بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
قال صلى الله عليه وآله : للقلب لمتّان : لمّة من الملك إيعاد بالخير ، وتصديق بالحقّ .. فمن وجد ذلك فليعلم أنّه من الله فليحمد الله . ولمّة من العدوّ إيعاد بالشرّ ، وتكذيب بالحقّ ، ونهي عن الخير .. فمن وجد ذلك فليتعوّذ من الشيطان ثمّ تلا : {الشيطان يعدكم الفقر}.
وقال النبي (ص) : " قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن " ، والله سبحانه منزّه عن يكون له أصبع مركّبة من دم ولحم وعظم ينقسم بالأنامل ، ولكن روح الاصبع سرعة التقليب والقدرة على التحريك والتغيير ، فانك لا تريد أصبعك لشخصها بل لفعلها في التقليب والترديد ، وكما أنك تتعاطى الأفعال بأصابعك ، فالله تعالى إنّما يفعل ما يفعله باستسخار الملك والشيطان ، وهما مسخّران بقدرته في تقليب القلوب ، كما أنّ أصابعك مسخّرة لك في تقليب الأجسام مثلاً.
والقلب بأصل الفطرة صالح لقبول آثار الملائكة والشياطين صلاحاً متساوياً ، ليس يترجح أحدهما على الآخر ، وإنما يترجح أحد الجانبين باتباع الهوى ، والإكباب على الشهوات أو الإعراض عنها ومخالفتها ، فإن اتّبع الإنسان مقتضى الشهوة والغضب ، ظهر تسلط الشيطان بواسطة الهوى ، وصار القلب عشّ الشيطان ومعدنه ، لأنّ الهوى هو مرعى الشيطان ومرتعه ، وإن جاهد الشهوات ولم يسلّطها على نفسه ، وتشبّه بأخلاق الملائكة ، صار قلبه مستقرّ الملائكة ومهبطهم.
ولما كان لا يخلو قلب عن شهوة وغضب وحرص وطمع وطول أمل إلى غير ذلك من الصفات البشرية المتشعبة عن الهوى ، لا جرم لم يخل قلب عن أن يكون للشيطان فيه جولان بالوسوسة ، ولذلك قال النبي (ص) : " ما منكم من أحد إلا وله شيطان ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟.. قال : ولا أنا ، إلا أنّ الله عزّ وجلّ أعانني عليه فأسلم ، فلم يأمرني إلاّ بخير " .
وإنما كان هذا ، لأنّ الشيطان لا يتصرف إلا بواسطة الشهوة ، فمن أعانه الله على شهوته حتى صار لا ينبسط إلا حيث ينبغي ، و إلى الحدّ الذي ينبغي ، فشهوته لا تدعوه إلى الشرّ ، فالشيطان المتدرّع بها لا يأمر إلا بالخير ، ومهما غلب على القلب ذكر الدنيا ومقتضيات الهوى ، وجد الشيطان مجالا فوسوس ، ومهما انصرف القلب إلى ذكر الله تعالى ، ارتحل الشيطان ، وضاق مجاله ، وأقبل المَلَك وألهم.
فالتطارد بين جندي الملائكة والشياطين في معركة القلب دائم الى أن ينفتح القلب لأحدهما فيسكن ويستوطن ، ويكون اجتياز الثاني اختلاساً ، وأكثر القلوب قد فتحها جنود الشيطان وملكوها ، فامتلأت بالوساوس الداعية الى إيثار العاجلة وإطراح الآخرة ، ومبدأ استيلائها اتباع الهوى ، ولا يمكن فتحها بعد ذلك إلا بتخلية القلب عن قوت الشيطان وهو الهوى والشهوات ، وعمارته بذكر الله ، إذ هو مطرح أثر الملائكة ، ولذلك قال الله تعالى :
{ إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان } وكل من اتبع الهوى فهو عبد الهوى لا عبدُ الله ، فلذلك تسلّط عليه الشيطان ، وقال تعالى : {أفرأيت من اتخذ لهه هواه} إشارة إلى أنّ الهوى إلهه ومعبوده ، فهو عبد الهوى لا عبد الله.
