفوا معي أم ضدي، فإن ذلك لا يغير بمقدار شعرة واحدة ما بنيته من بنيان شامخ بيني وبينك يا رب، فأنت محور تحركي وأنت منطلق جهادي ورضاك رضاي.
الفرج في عيون الإمام
والآن فلنتعرف على الثقة بالله التي يتكلم عنها سيد الشهداء(ع) ، وعن الرجاء الذي تحقق في أشد اللحظات خطورةً في تاريخ البشرية، وعن الفرج الإلهي الذي عبَّر عنه الإمام الحسين(ع) بعدة ألفاظ مترادفة: " ففرَّجته وكشفته وكفيتنيه" وبالتأمل في هذا الأمر نرى أن الإمام الحسين (ع) يرى أن الفرج وكشف الهم وكفاية الغم تتمثل في النجاح في الامتحان الصعب، والثبات حتى النفس الأخير، تتمثل باللطف الإلهي على ذلك الفؤاد الذي منَّ الله عليه بالقوة ليسطر ملحمة الفداء التي تتردد أصداؤها على جدران الزمن الممتد ليسمع حروفها الجيل بعد الجيل والأبناء بعد الآباء، تتمثل في الوصول إلى سدرة " إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى" فرضاك هو كلُّ ما تنظره عيناي وتسعى له قدماي ويهيم به قلبي، أما الهم والغم والكرب فيتمثل في الفؤاد الضعيف الذي حرمه الله ألطافه فلم يعد يصمد في العواصف، فيتقهقهر صاحبه في ساعة العسرة، ويفشل في الامتحان، ويتخاذل عن إيصال الرسالة، ويجبن في المعركة، ويتراجع تحت الضغوط، وينجرف في التيار، وأنت ياربَّ قد فرَّجت عني هذا الكرب والغم فلم أعد كذلك بل بمنِّك ولطفك انتصرت بنصرتي لدينك.
اللهم صل على محمد وال محمد
الفرَجُ المضمخ بدم الشهادة
السيد هاشم الموسوي

فرج الفقير في الغني، وفرج المسجون في الإفراج عنه، وفرج الأغزب في الزواج، وفرج الجندي في النصر، وفرج المريض في الشفاء، و لكننا في قاموس كربلاء وعلى لسان الإمام الحسين (ع) نجد فرجاً من نوع آخر، فلنطوِ الزمان والمكان، ولنصغ ِ للإمام الحسين في يوم كربلاء:
"اللهم أنت ثقتي في كل كربة ، وأنت رجائي في كل شدة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة ، كم من كرب يضعف عنه الفؤاد ، وتقل فيه الحيلة ، ويخذل عنه القريب والبعيد ، ويشمت به العدو ، وتعييني فيه الأمور أنزلته بك ، وشكوته إليك راغبا فيه عمن سواك ، ففرجته وكشفته وكفيتنيه ، فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حاجة ، ومنتهى كل رغبة ، فلك الحمد كثيرا ولك المن فاضلا".
هذا الدعاء هو دعاء رسول الله (ص) في يوم بدر ، ويوم الأحزاب ، وهو أيضا دعاء دعا به سيد الشهداء (ع) يوم عاشوراء بكربلاء.
التوقف عند هذا الدعاء مع الأخذ بعين الإعتبار الظروف المحيطة الإمام الحسين يستدعي التفكير في توجه الإمام الحسين (ع) في كربلاء إلى الله تعالى بهذا الدعاء العظيم، ومن هنا لنا أن نثير عدة عناوين:
الثقة بالله تعالى
الوقفة الأولى مع قوله ( اللهمَّ أنت ثقتي في كل كرب) فإذا كانت هذه العبارة واضحة في يوم بدر ويوم الأحزاب بالنسبة للرسول الأعظم (ص) باعتبار أن هاتين المعركتين انتهتا بالنصر المؤزر للمسلمين، فهل الواقع أيضاً ينطبق على واقعة الطف التي انتصر فيها يزيد وعسكره انتصاراً عسكرياً، وقام بسحق أهل البيت (ع) وسبي نساءهم؟، فما الثقة التي يتكلم عنها الإمام الحسين(ع) في هذا المقطع وهو المقتول والمظلوم والمسحوق تحت حوافر الخيل وهو الذي شاهدت عيناه أهله وأنصاره يُستشهدون الواحد تلو الآخر في ميدان المعركة.