جواهر البحار،، كتاب الأيمان والكفر
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
قال صلى الله عليه وآله : للقلب لمتّان : لمّة من الملك إيعاد بالخير ، وتصديق بالحقّ .. فمن وجد ذلك فليعلم أنّه من الله فليحمد الله . ولمّة من العدوّ إيعاد بالشرّ ، وتكذيب بالحقّ ، ونهي عن الخير .. فمن وجد ذلك فليتعوّذ من الشيطان ثمّ تلا : {الشيطان يعدكم الفقر}.
وقال النبي (ص) : " قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن " ، والله سبحانه منزّه عن يكون له أصبع مركّبة من دم ولحم وعظم ينقسم بالأنامل ، ولكن روح الاصبع سرعة التقليب والقدرة على التحريك والتغيير ، فانك لا تريد أصبعك لشخصها بل لفعلها في التقليب والترديد ، وكما أنك تتعاطى الأفعال بأصابعك ، فالله تعالى إنّما يفعل ما يفعله باستسخار الملك والشيطان ، وهما مسخّران بقدرته في تقليب القلوب ، كما أنّ أصابعك مسخّرة لك في تقليب الأجسام مثلاً.
والقلب بأصل الفطرة صالح لقبول آثار الملائكة والشياطين صلاحاً متساوياً ، ليس يترجح أحدهما على الآخر ، وإنما يترجح أحد الجانبين باتباع الهوى ، والإكباب على الشهوات أو الإعراض عنها ومخالفتها ، فإن اتّبع الإنسان مقتضى الشهوة والغضب ، ظهر تسلط الشيطان بواسطة الهوى ، وصار القلب عشّ الشيطان ومعدنه ، لأنّ الهوى هو مرعى الشيطان ومرتعه ، وإن جاهد الشهوات ولم يسلّطها على نفسه ، وتشبّه بأخلاق الملائكة ، صار قلبه مستقرّ الملائكة ومهبطهم.
ولما كان لا يخلو قلب عن شهوة وغضب وحرص وطمع وطول أمل إلى غير ذلك من الصفات البشرية المتشعبة عن الهوى ، لا جرم لم يخل قلب عن أن يكون للشيطان فيه جولان بالوسوسة ، ولذلك قال النبي (ص) : " ما منكم من أحد إلا وله شيطان ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟.. قال : ولا أنا ، إلا أنّ الله عزّ وجلّ أعانني عليه فأسلم ، فلم يأمرني إلاّ بخير " .
وإنما كان هذا ، لأنّ الشيطان لا يتصرف إلا بواسطة الشهوة ، فمن أعانه الله على شهوته حتى صار لا ينبسط إلا حيث ينبغي ، و إلى الحدّ الذي ينبغي ، فشهوته لا تدعوه إلى الشرّ ، فالشيطان المتدرّع بها لا يأمر إلا بالخير ، ومهما غلب على القلب ذكر الدنيا ومقتضيات الهوى ، وجد الشيطان مجالا فوسوس ، ومهما انصرف القلب إلى ذكر الله تعالى ، ارتحل الشيطان ، وضاق مجاله ، وأقبل المَلَك وألهم.
فالتطارد بين جندي الملائكة والشياطين في معركة القلب دائم الى أن ينفتح القلب لأحدهما فيسكن ويستوطن ، ويكون اجتياز الثاني اختلاساً ، وأكثر القلوب قد فتحها جنود الشيطان وملكوها ، فامتلأت بالوساوس الداعية الى إيثار العاجلة وإطراح الآخرة ، ومبدأ استيلائها اتباع الهوى ، ولا يمكن فتحها بعد ذلك إلا بتخلية القلب عن قوت الشيطان وهو الهوى والشهوات ، وعمارته بذكر الله ، إذ هو مطرح أثر الملائكة ، ولذلك قال الله تعالى :
{ إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان } وكل من اتبع الهوى فهو عبد الهوى لا عبدُ الله ، فلذلك تسلّط عليه الشيطان ، وقال تعالى : {أفرأيت من اتخذ لهه هواه} إشارة إلى أنّ الهوى إلهه ومعبوده ، فهو عبد الهوى لا عبد الله.
جواهر البحار،، كتاب الأيمان والكفر
تعليق