الرجاء في الشدة
الوقفة الثانية تتمثل في إثارة سؤال مفاده : ما الرجاء الذي كان يرجوه الإمام الحسين؟ وما بقي له من هذا الرجاء؟ وماذا أعطى الله تعالى عبده وحبيبه الإمام الحسين (ع) في تلك الصحراء القاحلة التي كانت تصهر خده الذي طالما قبَّله رسول الله (ص)؟ فما النصر نصرٌُ عسكري مادي، ولا هو نصرٌ غيبي ملائكي كما حدث في معركة بدر.
الفقر إلى الله
الوقفة الثالثة تتمثل في مفردة الكرب الذي نزل بالإمام الحسين(ع) وهو كربٌ لو نزل على الجبال الرواسي لزالت، فأي قلب يتحمل هذا الكرب العظيم؟ الإمام الحسين(ع) يقول إن صبره في ذلك اليوم إنما كان بتوفيق من الله تعالى، ( كم من كرب يضعف عنه الفؤاد) وهكذا نجد العظماء إذا تربعوا على قمة العظمة الشمَّاء ينحنون لعظمة خالقهم ولسان حالهم يقول ( ربِّ إني لما أنزلت إليَّ من خيرٍ فقير)، يا إلهي لولا تسديدك لي لما تمكنت من تعدي هذا الاختبار العسير، بعد أن تخلى عني القريب والبعيد وبقيت وحدي في ميدان المواجهة، ولكني لست لوحدي فأنت معي، فليتخلَّ القريب والبعيد، وليشمت العدو، فإني انقطعت إليك ورغبت فيك، فلم تعد هذه المعادلات التي تحسب بعشرات الآلاف من الجنود تؤثر في قراري الذي اتخذته لنصرة دينك، فلأكن لوحدي أمام الألوف، فلا وزن لهؤلاء الألوف في نفسي، والسبب يكمن في أنك أنت ولي كل نعمة وصاحب كل حاجة، اما هؤلاء فرضوا عني أم غضبوا عليَّ، نصروني أم خذلوني، وقفوا معي أم ضدي، فإن ذلك لا يغير بمقدار شعرة واحدة ما بنيته من بنيان شامخ بيني وبينك يا رب، فأنت محور تحركي وأنت منطلق جهادي ورضاك رضاي.
الفرج في عيون الإمام
والآن فلنتعرف على الثقة بالله التي يتكلم عنها سيد الشهداء(ع) ، وعن الرجاء الذي تحقق في أشد اللحظات خطورةً في تاريخ البشرية، وعن الفرج الإلهي الذي عبَّر عنه الإمام الحسين(ع) بعدة ألفاظ مترادفة: " ففرَّجته وكشفته وكفيتنيه" وبالتأمل في هذا الأمر نرى أن الإمام الحسين (ع) يرى أن الفرج وكشف الهم وكفاية الغم تتمثل في النجاح في الامتحان الصعب، والثبات حتى النفس الأخير، تتمثل باللطف الإلهي على ذلك الفؤاد الذي منَّ الله عليه بالقوة ليسطر ملحمة الفداء التي تتردد أصداؤها على جدران الزمن الممتد ليسمع حروفها الجيل بعد الجيل والأبناء بعد الآباء، تتمثل في الوصول إلى سدرة " إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى" فرضاك هو كلُّ ما تنظره عيناي وتسعى له قدماي ويهيم به قلبي، أما الهم والغم والكرب فيتمثل في الفؤاد الضعيف الذي حرمه الله ألطافه فلم يعد يصمد في العواصف، فيتقهقهر صاحبه في ساعة العسرة، ويفشل في الامتحان، ويتخاذل عن إيصال الرسالة، ويجبن في المعركة، ويتراجع تحت الضغوط، وينجرف في التيار، وأنت ياربَّ قد فرَّجت عني هذا الكرب والغم فلم أعد كذلك بل بمنِّك ولطفك انتصرت بنصرتي لدينك.
تعليق